الحدث- محمد مصطفى
أجبرت أزمة الكهرباء الخانقة وغير المسبوقة، التي عصفت بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، على مدى ثلاثة أيام متتالية، المواطنين للعودة لحلول وبدائل بدائية وخطرة، من أجل توفير الحد الأدنى لإنارة منازلهم، وتنفيذ بعض الأعمال المنزلية.
فلم يجد معظم المواطنين سوى الشموع ومصابيح الكيروسين، لمواجهة الأزمة، التي حولت حياتهم إلى مزيداً من المعاناة.
خيارات قسرية
ويقول المواطن محمود شقفة، إنه ورغم تجهيز منزله بشبكة إنارة بمصابيح موفرة للطاقة "لدات"، وبطاريات صغيرة، إلا أنه وجد نفسه مضطراً للاستعانة بالشمع رغم خطورته.
وأوضح شقفة ويبلغ من العمر "29عام"، إن الكهرباء كانت تصل ثلاث ساعات فقط كل 24 ساعة، وهي فترة قصير لا تكفي لشحن البطاريات، وحتى لو تم ذلك، فإن أقصى فترة إنارة ممكن أن توفرها البطارية للمصابيح لا تزيد على ست ساعات.
وأكد شقفة أنه اتخذ كل إجراءات الأمان المتعلقة بإشعال الشموع، بدءً بوضع الشمعة في وعاء معدني، ومروراً بإبعادها عن كل المواد القابلة للاشتعال، وليس انتهاءً بمراقبتها على الدوام، نظراً لخطورتها الشديدة.
أما المواطن إسماعيل حسنين، فأكد أنه التجأ لمصباح يعمل بوقود الكيروسين، كان هجره لسنوات طويلة، بعد تعذر توفير بدائل أكثر أمناً.
وأوضح حسنين، أنه كان يضطر لإشعال المصباح عند نفاذ الطاقة من البطاريات، وكان خلال فترة إشعاله يبقي بعض النوافذ مفتوحة رغم البرد، خوفاً من شعور أبنائه بالاختناق، نظراً للرائحة الكريهة التي يخلفها احتراق الوقود المضيء.
ولفت إلى أن إشعال المصباح المذكور كان حلاً إجبارياً، نظرا لطول فترة انقطاع الكهرباء، وانعدام أية بدائل أخرى.
حياة بدائية
أما المواطن، محمد عيد، فأكد أن الشركة وفرت الكهرباء لمنزله من الساعة الثالثة فجراً وحتى السادسة صباحاً، وهي فترة الكل يكونوا فيها نيام، ما حرمهم من استغلالها.
وأكد عيد أن زوجته التي انتظرت الكهرباء لـ 30 ساعة متواصلة، وجدت نفسها مضطرة للجوء لبدائل بدائية في الغسيل وإنضاج الخبز، فغسلت الملابس يدويًا، وأعدت الخبز على النار، لكن ثمة أعمال أخرى لا يمكن انجازها بلا كهرباء.
وبين عيد أن أزمة الكهرباء الأخيرة، تسببت في زيادة معاناة المواطنين، متهماً الشركة بسوء إدارة الأزمة، فالكمية التي كانت متوفرة لم توزع بشكل عادل، وثمة مناطق حظيت بوقت أطول من الكهرباء على حساب مناطق أخرى.
أما الفتى محمد أبو سالم، وكان يتجول في الشوارع وقرب البقالات، باحثاً عن الورق المقوى "كرتون" ليوفره لوالدته، التي اضطرت للذهاب إلى منزل الجيران، اللذين يمتلكون فرن طين، لإنضاج الخبز.
أبو سالم أكد أن والدته طلبت منه وشقيقه الأصغر، التوجه إلى البقالات والشوارع ليبحثوا عن كرتون أو أخشاب، وأي مواد قابلة للاشتعال، من أجل إشعال الفرن وإنضاج الخبز، مؤكداً أن هذه أول مرة تضطر فيها والدته انضاج الخبز بهذه الطريقة.
فساد أطعمة
واشتكى مواطنون من فساد أطعمة ولحوم ودواجن كانوا يخزنوها في ثلاجاتهم، جراء الانقطاع الطويل للكهرباء.
وقال المواطن عوني جمعة، إنه اضطر للتخلص من كمية من اللحوم والبازيلاء التي قامت والدته بتجميدها حديثاً، إضافة إلى مواد غذائية أخرى، بعد أن تعرضت للتلف بسبب أزمة الكهرباء.
وأوضح جمعة، أن الأزمة التي لم تشهد المدينة الحدودية مثيلاً لها منذ عقود، أثرت على مختلف مناحي الحياة، وأجبرت العائلة للجوء لوسائل بدائية، وألحقت بها خسائر مادية، متسائلاً: هل الشركة التي تسارع بقطع التيار عن كل متخلف عن الدفع، مستعدة لتعويض الناس عن خسائرهم؟.
يذكر أن مدينة رفح، تعتمد بصورة كلية على الكهرباء المصرية، التي تصلها عبر ثلاث خطوط، وقد غرقت المدينة في ظلام دامس، فور تعطل محطة كهرباء العريش.