الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

هل ينجح الصحفي الفلسطيني بتغطية متوازنة للانتخابات المقبلة؟

2021-01-31 09:03:24 AM
 هل ينجح الصحفي الفلسطيني بتغطية متوازنة للانتخابات المقبلة؟
حنا ناصر

الحدث - ضحى حميدان

جولة جديدة ونوعية من الانتخابات التشريعية على وصولٍ قريب خلال أشهرٍ قليلة قادمة، تترقبها الوسائل الإعلامية بشغف كبير، بعد غيابٍ دام لعقدٍ ونيِّف، حرمها فرص التعرض لتجاربَ تغطية انتخاباتٍ غنية بالمعنى الحقيقي، كما هو الحالُ في دول الأخرى.

لكن المدة الطويلة التي استغرقتها الانتخابات حتى يعاد تكرارها منذ 2006 وحتى اللحظة، سببت فجوة في الخبرات لضمان التغطية الإعلامية المتوازنة، الخاصة بالانتخابات، ومن المتوقع أن يقع الصحفيون غير المتمرسين في فخ أخطاءٍ قد يكون سببها الأساسي قلة الاطلاع على مجريات الانتخابات بطرقها وقوانينها.

الحدث توجهت لمجموعة من ذوي الخبرة في التغطية الانتخابية، وسلطت الضوء على الحلول الممكنة لتفادي الأخطاء  التي قد يقع فيها الصحفي أثناء التغطية الانتخابية.

بهذا الخصوص يقول الصحفي والمدرب في قضايا الانتخابات في فلسطين والبلدان العربية وليد بطراوي، إن الصحفي بالأساس هو مواطن له رأيه السياسي التي لا أحد يجبره عن التخلي عنه، لكن المفارقة تكمن بألّا تظهر هذه الآراءُ في كتاباته وتغطيته الصحفية خاصة في موضوع الانتخابات، لأن الصحفي يختلف عن المواطن العادي فهو مُقيدٌ بمجموعة من المعايير المهنية التي عليه أن يبذل الجهد الأقصى لتطبيقها، كالالتزام بالحياد مثلاً، الذي يعني ألّا يعبر الصحفي عن آرائه الشخصية وإنما يعبر عن آراء الناس، ومع ذلك يرى بطراوي أنه منذ إعلان الرئيس عن المواعيد المتوقعة لإجراء الانتخابات بدأ العديد من الصحفيين بكتابة آرائهم الشخصية عن الموضوع بالرغم من عدم توافر معطيات كافية حتى اللحظة عن أسماء قوائم مرشحة أو أشخاصٍ بعينهم.

ويؤكد بطراوي في حديثه أن رأي الصحفي بالانتخابات ذاتها أو قانونها أو طرق تشكيل القوائم فيها بانتقادٍ يعتمد على جملة من الحقائق لا مشكلة فيه، ولكن قبل الخوض في غمارِ هذه التجربة، عليه أن يدرس القانون قبل تعديلاته وبعدها، وأن يكون على اطلاعٍ بمجريات سير العملية الانتخابية والنظام المتبع فيها، كأن يقول إن المتبع سابقاً كان النظام المشترك الذي كان يعتمد على كذا، الآن صار نظام القائمة الواحد الذي مميزاته ومشكلاته كذا، بالتالي عندما تقدم هذه المعلومات للناس كحقائق يكون الخيار للمتلقي أن يقرر رأيه الخاص حسب المعطيات التي شرحها وقدمها الصحفي له. 

مثال ذلك ما جرى في الانتخابات الأمريكية، فالعديد من وسائل الإعلام توجهاتها السياسية واضحة، لكنها لم تقل للناخب الأمريكي انتخب بايدن ولا تنتخب ترامب مثلاً، لكنهم عملوا على تقديم حقائق ومقارنات بين البرنامجين الانتخابيين وفق المعطيات الحقيقية، وكان على الجمهور بعدها أن يقرر لمن سيصوت، لذلك إن كان الصحفي يرى أن قائمةً معينة ليست على مقدار من الكفاءة للدخول في ساحة الانتخابات، ليس عليه قول ذلك حرفياً، إنما عليه أن يقدم براهين وحقائق واضحة للجمهور ويترك الخيار له وفقها. 

ولفت بطراوي إلى أن المعايير الدولية في قضية الانتخابات واضحة وبينة للصحفيين، كذلك هناك مدونات سلوك وطنية متوفرة يمكن للصحفي الاطلاع عليها، لكن الواضح أن هذه المعايير ليست عابرة للحدود بمعنى أن لكل بلدٍ قوانينها الخاصة فيما يتعلق بالانتخابات، وهناك خطوط عريضة مُتفق عليها.

 وفي الحالة الفلسطينية مثلاً، هناك أخطاء عديدة قد يقع فيها الصحفي، ومن ذلك أنه يمنع على الإعلام أن يقود حملة انتخابية أو يكون جزءا منها، ومن الممكن أن يتعرض الصحفي لهكذا عرض وثم ينساق تباعاً لهذه الحملة مقابل المال، فيروج لها وكأنه صار موظف تسويقٍ فيها، وربما تتبنى إحدى القوائم شعاراً معيناً ويكون الصحفي مؤيدا لهذه القائمة فيرتدي شعارها وعند تنقلاته للتغطية الصحفية سيُبدي هذا الفعل تأييده الواضح لهذا الحزب ويصبح الأمر كترويجٍ غير مقصود، لذلك على الصحفي الحذر.  

ولا يقتصر الأمر على الالتزام بالمعايير خلال التغطية الصحفية الميدانية، بوجود وسائل التواصل الاجتماعي في انتخابات عام 2021 سيجعل الأمر مختلفاً جداً عن سابقتها في 2006، وسيشكل تحديا أمام الصحفيين، ويحذر بطراوي مما ستؤول إليه الأمور في حال تهاون الصحفيون في التعامل مع هذه الوسائل، ويشبِّه ذلك بقوله إن الكثير من الصحفيين غير المتمرسين سيسقطون كأوراق الشجر المتهالك، إن لم يفرقوا خلال تغطيتهم بين عملهم كصحفيين وتحولهم لناشطين على هذه المنصات، ويبدو أن البداية غير مبشرة بهذا الخصوص، والعديد من الصحفيين سيرسبون بامتحان الانتخابات حيث بدأت آراؤهم الشخصية تظهر على هذه المنصات، وإن كان الصحفي يريد أن يشكل رأياً عاماً حول قضية معينة فليعرض الحقائق لجمهوره التي ستكون كفيلة بتشكيل هذا الرأي - حسب قوله - .   

ويطرح بطراوي تجربته في انتخابات 2006، معلقاً بالقول إنه بالرغم من عدم وجود وسائل التواصل الاجتماعي كما هو اليوم، إلا أن الخطأ الذي حصل تعلق باستطلاعات الرأي التي جاءت مخالفةً تماماً لما هو على أرض الواقع، لأن الناخب الفلسطيني أخفى صوته الحقيقي خوفاً من الملاحقة السياسية، ويرى بطراوي أن على الصحفيين الحذر أثناء التعامل مع استطلاعات الرأي الفلسطينية، التي لن تكون نتائجها دقيقة كما في انتخابات الدول الخارجية، وهذا ليس تقليلاً من شأنها وطريقة عملها، إنما لخصوصية الحالة الفلسطينية، وخوف المواطن من الإدلاء الصريح باسم الحزب الذي صوت له.

 تحدٍّ آخر قد يكونُ محورياً، بحسب بطراوي، يتمثل بإنصاف الإعلام الرسمي لكافة القوائم المشاركة بالانتخابات وإن اختلفت توجهاتها مع سياسته، والتساؤلات تدور الآن حول تمكن الإعلام الرسمي الفلسطيني من توفير فرصٍ متساوية للقوائم كونه مجبرا بقانون الانتخابات على ذلك، ولكن التجربة والأيام القادمة هي الوحيدة الكفيلة ببيان ذلك، ومن الجدير بالذكر أن التلفزيون الفلسطيني الرسمي خصص مساحةً كافية لحماس مثلاً في انتخابات عام 2006 حسب قول بطراوي.

على الصعيد ذاته، يقول بطراوي: "إن الإعلام الرسمي مجبرٌ بالقانون على ضمان تغطية متساوية لكل الأحزاب، إلا أن الإعلام الخاص غير ملزم بذلك، ولكن هنا يأتي دور الإعلام في توعية وإرشاد الناس حتى لو كان خاصاً، بأن تكون التغطية على قدر المساواة لجميع القوائم، وأيضاً توعية الناس بطريقة الانتخاب ومجرياتها، أين تقع مراكز الاقتراع؟ وكيف تجري عملية التصويت وما شروطها؟ كيف تعتبر هذه الورقة لاغية وتلك صالحة، إضافة لخلق مقارنات بين البرامج الانتخابية من خلال فحص واقعيتها وهل هي قابلة للتحقيق؟ واضحة وقابلة للقياس والتنفيذ في إطار زمني معلوم؟ وهكذا يصنع الإعلام التحدي بين هذه البرامج، ويجعل للمواطن قرار الاختيار".

وبالنسبة لبطراوي، فإن الأهم، أن تأخذ وسائل الإعلام المحلية على عاتقها توفير دورات تدريبية للصحفيين، وحثهم على عدم البحث عن الشهرة والإعجابات والمال لأن هذا يفقدُ الصحفيين مصداقيتهم، ويخسر الجمهور ثقته فيهم لاحقاً.

 ويرى مدير مركز مدى لحريات الإعلام موسى الريماوي أن وسائل الإعلام على اختلاف توجهاتها رسميةً كانت أو خاصة، تبقى أكثر مهنية وأقل خطأً من وسائل التواصل الاجتماعي، التي ستكون أقل انضباطية، وبالتالي على الصحفي الحذر في التعامل معها وأن يلتزم بالمهنية، لأن هناك مخاوف كبيرة من انتشار الشائعات والأنباء الكاذبة، خاصة في ظل التسابق على السبق الصحفي، وهو بالتأكيد ليس مبرراً للوقوع في فخ الأخبار المضللة.

وأضاف: "والأهم من ذلك كله، هو ضمان ألا تُنتهك حرية الصحافة خاصة في فترة الانتخابات، عندما يجب أن تكون الحرية سقفها السماء وبأعلى الحدود، من قبل السلطتين في الضفة وغزة، بمعنى أنه من الفارغ أن تبدأ انتخابات بعد انتظارٍ طويل، دون ضماناتٍ لحرية الصحافة وعدم الملاحقة، ودون تسهيلات في الحصول على المعلومات، للحديث عنها وعن المرشحين، وطبعاً هذه الحرية ضمن المعايير الدولية للصحافة، بحيث لا يقوم الصحفي بالتحريض على العنصرية أو الكراهية ضد مرشح معين تحت مظلة الحرية".