الحدث للأسرى
أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى أن سلطات الاحتلال واصلت خلال العام الماضي استهداف الأطفال الفلسطينيين، بالاعتقال والاستدعاء وفرض الأحكام والغرامات المالية الباهظة، حيث رصد (550) حالة اعتقال، بينهم (52) طفل لم تتجاوز أعمارهم الرابعة عشر.
الباحث "رياض الأشقر" مدير المركز قال بأن الاحتلال يتعمد اللجوء لاعتقال القاصرين بهدف ردعهم عن المشاركة في المواجهات مع الاحتلال او التفكير في تنفيذ أعمال مقاومة، ومحاولة لخلق جيل ضعيف وخائف، و لتدمير مستقبل الأطفال، لذلك جعل من اعتقالهم خياراً أولياً واعطى الضوء الاخضر لاستهدافهم بالقتل والاعتقال .
وبين الاشقر أن الاحتلال رغم الدعوات والمناشدات التي صدرت عن العديد من المؤسسات الدولية بضرورة إطلاق سراح الأطفال كونهم معرضين للخطر في ظل الظرف الاستثنائي الراهن المتمثل في جائحة كورونا، إلا أنه واصل خلال العام 2020 استهداف الأطفال القاصرين، دون سن (18)، بالاعتقال والتنكيل والاحتجاز في ظروف قاسية وفرض الأحكام القاسية بحقهم.
وتعرض جميع الأطفال المعتقلين للتعذيب والتنكيل منذ اللحظة الأولى للاعتقال باقتيادهم من منازلهم في ساعات متأخرة من الليل، أو اختطافهم من الشوارع وعلى الحواجز، ويتعرضون لأشكال متعددة من التنكيل والإهانة بما فيها الضرب المبرح، توجيه الشتائم والألفاظ البذيئة بحقهم، وتهديدهم وترهيبهم، واستخدام الكلاب البوليسية المتوحشة.
واشار الاشقر الى ان الاحتلال لم يكتفى باعتقال الأطفال وتعريضهم للخطر بل استغل الجائحة كأداة تنكيل بحقهم، وترهيبهم، وذلك بعدم توفير إجراءات الحماية الوقاية، كذلك تعريضهم للعزل بشكل مستمر بحجة الحجر، وحرمانهم من زيارة العائلة، والمحامين الأمر الذي تسبب لهم بأزمات متعددة، وضغوط كبيرة على كافة المستويات الحياتية، ابرزها نقص الملابس التي تفاقمت خلال العام بسبب وقف الزيارات لشهور طويلة.
التنكيل بالأطفال
وواصل الاحتلال عمليات التنكيل بالأطفال الفلسطينيين، واعتقال المرضى منهم، والاعتداء عليهم بالضرب المبرح ، ومنهم الطفل "أمل نخلة " ١٦ عاماً، من سكان مخيم الجلزون تم الاعتداء عليه بشكل وحشي على احد الحواجز رغم معاناته من مرض نادر يُدعي الوهن العضلّي الشديد ، كذلك تعرض الطفل "محمد منير مقبل" 16 عاماً من بالخليل الى اعتداء وحشي بأعقاب البنادق حين اعتقاله ادى الى أصابته بكسور في الفك والوجه ورضوض عامة في الجسم، وتم نقله الى مشفى هداسا عين كارم بالقدس المحتلة ، وتم إجراء عملية جراحية له لترميم كسور الفك والوجه، كذلك اعتقلت قوات الاحتلال الطفل يوسف عابد (١٢ عام) من مدينة البيرة، وهو ذوي الاحتياجات الخاصة .
اعتقال أطفال جرحى
واضاف الباحث "الاشقر" أن الاحتلال اعتقل 10 أطفال خلال العام 2020 بعد اطلاق النار عليهم وإصابتهم بجروح مختلفة بعضها خطرة، ونقلهم في ظروف صعبة، بل وصل الأمر للتحقيق معهم في المستشفيات، وابتزازاهم بتقديم اعترافات مقابل العلاج والرعاية الطبية .
وبين الاشقر ان من بين الأطفال المصابين الجريح "علي عمرو" 16 عاماً من الخليل بعد اطلاق النار عليه واصابته بجراح قرب مخيم الفوار، وجرى نقله الى مستشفى سوروكا، وأجريت له عملية جراحية ثم نقل الى سجن مستشفى الرملة، والفتى الجريح "نور محمد صليبي"(18 عاماً) من الخليل اعتقل بعد اطلاق النار عليه، وأصابه بجراح خطيرة في بطنه، و الفتى "حسين يونس" (17عامًا) من بيت لحم، عقب إطلاق النار عليه، واصابته بعيار ناري أسفل الركبة، أدى لكسر في العظم وصدر بحقه حكم بالسجن لمدة 3 سنوات.
و الفتى "مراد بسام البايض" 17 عام من مخيم الفوار بالخليل اعتقل بعد إطلاق النار عليه واصابته بجراح وتم نقله إلى مستشفى سوروكا، كما اعتقل الاحتلال الطفل "راسم سليمان غرة" من رام الله عقب إصابته بعيار مطاطي في القدم ، والفتى "مصطفى غوانمة" (17 عاماً)، اُعتقل عقب إصابته بالرصاص في رام الله .
فيما اعتقل الطفل الجريح "محمد فضل التميمي" 16 عام بعد الاعتداء عليه في قرية النبي صالح شمال غرب رام الله ، علماً انه مصاب في راسه برصاص الاحتلال قبل عامين، واعتقل 3 اطفال في 16 من العمر من بلدة أبوديس بعد ثلاثة أسابيع من إصابتهم بالرصاص الحي من قبل جنود الاحتلال وكانوا لا زالوا يتلقون العلاج ووضعهم الصحي غير مستقر، وهم احمد عبدالله محسن ، و يونس علي حلبية، و مهند جمال عواد .
رفع سقف اعتقال الأطفال
وكشف الاشقر ان الاحتلال عمل العام الماضي على تشريع الانتهاكات بحق الاطفال، حيث أدخلت سلطات الاحتلال تعديلات على الأمر العسكري رقم 1651، بهدف رفع الحماية عن الأطفال في الفئة العمرية بين 12 الى 14 عاما، وبالتالي السماح برفع سقف اعتقالهم ، حيث كان الحد الأقصى المفروض على هذه الفئة قبل التعديل لا يتجاوز ستة أشهر فعلية أو مع وقف التنفيذ، وبعد التعديل الجديد، لم يعد هناك حماية أو سقف زمني للعقوبة التي قد تفرض على الأطفال الذين تتم محاكمتهم أمام المحاكم العسكرية للاحتلال وقد تصل لعشرات السنين او المؤبد.
والتعديل الجديد يعني عمليا، فقدان الأطفال تحت 14 عاما للحماية، وهذا يتناقض بشكل صريح مع المعايير والمبادئ الدولية التي تم إرسائها لحماية حقوق الأحداث، وهى بذلك تتعارض بشكل أساسي مع اتفاقية حقوق الطفل .
الغرامات المالية
واصلت المحاكم العسكرية للاحتلال خلال العام 2020 فرض الغرامات المالية الباهظة على الأسرى الأطفال، وذلك ضمن سياسة مبرمجة ومعتمدة، الأمر الذي يشكل عبئاً على ذويهم في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأصبحت ساحات المحاكم الإسرائيلية وسيلة عقاب جديد على الأطفال وذويهم، وشكلت حالة من الابتزاز ونهب أموال ذويهم؛ و اثقال كاهلهم بالفاتورة المترتبة على اعتقال أبنائهم لمنعهم من المشاركة في فعاليات المقاومة، فلا يكاد يخلو حكم بالسجن الفعلي أو الإفراج بدون فرض غرامة مالية ، ووصلت الغرامات المالية التي فرضت على الأطفال في محكمة عوفر خلال العام 2020 إلى (350 ألف شيكل) أي ما يعادل ( 102 الف دولار) .
أوضاع قاسية
وقال الاشقر حتى نهاية العام الماضي لا يزال الاحتلال يعتقل (170) طفلاً موزعين على ثلاثة سجون وهى (مجدو، وعوفر، والدامون)، إضافة إلى وجود عدد في مراكز التوقيف والتحقيق، وجزء آخر من أطفال القدس تحتجزهم في مراكز اجتماعية خاصة لأن أعمارهم تقل عن 14 عام.
ويعيش الأطفال الاسرى ظروف اعتقال قاسية، ويتعامل الاحتلال معهم كإرهابيين ويوجهون لهم الشتائم والتهديدات بشكل مستمر ، ويمارس بحقهم وسائل تعذيب قاسية ، فيما تواصل إدارة سجون الاحتلال بشكل متعمد وبتعليمات مباشرة من أعلى المستويات السياسية والأمنية لقادة الاحتلال إجراءاتها العنيفة بحق الأطفال داخل السجون، وتحرمهم من أبسط مقومات الحياة.
وتواصل إجراءاتها التنكيلية والتعسفية بحقهم وابرزها عمليات الاقتحام والتفتيش لغرفهم واقسامهم، اضافة الى استمرار المعاملة السيئة من قبل السجانين، ومحاولة فرض تغييرات مصيرية على واقع الأسرى الأطفال، من خلال محاولتها حرمانهم من إشراف الأسرى الكبار علي شئون حياتهم.
وتعرض سلطات الاحتلال حياة الأطفال للخطر، حيث أصيب الفتى "احمد مناصره" من القدس بفيروس كورونا نتيجة الاستهتار بحياة الاطفال، وكان سبقه اصابه الطفل "محمود الغليظ" قبل اطلاق سراحه بعد 40 يوماً من الاعتقال .
وطالب مركز فلسطين المجتمع الدولي ان يتحمل مسؤولياته، تجاه أطفال فلسطين، وما يتعرضون له من جرائم فاقت كل الحدود، وإلزام الاحتلال بتطبيق المواثيق والاتفاقيات الخاصة بالأطفال لوضع حدّ لعمليات الاعتقال التي تستهدفهم دون مبرر، ووقف ما يتعرضون له من معاناة متفاقمة بشكل يومي.