بعد أيام، ستعقد الفصائل اجتماعا واسعا ووجاهياً في القاهرة للاتفاق حول الانتخابات المزمع عقدها في أيار المقبل. وحتى لا نكتفي بانتقاد الشعارات العامة والمصطلحات الفضفاضة ما بعد الاجتماع، يجب الإشارة لمجموعة من الأسئلة الاستراتيجية التي يجب أن يوفر لها اجتماع القاهرة إجابات واضحة ولا تقبل التأويل.
- ما هي المرجعية السياسية لهذه الانتخابات؟ هل انتخابات المجلس التشريعي منسلخة عن منظمة التحرير وإذا كان الأمر كذلك، كيف يستقيم القول بأن أعضاء المجلس التشريعي القادم هم أعضاء في المجلس الوطني عن الأرض المحتلة عام 1967؟ وإذا كانت انتخابات المجلس التشريعي جزءاً أصيلاً من عملية إعادة بعث الروح في مؤسسات منظمة التحرير التي طال انتظارها، هل ستعتبر التنظيمات والقوائم المشاركة في انتخابات المجلس التشريعي جزءاً من المنظمة؟
- بما أن أعضاء المجلس التشريعي هم أعضاء في المجلس الوطني لمنظمة التحرير، كيف يمكن تبرير التباين في الحد الأدنى المقبول لعمر المرشحين، بحيث لا يحق لمن هم دون سن الثمانية والعشرين الترشح للمجلس التشريعي بينما يحق لمن هم في سن الواحد والعشرين الترشح للمجلس الوطني؟ ألا يرى المجتمعون أن هذا التباين والانفصام في المرجعيات قد يفتح الباب واسعاً على الطعن بالعملية برمتها؟
- كيف للانتخابات المقبلة أن تكون فعلاً حرة وديمقراطية في ظل اشتراط الاستقالة وقبول الاستقالة لكل من يريد الترشح من المجتمع المدني والجامعات وغيرها من المؤسسات؟
- ما هي الضمانات التي سيقدمها المجتمعون، وخاصة حركتا فتح وحماس، لتوفير بيئة آمنة ومناسبة للمرشحين خارج القوائم الرسمية الخاصة بهم وبالفصائل الأخرى؟
- كيف سيتم حل إشكالية تضارب القوانين وتعدد المرجعيات القضائية والأزمة العميقة التي يكابدها قطاع العدالة نتيجة تدخل السلطة التنفيذية في عمله؟ ما هي الصيغة التي من خلالها سيقنع المجتمعون الرأي العام الفلسطيني أن محكمة الانتخابات التي سيتم تشكيلها هي حقاً مستقلة ونزيهة وغير خاضعة للتدخل السياسي والأمني؟
- من هي الجهة التي ستحفظ أمن الانتخابات والناخبين وهل سيكون ممكناً تأمين الانتخابات خارج معادلة الحفاظ على الوضع الانقسام القائم؟
- كيف سيتم معالجة الخطاب المضلل حول نسبة تمثيل المرأة وضمان أن يكون التمثيل الفعلي في المجلسين التشريعي والوطني هي ثلاثين بالمئة كما نصت قرارات المجلس الوطني (وليس فقط في قوائم الترشيح)؟
- ما هي الخطوات العملية للتحضير لانتخابات المجلس الوطني، بما في ذلك تسجيل الناخبين، وما هي الجهة المستقلة التي ستشرف على هذه الانتخابات؟
- هل ستتعهد الفصائل باحترام نتيجة الانتخابات وتسليم كل مقاليد الحكم للقيادة المنتخبة، بما في ذلك الأمن والمال؟
- أخيراً وليس آخراً، كيف سيتم معالجة الخلل القانوني في مرسوم الانتخابات الذي ينص على انتخاب رئيس دولة فلسطين، في حين أن المشاركين في هذه الانتخابات هم فقط من أهل الأرض المحتلة عام 1967؟
يدرك السياسيون الفلسطينيون أن خذلان الشعب الفلسطيني مرة أخرى فيما يخص الانتخابات سيكون له عواقب لا تحمد عقباها، خاصة وأن الشارع الفلسطيني وصل إلى درجة غير مسبوقة من الغليان والغضب والإحباط من حالة التردي التي وصلت إليها المنظومة السياسية برمتها وبكل أطيافها. لكن ما يجب أن يعلموه جيداً هو أن عقد الانتخابات لا يعني بالضرورة توفر شروط حرية الاختيار أو احترام أسس الديمقراطية. فحتى الدول القمعية تعقد انتخابات وتتغنى بعرس "الديمقراطية".
ليس المطلوب أو المرغوب أن تتحور الانتخابات إلى استفتاء ما على تحالف فصائلي تحت شعارات رنانة عن الوحدة لأن ذلك لن يحقق سوى تعميق الأزمة الراهنة وتكريس عناصر انفجارها. المطلوب هو التقدم بما يقنع الناخب الفلسطيني أن المضي قدماً للانتخابات يعكس التزاما حقيقياً بالانصياع لقرار وإرادة الناخب الفلسطيني الذي لا شك يريد فرصة طال انتظارها لجردة حساب ومحاسبة حان وقتها.