د. تيسير عمرو: لا نتدخل في حكم القضاء.. والأسعار الاسترشادية تمت بالتوافق مع الجميع
حاتم عويضة: هنالك استقرار في الأسعار نتيجة ضعف القوة الشرائية وعدم توفر رواتب شريحة من المواطنين
هنية: التجار لا يخشون من العقوبات بسبب تمسك القضاء بالقانون القديم لعام 1960 وعدم تطبيق العقوبات الجديدة والمواطن ينفق أكثر من ضعف راتبه
التجار: رفعنا الأسعار ورمضان فرصة لنا لتحقيق الأرباح
الحدث خاص - سراب عواد وعبير إسماعيل
أسعار مرتفعة.. وقدرة شرائية متدنية جدا.. ورقيب بلا رقابة.. وقانون لا يطبق.. وكل يبيع على ليلاه.. بهذه الكلمات توصف حالة السوق الفلسطيني في معظم محافظات الوطن خلال شهر رمضان المبارك، فالمواطن يشتكي رفع الأسعار والغلاء، والتاجر يشتكي تدني القدرة الشرائية، والحكومة تضع لائحة الأسعار الاسترشادية كحل ومساهمة في ضبط السوق.. لكن لرمضان الخصوصية الأكبر.
علاوة على ذلك، يحسبُ على المواطن الفلسطيني على مر الأعوام السابقة، شراءه لكميات مضاعفة من ااحتياجاته في رمضان، رغم وضعه الاقتصادي الصعب، حتى لو اضطره ذلك الحصول على قرض قبل الشهر الكريم.
الارتفاع طال هذا العام أسعار الخضار واللحوم والدواجن، في حين أن وزارة الاقتصاد الوطني أصدرت أسعارا استرشادية لأهم السلع الاستهلاكية الرئيسية، غير أن عددا من التجار لم يلتزم بهذه الأسعار بحجج عديدة، منها سعر المصدر مرتفع، ويعزو بعض أصحاب المحال التجارية والبسطات السبب في ارتفاع الأسعار إلى تزايد الطلب من قبل المستهلكين، وهو أمر يدفع أصحاب المحال إلى رفعها، فهذا سوق موسمي ويجب استغلاله على حد قولهم، مشيرين إلى أن هذا يحصل في كل عام وليس هذا العام فقط.
المواطنون يطالبون الحكومة ممثلة بوزارة الاقتصاد مراقبة الأسعار، والإشراف عليها، ومراقبة سلوك بعض التجار من الذين يستغلون مثل هذه المناسبات في رفع الأسعار، أو التلاعب بها في سبيل جني أرباح طائلة، بذريعة الغلاء، والاكتفاء بالربح البسيط أسوة بالأشهر الأخرى.
تقول المواطنة أم خالد (44) عاماً لصحيفة « الحدث»، أثناء جولة قامت بها في أسواق مدينة رام الله: «إن ارتفاع الأسعار بهذه الطريقة أمر معيب، وخاصة في شهر رمضان المبارك، ففي الدول الأوروبية، على سبيل المثال، تقوم معظم الأسواق والمحلات التجارية، بتخفيض أسعار السلع والبضائع، قبل أعياد الميلاد، احتفاء بالمناسبة، بينما نجد المسلمين يقومون بعكس ذلك تماماً، وهذا يعني أن الدين شيء والأخلاق شيء آخر، معتبرة الغلاء جريمة إنسانية وأخلاقية ودينية، ودلالة يقينية على أن صاحبها لم يتعلم من الإسلام ولم يهذبه الصيام».
وتشتكي المواطنة أم غازي (55) عاماً، من ارتفاع بعض مستلزمات شهر رمضان قائلة: «هناك استغلال من قبل التجار، ضعاف النفوس، حيث يقومون برفع أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الدجاج واللحوم، والخضراوات، لدرجة أن أصحاب الدخل المحدود يعجزون عن شراء أبسط أنواع المواد الغذائية».
واشتكى المواطن محمود الطويل(46) عاماً، من ارتفاع أسعار مستلزمات شهر رمضان، واكتفى بشراء صنفين فقط من الخضراوات، معبراً عن تذمره من عدم تلبية احتياجات أسرته.
ويقول إبراهيم أبو منصور(65) عاماً، صاحب محل لبيع المواد الغذائية، إن سبب ارتفاع المواد الغذائية يعود للمستوردين الكبار، الذين رفعوا من أسعار الجملة، لهذا نحن نقوم برفع أسعار «المفرد»، المواطن يلقي باللوم على التاجر البسيط الذي لا حول له ولا قوة.
أوضحت أم سليمان(47) عاماً لصحيفة «الحدث»، أنها من عائلة ميسورة الحال، وتستطيع شراء ما تحتاجه، متسائلة من يوفر احتياجات الأسر الفقيرة، داعية التجار إلى عدم استغلال إقبال الناس على شراء المواد الغذائية لرفع أسعارها، وتحقيق الأرباح على حساب الفقراء، معتبرة أن الظروف الاقتصادية أصبحت صعبة، وأسعار المواد الغذائية آخذه بازدياد، لدرجة أن أصحاب الدخل المحدود يعجزون عن شراء أبسط احتياجاتهم، وهنا يجب على الحكومة أن تفرض سياسة واضحة لتثبيت أسعار السلع، والقضاء على التضارب والعشوائية في الأسعار، التي أصبحت تخضع لمزاج التجار وطبيعة المنطقة التي يبيعون فيها.
الاقتصاد تؤكد: من يخالف الأسعار سيحاسب
قال وكيل وزارة الاقتصاد الوطني د. تيسير عمرو إن الوزارة في المحافظات الشمالية والجنوبية، ستعمل كوحدة واحده لتحقيق أهداف الوزارة خاصة فيما يتعلق بتنفيذ خطتها خلال الشهر الفضيل، مبينا أن اتصالات مستمرة جرت لتحقيق هذا الغرض في ضوء توجيهات وقرارات حكومة التوافق الوطني.
وأضاف عمرو أن الوزارة أصدرت قائمة الأسعار الاسترشادية لـ(16) سلعة أساسية تتفرع إلى (37) سلعة ثانوية تتولى طواقم الرقابة والتفتيش مراقبتها على مدار الساعة، وسيكون لقطاع غزة قائمة أسعار استرشادية مختلفة عن تلك المعمول بها في المحافظات الشمالية والتي ستتولى الإدارة المختصة بحماية المستهلك في المحافظات الجنوبية تحديدها ومراقبة تنفيذها خلال شهر رمضان؛ نظرا لخصوصية الوضع الاقتصادي لأهلنا في المحافظات الجنوبية.
وأكد أن أي تاجر يخالف السقف السعري المعلن في شهر رمضان المبارك سيتم إحالته إلى الجهات المختصة من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه، داعيا التجار إلى الالتزام بالأسعار و مراعاة ظروف أبناء شعبنا، والاكتفاء بهامش ربح معقول وعادل.
وأوضح أن الوزارة رفعت عدد العاملين في طواقم حماية المستهلك إلى أكثر من 100 موظف، سيقومون بالرقابة على السوق الفلسطيني للتأكد من نفاذ وسيادة الأنظمة والقوانين الفلسطينية المعمول بها خاصة قانوني حماية المستهلك وحظر ومكافحة منتجات المستوطنات الاسرائيلية.
وأشار إلى أن طواقم حماية المستهلك وبالتعاون مع شركائها تمكنت خلال النصف الأول من العام الجاري من إتلاف ما قيمته (2) مليون شيقل من منتجات المستوطنات الإسرائيلية، وتنفيذ أكثر من (2124) جولة تفتيشية تمكنت خلالها من زيارة (1715) محل تجاري، وضبط (393) طُن من السلع والمواد المخالفة للأنظمة والقوانين الفلسطينية.
"عويضة: منعنا الاحتكار ووضعنا أسعاراً استرشادية غير أسعار الضفة نظراً لخصوصية القطاع"
وحذر الوكيل بأنه لا تهاون مع منتجات المستوطنات الإسرائيلية، وسنواجه بكل قوة وحزم من يحاول التعامل مع هذه المنتجات، مشيرا إلى قيام كثير من الدول الأوروبية بمقاطعتها داعيا في الوقت ذاته القضاء الفلسطيني إلى تشديد تطبيق العقوبات الواردة في قانوني حظر ومكافحة منتجات المستوطنات الإسرائيلية وحماية المستهلك، اللذان يحتويان على عقوبات رادعة، وعدم اللجوء إلى قانون العقوبات القديم.
وقال عمرو إن أي مواطن يقدم شكوى بحق أحد التجار لعدم التزامه بالأسعار الاسترشادية سنقوم على الفور، بمحاسبته وتحرير مخالفة بحقه، لذلك نهيب بالمواطنين مساعدتنا على ذلك بالإبلاغ عن التجار الذين يرفعون الأسعار.
وأضاف أن الأسعار الاسترشادية التي وضعناها كانت بالتوافق مع كافة الفئات ذات العلاقة، من التجار والموردين، وأصحاب المصانع، بأن وضعنا سعرا معقولا للمنتجات، ولا يعقل اليوم أن يدعي التجار بأن الأسعار مرتفعة عليهم من قبل الموردين وأصحاب المصانع، وقمنا بدراستها سوية».
اقتصاد غزة: منعنا الاحتكار وتم ضبط الأسعار
من جهته، يقول وكيل وزارة الاقتصاد في غزة حاتم عويضة: «بدأنا قبل بداية شهر رمضان المبارك، مع الإدارة العامة في حماية المستهلك في القطاع بمحافظاته المختلفة، بمراقبة الأسعار ومحاربة الاحتكار، منعنا الاحتكار وتم وضع أسعار استرشادية غير تلك التي وضعت للضفة الغربية، لخصوصية القطاع».
وأضاف أن عملنا في الأساس عدم السماح للتجار باستغلال المواطنين، خاصة مع خصوصية القطاع والحصار الذي تفرضه سلطات الاحتلال على القطاع، فالوضع الراهن يتميز بأن السلع غير متوفرة بشكل طبيعي، فبالتالي الأسعار مختلفة ومتنوعة.
وأشار إلى أن الوزارة أطلقت مع بداية رمضان جولات في الأسواق بشكل يومي، واليوم نستطيع القول إن الأسعار حاليا مناسبة، ولم يطرأ عليها أي تغير وهنالك استقرار في الأسعار، ليس لرقابة الوزارة فقط بل لضعف القوة الشرائية، وعدم توفر الرواتب لشريحة معينة، كل ذلك أثر بشكل سلبي على الأسعار.
وأوضح عويضة أن ضعف القوة الشرائية ينتج عنه استقرار في موضوع الأسعار، ويضطر التجار لوضع عروض وأسعار مخفضة على بضائعهم، لافتا إلى أن «مجمل ما نقوم به هي إجراءات رقابية حسب قانون حماية المستهلك، ومن يخالف الأسعار نعمل له محضر ضبط ويتم رفع القضية للقضاء للبت فيها».
وأكد أنه خلال الأسبوع الأول لم يتم مخالفة سوى عدد قليل من التجار لمخالفتهم الأسعار الاسترشادية، والمعظم ملتزم بالأسعار التي وضعتها الوزارة.
100 دولار كل 3 أيام
خلال لقائنا بإحدى الأسر، متوسطة الحال، وهي من سكان مدينة رام الله، حاولنا أن نقدر مع ربة الأسرة والمسؤولة عن إدارة المنزل مالياً، كم تنفق خلال شهر رمضان المبارك.
ففي البداية، تقول السيدة، ام احمد، (60 عاماً)، انها تدرك بشكل عام بانها تنفق خلال هذا الشهر أكثر من غيره، خاصة بسبب تحضيرها للعزائم والولائم والموائد الرمضانية لأولادها الستة مع عائلاتهم، الأمر الذي يكلفها مالياً.
وتضيف السيدة أم احمد في مقابلة مع الـ»حدث»: إذا ما حسبنا كم انفق خلال هذا الشهر، فهو بمعدل 100 دولار كل 3 أيام خلال الأسبوعين الأولين للشهر الفضيل، فأنا أقوم بدعوة أبنائي الستة لتناول الإفطار عندي، كل على حدا، الامر الذي يكلفني مبلغاً من المال».
ومع حسابنا سوياً مع السيدة ام احمد، تكون قد أنفقت مع نهاية الشهر الفضيل حوالي الـ950 دولاراً أمريكياً فقط على الولائم والعزائم، دون التطرق لمصاريف عيد الفطر السعيد.
وتشير السيدة ام أحمد في الوقت نفسه، بأن دخلها الشهري لا يتعدى الـ900 دولاراً أمريكياً فقط، وهنا تضيف: «بالعادة أقوم بتوفير جزء من المبلغ من دخل الشهر الذي يسبق رمضان، ومع انتهاء فترة العيد لا أبالغبإن قولت إنني أكون قد عانيت من أزمة مالية حقيقية».
الأسعار عالية وسأضطر للشراء
وفي إحدى الأسواق المركزية في مدينة البيرة، والذي يحاول فيه المواطن، عبد العزيز العيسه (42 عاماً)، إيجاد ما هو معقول ويلبي احتياجات أسرته مع بداية الشهر الفضيل، لم يستطع العيسه إخفاء امتعاضه من الأسعار المرتفعة التي يشهدها السوق.
ويقول العيسة في مقابلة مع الـ»حدث»: لو علمت بأن الأسعار سترتفع هكذا لأمنت احتياجات أسرتي قبل بدء رمضان بأسبوع، كما ترون فالأسعار عالية من أبسط وأصغر الأشياء إلى أكبرها».
وحول حجم إنفاقه في هذا الشهر الفضيل يضيف المواطن عبد العزيز: «رغم أنني أحاول جاهدا تجنب شراء أية اضافات والاستمرار على نهج التسوق العادي، إلا أنني انفق بما معدله راتب ونصف خلال رمضان فقط، ومع العيد يتضاعف المبلغ، فلا استطيع أن أحرم أولادي من شراء الحلويات الخاصة برمضان على سبيل المثال، أو زيادة عدد الوجبات المقدمة خلال الإفطار».
صلاح هنية: إجراءات وزارة الاقتصاد بطيئة والتجار لا يخافون من العقوبات
رئيس جمعية حماية المستهلك صلاح هنية يقول: «إن الأسعار الاسترشادية التي أعدت من قبل وزارة الاقتصاد كانت بالتنسيق مع المصانع والموردين وكبار المستوردين لمعرفة الأسعار وحساب كلفة الإنتاج وكلفة الاستيراد ووضع هامش ربح».
وأضاف أن الجولات الرقابية التي نفذتها طواقم الجمعية أوضحت لنا أن القدرة الشرائية عند المواطنين تراجعت بشكل كبير هذا العام، بسبب الأوضاع السياسية التي سادت البلاد الفترة الماضية، وأثرت بشكل كبير على أوضاع المواطنين التي أثرت بدورها على السوق.
وأشار هنية إلى أنه خلال الجولات التي نفذتها الطواقم تم ملاحظة عدم تعميم الأسعار الاسترشادية على كافة التجارة الذين قالوا «سمعنا بوجود قائمة استرشادية لكن لم تصلنا القائمة»، كما لفت التجار إلى أن جزءا من الارتفاع سببه المصدر من الموردين والمصانع المحلية.
وأوضح أن من السلع التي ارتفعت عن القائمة الاسترشادية الدواجن، حسب الأسعار التي تم اعدادها فإن سعر كيلو الدجاج (14 شيقل) لكن معظم المحلات تبيعه بـ16 شيقل، حيث أن مسلخ رام الله والبيرة يبيع كيلو الدجاج للمحلات بـ14,5 شيقل، كما أن 90% من اللحامين قالوا إنهم لا يستطيعون الالتزام بهذه الأسعار بسبب المصدر.
وقال هنية إن إجراءات وزارة الاقتصاد العقابية بطيئة، وكذلك الجهاز القضائي الذي يحكم على التجار المخالفين حسب القانون القديم لعام 1960 الذي من خلاله يدفع التاجر 50-100 دينار فقط ويعود لمحله التجاري، في حين أنه تم تعديل القانون حسب المادة 27 لعام 2005 الذي يعتبر صارما بحق المخالفين من التجار، لكن للأسف القضاء لا يطبقه حتى الآن.
وأضاف إن عدم وجود عقوبات رادعة للتجار عند مخالفتهم، يجعل الأمر يسيرا عليهم، الأمر الذي ساهم في توسيع رقعة التجارة الخطرة في الضفة الغربية وهي تجارة الأغذية الفاسدة باعتبارها مريحة للتجار وذات مردود مادي كبير.
وأشار إلى أن هذا العام حتى الآن يعتبر من الأعوام الجيدة في التزام أكبر عدد من التجار، وذلك لأن القدرة الشرائية متراجعة بشكل كبير عن المواطنين. لافتا إلى أن دخل المواطنين من العام إلى العام ثابت بشكل اجمالي لكن الأسعار في ارتفاع وتفاوت مستمر بين كل عام وآخر.
وشدد هنية على ضرورة أن تكون الأسعار الاسترشادية على طول العام وذلك لتوحيد الأسعار في محافظات الوطن، حيث أن الأسعار من محافظة لأخرى تختلف بشكل كبير، وتعتبر محافظة رام الله والبيرة الأعلى بين المحافظات الأخرى، الأمر الذي لا يعقل أن يستمر على هذه الشاكلة ويجب وضع حد له من قبل وزارة الاقتصاد الوطني.
"هنية: إجراءات وزارة الاقتصاد العقابية بطيئة"
المواطن يصرف أكثر من حاجته
حمل القائم بأعمال الإدارة العامة لحماية المستهلك التابعة لوزارة الاقتصاد الوطني، إبراهيم القاضي، المستهلك الفلسطيني المسؤولية الأولى حول زيادة الانفاق في شهر رمضان.
ويقول القاضي في مقابلة خاصة مع الـ»حدث»: المستهلك هو ضابط الأمان في هذا الموضوع، فهو الوحيد القادر على التحكم بما يصرفه، فما نشهده هذا الشهر هو إقبالٌ مبالغٌ على عمليات الشراء لأمور تزيد عن احتياجاته واحتياجات اسرته، إضافة للمبالغة في إقامة العزائم والولائم الأمر الذي يؤدي بالتأكيد إلى إفراغ الجيب مع منتصف الشهر».
ارتفاع في الأسعار لكن معقول
وفي الوقت نفسه، لم ينفي القاضي بان هناك ارتفاعا في الأسعار واستغلال من بعض أصحاب المحال التجارية، مؤكداً في الوقت ذاته استمرار الإدارة العامة لحماية المستهلك في عملها لمكافحة الارتفاع والتلاعب بالأسعار وضبط السوق.
ويشير إلى أن أسواق مدينة رام الله على سبيل المثال كانت أكثر ضبطاً والتزاما بما حددته وزارته بما يتعلق بالأسعار، فيما كانت أسواق مدينة البيرة الأكثر ارتفاعاً في الأسعار مع التأكيد على أن الارتفاع جاء لبعض السلع فقط قائلاً: «شهدنا على سبيل المثال ارتفاعاً في أسعار الدواجن والتي وصلت في بعض المحلات التجارية إلى سعر 17 شيكلاً للكيلو، وهو أمر غير معقول، وحررنا مخالفات لمن رفع السعر لهذا الحد وعلمنا على ضبط السوق».
زيادة الطلب عملت على زيادة السعر مع العرض
كما يوضح القاضي في الوقت نفسه بأن أحد الأسباب الرئيسية للارتفاع في الأسعار، هو زيادة الطلب على السلع والذي لم يكن موجوداً في الأشهر التي سبقت رمضان.
ويضيف: «المواطن وبشكل لا إرادي تجده يشتري ضعف ما يحتاج أو يشتري ما لا يحتاجه أبداً خلال الشهر الفضيل، إضافة إلى انه يضطر إلى اتلاف العديد من المواد الغذائية التي لم يستهلكها وقد دفع ثمنها».
ومن أبرز البضائع التي زاد ثمنها بسبب زيادة الطلب عليها يقول المهندس إبراهيم القاضي: «أبرزها القطايف كونها من الحلويات الموسمية، ففي بعض المحال ضبطنا أصحابها يبيعون الكيلو منه بسعر 15 شيكلاً وهو أمر غير معقول أبداً».
استغلال المواطن سيستمر حتى العيد
ونوه القائم بأعمال الإدارة العامة لحماية المستهلك، جميع المواطنين والمستهلكين بضرورة توخي الحذر، مؤكداً بأن الأسعار ستبقى طور الارتفاع من الآن وحتى انتهاء فترة العيد قائلاً: «بدأنا حملتنا في ضبط السوق منذ الـ25 من شهر حزيران الماضي، ونقوم حالياً بعمل عشرات الجولات يومياً في أسواق المحافظات المختلفة لضمان عدم استغلال المستهلكين، وفي النصف الثاني من الشهر الفضيل سنركز عملنا على مراقبة أسعار السلع الخدماتية مثل الملابس والأحذية وألعاب الأطفال، أي الفترة التي ستسبق عيد الفطر السعيد».
التجار: من حقنا الكسب المضاعف في هذا الشهر
على الجانب الآخر، ورغم تجنب العشرات من أصحاب المحال التجارية الحديث مع الصحافة، والكشف عن قائمة أسعارهم ونشرها في الإعلام، إلا أن جميع من صادفنا كان مرتاحاً من الحركة النشطة التي يشهدها السوق، وإقبال الناس المتزايد على عدد من السلع التموينية والخضروات والفواكه إضافة للحوم.
فأحد أصحاب محلات الخضار في منطقة الشرفة برام الله، والذي رفض الكشف عن اسمه خوفاً من تسليط الضوء عليه، خاصة في ظل حملات المراقبة التي تنفذها وزارة الاقتصاد الوطني وغيرها، أوضح لنا بأن شهر رمضان المبارك يكون بمثابة فرصة لهم لتعويض خسارتهم السابقة وتحقيق الربح، فهو الشهر الوحيد تقريباً في العام الذي يشهد هذا الإقبال على بضائعهم والتي تنفذ بسرعه.
ويضيف صاحب المحل في مقابلة مع الـ»حدث»: لجميع من يشتكي من ارتفاع الأسعار أقول لهم بأن الأسعار مرتفعة دائماً، خاصة الخضروات، فمنذ بداية الصيف والأسعار آخذه بالارتفاع، لكن نسبة الاستهلاك لدى المواطن وعائلته يزداد مع هذا الشهر وبالتالي فإنه يشعر بالغلاء أكثر».
وحول ما إذا رفع بعض الأسعار لعدد من السلع يقول: «لم ارفع سعر بضاعة واحدة إلا بسبب ارتفاع سعرها من المصدر، وبكل الأحوال أؤكد بأن الارتفاع طفيف للغاية وأن جميع أصحاب محلات الخضار ومحلات السمانة رفعت الأسعار أيضاً».
لا تحسدونا فالركود سيعود بعد شهر
تاجر آخر وهو صاحب محل بضائع تموينية «سوبرماركت» في وسط مدينة رام الله، رفض إعطائنا اسمه الكامل واكتفى بـ»أبو عيسى»، استهجن الهجمة على أصحاب المحال التجارية في هذا الشهر، معتبرا بأن لكل مهنة هناك فترة ذروة وبالنسبة له وزملائه فإن شهر رمضان هو ذروة عملهم.
وأضاف أبو عيسى في حديث مع الـ»حدث»: «أنا أقول لك وللجميع بأننا جميعا من أصحاب محال خضار وتموين ولحوم ودواجن رفعنا الأسعار لكن بشكل بسيط مؤخراً، فهناك اقبال شديد على الشراء في هذه الأيام وهي بالنسبة لنا فرصة لتحقيق ربح لا نحققه طوال العام».
ويشير أبو عيسى في الوقت نفسه، بأنه يتكبد شهرياً خسائر مالية جراء كساد بضاعته، خاصة غير الأساسية قائلاً: « في كثير من الأحيان ومع نهاية كل شهر أكتشف بأنني لا أدخل شيكلاً واحد من الأرباح، وهناك الكثير من البضائع التي اتلفها بسبب انتهاء صلاحيتها وعدم اقبال الناس عليها، اعلم بأن الأزمة المالية سبب في ذلك، لكن في رمضان الجميع يركز على العزائم والطعام، هي فترة ذهبية لنا لتعويض خسائرنا المالية».
المصدر لم يرفع السعر ويجب تفعيل العقوبة ورغم الجهود الكبيرة التي تبذل من عدة جهات لضمان حماية المستهلك الفلسطيني من التلاعب به وبالأسعار، إلا أن العديد من التجار استطاعوا التحايل على ذلك بطريقة أو بأخرى.
فمن جانبه، يقول رئيس جمعية حماية المستهلك الفلسطيني صلاح هنية، بأنه لا يوجد هناك ارتفاع للأسعار من المصدر حتى الآن، وبالتالي ما يقوم به بعض التجار من رفع للأسعار هو مخالف للقانون.
ويضيف هنية: «أدعو القضاء الفلسطيني إلى تفعيل الإجراءات القانونية الرادعة ضد بعض من يتلاعب بالأسعار وحتى مروجي الأغذية الفاسدة ومنتهية الصلاحية».
هذا ويؤكد هنية في الوقت نفسه بأن جمعيته وبالتعاون مع وزارة الاقتصاد الوطني والغرف التجارية والاتحادات الصناعية من أجل حماية المستهلك وترشيد الاستهلاك وتشجيع المنتجات الفلسطينية، يتعاونون سوياً لمكافحة زيادة الأسعار قائلاً: «بشكل عام يعد التجار صمام الامان للسوق الفلسطيني ونأمل أن يحافظوا على السعر العادل وعدم رفع اسعار السلع الرمضاني بصورة مفاجئة».
حضر قائمتك قبل النزول للسوق
مع عدم التزام بعض التجار بالسقف السعري، وربما صعوبة ضبط جميع المحلات التجارية، يبقى المواطن الفلسطيني هو المسؤول الأول عن إنفاقه المبالغ فيه خلال شهر رمضان، خاصة وأنه يضطر في كثير من الأحيان إلى إتلاف ما يزيد لديه من حاجيات اشتراها ولم يستعملها.
وهناك نصائح كثيرة قد تطرح على المستهلكين والمواطنين لتجنب الإنفاق المبالغ في شهر رمضان، والذي هو أساسا شهر الخير.
فمن جانبها، تشير مسؤول الإرشاد والتوعية وأمين سر جمعية حماية المستهلك الفلسطيني، السيدة رانيا الخيري، بأنه وبشكل عام يتغير نمط الاستهلاك للصائم في رمضان، مشددة في الوقت نفسه بان على كل مواطن الابتعاد أولاً عن شراء ما لا يلزمه وما لا يستعمله بالاشهر العادية.
وتضيف الخيري في مقابلة مع الـ»حدث»: أول نصيحة نوجهها للمواطن هي، إعداد قائمة مشتريات في بداية رمضان أو في كل مرة يقصد فيها السوق، فهي الطريقة المثلى لتجنب شراء ما يلزمه إضافة لان المواطن سيقدر بشكل مسبق كم سيدفع من المال».
الصيام والرغبة بالطعام تدفعك للشراء أكثر
من العوامل الأخرى التي تسردها مسؤول الإرشاد والتوعية في جمعية حماية المستهلك الفلسطيني، والتي تعد احد اسباب الاستهلاك المبالغ فيه برمضان، هو إجراء عملية التسوق في وقت متأخر من النهار، وهو الوقت الذي يغلب على الجميع التعب والجوع، الأمر الذي يؤثر وبشكل سلبي على عملية الشراء مضيفةً: «من جولاتنا وملاحظاتنا، نرى بان من يتسوق قبل الافطار بقليل مستعد لان يملئ عربه التسوق ببضائع لا تخطر بباله وسيندم عليها في اليوم التالي، فالصيام والجوع يؤثر على أخذ القرار عند الشراء بشكل كبير.»
وتشدد رانيا الخيري على ضرورة الاخذ بعين الاعتبار جودة كل منتج وسعره قبل شراءه، كذلك البحث عن المنتجات في أكثر من محل تجاري وعدم اعتماد محل واحد، وذلك لتجنب التلاعب بالأسعار قائلةً: «عندما يقوم المستهلك بإعداد قائمة مشترياته بشكل مسبق فهو سيقدر كم سعر كل منتج وجودته ايضاً، الأمر الذي سيساعده في تحديد ميزانيته خلال شهر رمضان المبارك».
المواطن المسؤول الاول عن تحديد الأسعار
ورغم جميع الإرشادات التي تقوم بها وزارة الاقتصاد الوطني وجمعية حماية المستهلك، إلا أن السيدة رانيا الخيري تؤكد بأن المواطن الفلسطيني هو المتحكم الأول في أسعار السلع وفي سبب ارتفاعها قائلةً: «عندما يرفض المستهلك ارتفاع سعر سلعة ما فهو يقاطعها، وحينها يرضخ التاجر لتخفيض الأسعار لتصريف بضاعته، وبالتالي فإن المسؤولية الأبرز تقع على عاتق المستهلك».
قروض لتجنب العجز المالي برمضان
وحول حجم صرف المواطنين خاصة الموظفين خلال الشهر الفضيل، تشير الخيري: «برأيي الشخصي فأنا أجزم بأن كل موظف يصرف ما معدله راتبين ونصف الراتب خلال رمضان فقط، كما أن هناك العديد منهم يعتمدون على أخذ قروضاً صغيرة قبل رمضان وذلك لسد أي عجز مالي يمرون به خلال الشهر وفي عيد الفطر بالتحديد».
وتقول الخيري بانه بالإمكان تجنب ذلك وتجنب أي مصروف اضافي في حال وجود تخطيط مسبق وتحديد للميزانية قبل الدخول بالشهر الفضيل، كما نوهت إلى ضرورة الإطلاع على النشرة الارشادية التي تنشرها الجمعية لضمان نمط استهلاكي سليم.
وتنهي السيدة خيري حديثها بالقول: «رمضان كريم وهو شهر الخير صحيح، لكن علينا ألا نجعله شهر الكلفة العالية لدرجة تجنب الناس قدومه فيما بعد، دعونا نتعامل معه مادياً كأي شهر آخر، حتى لا نصاب بأزمة مالية في الشهر الذي يليه خاصة في ظل أوضاع اقتصادية عامة صعبه، لا نعلم معها ما اذا كانت رواتب الموظفين ستصرف أم لا».
غرفة تجارة وصناعة رام الله والبيرة: الارتفاع عالمي والضرائب أثقلت كاهل التجار
من جهته اعتبر رئيس مجلس غرفة تجارة وصناعة محافظة رام الله والبيرة، خليل رزق أن ارتفاع الأسعار عالمي، ولا يشمل فلسطين فقط، مؤكداً على أن غالبية البلدان التي توجهوا إليها وجدوا أن الارتفاع منتشر، وبأكثر من منطقة، البعض يقول إن هذه البلدان تتمتع بدخل مرتفع مقارنة مع دخل المواطن في فلسطين، ولكن لا يعقل أن تكون نسبة الجمارك على البضائع المستوردة في إسرائيل هي ذاتها التي تفرض على البضائع المستوردة في مناطق السلطة الوطنية، وكذلك الضرائب المباشرة، وغير المباشرة، ثؤثر على ارتفاع السلع بشكل أو بآخر، معتبراً أن الارتفاع العالمي، ومصاريف الشحن التي يتكبدها التاجر الفلسطيني يزيد من ارتفاع أسعار السلع والبضائع.