رغم كل التهديدات التي أطلقها رئيس أركان جيش الإحتلال كوخافي في مركز أبحاث الأمن القومي بأن إسرائيل باتت جاهزة عسكرياً وسياسياً لوحدها لشن حرب شاملة على محور المقاومة من طهران إلى قطاع غزة ،وبأن إسرائيل تعرف مخازن ومرابض ومواقع الصواريخ الدقيقة في لبنان وقطاع غزة وبأنها ستقوم بتدميرها غير أبهة بحياة المدنيين،رغم قوله بأنها ستحذرهم من مغادرة المناطق التي تتواجد فيها الصواريخ قبل القصف.
إسرائيل كقاعدة متقدمة للقوى الإستعمارية في المنطقة وفي مقدمتها امريكا ودول الغرب الإستعماري، والتي تحرص على وجودها وتفوقها العسكري، بل ومنحها حقاً حصرياً بتدمير أية قدرات علمية وبحثية وعسكرية عربية وإسلامية، يمكن ان تشكل تهديداً لتفوقها العسكري او تشكل خطراً على كيانها ،واسرائيل لا تنطبق عليها قوانين وقرارات الشرعية الدولية،بل تُطبق بما يخدم مصالحها واهدافها،فهي لها الحق في زمن الذل والمهانة والإنهيار للنظام الرسمي العربي،الذي انحطاطه وإنهياره وتبعيته أوصلته،ليس فقط لمرحلة الفجور التطبيعي العلني مع دولة الإحتلال، بل إلى إقامة تحالف استراتيجي أمني وعسكري معها،يشمل نشر إسرائيل لقببها الحديدة في دول المحميات والمشيخات الخليجية واجراء المناورات العسكرية المشتركة جوية وبرية وبحرية وإقامة اسرائيل قواعد عسكرية لها في تلك المحميات،بما يمكنها من السيطرة على الممرات البحرية البحر الأحمر وباب المندب وبحر العرب ومضائق تيران وقناة السويس،ناهيك عن تبادل المعلومات الأمنية... إسرائيل تعتقد بأن ما يتوفر لها الآن من ظروف ووقائع ومعطيات وتحالفات،قد يوفر لها فرصة مؤاتية لكي تفرض شروطها في إطار هذه الحرب النفسية التي يشنها كوخافي ويستهدف تحقيق جملة من الأهداف سنأتي على ذكرها في المقالة،ولكن على كوخافي أن يتذكر جيداً بأن ايران ومحورها وامتداداته وتحالفاته وقدراته العسكرية وإمكانياته على المواجهة والصمود وايقاع خسائر كبيرة تلحق بجيش الإحتلال ومجتمعه ودولته كبيرة جداً،وقوى هذا المحور باتت متمرسة في الحروب والمعارك، ولديها من الكفاءة والجهوزية الشيء الكثير،وكوخافي يدرك جيداً بأن جيشه وقواته العسكرية بكل إمكانياتها وجبروتها ومشاركة امريكا وقوى الغرب الإستعماري لها في العدوان والتواطؤ من قبل دول النظام الرسمي العربي، لم يمكنها من هزيمة المقاومة اللبنانية وفي مقدمتها حزب الله اللبناني في حرب تموز العدوانية /2006 والتي استمرت 33 يوماً حيث استجدت فيها إسرائيل الدول الكبرى ومجلس الأمن الدولي من اجل وقفها،في وقت كانت فيه قيادته ومندوب امريكا في الأمم المتحدة انذاك المتصهين جون بولتون يقولون ومعها المشيخات الخليجية،اسرائيل لن توقف الحرب العدوانية حتى تحقق اهدافها،وأثبتت تلك الحرب لقيادة كوخافي بأن اسرائيل شعبها غير قادر على العمل تحت النار.
اسرائيل عملت على تدمير مفاعل تموز العراقي ووضعت حداً لطموحات العراق النووية المتواضعة في ظل صمت دولي وعربي مطبق تاكيداً على قولنا بان اسرائيل دولة فوق القانون الدولي بحماية امريكية واوروبية غربية،اوروبا الغربية التابعة لأمريكا والتي تبيع أمتنا وشعوبنا العربية والإسلامية وفي المقدمة منها الشعب الفلسطيني الأوهام،وفي الجانب العملي والفعلي تقف الى جانب دولة الإحتلال.
كوخافي يؤكد على ان إسرائيل ستستمر في سياسة المعارك بين الحروب،ويقول بأن ذلك ضروري من أجل وقفة انشطة وتموضع ايران في سوريا والعراق ونقل أسلحة وصواريخ دقيقة لحزب الله وجماعة الحوثيين في اليمن.
كوخافي كنوع من " الفنتازيا" الكلامية و" الببروغندا" يتحفنا القول، بأن اسرائيل ستكون المالكة لزمام الأمور في الحرب العدوانية التي ستشنها من حيث توقيت البدء والنهاية،فهي ستكون لديها السيطرة الكاملة في الميدان،ومن بعد إنجاز المهمة وتدمير قدرات محور المقاومة من قدرات نووية وصواريخ باليستية ومخازن ومرابض للصواريخ، سيوقف تلك الحرب،دون أن تتحول الى حرب طاحنة وعسكرية مفتوحة،ورهانه فقط ليس على قدرات دولته العسكرية ومشاركة امريكا لها في الحرب،بل في الحلف الكرتوني مع مشيخات الخليج النفطية ،وهو يدرك تماماً بان تلك المشيخات وفي تقدير لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية" السي آي آيه" بأن تلك المشيخات لن تصمد امام القوة العسكرية الإيرانية على أبعد تقدير عدة أيام،وبأن امريكا لو كانت جاهزة وقادرة على شن الحرب على ايران لقامت بذلك في عهد الأرعن ترمب، وليس في عهد بايدن صاحب القوة الناعمة الذي يميل للإستعاضة عن الحروب والحصار والعقوبات بالمقايضة.
ويذهب كوخافي في خياله الى هو أبعد من ذلك،لكي يقول ويرسم لنا في خياله الجامح أعداد المدنيين الإسرائيليين الذين سيقتلون جراء تعرض اسرائيل للقصف بالصواريخ من العراق وسوريا وغزة واليمن..ودول وحركات محور المقاومة كل ترسانتها من السلاح، بما فيها الصواريخ الدقيقة لن تنجح في إطلاقها على هدف استراتيجي اسرائيلي واحد ... ولن تقتل عسكري صهيوني واحد فهم لديهم حماية "ربانية"؟؟.
كوخافي الذي دولته أصبحت تحت القيادة المركزية للجيوش الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا وضمن نطاق عملياتها بقرار من الرئيس الأمريكي المتصهين ترامب في آخر أيامه في الحكم، وحل ضيفاً على دولته امس الخميس في زيارة لمدة يومين قائد تلك القيادة المركزية كينيث ماكنيزي،والزيارة تأتي في إطار تعزيز العلاقات الإستراتيجية بين الدولتين وتعزيز أمنها القومي والحفاظ على تفوقها العسكري،وبحث تعزيز التعاون الإقليمي في مواجهة التهديدات المستجدة،والمقصود هنا ايران وملفها النووي ومحور المقاومة على وجه التحديد.
في رأي هناك جملة من الوقائع والمخاوف دفعت بكوخافي للإعلان عن هذه الخطط والتصورات منها ما هو مرتبط بالداخل الإسرائيلي ومنها ما هو خارجي،وفي صلب تلك المخاوف ،الخوف من عودة امريكا الى الإتفاق النووي مع ايران.وكذلك نقل رسائل طمأنة الى حلفاء دولة الإحتلال الجدد،من المهرولين والمطبعين العرب،ومحاولة شد ازرهم، على ضوء احتمال تغير السياسة الأمريكية تجاههم،حيث عمد بايدن الى تجميد صفقة طائرات أف 35 الى دولة الإمارات وصفقة ذخائر دقيقة ومتقدمة الى السعودية،وكذلك كنوع من الحرب النفسية على دول وحركات المقاومة في ضوء ما تحقق من إنجازات وانتصارات في سوريا والعراق واليمن،وبان اسرائيل لن تسمح بالإستثمار السياسي لتك الإنتصارات وانها جاهزة للعودة للعمل في الميدان لمنع ذلك،وبالمقابل هو يريد ان يطمئن المجتمع الصهيوني بان اسرائيل لديها من القوة العسكرية الذاتية القادرة على الدفاع عن نفسها وحماية وجودها،وتستند الى حلفائها الجدد ،حيث بنت تحالف عسكري امني مع العديد من دول النظام الرسمي العربي المنهار تشاطرها مخاوفها ورؤيتها واستراتيجتها،بأن الخطر عليها وعلى عروشها ومصالحها وامنها واستقرارها يتأتى من ايران ومحورها.
اسرائيل كما قلت باتت دولة غير قادرة على حسم الحروب من بعد حرب تموز/2006 وكذلك غير قادرة على خوض حرب استنزاف،واسرائيل اذا ما فكرت بشن حرب ،فلربما تلعب بالنار وتحفر قبرها بيديها،وايران لم يتأخر ردها على تهديدات كوخافي بتدمير قدرات ايران النووية ،حيث قال رئيس هيئة أركانها شكارجي ،في حالة نفذت اسرائيل تهديداتها فإننا سنحرق تل أبيب وحيفا ونسويهما في الأرض.