السبت  11 كانون الثاني 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الغارات الإسرائيلية تكسو غزة بلون دخانها الأسود في ليلة رمضانية ملتهبة

2014-07-08 10:36:09 AM
الغارات الإسرائيلية تكسو غزة بلون دخانها الأسود في ليلة رمضانية ملتهبة
صورة ارشيفية

الحدث- غزة 
أعمدة دخان أسود تتصاعد هنا وهناك، ودوي انفجارات عنيفة ومتتالية تتزامن مع تحليق مكثف وعلى ارتفاعات منخفضة لطائرات حربية ومروحية إسرائيلية، ويتبع كل ذلك أصوات سيارات إسعاف تهرع من المستشفيات والمراكز الصحية إلى تلك النقاط التي توشحت بالسواد في كل أنحاء قطاع غزة.
ذلك المشهد لقطاع غزة، والذي لم يخلُ من عشرات الصحفيين الفلسطينيين، ورجال الشرطة والدفاع المدني الذين انتشروا في الشوارع الرئيسية والفرعية وأزقة المخيمات، الخالية إلا منهم، وتحدو قدرات البشر لتغطية أكثر من 80 غارة شنتها الطائرات والزوارق البحرية والمدفعية الإسرائيلية في أنحاء القطاع.
ولم تشأ نجوم سماء المدينة المحاصرة أن تكون حاضرة في تلك "الليلة الملتهبة"، فالغيوم حجبت بريقها وضوء القمر، لتحوِّل غزة إلى بقعة تسربلت بظلام زاد سواده انقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء كبيرة من القطاع.
وأصيب 22 فلسطينيا، فجر اليوم الثلاثاء، في أكثر من 80 غارة شنتها الطائرات والزوارق البحرية والمدفعية الإسرائيلية على قرابة 50 هدفا متفرقا في جميع أنحاء قطاع غزة، وفقا لشهود عيان ومصادر طبية فلسطينية.
وكما هي منذ بداية شهر رمضان، أفسدت الغارات الإسرائيلية المتتالية على الفلسطينيين طقوسهم الرمضانية، فخشية من تعريض حياة الناس للخطر أغلقت المساجد أبوابها دون أن يحيي المصلون قيام هذه الليلة كعادتهم، وحجب دوي الانفجارات صوت غناء "المسحراتي" الذي فضل المكوث في بيته في كثير من أحياء غزة خشية القصف، ومنعت حالة الهلع التي سيطرت على الفلسطينيين معظمهم من تناول وجبة السحور، وأخيرا غاب الأطفال بـ"شقاوتهم المعهودة" عن صلاة فجر هذا اليوم.
ومنذ بداية شهر رمضان، شنت الطائرات الإسرائيلية عشرات الغارات على مواقع متفرقة من قطاع غزة.
ومطلع هذه "الليلة المشتعلة"، كما وصفها عدد من الفلسطينيين على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، كان استهداف إسرائيل لمنزل في بلدة القرارة شرقي مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة.
وقبل أن تستهدف المقاتلات الإسرائيلية ذلك المنزل بخمس دقائق تردد بين أركانه صوت حملت حروفه نبرة التوتر، قال "اشردوا بسرعة يلا حيقصفوا الدار" (اهربوا بسرعة، هيا سيتم قصف المنزل)، فكان هذا نداء الفلسطيني محمد العبادلة على أفراد عائلته لعلهم ينجون بحياتهم من غارة إسرائيلية قادمة.
"معجزة" كانت وراء نجاة أفراد عائلة العبادلة، فتسعة أشخاص منهم أصيبوا بجروح طفيفة بعد أن قطعوا عدة أمتار بعيدا عن المنزل قبل استهدافه بلحظات.
وتلك المعجزة رافقت سكان 4 منازل أخرى قصفتها الطائرات الحربية الإسرائيلية، ودمرتها بالكامل في شمالي وجنوبي ووسط قطاع غزة.
وأصيب فلسطينيان اثنين بينهما طفل بجروح متوسطة في القصف الإسرائيلي الذي استهدف منزلا لعائلة الزعبوط في حي الزيتون جنوبي مدينة غزة، كما أصيبت فتاة تبلغ من العمر 20 عاما بقصف استهدف منزلها في بلدة بيت حانون شمالي القطاع، وفق شهود عيان ومصادر طبية فلسطينية.
وبين استهداف منزل وآخر كانت هزات أرضية خفيفة تحرك أرض وسماء بيوت الفلسطينيين نتيجة قصف المقاتلات الإسرائيلية لأراض خالية، وأخرى زراعية، ومواقع تدريب تابعة لفصائل المقاومة الفلسطينية في أنحاء القطاع.
وتكفلت أصوات القصف الإسرائيلي وحدها بإصابة 7 أطفال فلسطينيين بجروح طفيفة ومتوسطة بعد أن أمنوا على أنفسهم في فراشهم، فمزقت قطع زجاج نوافذهم التي تحطمت بالكامل أجسادهم الصغيرة.
وفي لحظات كان الهدوء يحاول أخذها من أصوات الغارات الإسرائيلية، كانت تعلو أصوات أخرى لأطفال ورضع أوجعهم دوي القصف، فأصيبوا بحالات من الخوف والهلع ونقل العشرات منهم إلى المستشفيات.
وبين القصف والغارة وفي لحظات هدوء عابرة كان صحفيون ومسعفون ورجال إطفاء ومنقذون يحاولون تناول لقيمات من سحورهم الرمضاني، فأمامهم يوم صيام طويل وعمل شاق ربما لا يتوقف كمثل تلك اللحظات.
ولم تكن أصوات الصواريخ التي تسقط هي الوحيدة التي تُسمع في مدينة الفلسطينيين المحاصرة فعشرات الصواريخ كانت أصواتها تدوي بقوة قبل أن تنطلق من أماكن مختلفة في القطاع باتجاه البلدات الإسرائيلية.
وأعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة "حماس"، عن قصف مستوطنات ومواقع إسرائيلية جنوبي إسرائيل بعشرات الصواريخ.
وقالت كتائب القسام في بيان صحفي وصل "الأناضول" نسخة منه، فجر الثلاثاء: إن "مجاهدينا قصفوا مستوطنة (أوفكيم) بصاروخي غراد، وموقع (العين الثالثة) العسكري الإسرائيلي جنوبي إسرائيل بأربعة صواريخ، بالإضافة لإطلاق عشرات الصواريخ على مواقع في نتيفوت وأوفكيم وأسدود وعسقلان".
وأعلن الجيش الإسرائيلي عن بدء عمليته العسكرية على قطاع غزة تحت اسم "الجرف الصامد" والتي أطلقها يوم الاثنين ضد حركة "حماس" في قطاع غزة لوقف إطلاق الصواريخ من القطاع على جنوبي إسرائيل.
وقال أفيحاي أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، في تغريدة على (تويتر) "أطلق الجيش الإسرائيلي عملية "الجرف الصامد" في قطاع غزة ضد قدرات ومصالح حركة حماس رداً على استمرار إطلاق الصواريخ نحو جنوب إسرائيل".

وها هي "الجرف الصامد" قد بدأت إلا أن أحدا في قطاع غزة لا يعرف متى تنتهي ولا كم التضحيات التي سيقدمها القطاع جراءها.