الخميس  17 نيسان 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

“داعش» والكوميديا السوداء والقدرة الشرائية عناوين رمضانية أردنية بارزة!

2014-07-08 01:20:27 PM
“داعش» والكوميديا السوداء والقدرة الشرائية عناوين رمضانية أردنية بارزة!
صورة ارشيفية

مشاعلة: الحكومة هنأتنا بالشهر الفضيل على طريقتها المعهودة برفع أسعار المحروقات

خلف: تجار الجُملة احتكروا السلع قبل عشرة أيام من حلول «رمضان» ورفعوا أسعارها في أول أيامه

أبوغنيم: المواطن مسؤول عن استغلال التجار له، ولا موطىء لقدم في الأسواق التي عمّتها حالة هوس للشراء

تعقيبات فيسبوكية تنطوي على استشعار ألم حلول مناسبة سعيدة وسط فقدان أحبة غلفهم الغياب

ستة عشر ساعة من الصيام في أجواء حارة زادت من حالات العصبية والتشنج والمشاحنات

“رمضان” موسم جيد لممتهني السرقة بزعم الحاجة وجمعيات خيرية تغيب عنها عدالة التوزيع

مغتربون أردنيون فضلوا قضاء الشهر الفضيل في وطنهم وآخرون آثروا استغلاله لأداء مناسك العمرة


عمان– بثينه السراحين

وسط مصاعب وتحديات سياسية واقتصادية جمعيّة، وأوجاع ومآسٍ فردية، استقبل الأردنيون شهر «رمضان» الفضيل، ممّن حظي بمساحة واسعة من التعليقات الفيسبوكية التي اتخذت قالب الكوميديا السوداء.

كثيرون عبّروا عن حزنهم لمعايشة حدث سعيد وسط غياب أحبّة، رحّلهم الموت عن دنيانا واستحضرتهم المناسبة التي يفترض بها أن تكون سعيدة، لولا العديد من المنغصات التي صاحبتها، كالأجواء الحارة وطول ساعات الصيام لنح!وثلثي اليوم وبمعدل (16) ساعة، حدّ أنّ أحد الأردنيين كتب وقت إعلان موعد الإفطار في أول أيام رمضان “مش معقوول إجا موعد الإفطار وأنا لسة عايش، أنا ما متت، معجزة!».

والمعجزة من وجهة نظر الأردنيين، أن يأتي رمضان خالياً من المنغصات، وأبرزها كما تقول «هناء مشاعلة «للحدث: «ارتفاع الأسعار الجنوني والغلاء، فهل يعقل أن يرتفع سعر الخَسّة من 35 قرشاً إلى 75 قرشاً في أوّل أيام الشهر الفضيل؟ وهل يعقل أن تبارك لنا الحكومة بالمناسبة على طريقتها المعهودة برفع أسعار المحروقات؟».

رفع الأسعار الذي يردّه كثيرون لسياسات حكومية غير حكيمة في مواجهة جشع التجار واحتكارهم للسلع، يحمّل مدير مجموعة من الأسواق الشعبية “محمد أب!وغنيم” مسؤوليته للمواطنين بالدرجة الأولى، مستنكراً: “والله ل!وكانت الحرب ستقوم لما قام الناس بتخزين هذا الكمّ الهائل من البضائع، أنهم يشترون كميات فائضة عن حاجتهم، رأيت الكثيرين منهم يحمّلون صناديق من المعلبات، و”شوالات” أرز وسكر، فهل نحن نستعدّ لحرب مقبلة؟ لا يعقل هذا الازدحام في الأسواق حدّ أنك لا تستطيع إيجاد مكان لتضع قدمك فيه؟ وعقب كل هذا يأتي المواطن ويشتكي من ارتفاع الأسعار، رغم أنّه ه!ومَنْ حفّز التجار على استغلاله بهذا الجنون الشرائي الذي يمارسه، وأقصد المواطن”.

بائع اللحوم «محمود خلف» لا يتفق مع أب!وغنيم حيث يشتكي “للحدث” جشع تجار الجُملة حين التقيناه في أول أيام الشهر الفضيل، ويبين: «منذ عشرة أيام بدأ تجار الجُملة يمارسون الاحتكار، ويمنعون عنّا كتجار تجزئة اللحوم، وكلما ذهبنا للشراء، يردّون علينا بعدم وجود بضاعة، مع أننا نشاهدها لديهم بأمّ أعيننا! واليوم فقط أعطونا البضاعة بسعر مرتفع عن ما قبل احتكاراً منهم لها، حيث باعونا كيل!واللحم الروماني (قائم) بأربعة دنانير وعشرة قروش، بينما كان سعره منذ عشرة أيام فقط ثلاثة دنانير وأربعين قرشاً، كما باعونا كيل!واللحم البلدي (قائم) بخمسة دنانير وبارتفاع قيمته نصف دينار عن الأيام العشرة السابقة للشهر الفضيل، وهذا السلوك يمارسهُ تجار الجُملة كل (رمضان)، ما يجبرنا على رفع سعر البيع للمواطن الذي يشتكي بدوره من هذا الرّفع غير المبرر”. 

وفيما شهدنا احتجاج مواطنة كنيتها «أم علاء» على رفع سعر اللحوم خلال تواجدنا في متجر اللحام خلف: «الله أكبر، والله بطلوع الروح أقنعت زوجي يعطيني أشتري كيل!ولحمة ش!وبدي أحكيله لما يعرف أني اشتريته بهادا السعر؟” سمعنا صوت أحد المتسولين وه!ويعزف على لحن الصدقة التي سيتضاعف أجرها خلال الشهر المبارك، وليُعقّب أحد الموجودين « أيمن جبر» على تنامي ظاهرة الاستجداء في الأيام المباركة إلى درجة أنك لا تعد قادراً على التمييز بين من يستحق المساعدة بالفعل ومن يمتهن السرقة باسم الحاجة، وهذه ظاهرة تستحق المعالجة بأساليب تبتعد عن الشخصنة، وفقاً له.

والشخصنة والمزاجية في تحديد صاحب الحاجة من عدمه، تشير إليها الناشطة في العمل الخيري والتطوعي « فاطمة طلب» التي تنتقد بشدة آليات تقديم المساعدة للفقراء في رمضان: «المشكلة فيمن يديرون جمعيات ومؤسسات الإعانة للفقراء، هي أنهم يعتبرون اليتيم فقط ه!ومن يستحق الصدقة، علماً بأنني أعرف أيتاماً (أبناء شقيقي المرحوم) يكدسون حقائب من الملابس التي لا طاقة لهم على استخدامها لكثرة ما يأتيهم من إسناد، وفي المقابل ترفض العديد من الجمعيات مساعدة عائلة ربّ أسرتها موجود، لكنه مريض وعاجز عن العمل (بتقرير طبي) وعائلته لا تجد كسرة الخبر لتفطر بها في رمضان، وحجة الجمعيات في منع الصدقة عن مثل هكذا عائلة، ه!وأن ربّ أسرتها موجود!».

ظاهرة التشنج والعصبية المفرطة، هي علامات بارزة للشهر الفضيل، كما توضح نعمة الغوراني: «ألحظ بأنّ بعض الناس فقدوا طاقتهم على الصبر، ووالله سمعتها من أحد الأشخاص (على ما يبدو أنّ الله يعاقبنا عبر صيامنا في هذه الأجواء الحارة ولساعات طويلة)!، هذه الكلمات وغيرها من مسلكيات خاطئة مثل ما يستقبلنا به التجار من ردود عصبية حين نذهب للتسوق خلال ساعات الصيام، تدلل على أنّ الناس بدأوا يفتقدون جمالية المناسبة ولا يسشعرون أجواءها الروحانية على نحو صحيح، فالمشاحنات والخلافات تكثر ولأتفه الأسباب، وتتمثل بمحاولة إيجاد (فشّة غلّ) لأنّ أحدهم يشعر بالجوع أوالعطش، فأين نحن اليوم من آبائنا وأجدادنا الذين كانوا يمضون شهور السنة يدعون في صلواتهم (اللهم بلغنا شهر رمضان)، فإذا ما بلغوا الشهر وأنقضى بكوه بدموع حارّة، لكننا وخلافاً لذلك، ما إنْ يحلّ الشهر المبارك حتى نمضي الأيام نعدّها للخلاص من عبئه الثقيل».

الأحداث في الدول المجاورة أخذت حيزاً مُهمّاً لجهة تعكير صفو المناسبة وفقاً لكثيرين التقتهم الحدث، كان أحدهم “أحمد الزين” الذي قال: «تهديدات داعش ومخاطرها على أمننا، والصراع الدائر في بلدان شقيقة كسوريا والعراق، وسقوط الشهداء في فلسطين الحبيبة، كلها منغصات تؤثر لجهة عدم تذوق فرحة شهر رمضان، وأتمنى أن يبدّل الله الحال بالأفضل”.

ومهما تعددت مصاعب الشهر الفضيل فإنّ لهُ خصوصيته التي تلخصها نوال رزق: «شخصياً أحبّ هذا الشهر، ويكفيني أنني أجتمع وكل أمة الإسلام على طبق واحد وفي موعد واحد هوآذان المغرب، كما أنني وجاراتي نحيي عادة تبادل أطباق الطعام والحلوى، وحضور حلقات الذكر والذهاب للمسجد لأداء صلاة التراويح، ناهيك عن أنّ صلة الأرحام والأقارب والأصدقاء تتضاعف خلال هذا الشهر تحديداً، وبهذا فإنّ رمضان ومهما رافقته من منغصات، فهو يمثل كسراً لروتين حياتنا الذي نعيشه برتابة بقية شهور السنة”.

وبالنسبة للأطفال يكون «رمضان» مميزاً بكلّ تفاصيله، ومجمله أحداث جميلة ومسلية، كما يؤكد أحمد قدري (11) سنة: «أفرح كثيراً بالصيام، ووالدتي تصنع لي فيه كل أصناف الطعام والحلوى التي أحبها، كما أقوم بدعوة أبناء جيراني للإفطار عندنا، وهم يفعلون الشيء ذاته، وأجمل أوقات أقضيها وإياهم هي الدقائق التي تسبق موعد آذان المغرب، حيث نجلس على أبواب منازلنا، وما إن نسمع الآذان حتى نصرخ فرحين بالفرج ولذة الإفطار، والذي نلتمّ بعده ذاهبين للمسجد لأداء صلاة التراويح». 

 

والأردنيون إجمالاً، ورغم كل شيء ذكروه أعلاه عن منغصات فرحته، إلا أنهم لا ينكرون حقيقة أنهم وجدوا في شهر رمضان ضالتهم للتجديد وللترويح عن النفس وإدخال البهجة والصفاء للنفوس، فتجدهم في عالمهم الافتراضي يفردون صفحات وصوراً للفرح الذي تعنونه لمّة الأحباب والخروجات المسائية، واستعدادات السفر للديار المقدسة لأداء مناسك العمرة، واستقبال مغتربين فضّلوا قضاء الشهر في أحضان الوطن وبين الأهل، وكما تستوقفك كلمات لطلب الصفح والمسامحة والاعتذار على هامش شهر التسامح والتقارب والسموالروحي.