الحدث- سوار عبد ربه
وأنت في القدس لا بد لك أن تعرج على باب العامود، أحد أبواب القدس العشرة المفتوحة، هناك بإمكانك أن تدرك حضارة القدس وتاريخها الممتدة جذوره إلى العصور القديمة.
وعلى مدخل الباب تجد على يسارك نسوة يبعن الخضراوات، وبائع قهوة ينادي على المارة كي يشتروا منه، وبائع بسطة يسمع القرآن وآخر الأغاني، ولأنك في القدس، لن يكتمل المشهد دون تلوث الصورة، فعلى يمينك ستجد جنودا مختبئين في قفص حديدي، يعكرون صفو المشهد ويضيقون على المارة.
والطريق إلى باب العامود يمر عبر درجات عمرها من عمر القدس، هناك تجد المكان مزدحما دوما فالباب يقودك إلى البلدة القديمة للقدس، حيث الأسواق والحارات القديمة، ومقدسات المدينة.
وعند الدرج تجد أناسا عابرين، وآخرين جالسين بشكل فردي يحتسون القهوة ويتمتعون بشموخ الباب أمامهم، وتجد أيضا مجموعات أهلية يتناوبون على التواجد في المكان لإحيائه.
واحدة من أبرز تلك المجموعات، إمبراطورية باب العامود، المكونة من 40 شابا، جمعتهم الصدفة، بينما كانوا يأتون إلى المكان متفرقين، ليتعرفوا على بعضهم لاحقا، ويشكلون مجموعة أطلقوا عليها اسم "إمبراطورية باب العامود".
حول هذا يقول أحد أفراد الإمبراطورية: "كنا نتواجد عند باب العامود باستمرار اثنين اثنين، وبعد مدة من الزمن اعتدنا أن نجد بعضنا، فقررنا إنشاء مجموعة على تطبيق "واتساب" كي ننسق مع بعضنا أوقات تواجدنا في المكان ولاحقا أصبحت المجموعة تضم 40 شابا".
ويضيف لـ"الحدث": "نحن مجموعة كبيرة، كل شاب فينا قادم من خلفية وعقلية مختلفة وتخصصات مختلفة أيضا، وجمعنا الاختلاف".
ويتابع: "كلنا نمتلك مواهب، فبيننا الممثل، المغني، العازف، المصور، المهرج، الأستاذ، والطبيب وغالبا تكون جلساتنا فيها نقاشات معمقة، وعشوائية وهذه النقاشات تعود علينا بالفائدة لأنها تتيح لنا رؤية الأمور من منظور آخر لا يشبه منظورنا".
وحول تسمية المجموعة بالإمبراطورية يوضح م.غ: "جاءت التسمية عندما كنت أقرأ كتابا عن الإمبراطوريات، فوجدت أن الاسم له وقعه الجميل، وأصبحنا إمبراطورية باب العامود".
فعاليات الإمبراطورية
"إلى جانب النقاشات التي نقوم بها في الإمبراطورية، نواظب على عمل نشاطات وفعاليات متنوعة بهدف التسلية والترفيه، كالطبيخ وإشعال النار، ولعب الشطرنج، وفي أيام الإغلاق كنا نجتمع في أوقات معينة ونمارس رياضة المشي" يقول عضو الإمبراطورية
وللمجموعة أهداف اجتماعية، فسعى شبان الإمبراطورية من خلال تواجدهم في المكان على مدار اليوم، لتغيير الصورة النمطية المأخوذة عن الشباب الذين يأتون ليجلسوا على درج باب العامود بهدف الإزعاج أو التضييق على الفتيات.
وبيّن عضو المجموعة أن مجموعته تسير في هدف طويل الأمد؛ لتغيير الصورة النمطية، "فمع تواجدنا أصبح المكان أكثر هدوءا وتنظيما، وأخذنا على عاتقنا أيضا مبادرة تنظيف المكان قبل وبعد تواجدنا".
مساحة أمانهم وراحتهم
ويؤكد أن حب المكان وحب القدس بشكل عام هو من جمعهم، وجعل من علاقتهم ببعضهم صداقة متينة، فتجدهم يسندون بعضهم في الأفراح والأحزان.
ويصف المكان قائلا: "بشكل شخصي أشعر أن باب العامود هو منطقة الراحة بالنسبة لي، ومساحة الأمان التي أنسى فيها همومي".