السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

فلسطين قصة تروى.. مشروع توثيقي للموروث الشعبي الفلسطيني

2020-12-14 12:21:00 PM
فلسطين قصة تروى.. مشروع توثيقي للموروث الشعبي الفلسطيني
مشروع فلسطين قصة تروى

الحدث - سوار عبد ربه

يعتبر الموروث الشعبي جزءا أصيلا من حياة الشعوب وجسرا للتواصل بين الأجيال، وتنبع أهميته من كونه عاملا أساسيا في صياغة وبلورة الهوية الوطنية، كما أنه جزء لا يتجزأ من الحرب الثقافية التي يخوضها الشعب الفلسطيني في صراعه مع الاحتلال، الذي يحاول طمس الهوية الفلسطينية وحذف فلسطين بثقافتها وموروثها من الوعي الجمعي الفلسطيني، تماشيا مع مقولة رئيس وزراء الاحتلال الأول بن غوريون: "الكبار يموتون والصغار ينسون".

سعت "إسرائيل" منذ احتلالها لفلسطين إلى سرقة ونسب كل ما هو فلسطيني لها، على صعيد اللباس الشعبي والمأكولات والمقتنيات والحكايات الشعبية، حتى باتت الأكلة الشعبية الفلافل والحمص تراثا إسرائيليا يتغنون به أمام العالم.

الكبار ماتوا فعلا، لكن الصغار لم ينسوا، وظلت الرواية الفلسطينية بشتى جوانبها حاضرة في أذهان الفلسطينيين، من خلال حكايات الأجداد والكتب التوثيقية والمجالس الثقافية والمبادرات والمؤسسات التي تعنى في هذا الشأن.

ففي شهر شباط من هذا العام أطلق نادي ثقافي البيرة مشروعا بعنوان "فلسطين قصة تروى" بدعم من مؤسسة (دروسوس)، ويقوم المشروع على توثيق الحكايات الشعبية، والموروث الشعبي الفلسطيني من خلال الفئة الشبابية.

وفي هذا الشأن تقول مديرة مشروع (فلسطين قصة تروى) كرم أبو الحلا إن: "المشروع يعنى بتجسيد الحكاية الشعبية من خلال الفنون، والحكاية الشعبية التي تمثل موروثنا الثقافي وتاريخنا؛ الواجب على كل فلسطيني أن يعرفه وينتمي له".

وتضيف أبو الحلا لـ"الحدث": الهدف العام من هذا المشروع هو المساهمة في تحسين فرص دمج الشباب في مجتمعهم، وزيادة مشاركتهم في صنع القرار، من خلال تعزيز قدراتهم الحياتية والفنية عن طريق التجربة التي يعيشونها في المشروع.

وأوضحت: "بعد أن يقوم الطالب بجمع الموروث الثقافي من مختلف الطرق، يتم تدريبه على عمل مقابلات وتوثيقها والاستماع  إلى كبار السن من عائلته أو خارجها، بحيث يسردون له الحكايات ومن ثم يقوم الطالب بجمعها وتفريغها والتدرب على إلقائها".

وبعدما يفرغ الطالب من التدريب، يقدم على مرحلة أخرى تعنى بالجوانب الفنية، حتى يعيد إحياء الحكاية بطرق غير تقليدية مستخدمين لهذا الغرض: الرقص الشعبي والمسرح والدراما والتصوير الفوتوغرافي والفنون، برفقة متدربين متخصصين بهذا المجال، ثم يقومون بعرضها محليا، بحسب ما أوضحت مديرة المشروع.

وترى أبو الحلا أن: "هذه التجربة تنمي قدراتهم الحياتية والاستماع والملاحظة، وتعزز فرص اندماجهم في المجتمع، بالإضافة إلى أنهم يحققون ذاتهم، ويكون لهم صوت كي يعبروا عن قضايا المجتمع، وقضايا الشباب من خلال وسائل فنية غير نمطية".

والمناطق المستهدفة في هذا المشروع هي المناطق المهمشة مثل: قرية المغير التي تقع شمال شرق مدينة رام الله، وقرية نعلين والقرى المجاورة، والفئة المهمشة من ذوي الإعاقة.

وقرية المغير هي إحدى أكبر المناطق الفلسطينية المستهدفة ضمن مخطط الضم، فبحسب المخطط قرابة 90% من أراضي القرية تخضع للسرقة الإسرائيلية.

وعملت "إسرائيل" منذ نكبة عام 1948 على سرقة الأراضي الفلسطينية وتغيير أسماء المدن والشوارع والمعالم العربية، محاولة بذلك انتزاع الهوية الفلسطينية العربية عن الأرض.

وتوضح مديرة المشروع أن الفئة المستهدفة تشمل 75 مشاركا من كل قرية، استمتعوا بالتجربة على الرغم من أن المشروع  بدأ بالتزامن مع انتشار فيروس كورونا، مشيرة إلى أنهم استطاعوا خلق طرق بديلة لحل هذه الأزمة، من خلال عقد لقاءات إلكترونية وأخرى وجاهية.

ومر المشروع في مراحل تحضيرية تمثلت في: تدريب معمق في الحكايات الشعبية مع حكواتي، وهو ما حسن من مهارات الإلقاء والسرد والتفاعل مع الجمهور، ثم التوجه إلى الميدان لتوثيق الحكايات، ثم توزيعها على الطلاب كل حسب ميوله الفنية.

وأنتج الطلبة جداريات، وتدربوا على مسرحيات من كتابتهم ومعالجتهم، إلى جانب الرقصات الشعبية التي تحاكي قصصنا الشعبية وحاليا يعمل الطلبة على إنتاج صور وأفلام ستعرض كلها مع تحسن الوضع الوبائي في المنطقة.

ومكن المشروع جيل الشباب من التعرف على قصصنا الشعبية الطريفة وقصص النكبة والهجرة، كما رفع من معرفتهم ووعيهم، وعزز ذاتهم وأكد على الهوية الفلسطينية، ما أدى إلى إزالة الفجوة والتباعد بين الأجيال، الذي تسبب به تغير نمط الحياة.

وتطمح مديرة المشروع إلى توسيع نطاق العمل والوصول لمحافظات أخرى، وفتح وحد للحكايات الشعبية؛ حتى يحصل كل طفل فلسطيني على حقه في المعرفة والتعلم.

وكان الاحتلال الإسرائيلي قد سجل باسمه التراث الفلسطيني بعد سرقته، في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).