السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

كورونا انضمت إلى الاحتلال في محاربة التجار في البلدة القديمة في القدس

2021-01-29 08:48:13 AM
كورونا انضمت إلى الاحتلال في محاربة التجار في البلدة القديمة في القدس
ارشيفية

الحدث- سوار عبد ربه

"جائحة كورونا جاءت للاحتلال على طبق من ذهب لتصفية ما تبقى من البلدة القديمة، ولتجفيف جيوب التجار فيها" بهذه الكلمات عبر تاجر التحف الشرقية في البلدة القديمة فرج إبراهيم وزوز عن حال البلدة، في ظل جائحة كورونا التي استغلها الاحتلال بأبشع الطرق لزيادة التضييقات على المقدسيين.

ووزوز، هو تاجر يبيع التحف الشرقية في البلدة القديمة في القدس، وتقدر حجم الخسارة التي تكبدها منذ بداية الجائحة حتى اليوم، 250 ألف شيقل.

وتحتوي البلدة القديمة على 1400 محل تجاري، 45% منها تختص بالتحف الشرقية، وبالتالي تعتمد بشكل مباشر على القطاع السياحي، الذي انتهى عمله بالكامل منذ بداية الجائحة.

ويقول التاجر لـ"الحدث": "معظم البضاعة تضررت، وعندما سأتمكن من إعادة افتتاح المحل، سأضعها في المهملات، لأن السجاد الموجود داخل المحل من المفترض أن يتعرض للتهوية، والشمس بشكل مستمر، والاحتلال لا يسمح لنا حتى بتنظيف المحل".

ويرى وزوز أن القضية ليست شخصية ولا خاصة، فالقضية تعنى بيها القدس والبلدة القديمة بشكل خاص التي تعيش حالة ركود اقتصادي لا مثيل لها، على حد تعبيره.

يريدها الاحتلال خاوية على أهلها

وبحسب التاجر وزوز، فإن البلدة القديمة مستهدفة ككل، والاحتلال الإسرائيلي استغل هذه الجائحة لإغلاقها وضرب اقتصادها وشل الحركة فيها، حتى باتت خاوية على أهلها.

يقول وزوز: "إن الجائحة أثرت على الحالة الاجتماعية وشلت الحركة الإنسانية والاقتصادية بشكل كبير في البلدة القديمة، فانتهت المناسبات والأفراح  وحفلات النجاح  وحتى بيوت العزاء، وهذا ما يريده الاحتلال".

ووفقا لوزوز فإن الاحتلال يغرم كل من يفتح محله بـ 5000 آلاف شيقل والزبون ب 1000 شيقل، ما خلق صراعا بين التجار والاحتلال.

وأشار التاجر إلى بعض المبادرات من المواطنين الذين تعاطفوا مع حال التجار وحاولوا الشراء منهم لو بالقليل، لكن الاحتلال عمل على تخويفهم من خلال الغرامات التي يفرضها على زائري البلدة، مضيفا أنه "لا يعقل أن يأتوا لدعم التجار بـ100 شيقل ويغرموا بأضعاف أضعاف هذا المبلغ".

وتوجهت الحركة التجارية إلى مسؤولي السلطة في القدس والجهات المعنية لمنشادتهم، لكنهم لم يقدموا لهم أي مساعدة تذكر.

ويتابع وزوز: "نحن نسبح لوحدنا ونستصرخ الناس لوحدنا، وطرقنا كل الأبواب، ولا مجيب".

وأهاب التاجر، بالحركة الوطنية في القدس، والمؤسسات، والعشائر أنه في حال فُك الإغلاق عن القدس أن يغيثوا التجار ويتضامنوا معهم، وأن يعيدوا النشاط التجاري واللحمة للقدس.

كما أهاب بخطباء الجوامع أن يعملوا على تنشيط واستفزاز الناس عاطفيا، ووطنيا، ودينيا؛ لإغاثة البلدة القديمة وأهلها وتجارها.

ويصف وزوز حال القدس وكأنها قرية في باطن الجبال، كما يشير إلى أن الكثير من أهالي القدس تضرروا نفسيا، واقتصاديا إلى جانب ارتفاع نسب البطالة في صفوف السكان.

في سياق آخر، يقول وزوز: "إن الاحتلال الإسرائيلي يضخ أموالا ضخمة جدا؛ من أجل أن يستسلم التاجر ويترك محله، لينقض عليه الاحتلال والجمعيات الاستيطانية".

ويوضح فرج وزوز أن حجم المساعدات التي قدمت للتجار خلال الجائحة تساوي صفرا، مضيفا أنه يوجد إهانة للحركة التجارية حيث يقدمون لهم (كرتونة مونة) ويتساءل: "هل هذا يكفي لتاجر يعيل أسرة وعليه التزامات ومصاريف وأقساط مدارس وجامعات؟".

كورونا انضمت إلى الاحتلال في محاربة التجار

وعن أوضاع التجار قبل جائحة كورونا يقول وزوز: "لم نكن بأحسن حال، فكنا نقاوم من أجل الصمود، لكن الآن لا يوجد جهاز مناعة يقاوم كل جراثيم الاحتلال".

ويلخص وزوز وضع الحركة التجارية في القدس قبل جائحة كورونا بالتالي: "قبل كورونا كانت الحركة السياحة مستهدفة، ووزارة السياحة الإسرائيلية هي المسيطرة، حيث كانت تحرض السائحين علينا، ومعظم الذين يترجموا للسائحين صهاينة، يخوفون الناس من التواجد في أسواق البلدة القديمة ويدعون أن التجار يطلبون مبالغ عالية منهم، كنوع من استغلالهم".

ويعاني تجار البلدة من هجمة تحريضية ممنهجة من الأدلاء السياحيين الإسرائيليين الذي يمنعون السياح من الشراء من محلات البلدة القديمة.

من جهة أخرى، أصبحت الناس تخاف من القدوم إلى البلدة القديمة خشية من التفتيشات التي يتعرض لها الزائر للبلدة.

وبحسب التاجر فإن الاقتصاد الإسرائيلي كان منافسا قويا للحركة التجارية، حيث إنهم يبيعون بسعر أقل من الأسعار المعروضة في المحلات العربية في البلدة القديمة، والسبب أن الضرائب والأرنونا التي يدفعها التجار تجعل من سعر القطعة في الجانب الفلسطيني أعلى من الإسرائيلي، ما خلق عدم ثقة عند الزبون، وهذه المشاريع وجدت بدعم من الاحتلال لضرب اقتصاد المقدسيين.

في المقابل يرى وزوز أن ووزارة الساحة الفلسطينية لم تقم بعمل نقيض لهذه التحرضيات، ولم تشجع الناس على القدوم للبلدة القديمة، كما أنه لا يوجد رأسمال وطني قوي ينافس المشاريع الإسرائيلية.

وفيما يتعلق بالضرائب يعمل الاحتلال على تبرئة نفسه، والظهور بمظهر المساعد فيقترح على التجار أن يخصم منهم 3 أشهر، مقابل أن يدفع التاجر سنة كاملة مقدما، الأمر الذي يستعصي على التجار فعله، لأنه بالأساس يمر بضائقة مادية.

وتعتبر إيجارات محلات تجار البلدة القديمة، مرتفعة جدا، تضاف إلى سلسلة الضرائب التي يدفعونها “لبلدية القدس” كضرائب الأملاك أو ما يعرف “بالأرنونا” والتأمين الوطني وضريبة الدخل.

من جهته، أوضح عضو لجنة التجار أحمد دنديس لـ"الحدث" أن البلدة القديمة تعتمد على نوعين من أنواع السياحة وهي الداخلية والخارجية، وفي ظل جائحة كورونا، انتهت السياحة الخارجية، وأثرت بشكل مباشر على القطاع الفندقي والمطاعم وشركات السياحة ومحلات التحف الشرقية.

وتابع: "السياحة الداخلية أضرارها متراكمة منذ إقامة جدار الفصل العنصري، الذي عزل الضفة الغربية وقطاع غزة عن القدس، فأصبح هذا النوع يعتمد على المقدسيين أنفسهم فقط، حتى قدوم، كورونا التي أضرت به".

وأقيم جدار الفصل العنصري عام 2002، ويبلغ طوله 770كم.

ويردف عضو لجنة التجار: "منذ 5 سنوات، في الأحداث الأمنية التي جرت حصل هبوط اقتصادي ولكن ظلت الأحوال تسير على ما يرام، حتى الإغلاق الأول يوم 15 آذار عام 2020".

ويرى دنديس أن هدف الاحتلال، سياسي بحت، والبلدة القديمة تعيش اليوم حالة فقر خانق بسبب الحواجز العسكرية الموجودة على بوابات البلدة القديمة.

وتمنع سلطات الاحتلال غير المقيمين في البلدة القديمة من الدخول إليها ما يشكل انحدارا في الحركة التجارية.

بالإضافة إلى منع المصلين من التوافد إلى ساحات المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، الأمر الذي أدى إلى تحول البلدة القديمة إلى مدينة أشباح، فكانت المحلات تنتعش مع وجود المصلين في شوارع البلدة لكن اليوم باتت مفرغة منهم.

ويقول دنديس: "إن الاحتلال يشن هجمات ضرائبية شرسة، بشكل دوري حتى في ظل جائحة كورونا، ويقتحم الأسواق ويصادر البضاعة ويغلق المحلات".

وبحسب دنديس فإن محلات التحف الشرقية هي الأكثر تضررا لأنها لم تعمل طيلة الفترة الماضية، وحتى لو فتحت المحلات لا يوجد ما يبيعونه.

محاولات للخروج من الأزمة دون جدوى

ويشير دنديس إلى أن خططا كثيرة وضعت لإنعاش الحركة الاقتصادية في البلدة، لكنها فشلت بسبب الإمكانيات الشحيحة والتمويل الضعيف جدا، بخصوص البلدة القديمة والقدس، موضحا أن مشاكلها كبيرة وكثيرة على كافة الأصعدة.

حيث تتعرض القدس لتغيير المعالم، بالإضافة إلى المخططات الهيكلية لحي وادي الجوز والمصرارة، وحي صلاح الدين، إلى جانب تغيير أسماء الشوارع وغيرها من الأفعال التي يمارسها الاحتلال بحق القدس.

ويقول عضو لجنة التجار: "إن المطلوب اليوم ميزانية دولة وتخصيص معاش شهري للتاجر بالإضافة إلى خطة إنقاذ وطنية وإلا ستتدمر البلدة أكثر".

وتطرق دنديس إلى بعض الحملات الشبابية التي جرت لمحاولة إنعاش الوضع الاقتصادي بالبلدة، لكنه اعتبر أنها فشلت بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي عصف بالمواطنين كافة.

وقام بعض النشطاء بحملة "التسوق لو بعشرة شواقل" دعمًا لتجار البلدة القديمة، وجاء في بيان صادر عن الحملة: "تعاطفًا ودعمًا وإسنادًا لتجار البلدة القديمة بالقدس، نطلق حملة التسوق لو بعشرة شواقل، كأضعف الإيمان أن تنزل للسوق وتقوم بجولة لدعم صمود التجار داخل البلدة".

ويقدر حجم الخسائر في البلدة القديمة بملايين الشواقل، وما يقارب 8 ملايين شيقل يوميا.

وقامت لجان الطوارئ في القدس ببعض المساعدات لأهالي البلدة القديمة، لتقليل الأضرار التي وقعت على التجار والمواطنين ككل.

بدورها، تقول مسؤولة مجموعة لجنة الطوارئ في حارة النصارى آدا متري لـ"الحدث": "إن لجنة الطوارئ عملت على توفير مونة للعائلات المتضررة، والتي قل مدخولها بسبب توقف عملها، بالإضافة إلى اعتنائها بالمسنين وتوفير وجبات الطعام لهم".

وتتابع: "قمنا بتعليق منشورات توعوية وإرشادية على أسوار البلدة القديمة من الداخل كي يراها المارة".

أرشيفية

وتوضح متري أنه يوجد تشديد على سكان البلدة القديمة، حيث تنصب الشرطة والجيش خيمة عند كل مدخل وباب يؤدي إلى البلدة القديمة.

وترجع آدا السبب في ذلك إلى كون البلدة القديمة مصنفة كمنطقة حمراء بسبب الضغط السكاني، والتقارب بين البيوت والمحلات والشوارع، وهذا ما تسبب بوجود عدد إصابات كبير داخل البلدة.

وتبلغ مساحة البلدة القديمة 872 دونمًا أي أقل من كيلو متر مربع، ويقطنها ما يقارب الـ40 ألف نسمة.

وتمنع سلطات الاحتلال أي شخص عنوان سكنه ببطاقة الهوية ليس البلدة القديمة من الدخول إليها.

وبحسب متري فإن أهل البلدة أنفسهم، مسموح لهم فقط الخروج إلى العيادات الطبية والبنوك، بسبب الإجراءات المشددة.

وتتفق متري مع كل من دنديس ووزوز بأن البلدة القديمة باتت في ظل جائحة كورونا مفرغة من المارة والزائرين والسياح، ولا روح فيها، فبينما تقوم بمهمتها كمسؤولة لجنة طوارئ في حارة النصارى لا تصادف تجمعات سكانية، حتى في أزقة البلدة.

وترى آدا أن ما يميز البلدة القديمة هو أهميتها الدينية على اعتبار أنها مهد الديانات السماوية، فهي تضم كنيسة القيامة والمسجد الأقصى.

وتقول متري: "إن السياح يقصدونها من مختلف دول العالم، ما يجعل السياحة فيها عالية واعتماد التجار على السائحين مرتفع أيضا، خاصة في ظل وجود عدد كبير من محلات التحف الشرقية  (السنتوارية)".

وتوضح آدا أن فترة كورونا، تعطلت السياحة فيها بسبب الإغلاقات، وتأثر الوضع الاقتصادي، وتدهورت حال التجار كونها لم تعد مقصدا للسياح.

وتزدهر السياحة في البلدة القديمة في مواسم الأعياد، كالميلاد والفصح، وفي شهر رمضان أيضا، حيث يأتيها السائحون من مختلف دول العالم، لإقامة الطقوس الدينية والاحتفال، كل حسب معتقده.