الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إسرائيل لم تقتل زوجي.. المقابلة الكاملة لسهى عرفات مع يديعوت

2021-01-01 04:53:21 PM
إسرائيل لم تقتل زوجي.. المقابلة الكاملة لسهى عرفات مع يديعوت
سهى عرفات

الحدث ـ محمد بدر

نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت اليوم الجمعة مقابلة مع سهى عرفات، زوجة الرئيس الراحل ياسر عرفات، وقد ترجمتها صحيفة الحدث بشكل كامل وحرفي: 

في سبتمبر الماضي، بينما كان العالم منشغلا في مواجهة الموجة الثانية من انتشار فيروس كورونا، كانت سهى عرفات توضح للجميع أنها لا تنوي ترك جثمان زوجها يرقد بسلام في قبره في رام الله، معلنةً أنه عقب طلبها هي وابنتها، قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان استئناف التحقيق في ملابسات وفاة الرئيس ياسر عرفات. بعد 16 عامًا من وفاته، تقول إنها مقتنعة بأن عرفات قد تسمم بمادة البولونيوم 210، وهي المادة المشعة التي عرفها العالم في عام 2007، بعد اغتيال روسيا للعميل ألكسندر ليتفينينكو في لندن، وسهى مصممة على تصحيح هذا الفصل في كتب التاريخ.

 تقول سهى: "ياسر عرفات تم تسميمه بالتأكيد، لكن ليس من قبل إسرائيل ولكن من قبل أحد الفلسطينيين.. اعتقد الجميع أن إسرائيل مذنبة، لكنني لم أحملها المسؤولية. لطالما قلت إنه من السهل جدًا أن أتهم إسرائيل، لكنني لا أعتقد أن الإسرائيليين قتلوا عرفات لأننا جيرانهم ولو تورطوا في ذلك لانتقمنا منهم لسنين.. الجميع يقول إسرائيل، لكن، ما الدليل الذي بين أيديكم؟".

 كانت وفاة عرفات ولا تزال فصلاً غامضًا، أنتج عددًا لا يحصى من النظريات والتفسيرات؛ من التسمم إلى العدوى إلى الإيدز. في أكتوبر/تشرين الأول 2004، تدهورت الحالة الصحية لعرفات، وسمحت له إسرائيل - التي فرضت حصارًا على قيادة السلطة الفلسطينية في المقاطعة - بالسفر إلى باريس لتلقي العلاج. في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2004 أعلن عن وفاته. تقول سهى: ظللت أشك في أن هناك شيئًا ما خطأ. "شارك 50 طبيباً في علاجه في مستشفى في باريس، وأجروا جميع الفحوصات الممكنة - فحصوا جميع أنواع الأمراض والسموم محلية الصنع، ولم يتوصلوا لنتيجة. قالوا في النهاية: لا نعرف كيف مات".

عاد لغز وفاة عرفات الغامضة إلى الظهور في عام 2012 بمبادرة من صحفي يعمل في قناة الجزيرة، حيث سعى لإجراء تحقيق صحفي في الموضوع. تقول سهى: "سألني الصحفي عن متعلقات عرفات الشخصية". "أعطيته حقيبته، ملابسه، ملابسه الداخلية، بيجاماته. ذهبت الجزيرة إلى مركز جامعي في لوزان، سويسرا، وقد وجدوا في فرشاة أسنانه مادة البولونيوم 210. طلبت فتح القبر وإخراج جثة عرفات، فوافق الرئيس محمود عباس. تم إجراء ثلاثة تحقيقات منفصلة - من قبل فرق من روسيا وفرنسا وسويسرا - واكتشف الفريق السويسري أن جثة عرفات كانت مليئة بالبولونيوم. لا أعرف متى تسمم بهذه المادة، وكيف وصلت إليه، لكن من الواضح مائة بالمائة لي أن البولونيوم قتله".

تبلغ سهى من العمر 57 عامًا، وتعيش مع ابنتها زهوة في مالطا بمستوى معيشي ممتاز بفضل الاتفاق الذي توصلت إليه مع السلطة الفلسطينية، والذي يتضمن وفقًا لتقارير سابقة منحها 22 مليون دولار سنويًا. سيتم تضمين مقتطفات من المقابلة معها في الحلقة الثانية من مسلسل "الأعداء" - القادة العرب في عيون المخابرات الإسرائيلية، من إنتاج يارون نيسكي وداني ليبر لقناة "كان" وسيبث يوم 19 يناير/كانون الثاني.

يكشف المسلسل عن قصة حياة ستة قادة عرب بارزين والعمليات المختلفة التي بدأتها إسرائيل لإفشال طموحاتهم. خلال المقابلة، تحاول سهى نقل رسائل ودية إلى إسرائيل، تتحدث عن دعمها لعملية السلام والاتفاقيات الأخيرة مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب، وتؤكد على عمق الصداقات التي جمعتها مع شخصيات إسرائيلية مثل أوري أفنيري وليا رابين.

 ولكن قبل كل شيء، تحاول المناورة بين روايتين متعارضتين: من ناحية، ترغب في حماية إرث عرفات كقائد للشعب الفلسطيني. من ناحية أخرى، فإن محاولة الادعاء بأن عرفات - الذي تلطخت يداه بدماء آلاف الإسرائيليين وكان مسؤولاً عن عدد لا يحصى من الهجمات الإرهابية - هي أكبر بكثير من مجرد قاتل.

 كيف تفسر سهى هذا التناقض؟ تقول: "كان ياسر رجلاً عسكريًا طوال حياته". "كان يعتقد أن الكفاح المسلح - ما تعتبره إسرائيل إرهابا - يهدف إلى جعل صوت الشعب مسموعا، وأن العالم سيعرف مدى معاناة الفلسطينيين من الاحتلال. لقد رأى في الكفاح المسلح ضد إسرائيل وسيلة لجعل العالم يفهم طبيعة القضية الفلسطينية. كان واقعيًا.

 تضيف: "يعتقد ياسر أنه في سياق الكفاح المسلح، لا ينبغي قتل المدنيين. كان يقول إنه لن يعترف بقيام إسرائيل التي نشأت بقتل المدنيين وهو غير مستعد للقيام بذات الشيء لإقامة دولة فلسطينية.. لم يكن متعطشاً للدماء مثل حافظ الأسد أو صدام حسين. أريد أن أقول للإسرائيليين إنه كان شخصا طيبا".

الحقائق بالطبع لا تتوافق مع هذه الادعاءات. عرفات هو الرجل المسؤول، بصفته رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، عن قائمة طويلة من الهجمات التي أسفرت عن قتل مدنيين: عملية مطار اللد، مقتل 11 رياضيًا في ميونيخ، وعملية معالوت، والهجوم على فندق سافوي والهجوم على الطريق الساحلي. هذه قائمة جزئية. في بداية الثمانينيات، أطلق آلاف صواريخ الكاتيوشا من لبنان على المستوطنات الشمالية، وفي بداية الألفية قاد الانتفاضة الثانية التي قُتل خلالها مئات الإسرائيليين الآخرين. الحجة الشائنة التي قدمتها سهى في محاولة للدفاع عن سجل زوجها، لن تمحو سجل العمليات التي نفذتها كتائب شهداء الأقصى والتنظيم المحسوب على فتح.

ترد سهى: "لم يكن ياسر هو الوحيد الذي نفذ العمليات، فالجبهة الشعبية نفذت عمليات اختطاف بل وعمليات أكثر خطورة. وقام جورج حبش ونايف حواتمة وأحمد جبريل بأعمال أسوأ بكثير. فتح نفذت عمليات أقل مقارنة بالآخرين. عرفات كان الأكثر اعتدالا بين جميع قادة الفصائل".

تتابع سهى: "كان الهدف الأول لإسرائيل خلال حرب لبنان، وخاصة أرييل شارون الذي كان يكرهه، وحاولت إسرائيل قتله عدة مرات، وأنا مقتنع أن سوريا الأسد وأبو نضال حاولا قتله، لكنه كان محظوظًا. اختبأ ذات مرة في مبنى في بيروت. استخدم الهاتف - أعتقد أنه كان يتحدث مع المبعوث الأمريكي فيليب حبيب - ثم غادر المنزل وانفجر المبنى بأكمله. كانت هناك العديد من هذه الحالات. لقد نجا منها جميعها. لم يكن يخشى من الموت. أخبرني أنه عاش لفترة أطول مما كان من المفترض أن يعيش".

تضيف:  "عندما تحطمت طائرته في ليبيا عام 1989 ظنوا أنه قُتل وتحدث الجميع عنه على أنه ميت. لكن مقعد ياسر انفجر على بعد أمتار قليلة من الطائرة ونجا. حاول الموساد اغتياله حتى بعد انتقاله إلى تونس. اغتيال أبو جهاد رقم 2 في منظمة التحرير الفلسطينية، حدث في مكان غير بعيد عن مكان عرفات في ذلك الوقت. بعد كل شيء، عرفات كان يعيش في المنزل المجاور لمنزله".

في الوقت نفسه، تعتقد سهى أن زوجها الراحل كان محميًا أيضًا من قبل عناصر دولية كانت تفضله على "الإرهابيين الفلسطينيين القتلة.. ياسر كانت تربطه علاقات جيدة بأجهزة المخابرات في معظم دول العالم.. كانوا يحذرونه: الموساد يتابعك". "أعتقد أن القوى العالمية لم تعط الضوء الأخضر لقتله. لقد اعتقدوا أن ياسر عرفات هو الأكثر اعتدالاً بين جميع القادة من حوله، وأنه مرن، ويمكن التحدث معه أكثر بكثير من الحديث مع أبو إياد وأبو جهاد وكل الآخرين الذين أرادوا فقط تدمير إسرائيل".

"الانتفاضة الثانية كانت خطأه الكبير. لا أعرف من أقنعه بالانتفاضة في منتصف مسيرة عملية السلام. كان عليه الانتظار حتى يتم التوصل إلى حل، لأننا لسنا بقوة إسرائيل. قلت له يجب أن توقف هجمات حماس لأنها ستؤدي في النهاية إلى حرب أهلية، لقد أوضحت أنه بعد 11 سبتمبر/أيلول لا أحد يريد رؤية المزيد من الانفجارات، والناس لا يريدون رؤية الدماء. عندما أخبرته بموقفي هذا غضب مني".

"تحدثت إليه عبر الهاتف من باريس وقال لي: "كفى". قلت له: أنت ملتزم بعملية السلام وعليك وقف هجمات حماس. لا أحد يريد أن يرى هجمات إرهابية في نوادي تل أبيب أو القدس. لكنه اعتقد أنه سيتمكن من جني ثمن مناسب بفضل الانتفاضة، لكن الثمن الوحيد الذي دفعه هو حياته. كان عرفات رجلاً مناضلاً طوال حياته. كان يعتقد أن العالم كله سيسمعه من خلال الانتفاضة الثانية".

"أعتقد أن غرور شارون وعرفات جعلهما يدخلان هذه الجولة من القتال. شارون كان لديه أكثر الجيوش تطوراً في العالم وعرفات أراد أن يظهر له أن لديه القدرة على محاربته من خلال العمليات. لم ينجحوا في  في لبنان ووجدوا أنفسهم مرة أخرى في معركة جديدة في رام الله.. في مثل هذه اللحظة بالذات، تلعب الأنا دائمًا دورًا في السياسة. ولا يمكنهم السيطرة على الأنا".

"ياسر عرفات ليس الوحيد الذي يكذب في السياسة. كل السياسيين يكذبون على بعضهم البعض ولا يحترمون التزاماتهم. هذا هو الحال في كل كتب التاريخ. الكذبة هي أيضا وسيلة للبقاء بالنسبة لعرفات. لقد كذب عندما كان عليه إرضاء الآخرين، فقد كانت استراتيجية لكسب الوقت. كانت هناك أوقات لم يكذب فيها حقًا. في وقت اتفاقات أوسلو، كان الملك حسين غاضبًا جدًا منه لأنه لم يخبرهم بالاتصالات السرية بين إسرائيل والفلسطينيين، كان الملك حسين يقول دائما: "ياسر عرفات كذب علي".

تقول سهى إن الأشهر التي أعقبت اتفاقات أوسلو، عندما كان العالم كله يعتقد أنه بعد عقود من الكفاح المسلح، بدأ السلام أخيرًا في الشرق الأوسط، كانت فترة نشوة لعرفات. "لقد كان سعيدا. بعد دعوته إلى البيت الأبيض واستضافته من قبل قادة العديد من البلدان، أراد الناس من جميع أنحاء العالم رؤيته والتحدث معه. تمت دعوته ليكون ضيفًا في البرلمان الأوروبي، وأصبح نجمًا".

تتابع: "عندما فقد رابين، شعر أن السلام قد انتهى. لم يكن يعتقد أن بيرس يمتلك نفس الروح. اليوم لا أحد على استعداد لصنع السلام والشعب الفلسطيني يدفع الثمن.. ياسر لم يتمكن من وقف الانتفاضة الثانية، حماس والمنظمات الأخرى انتهزت الفرصة ثم استولت حماس على غزة".

ولدت عام 1963 باسم سهى داود الطويل، وهي من عائلة ثرية من أصول مسيحية. والدها، داود الطويل، من مواليد يافا، درس في جامعة أكسفورد وكان رجل أعمال ناجحًا. والدتها ريموندا الطويل، من مواليد عكا، شاعرة وناشطة سياسية. "كانت والدتي تعرف روت ديان على امتداد 50 عامًا، وكانت على اتصال بإسرائيليين آخرين أرادوا صنع السلام مع الفلسطينيين - أوري أفنيري، أناس من حركة مابام. كان منزلنا مفتوحا للجميع".

التقت سهى بعرفات لأول مرة عندما كانت في 21 من عمرها. وكان يكبرها بـ 34 سنة. "الجميع يعتقد أن هذا حدث في تونس ولكنه كان في بغداد. بدأت علاقتنا بعد أن أرسلت إليه رسالة سلام تلقتها والدتي من عيزر وايزمان، الذي كان آنذاك وزيراً في الحكومة الإسرائيلية. منذ اللحظة التي رآني فيها كان يحبني. اصطحبتني أمي لزيارة منزله في أحد مخيمات اللاجئين في الأردن، وأخبرني لاحقًا أنه وقع في حبي، ومنذ ذلك الحين، كلما أرادت والدتي أن ترسل له رسالة، إلى تونس أو بغداد، كان يقول لها: أرسلي مع سهى".

 "لا أتخيل أن تقع ابنتي في حب رجل بعمر عرفات.. حتى لو وقعت في حب رجل في مثل هذا العمر، فسأشعر بالقلق. في الواقع، عندما التقينا كنت مخطوبة لرجل فرنسي من عائلة محترمة للغاية. قال لي والدي لماذا تريدين فجأة ترك هذه الحياة المريحة للعيش مع ياسر عرفات؟".

 تزوجت سهى من عرفات في صيف عام 1990. كانت تبلغ من العمر 27 عامًا، ويبلغ هو من العمر 61 عامًا. الزواج من الشخص الذي ادعى حتى ذلك الحين أنه "متزوج من الثورة الفلسطينية" ظل سراً لمدة عامين، وقبل الزفاف اضطرت سهى إلى اعتناق الإسلام. حتى الآن تصر على أن علاقة حب كانت بينهما. "أعلم أنه كان هناك الكثير من النساء حوله لكنه أرادني. يقولون: ذهبت إليه بسبب المال.. هذا هراء. خاطرت بحياتي خلال سنواتنا معًا. لو لم يكن هناك حب، ما الذي يجبرني للاستمرار معه؟ عشنا في المخابئ، كان منزلنا في غزة فظيعًا، عشنا مع الفئران في كل مكان.. اعتدت العيش في رام الله في ظروف مريحة، والآن يقول لي السيد عرفات، "إنه مجرد فأر". لو لم أحبه، لغادرت بسبب ما واجهته مع هذا الرجل ".

سهى قالت  في مقابلات سابقة إن الزواج من عرفات كان خطأ فادحا، وادعت أنها حاولت تركه "مئات المرات" لكنه لم يتركها. حديثها الحالي أكثر ليونة، وربما تهدف إلى تعزيز مكانتها كأرملة تعمل على إدامة إرث زوجها. "قررت ذات  مرة أن أذهب وأغادر لأنني لم أعد أستطع تحمل هذه الحياة الصعبة، مع كل الحاشية المحيطة به".

 "الكيمياء مثل المغناطيس. لقد أحببته ولم يسمح لي الحب بالشعور بالاختلافات العمرية بيننا. لقد كان نشيطًا. يستيقظ في الصباح الباكر، يفعل كل شيء، مدمن على العمل، يعمل بجد، مشغول باستمرار، يعمل باستمرار. وما أعجبني بشكل خاص هو أنه شخص طيب. سيقول الإسرائيليون بالتأكيد أنه إرهابي، كما قالوا ذات مرة عن مانديلا ومقاتلين آخرين من أجل الحرية، لكنه كان رجلاً صالحًا، وتلقى نصائح سيئة من أناس سيئين، وكان عليه أن يواجه القادة العرب، وأراد حافظ الأسد أن يفرض أفكاره عليه، صدام حسين "أراد أن يفرض أفكاره عليه، العالم العربي يرى إسرائيل عدوًا أكثر من عرفات".

 ولدت ابنتهما الوحيدة زهوة عام 1995 في باريس. بعد بضع سنوات غادرتا رام الله واستقرتا في العاصمة الفرنسية. بينما كان يواجه الفلسطينيون وضعا اقتصاديا صعبا، حظيت سهى بأسلوب حياة لافت للنظر على غرار إميلدا ماركوس مما عرضها للكثير من الانتقادات. "لقد كان رائعًا مع ابنتنا. كانت تنام في الفراش بجوارنا. عندما كانت تبكي كان يحاول تهدئتها. عندما كانت زهوة في المدرسة كنت أرسلها إليه مع حارس شخصي ليرى واجباتها المدرسية. كان يصورها وهي تنظر إلى دفاترها. قال له بعضهم، "لا يجب أن يلاحظ الناس أن ابنتك هي نقطة ضعفك". 

"لم أحظَ بحياة خاصة مع عرفات. العشاء مع الجميع، ووجبات الإفطار مع الجميع. يأكل بسرعة ويذهب إلى العمل. لم تكن حياة عادية، على الإطلاق. كان لدي مهنتي وجمعياتي ومؤسساتي الخاصة التي أسستها، وسافرت بمفردي، وعقدت اجتماعات رسمية بمفردي، ولم أشأ أن أزعجه بأي شيء، كان لطيفًا معي، لكنه مشغول باستمرار، رأسه في العمل باستمرار".

"بالطبع. كنت أشعر بالمرارة. بسبب القيل والقال والغيرة. لم يكن هناك حد لذلك. لم أكن معتادة على ذلك. نشأت في بيت علمني الأخلاق، التحقت بمدرسة كاثوليكية. كان الناس من حوله لا يحترمون المرأة. أخبرني أن بعض أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية كانوا غير سعداء للغاية عندما تزوجني. أراد الفلسطينيون امرأة أخرى لا تتحدث ولا تتدخل ويطلقون عليها اسم أم". 

قال لي: "لقد أحببت امرأتين في حياتي. الأولى كانت ندى، لبنانية. أحبها وكان ينوي الزواج منها لكنها قتلت. والثانية هي أنت.. عندما اعترض والديّ على الزواج كان يقول: سأتزوج من سهى، فقط الموت يفرق بيننا. وبعد إعلان الزواج وعدم رضى القيادة الفلسطينية بأكملها عن علاقتنا، هدد: سأرحل الآن لأعيش حياتي الخاصة. إذا كنتم تريدونني أن أستقيل سأستقيل الآن. قالوا لا، نحن نخشى أن تتأثر منظمة التحرير الفلسطينية. لكن من الواضح أنهم انزعجوا من هذا الزواج".

اعتاد عرفات أن يقول إنه ولد في القدس عام 1929، لكن وفقًا لمعظم المصادر، فقد ولد في القاهرة. في الرابعة من عمره، بعد وفاة والدته، انتقل مع أخيه فتحي للعيش مع عمهم الذي كان يعيش في حارة المغاربة بالقدس، وبعد عامين عاد إلى القاهرة. درس الهندسة في الجامعة، وتجنّد في الجيش المصري كجزء من وحدة الإخوان المسلمين التي حاربت إسرائيل عام 1948. في عام 1959، أسس حركة فتح في الكويت، وبعد ست سنوات بدأت الحركة في شن هجمات ضد إسرائيل. بعد أسبوع من حرب الأيام الستة، تسلل متخفيا من الأردن إلى الضفة الغربية  وقام بتجنيد المقاتلين وحاول إنشاء خلايا مقاومة في جميع أنحاء الضفة. في عام 1969، تم انتخابه رئيسًا لمنظمة التحرير الفلسطينية ، وأصبح الزعيم الفعلي للفلسطينيين. من هذا المنطلق اختار طريق الكفاح المسلح، وظل على مدى عقود يعتبر العدو الأول لإسرائيل.

 عندما يُطلب من سهى فك سر قيادة عرفات، بالإضافة إلى الثناء المتوقع لالتزامه بالنضال في اتخاذ القرار، تقول: "لقد صعد في سلم القيادة بسبب جاذبيته وشخصيته ولكن أيضًا بسبب المال. اشترى الصناديق الائتمانية. في الثمانينيات، كان يحول الأموال إلى مؤسسات في الضفة الغربية، كما أنه أعطى الأموال لحماس، حتى تكون مستقلة بعيدا عن مال إيران أو تركيا".

 هذه الأموال، بالطبع، مولت عددًا لا بأس به من العمليات ضد إسرائيل، لكن سهى تفضل أن يتم تكريم زوجها في التاريخ كزعيم سياسي فعل كل شيء من أجل شعبه، وليس كرجل دموي. تقول: "ذهبت مرة مع ياسر في زيارة رسمية إلى غينيا بيساو في إفريقيا". "هذه واحدة من أفقر البلدان في العالم. كانت هناك حشرات وثعابين في كل مكان. في الليل كنا ننام في الحيوانات الصغيرة. عندما تذمرت، قال لي: هذا البلد يصوت لصالحنا في الأمم المتحدة". نفس الشيء عندما أخذني في زيارة لفيتنام. إنه مهووس بالنضال الفلسطيني وكان يقول دائمًا في ذلك الوقت: "إنهم يصوتون معنا في الأمم المتحدة".

 "عندما التقى المسؤولين الإسرائيليين بعد أوسلو، كان الأمر أشبه بابني عم لم يلتقيا من قبل. كان من الغريب بعض الشيء أن ألتقي بأشخاص مثل يوسي غنوسر وجاك نيريا وآخرين ممن شغلوا مناصب في الأجهزة الأمنية ويريدون الآن التعاون أو التعامل مع ياسر. "فجأة اكتشف أبناء العم الذين لم يلتقوا قط في الذكريات وعلى نفس الطعام، إنهم الآن يصنعون السلام. يجب أن ننسب الفضل لعرفات الذي فتح هذا الباب".

إنها تدرك جيدًا كيف ينظر الإسرائيليون إلى زوجها؛ إلى حقيقة أنه حتى كبار مؤيدي حل الدولتين يجدون صعوبة في احتواء حقيقة أنه فضل أكثر من مرة اختيار الكفاح المسلح على الحوار.

 "أريد أن يعرف القادة والجمهور في إسرائيل: عرفات رأى نفسه مقاتلًا من أجل حرية شعبه.. على الرغم من أنه مسؤول عن الانتفاضة الثانية وهي نقطة سوداء في حياته، إلا أنني أريد أن يعرف الجمهور الإسرائيلي أنه كان يعمل لصالح السلام. المصافحة بين ياسر ورابين، مهدت الطريق أمام عدد من الدول لصنع السلام.

"بدون أوسلو والإمارات العربية المتحدة والبحرين والدول القادمة التي ستنضم قريباً، لن يكون هناك سلام مع إسرائيل. أعلم أنه من الصعب إقناع أم إسرائيلية قتل ابنها في هجوم لفلسطينيين بهذا الحديث عن عرفات، لكنني أعتقد أن التسامح هو السبيل إلى السلام الحقيقي. ولدينا أمهات باكيات. نأمل أن يعم السلام قريبا".