الحدث- سوار عبد ربه
لو أنك مولود عام 1990 فهذا يعني أنك بلغت من العمر واحد وثلاثين عاما، وكونك فلسطيني ومن جيل التسعينات فهذا يعني أنك لم تلطخ اصبعك في الحبر الأزرق، إلا عندما كنت طفلا تحاول الكتابة بقلم الحبر، مدعيا أنك كبرت بما يكفي لاستخدامه، أما الحبر الذي تغمس سبابتك فيه لتدلي بصوتك في انتخابات رسمية فهذا بالتأكيد لم تستخدمه بعد، رغم أنك كبرت بما يكفي لاستخدامه.
مر على آخر انتخابات فلسطينية 16 عاما، والمولود في السنة الأولى من التسعينات كان عمره آنذاك 15 عاما، ما يعني أن عمره لا يسمح له بالتقدم للإدلاء، فالقانون الفلسطيني لا يسمح لمن هم دون ال17 عاما بالانتخاب.
تساؤلات عديدة قد تدور في بال أبناء هذا الجيل، فماذا يعرفون عن الانتخابات وهل سيعقدون عليها آمالا وطموحات بالتغيير للأفضل، وهل سيشاركون فيها ناخبين أو مرشحين؟
تقول ليان اشتية (25 عاما) عندما قرأت خبر اصدار مرسوم رئاسي عن الانتخابات أحسست بأن شيئا جديدا سيحدث، وسعدت في حينها، فهذه المرة الأولى التي أسمع فيها عن انتخابات ستعقد على مستوى كبير.
وتابعت اشتية: "أنا لم أشارك بأي انتخابات طيلة حياتي، إلا على مستوى الجامعة، وانتخابات البلدية التي تعتبر شبه محسومة، في كل مرة تحدث فيها ولكن على مستوى كبير فلم تحدث الانتخابات، لذلك شعوري أنني سأنتخب للمرة الأولى دفعني للفرح.
وتضيف: "لكن هذه الفرحة كانت سريعة ومؤقته، دون التفكير والإدراك لخبايا الانتخابات التي ظاهرها مفرح وباطنها مقلق، ودار في رأسي سؤال لماذا لم تحدث الانتخابات في السنوات السابقة؟ رغم وجود مبادرات للمصالحة والوحدة منذ زمن، ولماذا عملت السلطة في الفترة الأخيرة على إجراء تعديلات في القوانين والمؤسسات وعلت أشخاص وعينت آخرين؟، ومن السبب في وصول الانتخابات إلى هذه المرحلة المتقدمة، ومن يقف وراءها"؟
وأردفت: "أنا لا أعتقد أنه في ظل الفساد الذي نراه ونعيشه الانتخابات ستصلح شيء بل على العكس ستزيد الأمور سوءا وتعقيدا.
ترى اشتية أن الانتخابات هي اعتراف ضمني من الأحزاب والمشاركين والمنتخبين أننا في دولة لا ينقصها شيء سوى الانتخابات، ولا نعاني من أية مشاكل، لكن الحقيقة ليست كذلك فنحن شعب واقع تحت احتلال، ونعاني من الفساد والبطالة والجوع والفقر، ونصف الشعب يعيش تحت خط الفقر ولا يستطيع تأمين احتياجاته، فلا أعتقد أن الانتخابات ستعنيه أكثر من تأمين لقمة عيشه.
وبحسب اشتية فأن الانتخابات ستحسم 50% للفصيلين الأكبر في فلسطين (حركتي حماس وفتح) فغبي من يعتقد أنه بعد 16 عاما يمكن لحركة فتح أن تتخلى عن نفوذها في الضفة وحماس عن نفوذها في غزة.
وجرت انتخابات عام 2006 انتهت بسيطرة حماس على قطاع غزة ونتج عنها انقسام استمر حتى اليوم.
في المقابل ترى آية مطور (22 عاما) أن الانتخابات هي بصيص أمل للشعب الفلسطيني ويمكنها أن تحسن من الواقع المعيشي والاجتماعي والسياسي للشعب.
وتوضح: " لم تخض فلسطين أي انتخابات منذ آخر انتخابات جرت، ومنذ حينها ونحن على نفس النمط بسلبياته وايجابياته".
وتضيف:"كوني أنا من جيل التسعينات ولم تتاح لي فرصة للانتخابات، كان حدثا مفرحا بالنسبة لي عندما علمت بهذه الانتخابات وأصبحت أحلل مع أقراني ماذا يمكن أن يحدث، كما أنني أشعر أنه سيكون للشباب دور بهذه الانتخابات وكذلك للمرأة".
ووفقا لمطور فإن إجراء الانتخابات في فلسطين هو فرصة لتكريس المبادئ الديمقراطية، والعدالة، والتطور السلمي للسلطة، بعيدا عن الانقسام سيزيد بقاؤه من ويلات الشعب.
أما نغم عيسى (23 عاما) فتقول إنها "ضد إجراء أي انتخابات، طالما نحن تحت احتلال وحدوثها في ظل فقدان السيادة ما هو إلا مسرحية وتمثيلية".
وفي سياق آخر تقول عيسى أن تقارير عديدة تحدثت عن حقوق الإنسان وتطرقت إلى الحالة الفلسطينية في الضفة وغزة وبالتحديد إلى السجون الموجودة عند الطرفين، والتي يذوق فيها السجين أبشع أنواع المعاملة والانتهاك لحقوقه الإنسانية، فكيف ستجري انتخابات ديمقراطية ونحن أنفسنا ننتهك حقوق المواطن، ونعتقله على خلفيته السياسية؟
وتطرح عيسى تساؤلا كيف سنضمن عدم اعتقال أحد كوادر الفصيل المرشح للانتخابات، والذي سيكون مرشح لصالح تيار مخالف للسلطتين، كما تتساءل كيف سنضمن عدم تدخل الاحتلال الإسرائيلي بالانتخابات؟.
وتوضح عيسى أن هذه الأسئلة تدور في بال غالبية الشباب، الذين استنبطوها من خلال المرحلة العمرية التي عاشوها والتجارب التي خاضوها.
وفي جانب آخر تعتبر عيسى أن ثقة جيل الشباب بالفصائل ضعيفة جدا ولا يعول عليها، لكن يمكن لهذه الانتخابات أن تكون فرصة كي تسترجع الفصائل ثقتنا.
وتلخص عيسى تجربة جيل الشباب مع الفصائل بقولها: "لم نر منهم سوى الانقسام والاعتقال السياسي، ونحن جيل وقعت عليه آثار ونتائج الانقسام،على مختلف الأصعدة وخاصة في مجال العمل والتعليم، وحتى الآن لا يوجد فصيل طرح مشروع وطني تحرري يستحق أصواتنا ولم يجب أحد منهم عن تساؤلاتنا".