الحدث - ضحى حميدان
منذ 12 عاماً والحكومة الفلسطينية تعد بحلول فيما يخص أزمة كهرباء طولكرم المتفاقمة منذ سنوات لكن دون تنفيذ، كان آخر تلك الوعود الأربعاء 10/2/2021 حيث اجتمع رئيس الوزراء محمد اشتية، مع محافظ محافظة طولكرم عصام بكر وأمين سر إقليم فتح إياد جراد لبحث الحلول الممكنة.
وقد تم الاتفاق مع رئيس الوزراء، على تزويد المحافظة بـ 5 ميغا واط كهرباء خلال الأسبوع المقبل، على أن يتم تزويدها بـ 5 ميغا واط إضافية خلال الشهر المقبل، كما أوضح أن الاتفاق سيتم تنفيذه على ثلاث مراحل، بعد أخذ التراخيص والموافقات اللازمة لذلك، بما في ذلك موافقة الاحتلال، وبعد خطوات عملية بدأت تنفذ على أرض الواقع، من بينها تنفيذ جولات فحص ميدانية لفحص الخطوط والتواصل مع سلطة الطاقة، وستكون هناك إجراءات استراتيجية تمهيداً لإنهاء مشكلة الكهرباء في طولكرم وضمان توفيرها بشكل دائم.
وبهذا الخصوص توجهت الحدث لرئيس سلطة الطاقة ظافر ملحم الذي صرح أنه وخلال فترة بسيطة سيتم حل المشكلة، بمساعدة مجموعة من المهندسين والفنيين الذين يعملون على بناء المقطع الذي سيزود مدينة طولكرم وبلعا وكفر لبد بالطاقة الكهربائية اللازمة.
وأوضح ملحم لـ "الحدث": نحن اعتمدنا على خيارين، الأول هو حل مؤقت حتى نستطيع تجاوز المنخفضات الجوية القادمة، لذلك سنعزز القدرة بإضافة قدرة إضافية على نقطة الربط الموجودة حالياً من الجانب الإسرائيلي، والثاني سيكون بالحصول على موافقات لأجل بناء خط واصل بين صرة وطولكرم، وهذا يحتاج 6 أشهر حتى نتمكن من بنائه حال الموافقة عليه من جانب الاحتلال".
ويؤكد ملحم أن الحكومة تدرس تنفيذ مجموعة من المشاريع لإنتاج الطاقة بواسطة الغاز الطبيعي، ومحاولة الاعتماد على مصادر طاقة بديلة، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مضيفاً أن التحديات والمعيقات التي يفرضها الاحتلال كثيرة، مع السعي الدؤوب نحو حلها، كتصنيفات الأراضي أ، ب، ج، خاصةً مناطق ج التي لا يُسمح فيها بالعمل إلا بموافقة وإشراف الاحتلال الإسرائيلي.
ونوّه ملحم أن المشاريع داخل مناطق أ وب لا توجد مشاكل بها، ويتم العمل عليها وفقاً للسياسيات الفلسطينية، وفي منطقة طولكرم، هناك مجموعة من المشاريع الكبيرة والصغيرة والمتوسطة، والمتوسطة منها تحت التنفيذ، وتمنى ملحم الانتهاء منها بأسرع وقت لتساهم في حل مشكلة كهرباء طولكرم.
رئيس اتحاد صناعات الطاقة المتجددة في فلسطين حسن أبو لبدة، أكد لـ"الحدث" أن مدينة طولكرم لديها مشكلتان كبيرتان، الأولى أن استهلاك المدينة أكبر بكثير مما هو متفقٌ على تزويدهم به من جانب الاحتلال، وإلى عهدٍ قريب كان الرفض هو الإجابة الوحيدة على الطلبات المستمرة لرفع كمية الكهرباء التي يتم ضخها، ما سبب فترات انقطاعٍ تمتد من 3-4 ساعات يومياً، أما المشكة الأخرى فهي أن الشبكة تحتاج لإعادة إصلاحٍ وتأهيل.
ويضيف: "إذا كان هناك فعلاً اتفاق مع الاحتلال، لرفع القدرة وكمية الضخ، فممكن أن يساهم هذا بالحل وتوافر الكهرباء للاستهلاك، ولكن لا يجب إغفال قضية إعادة تأهيل الشبكة في تلك المناطق".
ومع إعلان الحكومة المستمر عن نيتها في الانفكاك عن الاحتلال في الحصول على مصادر الطاقة، يؤكد أبو لبدة أن الانفكاك الكلي مستحيلٌ في المرحلة الحالية، ولكن من الممكن الاستثمار في الطاقة المتجددة ككل وخاصة الطاقة الشمسية، لتقليل النسب التي يتم شراؤها من جانب الاحتلال، ويطرح أبو لبدة ضرورة التوسع كثيراً في هذا المجال.
ويضيف: "ليس صعباً أن يكون من ثلث إلى 40% من كمية الكهرباء التي تُشترى من الاحتلال أن تُستبدل من مصادر الطاقة الأخرى كالشمس، ومن ناحية أخرى حتى يكون الاعتماد على إسرائيل صفر في مجال الطاقة لا بد أن يكون هناك استثمار كبير جداً في محطات توليد طاقة تقليدية، فمن المعروف عالمياً أن الطاقة الناتجة من الخلايا الشمسية تصل إلى 30-40 % من خليط الطاقة الكلي، ومن المستحيل وصولها إلى 100% وهذا في أكثر الدول تقدماً، لأن الطاقة الشمسية تعتمد على المناخ، وبالتالي لن يكون الإنتاج مستقرا كفاية حتى نتمكن من نقلها للشركة بشكل آمن، لهذا السبب بعض الأيام قد يكون الإنتاج الشمسي منخفضاً، بشكل كبير خاصة إن كان الطقس ماطراً والغيوم كثيفةً في بعض الأيام، كذلك في عدم العناية بألواح الطاقة الشمسية لا يُنتج الكمية الكافية، لذلك حل مشكلة طولكرم أولاً يبدأ برفع كمية الكهرباء التي تورد في المحافظة، وإصلاح الخطوط المهترئة التي من الممكن أن لا تحتمل القدرة التي سيتم رفعها، وتوظيف الطاقة الشمسية لتقليل نسب الشراء من الاحتلال، وأخيراً الاستثمار في محطات تقليدية جديدة".
وفي ظل المعطيات الراهنة، يرى أبو لبدة أن فلسطين قادرة على التقليل من الاعتماد على الاحتلال بتوفير بيئة استثمارية آمنة ومحفزة في الطاقة الشمسية في فلسطين، ويعبر أبو لبدة عن أسفه كون البيئة مزعجة جداً للمستثمرين، فجميع القوى التي من المفترض أن تُسهل الإجراءات، تقوم بتعقيدها، لذلك فالاستثمار في الطاقة المتجددة أصبح شبه معجزة لأن كل جهة ذات علاقة تصعب الأمر بطريقتها، بدءًا من شركات توزيع الكهرباء التي تبتز المستثمر، مروراً بإجراءات غير فاعلة من السلطة وانعطافاً على غياب رقابي، إضافة إلى الفوضى في التعاطي مع هذا الموضوع وعدم الالتزام بالقوانين والأنظمة والتعليمات والقرارات الصادرة في هذا المجال، حسب قوله.
وبشأن التصريحات الأخيرة التي حصلت عليها الحدث لمشكلة طولكرم يقول أبو لبدة: "إن 5 ميجا واط رقم جيد جداً خاصةً لو تم إلحاقها ب5 ميجا واط أخرى، وهذا سيغطي القدرة المفقودة، مع التأكيد على ضرورة فحص قدرة الشبكة الاستيعابية وصيانتها، والحل غير مستحيل فهو إرادة سياسية من ناحية، واستثمارات من ناحية أخرى، والقطاع الخاص جاهز لذلك، ولا ننسى الإجراءات الفاعلة لتقليل الفاقد من الطاقة ".