الحدث- القدس
أفاد تقرير صدر حديثاً بأن ما نسبته 2,2 % من الأطفال الملتحقين في مدارس الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين يعملون، وذلك بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية الناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي.
وقال التقرير، الصادر عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ومقره بيروت، إن "عمالة الأطفال بالإضافة إلى نسبة التسرب المرتفعة في كافة المراحل التعليمية، نسبياً، تشكلان ظاهرتين مقلقتين بالنسبة للمجتمع الفلسطيني، لاسيما في القدس المحتلة".
وأضاف إن "نسبة التسرب في مرحلة التعليم الأساسي للعام الدراسي 2010/2011 في الأراضي المحتلة بلغت ما نسبته 1,3 % للذكور و0,6 % للإناث، أما في المرحلة الثانوية فكانت 3,2 % للذكور و3,3 % للإناث".
ويقدر عدد الطلبة في مدارس التعليم الأساسي والثانوي للعام الدراسي 2013/2014 بنحو 1,152 مليون طالب، موزعين على 571,908 طلاب من الذكور، و579,794 طالبة من الإناث.
ويقف الاحتلال مسبباً رئيساً لإشكاليات القطاع التعليمي الفلسطيني، وفق التقرير الذي يعدّ خلاصة كتاب أصدره المركز مؤخراً حول "معاناة الطالب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي".
وتعود ظاهرة التسرب، بحسبه، إلى "كثرة الحواجز العسكرية الإسرائيلية على الطريق، والتي تؤدي إلى تغيب المعلمين والطلبة، ومضايقات جيش الاحتلال والمستوطنين للطلبة في الطريق إلى المدرسة، والتعرض للاعتقال، وموقع المدرسة في مكان غير آمن، وكثرة اقتحامها من قوات الاحتلال، وكثرة إغلاقها".
ويضطر غالبية الطلبة، كما المعلمين، في الضفة الغربية "للمرور عبر أكثر من 600 حاجز عسكري ونقطة تفتيش إسرائيلية، حيث يتعرضون للتفتيش المذل والحرمان من الوصول إلى المدارس والجامعات".
وقد أدى جدار الفصل العنصري إلى "عزل القدس المحتلة عن بقية الأراضي المحتلة، مما يجبّر نسبة من الطلبة لا تقل عن 20% على عبور الحواجز المفروضة في محيط المدينة والمعرقلة، غالباً، لمسيرتهم التعليمية".
في حين "يعجز الطلبة والمعلمون في قطاع غزة عن بلوغ أماكن تعليمهم وتدريسهم، بسبب نقص الوقود وعدم توفر ميزانيات كافية للمؤسسات التعليمية وعطبّ غالبيتها، إزاء الحصار الإسرائيلي الجائر وحروبه المتوالية، التي ألحقت الضررّ البالغ بالعملية التعليمية فيه".
وأوضح التقرير بأن "سلطات الاحتلال سعت لإحكام قبضتها على العملية التعليمية الفلسطينية، بهدف فرض مخرجات تتماشى مع مخطط الاحتلال في الأراضي المحتلة".
وبرز في سياق سياسة الاحتلال لتجهيل الطالب الفلسطيني وفصله عن تاريخه العربي الإسلامي "إجراءات التعديل والحذف في المناهج التربوية بالأراضي المحتلة، والتي تتعلق بجهاد الشعوب العربية من أجل التحرر من الاستعمار، وبشعب وجغرافية فلسطين وتاريخها، مقابل إقحام كلمة "إسرائيل" في كل ما يخصها".
وبالمثل؛ "غيرّت المناهج العربية في القدس المحتلة بما يتلاءم معها، وأدخلت شهادة البجروت عوضاً عن شهادة الثانوية العامة "التوجيهي" غير المعترف بها في الجامعات الإسرائيلية، وجمدت بناء الأبنية المدرسية ووضعت العراقيل لاستصدار رخص بناء جديدة، بدون مراعاة الزيادة السكانية الطبيعية، مما تسبب في نسبة اكتظاظ عالية في الغرف الصفية".
وتحدث التقرير عن "ممارسات الاحتلال العدوانية حيال السيطرة على المدارس وإغلاقها لعدة أيام أو أشهر وتعطيلها إجبارياً في بعض المناسبات الوطنية الفلسطينية، مثل يوم الأرض، خوفاً من احتجاجات الطلبة".
ولفت إلى "سياسة تضييق الخناق على المعلمين، وتعريضهم لإجراءات قمعية مثل الإحالة القسرية على التقاعد دون وجه حق وبلا إنذار مسبق، والفصل أو النقل التعسفي لأسباب مختلفة، والاعتقال، والاستدعاء للأجهزة الأمنية، والإبعاد، ومنع السفر، والإقامة الجبرية".
كما طالت الإجراءات "تعرض المعلمين والطلبة إلى اعتداءات مباشرة، أسفرت عن سقوط عدد من الشهداء والجرحى، والاعتداء على المدارس بالتكسير والاقتحامات المتكررة التي أثرت سلبياً على مجريات العملية التعليمية".
ووفق "معطيات وزارة التربية والتعليم الفلسطينية؛ يشهد 9 % من الأطفال في مدارس المنطقة "ج" (حسب تصنيف "أوسلو") مشاكل نفسية واجتماعية صعبة مرتبطة بوجودهم في تلك المنطقة الجغرافية الأمنية، التي لا تملك السلطة الفلسطينية السيطرة عليها".
ويعاني الطلبة، ضمن 10 % من المدارس الواقعة بالمنطقة، من "صعوبة بلوغ الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية، وعنف مرتبط بالمستوطنين وجيش الاحتلال"، فيما "ما يزال الأطفال الأسرى محرومين من حقهم في التعليم".
بينما "تسبب عدوان الاحتلال الأخير ضدّ غزة، الممتد لـ51 يوماً، في سقوط زهاء 2100 شهيد ونحو 11 ألف جريح، من بينهم 22 شهيداً وعشرات الجرحى من العاملين في القطاع التعليمي، ومئات الشهداء وآلاف الجرحى من الأطفال وطلبة المدارس".
ورغم "حجم الدمار الذي طال القطاع التعليمي نتيجة تلك الحرب، والتي وصلت تكلفة أضرارها إلى 33,1 مليون دولار، فقد سعت وزارة التعليم في غزة إلى الإعداد لعام دراسي جديد طبيعي خلال وقت قياسي، بدأ في 14/9/2014".
وقد "تسببت سوء الأوضاع الاقتصادية، الناجمة عن الاحتلال، في اضطرار الكثير من الطلبة للعمل والتسرب من مدارسهم وجامعاتهم وإلى هجرة الأدمغة الفلسطينية خارج حدود الوطن المحتل بحثاً عن مصدر الرزق أو عن دراسة اختصاص منع الاحتلال تدريسه للفلسطيني".
أما القدس المحتلة؛ "قامت سلطات الاحتلال منذ احتلالها بإغلاق مكتب التربية والتعليم لمحافظة القدس وإلحاق جميع المدارس الحكومية التابعة لوزارة التربية والتعليم الأردنية بجهاز المعارف الإسرائيلية، وسنّ قانون يسمح لها بالإشراف على المدارس الأهلية، وهي ذات ملكية فردية أو تابعة لمؤسسة أو جمعية خيرية".
كما "ألحقت المدارس العربية إدارياً ومنهجياً بأجهزتها، وتبع التعليم الثانوي إدارة المعارف في بلدية القدس، فيما تبع التعليم الأساسي أجهزة المعارف الإسرائيلية".
وأوضح التقرير بأن "سلطات الاحتلال لم تقم بتطبيق التعليم الإلزامي ولم تفرض على أولياء أمور الطلبة تسجيل ابنائهم، مما أدى إلى تفشي نسبة المتسربين في القدس للعام الدراسي 2011/2012 إلى نحو 50 % من طلبة القدس بهدف استيعابهم في سوق العمل الإسرائيلي كأيادي عاملة رخيصة".
غير أن "ممارسات الاحتلال العدوانية جوبهت، وما تزال، بمقاومة شديدة من قبل المواطنين والجهاز التعليمي ورفض غالبية المعلمين العمل في المدارس التابعة لوزارة المعارف والتوجه للمدارس الخاصة والأهلية، التي ظلت تطبق المنهاج الأردني".
وقد "لعب المعلمون دوراً كبيراً في تشجيع أولياء أمور الطلبة لنقل أبنائهم إلى المدارس الوطنية، سواء ما كان تابعاً منها للأوقاف الإسلامية أم للأديرة والكنائس المسيحية والمدارس المملوكة من جمعيات أم أشخاص".
ويشار إلى أن مجموع المدارس التي تغطي التعليم الأساسي (الإبتدائي والإعدادي) والثانوي بلغ 2,784 مدرسة، وموزعة على 2،094 مدرسة في الضفة الغربية، و690 مدرسة في قطاع غزة، تضمّ 63,017 معلماً للعام الدراسي 2013/2014.
بينما يبلغ عدد الطلبة الملتحقين بالجامعات الفلسطينية في الضفة والقطاع حوالي 123,484 طالبا وطالبة. وبحسب الأرقام المتوفرة لدى وزارة التربية والتعليم العالي، فإن هناك 34 كلية جامعية ومتوسطة تقدم التعليم لنحو 28,505 طلاب للعام الدراسي 2012/2013.