خاص الحدث
لا ينفي قادة تيار دحلان وجود وساطات إقليمية حول عودتهم إلى حركة فتح، رغم امتناعهم عن توضيح طبيعة الوساطات ومن يقودها وأين وصلت، مع تأكيدهم على أن أساس هذا الحراك هو موضوع الانتخابات. لكن عودة عدد من قيادات التيار من بينهم عبد الحكيم عوض إلى قطاع غزة، دون أي تعليق من طرف حركة فتح على ذلك، يشير إلى انفراجات نسبية في هذا الملف.
تفيد مصادر مطلعة لـ"صحيفة الحدث" أن عودة قيادات من تيار دحلان جاءت بموافقة من لجنة العلاقات الوطنية في قطاع، والتي تضم مختلف الفصائل الفلسطينية، وقد تمت الموافقة على عودة 250 اسما من التيار من أصل 300 ممن غادروا القطاع مع أحداث الانقسام الفلسطيني، وأن العائدين سيشرفون على متابعة ملف الانتخابات، التي ينوي التيار خوضها بكل الأحوال، إما من خلال قائمة خاصة أو ضمن قائمة فتح.
على مدار السنوات الماضية، تعاملت حركة حماس مع كوادر تيار دحلان بمنطقين: استفادت من المساعدات الخيرية التي يقدمونها ومنحتهم حرية النشاط والحركة دون منحهم صفة حزب سياسي بحجة أنهم لا يزالون جزءا من فتح أو على الأقل يحملون اسمها، وهو ما أدى لتوتير العلاقة بين الطرفين قبل عدة أشهر وخلق حالة من التراشق الإعلامي بين الطرفين، لشعور دحلان أن حماس تتعامل معه كصراف آلي ليس أكثر.
أما المنطق الثاني، فقد تعاملت معهم حماس كأداة ضغط على حركة فتح برئاسة محمود عباس، وقد ناورت من خلالهم ضمنيا في عدد من جولات مباحثات المصالحة. في المقابل، استفاد التيار من سياسات حماس تجاهه بتوسيع نفوذه في قطاع غزة وشرعنة نشاطه، وهو ما ساعده في استقطاب بعض الأكاديمين والكتاب والصحفيين، بالإضافة لتوسع قاعدة مؤيديه معتمدا في ذلك على المساعدات المالية التي يقدمها.
استطاعت حركة فتح معاقبة التيار ومن ينتسب له، حتى أصبحت وصفة "التجنح" أساسا لطرد أو فصل عناصر وموظفين في السلطة الفلسطينية وحركة فتح، وعن ذلك يقول مصدر قيادي في حركة فتح في الضفة الغربية، فضل عدم الكشف عن اسمه، إن حماس استغلت هذه الحالة وبدأت من خلال عناصر أمنية اخترقت من خلالهم الأجهزة الأمنية، بسبب عدم وجود الأخيرة مركزيا في القطاع، رفع تقارير عن عناصر وكوادر من مؤيدي الرئيس عباس بأنهم يتبعون لدحلان، وهو ما أدى لقطع رواتبهم وطردهم، وهذا خلق أزمة داخل فتح.
الصورة الأوسع لهذا العقاب، هو استبعاد مؤيدي دحلان من امتيازات السلطة، لتأتي الانتخابات، وما يرافقها من حراك إقليمي واسع، فتعيد تيار دحلان إلى حسابات حركة فتح، التي كانت قد استفادت من اتفاقيات التطبيع لتفكيك "شرعية التيار" على اعتبار أن مسؤوله من عرابي مشروع التطبيع في المنطقة العربية، في ضوء التقارير عن لقائه بشخصيات أمنية إسرائيلية قبل وبعد الاتفاقيات.
تُعذر فتح إن ذهبت لاتفاق مع دحلان، فهو ظل حاضرا في السياسية الفلسطينية بذكائه والدعم الذي تلقاه من جهات إقليمية مؤثرة من بينها مصر والسعودية والإمارات، بالإضافة إلى أنه شكل حالة انشقاق قابلة للتوسع لأسباب تتعلق بالسلطة وفتح وكذلك الأسباب التي أشرنا إليها، ولا أحد يستطيع إدانة فتح على خيار كهذا، فقد سبقها للتفاهم معه فصائل تعلم حقيقة الرجل، الذي كان على استعداد لدخول غزة خلال حرب عام 2008 على غزة عبر اتفاق إسرائيلي إقليمي، وهو ما دفع أحد قادة الفصائل حينها للقول إن هناك من كان يستعد للدخول لغزة على ظهر دبابة إسرائيلية، بينما يعود دحلان هذه المرة من بوابة الانتخابات وتجديد الشرعيات.