الحدث- محمد مصطفى
أضحى الموسم الزراعي الشتوي الذي يوشك على الانتهاء، مهدد بفعل عوامل عديدة، أبرزها الاحتلال واعتداءاته، التي تحرم المزارعين من الوصول لأراضيهم ومتابعتها، إضافة إلى نبتة "الهالوك"، المدمرة، والتي تفتك بالمزروعات وتقلل الإنتاج.
نبتة مدمرة
فالنبتة التي تنتشر بشكل كبير في مزارع وأراضي تقع شرق محافظتي خان يونس ورفح، جنوب قطاع غزة، يربط معظم المزارعين وجودها بالاحتلال، وتوغلاته السابقة في المنطقة.
ويقول المزارع إسماعيل معمر، ويمتلك مزرعة بازيلاء شمال شرق مدينة رفح، إن نبتة الهالوك تعتبر من أكبر التحديات التي تواجه المزارعين، نظراً لتزايد وجودها في المزارع، وانتشارها غير المسبوق في البساتين.
وأوضح معمر أن النبتة لها قدرات عجيبة، فجذورها المتشعبة تلتف حول جذور النباتات الأخرى، خاصة البازيلاء والفول الأخضر والبطاطا، وغيرها من المحاصيل الشتوية، وتمتص الغذاء والماء من حولها، ما يضعف النبتة، وقد يقتلها.
وأشار إلى أن الحقل الذي تنمو فيه عشبة "الهالوك" بصورة كبيرة، يتراجع إنتاجه ما بين 25-50%، وهذا يكلف المزارع خسائر كبيرة.
أما المزارع علي جراد، فأشر إلى أن أول ظهور لـ"الهالوك"، في قطاع غزة، كان عقب عدوان 2006، حين توغلت الآليات الإسرائيلية في مناطق شرق القطاع، بعيد أسر الجندي جلعاد شاليط، ثم بدأت بالانتشار، وبعد العدوان الأخير، ظهرت تلك النبتة بشكل غير مسبوق، خاصة بعد هطول الأمطار بغزارة خلال فصل الشتاء الحالي.
وأشار إلى أن "الهالوك" واعتداءات الاحتلال أفسدا الموسم الزراعي الشتوي، وأضرا بالمزارعين البسطاء، ممن لازالوا يعانون جراء العدوان.
حلول صعبة
وأوضح جراد، أن هذه العشبة الخطيرة المدمرة، يواجهها المزارعون بحلول بدائية، عبر اقتلاعها من جذورها، وجمعها في أكوام ومن ثم حرقها، وهي عملية شاقة ومرهقة، وتطلب عمل متواصل، وفي الغالب تتسبب بأضرار أخرى، فاقتلاع "الهالوك" ذات الجذور المتشعبة، يتسبب في اقتلاع بعض النباتات المفيدة.
وبين أن الحل الأمثل لمواجهة الهالوك وغيره من الأعشاب الضارة، هو "تغييز الأرض"، قبل الزراعة، وهي عملية يتم خلالها وضع غاز زراعي في الأرض، يقتل بذور النباتات، ويقضي على الأمراض في التربة، لكن هذه عملية مكلفة للغاية، ولا يمكن للمزارع البسيط القيام بها، فهو لا يستطيع أساساً ري أرضه بمياه الآبار، ويعتمد على الأمطار، فكيف له شراء غاز مرتفع الثمن.
اعتداءات الاحتلال
والى جانب الهالوك، وما تسببه من أضرار، يواجه المزارعون صعوبات جمة، في التوجه لأراضيهم القريبة من خط التحديد، لجني المحاصيل التي نضجت، وحان تسويقها.
فعملية جني محصولي البازيلاء والفول الأخضر، باتت محفوفة بالمخاطر، مع تصاعد وتيرة إطلاق النار والتوغلات الإسرائيلية في محيط خط التحديد.
وقال المزارع يحيى سليمان، إنه وغيره من المزارعين، باتوا يترقبون ساعات الهدوء وما اقلها، من أجل جني المحصول ونقله للسوق، موضحاً أنهم كثيراً ما يتعرضون لإطلاق النار ويضطرون للفرار.
وبين سليمان، أن جنود الاحتلال يتعمدون التنغيص على المزارعين، فكلما شاهدوا عمال ومزارعين ينتشرون في مزرعة ما، يبدؤون بإطلاق النار عليهم بغية إجبارهم على الفرار.
ولفت سليمان إلى أن جني محصوله، والذي كان من المفترض أن لا يزيد على أسبوع، استغرق أكثر من ثلاثة أسابيع ولم تنته العملية بعد.
يذكر أن مناطق شرق مدينتي رفح وخان يونس، تعبر من أخصب الأراضي الزراعية في قطاع غزة، وأكثرها ملائمة لزراعة معظم أنواع المحاصيل الشتوية والصيفية، والأشجار المثمرة، لاسيما العنب، الذي حقق نجاحات كبيرة في تلك المناطق.
غير أن اعتداءات الاحتلال وعمليات التجريف الواسعة، التي حدثت خلال العدوان، ألحقت ضرراً كبيراً بالمزارعين، ودمرت وخربت آلاف الدونمات، التي كانت تعطي إنتاج سنوي كبير من الخضروات والفواكه المتنوعة.