الحدث الصحي
أظهرت دراسة أن مدى سرعة استجابة الجهاز المناعي للشخص بعد الإصابة بفيروس كورونا يلعب دورا مهما في تحديد شدة المرض.
ودرس باحثو كامبريدج حالات 207 أشخاص ثبتت إصابتهم بـ "كوفيد-19" على مدى 3 أشهر، ووجدوا أن أولئك الذين ليس لديهم أعراض أو حالات خفيفة، لديهم استجابة مناعية قوية بعد الإصابة بفترة وجيزة، ولكن الأشخاص الذين يعانون من الحالات الشديدة والذين تطلب دخولهم المستشفى، يعانون من ضعف في الاستجابة المناعية، ما أدى إلى تأخير وضعف المحاولة لمحاربة الفيروس.
وتتميز هذه الاستجابة للعدوى بالتهاب في العديد من الأعضاء، والذي يحدث فور إصابة الشخص بفيروس كورونا.
ويقول العلماء إن التشوهات في الخلايا المناعية قد تكون وراء الاستجابة البطيئة للعدوى الفيروسية، بالإضافة إلى استجابة الجسم الالتهابية، وقد تساهم في الإصابة بمرض شديد وكذلك "كوفيد الطويل''.
وقال الدكتور بول ليونز، كبير معدي الدراسة من معهد كامبريدج للمناعة العلاجية والأمراض المعدية (CITIID): "تشير أدلتنا إلى أن الرحلة إلى "كوفيد-19" الشديد قد تُحدد مباشرة بعد الإصابة، أو على أبعد تقدير في الوقت الذي تبدأ فيه الأعراض في الظهور. ويمكن أن تكون لهذه النتيجة آثار كبيرة فيما يتعلق بكيفية إدارة المرض، حيث تشير إلى أننا بحاجة إلى بدء العلاج لإيقاف الجهاز المناعي عن التسبب في الضرر في وقت مبكر جدا، وربما حتى بشكل استباقي في المجموعات المعرضة للخطر قبل ظهور الأعراض".
ولا يوجد علاج لـ "كوفيد-19"، ولكن العلاجات تحسنت منذ ظهورها لأول مرة في الصين في نهاية عام 2019.
وقام الباحثون من جامعة كامبريدج بتجنيد مجموعة من الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس، لمعرفة كيف أثرت استجابة جهاز المناعة على تشخيص المرض.
وفي الدراسة، التي لم تخضع بعد لمراجعة الأقران ولكنها متاحة كطباعة مسبقة على medRxiv، حلل الفريق عينات الدم المأخوذة بانتظام على مدار ثلاثة أشهر. وقارنوا العينات بتلك المأخوذة من 45 شخصا سليما.
ووجد الباحثون دليلا على وجود استجابة مناعية تكيفية مبكرة وقوية لدى الأفراد المصابين، الذين كان مرضهم بدون أعراض أو أعراض خفيفة.
وتحدث الاستجابة المناعية التكيفية عندما يتعرف الجهاز المناعي على العدوى، ثم ينتج الخلايا التائية والخلايا البائية والأجسام المضادة الخاصة بالفيروس لمكافحتها.
وأنتج هؤلاء الأشخاص مكونات المناعة بأعداد أكبر من المرضى الذين يعانون من "كوفيد-19" الأكثر شدة، وخلال الأسبوع الأول من الإصابة. وبعد ذلك، عادت الأرقام بسرعة إلى وضعها الطبيعي.
ولم يكن هناك دليل لدى هؤلاء الأفراد على وجود التهاب جهازي يمكن أن يؤدي إلى تلف أعضاء متعددة.
وعلاوة على ذلك، هناك إشارة إلى وجود علامة في اختبارات الدم حول أولئك الذين قد يصابون بـ"كوفيد طويل الأمد". وهذه نتائج مثيرة للاهتمام، ولكن من المهم أن نلاحظ أنه ستكون هناك حاجة إلى دراسة أكبر بكثير لتحديد ما إذا كانت "بصمات'' اختبار الدم التي حددها الباحثون، هي مؤشرات موثوقة لمسار الأمراض، وهل يمكن استخدام هذه المعلومات في اتخاذ قرارات العلاج.
ووجد الفريق أيضا أن الإشارات الجزيئية الرئيسية التي تُنتج استجابة للالتهاب، كانت موجودة في المرضى الذين أدخلوا إلى المستشفى. ويقولون إن هذه العلامات يمكن أن تستخدم للتنبؤ بخطورة مرض المصاب، وكذلك الارتباط بخطر الوفاة من "كوفيد-19".
وتوفر الدراسة أيضا أدلة على الحالات البيولوجية الكامنة وراء مرض "كوفيد الطويل" - حيث أبلغ المرضى عن أعراض المرض، بما في ذلك التعب لعدة أشهر بعد الإصابة، حتى عندما لم يعد اختبارهم إيجابيا للفيروس.
ووجد الفريق أن التغيرات العميقة في العديد من أنواع الخلايا المناعية غالبا ما تستمر لأسابيع أو حتى أشهر بعد الإصابة بـ SARS-CoV-2، وهذه المشاكل تحل نفسها بشكل مختلف تماما اعتمادا على نوع الخلية المناعية.
وبينما يتعافى البعض عندما يتلاشى الالتهاب الجهازي، يتعافى البعض الآخر حتى في مواجهة الالتهاب الجهازي المستمر.
ومع ذلك، تظل بعض مجموعات الخلايا غير طبيعية بشكل ملحوظ، أو تظهر تعافيا محدودا فقط، حتى بعد حل الالتهاب الجهازي وخروج المرضى من المستشفى.
وقالت الدكتورة لورا بيرغامشي، معدة الدراسة الأولى: "بالنسبة لبعض أنواع الخلايا، قد تكون بطيئة في التجدد، ولكن بالنسبة لغيرها، بما في ذلك بعض أنواع الخلايا التائية والخلايا البائية، يبدو أن شيئا ما يستمر في دفع نشاطها. وكلما فهمنا هذا الأمر، زادت احتمالية قدرتنا على علاج المرضى الذين ما زالت حياتهم تتدهور بسبب الآثار اللاحقة لـ "كوفيد-19"".
المصدر: ديلي ميل
وفي المرضى الذين كانوا بحاجة إلى دخول المستشفى، تأخرت الاستجابة المناعية التكيفية المبكرة، وظهرت تشوهات عميقة في عدد من مجموعات الخلايا البيضاء الفرعية.
ويقول الباحثون إن هذا يشير إلى وجود مكون التهابي غير طبيعي للاستجابة المناعية، حتى في وقت قريب من التشخيص لدى الأفراد الذين يطورون مرضا حادا.
وقال البروفيسور ديريك هيل، من جامعة كاليفورنيا، والذي لم يشارك في الدراسة: "وجدت هذه الورقة البحثية أن هناك علامات في اختبارات الدم المبكرة التي ترتبط بالمسار اللاحق للمرض، من الإصابة بمرض خفيف فقط إلى مرض خطير".