الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

التناقض الجوهري للتجربة الديمقراطية الفلسطينية/ بقلم: ناجح شاهين

2021-03-06 08:44:42 AM
التناقض الجوهري للتجربة الديمقراطية الفلسطينية/ بقلم: ناجح شاهين
ناجح شاهين

 

تمثل فلسطين حالة مميزة جداً في سياق دراسة موضوع الديمقراطية. وتفترض قراءتها في إطار الأدبيات الديمقراطية الإقرار بمعنى أو بآخر بشكل جديد نسبياً من الممارسة الديمقراطية على صعيد السياسة الدولتية من الناحيتين النظرية والعملية. وليس سهلاً من الناحية النظرية القول بأن الانتخابات والممارسة الديمقراطية عامة أمران جائزان في ظل غياب شروط سيادة الدولة وما تفترضه من أمور لا بد وأن تكون ناجزة بالفعل، من قبيل الاستقلال بتفاصيله المختلفة، والسيطرة الفعلية على الأرض، وقدرة الدولة على احتكار العنف وعلى التصرف في نطاق البقعة الإقليمية التي تقوم عليها وتتصرف بها تصرفاً كاملاً.

الواقع أن الممارسة الديمقراطية بهذا المعنى –الذي نستدرك بالقول بوجود عناصر تشابه بين حالتيه العربيتين الفلسطينية والعراقية-  هي ممارسة منقوصة، ولا نعرف إن كنا نستطيع أن ندرجها في إطار الممارسة الديمقراطية بالمعنى المتعارف عليه أم لا، إذ أن هذا يستدعي حسم موضوع سياسي نظري يتعلق بمتى نعد الكيان السياسي دولة ومتى لا نفعل ذلك. ومن البين بذاته أن حالات معينة مثل اليابان بعد الحرب العالمية الثانية وألمانيا الغربية وغيرهما علامات مفيدة في هذا المضمار. لكن ذلك لا يمنع من متابعة شأن الكيان السياسي الفلسطيني دون أن ننسى أننا لا نتحدث عن دولة مستقلة. بل ويمكن لنا التفكير في خصوصية الموقف بالذات بوصفها موضوعاً مميزاً للدرس الديمقراطي.

طبعاً يمكن التفكير في التحفظ القائل إنه إذا كان من الجائز أن تتم ممارسات ديمقراطية في حقول صغيرة تخص المجتمع المدني أو الإدارات المحلية على الرغم من وجود الاحتلال وفي ظل سيطرته العلنية أو المضمرة، وذلك بحكم كونها أموراً لا علاقة لها بالسيادة ولا تشترط تحقق الاستقلال لأنها ليست من صميم عمل الدولة وإدارتها، فإن من البدهي أن إجراء الانتخابات بغرض اختيار من يقود الدولة التي يفترض أنها ذات سيادة لا معنى له إذا كانت "الدولة" تحت الاحتلال، لأن ذلك ببساطة يؤدي الى اختيار أفراد ليشغلوا مقاعد ليس بوسعهم أن يشغلوها فعلاً بسبب أن من يسيطر عليها هو السلطة الاحتلالية. وذلك يتضمن جدياً الانتهاك الصريح لمبدأ عدم التناقض بسبب من انتخاب رئيس الدولة، مثلاً، على الرغم من عدم وجودها. وهذا يعني أن هذه الانتخابات –علاوة على عدم اتساقها منطقياً- هي أمر غير جدير بالتعامل الجدي. والإمكان الوحيد للقول بإمكانية الانتخابات على الرغم من –أو في ظل- وجود الاحتلال، هو أن يكون ذلك الانتخاب بهدف اختيار ممثلي الشعب الذين سيقومون بالتفاوض من أجل تحقيق الاستقلال، أو من أجل القيام بشأن تفاوضي ما مع البلد المحتل مهما تكن طبيعة ذلك الشأن. ومن الغني عن البيان أن شيئاً من ذلك لم يحدث في الحالة الفلسطينية بسبب من أن سلطة المفاوضات –إن خيراً أو شراً- كانت رسمياً رهناً بمشيئة منظمة التحرير الفلسطينية التي لم ينتخبها أحد من أفراد الشعب الفلسطيني، وإنما وجدت أصلاً بوصفها إطاراً توافقياً عاماً ضم فصائل مسلحة، فرضت لنفسها نوعاً من الشرعية على أرض الواقع بحكم نضالها في الستينيات ومطلع السبعينيات من القرن العشرين ضد المحتل الاسرائيلي، وهو ما أوصلها من بين أمور أخرى -في العام 1974- الى أن تعترف بها القمة العربية المنعقدة في الرباط ممثلاَ شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني.

على الرغم من من الإشكال السالف الذكر المتعلق بالاستقلال والذي يمكن أن يكون سبباً لانعدام مشروعية الفكرة أساساً كموضوع يصلح للبحث في الديمقراطية، إلا أن الفحص المتأني لواقع الممارسة الفلسطينية يزيد الأمور صعوبة وتعقيداً في وجه من يود الترحيب بممارسات ديمقراطية ما في النظام السياسي الفلسطيني القائم. وفي هذا المعنى يبدو أن الديمقراطية الفلسطينية تعاني من صعوبات تضاف إلى الصعوبات المتعارف عليها في أنظمة الحكم السياسية في العالم الثالث. ويأتي على رأس ذلك أن السلطة الفلسطينية المؤسسة على هدي من اتفاقيات أسلو لم تأت لتبحث عن الديمقراطية وسبل تحقيقها بالنسبة للشعب الفلسطيني وإنما جاءت لكي تتفاوض حول الحدود الدستورية والإقليمية لشبه الدولة الفلسطينية الموعودة، وفي ظل عدم تكافؤ واضح في ميزان القوى. و"لسوء الحظ" كان الأمر المفتاح في كل لحظة هو كيفية توفير الأمن لإسرائيل بحسب الشروط التي تقررها اسرائيل ذاتها. ويخبرنا واقع الحال أن الهاجس الأمني الإسرائيلي قد ظل جوهرياً في فهم السلوك السياسي والأمني والاقتصادي للسلطة الفلسطينية من حيث تعاملها مع أبناء شعبها بوصفهم جمهوراً، أو أفراداً أو قوى سياسية. فقد كانت الانتهكات الكبيرة التي لم تخف منذ البداية على أحد، خصوصاً منظمات مراقبة حقوق الإنسان تأتي في سياق حماية الأمن الإسرائيلي وكبح جماح ما لا يتلاءم مع الاحتياجات الاسرائيلية. وهو ما يعني أن الكيان الفلسطيني قد بدأ حياته بوصفه كياناً زبوناً وتابعاً تتلخص مهمته في القيام بما يوكل له لكي يحافظ على تدفق المساعدات أو الريع أو حتى لكي يحافظ على حياته أو وجوده بالذات. وقد عنى ذلك على الفور خلق بؤر من المصالح الآنية أو الدائمة والتي تخدم ضرورة وجود نظام أمني يساعد اسرائيل حتى لو كان ذلك على حساب وأد الديمقراطية الفلسطينية وهي في مهدها. ولغايات حفظ الأمن تلك تم غض الطرف بطبيعة الحال عن الانتهاكات الواسعة لحقوق الفلسطينيين المدنية وخصوصاً في الفترة التي تخص بدايات تدشين السلطة منتصف التسعينيات وفي شهر العسل القصير الذي سبق انفجار الوضع العام بعد زيارة شارون للأقصى في أيلول 2000.

إن الديمقراطية في فلسطين لا يمكن أن تتحقق دون أن يتحقق شرط عجيب يتمثل في أن يتقبل الجمهور الفلسطيني التعاطف مع قضايا المحتل الأمنية والسياسية. ويشمل هذا التعاطف الموافقة على قمع الرافضين، والمناهضين والمقاومين، أو حتى المعارضين سلمياً للتسوية. فالواقع أنه بالنظر إلى عدم وجود شيء جدي يمكن وصفه بأنه "رشوة" قيمة لغايات استرضاء الجمهور الفلسطيني عامة، فإن الرشوة لا بد أن تقتصر على توزيع شيء من الريع على مجموعات قليلة يوكل لها مهمة إكراه البقية على القبول بالوضع القائم، وهو ما يعني ببساطة انتفاء شروط الديمقرطية الليبرالية التي تتضمن بداهة فكرة الإذعان الطوعي لحكم النخب السياسية والاقتصادية النافذة.

نشط استعمال شعار الديمقراطية بعد العام 2003 على ما يبدو للحد من سلطات عرفات وصلاحياته التي منحت له في الأصل من قبل اتفاقيات أوسلو بغرض أن يكون قوياً بما يكفي لتمرير تلك الاتفاقيات بالذات. وعندما دارت العجلة ولم يعد الرجل مرضياً عنه بدرجة كافية بسبب "عجزه" عن الوفاء بالاحتياجات الإسرائيلية كلها، فقد كان لا بد من الحد من صلاحياته  من إيجاد منصب رئيس الوزراء من بين إجراءات أخرى. سوف نجد –لسخرية التاريخ- أن الأمر سينعكس تماماً عندما تفوز حماس في الانتخابات الموسومة بالتشريعية في العام 2006، عندها سوف يتم البحث عن الصيغ الملائمة لإعادة السلطات الرئاسية إلى عهدها "الذهبي" الذي رافق أيام ولادة السلطة الأولى منتصف التسعينيات من القرن الماضي. كان المقصود فيما مضى تقليص صلاحيات "المتطرف" عرفات لمصلحة "المعتدل" عباس، وقد أصبح المطلوب بعد 2006 توسيع صلاحيات "المعتدل" عباس في مواجهة "المتطرف" هنية.

ليس في الوصف السابق أي شيء يجهله الملاحظ للوقائع بالعين المجردة. لكننا نستعمله لتتبع التوظيف الأداتي الذي يتجاوز حدود البراغماتية بكثير لفكرة المؤسسة والقانون والدستور ناهيك عن الفكرة الديمقراطية. إن الأمر ينتهك ببساطة تامة الفكرة المباشرة الذائعة الصيت عن دولة القانون والمؤسسات التي يرغب العالم الثالث في إنشائها على النمط الليبرالي الرأسمالي المعروف. وهذا يعني أن اللحظة لما تحن بعد لكي تولد الديمقراطية في فلسطين، إذ ما دام جهاز الإقناع ما يزال غير قادر على أداء أدواره بغرض حفظ أمن اسرائيل من بين أمور أخرى، فلا بد من اللجوء إلى وسائل أجهزة الدولة وعلى رأسها جهاز الإكراه، وكذا التلاعب العلني بالقوانين وبالنتائج الانتخابية، وإن لم يكن الأمر على الشكل الأكثر فجاجة والمتمثل في إلقاء الصناديق الانتخابية غير الملائمة في حاوية بعيدة واستبدالها بصناديق مجهزة حسب الطلب.

 ولعل المثال الأبرز على ذلك في الحالة الفلسطينية هو ما جرى من انتهاك مقصود ومنظم لنتائج الانتخابات من قبل من يسيطر على أجهزة الدولة بدون أن يكون منتخباً أو أنه كان منتخباً ولكن الانتخابات التالية أفقدته أهليته وصلاحياته السابقة. فقد عملت قيادة السلطة الفلسطينية والمكونة بدرجة كبيرة من حزب السلطة –أو حركة فتح إذا شئنا استخدم التسمية الدقيقة- على عدم تمكين أعضاء أو قيادات في المجلس التشريعي من القيام بمهامهم، وصولاً إلى منعهم من الدخول إلى مقر السلطة التشريعية أي البرلمان أو المجلس التشريعي بحسب التسمية الفسطينية. لقد انتهكت السلطة الفلسطينية بشكل صريح التعريف الإجرائي الأبسط للديمقراطية، والذي يتضمن أن يتمكن الطرف الفائز من ممارسة صلاحياته بحسب ما تقتضيه اللوائح والقوانين التي تنظم عمل الدولة التي قامت بإجراء عملية الانتخابات. ومن الواضح في هذه الحالة أن الجهة التي تمسك بالسلطة وأجهزهتها الإكراهية تحديداً تمارس علناً منع من فاز في الانتخابات من احتلال الدور الممنوح له بحسب القانون الدستوري. هكذا يتم في الحقيقة تقويض أركان الديمقراطية الليبرالية بدون أن يؤدي ذلك إلى مشكلة. وفي هذا السياق اشتكى عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي في حينه من عدم تمكينه من دخول مبنى المجلس في رام الله الخاضعة لسيطرة حركة فتح وقيادة الرئيس محمود عباس ورئيس وزرائه سلام فياض الذي لا ينتمي في الواقع لتلك الحركة. كما عبر الدويك عن رأيه في أن حكومة رام الله غير شرعية لأنها لم تعرض على المجلس التشريعي، وكان الدويك قد أطلق سراحه في صيف 2009 بعد فترة اعتقال دامت أكثر من سنتين لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي ليجد أنه لا يستطيع العودة إلى ممارسة سلطاته بوصفه رئيساً للسلطة التشريعية. ولا يسع المرء إلا أن يدهش لأن الرجل -في المقابل- لم يعلن عن رفضه الترشح للرئاسة –رئاسة السلطة بالذات- على الرغم مما جرى، وهو ما يكشف فيما نظن عن أمرين يمكن أن يضعاه على قدم المساواة مع الفريق الآخر الذي يحرمه ممارسة حقوقه الدستورية: ذلكم هو عدم إيمانه المبدئي باللعبة الديمقراطية بوصفها لعبة لها شروط لا بد من احترامها والالتزام بقواعدها المختلفة. إذ لو كان مؤمناً بها حقاً لما قبل أن يستمر في اللعبة على الرغم من انتهاك القواعد الدستورية جميعاً من قبل رئيس السلطة محمود عباس وآخرين من أصحاب النفوذ. ومن ناحية أخرى لو كان إيمانه حقيقياً بالديمقراطية لما فكر في الترشح مرة أخرى وهو يعلم أن أحداً لا يضمن له الالتزام بنتائج الانتخابات في المرة القادمة أو أن اسرائيل لن تقوم باعتقاله مرة أخرى حتى لو انتخب رئيساً للسلطة ككل. وهذا يدلنا على أن الرجل قد فكر في الديمقراطية بوصفها طريقة للصراع دون أن يكون مؤمناً بها نظاماً سياسياً ملزماً لإدارة البلد بحسب قواعده التي إن انتهكت فقد سمته الديمقراطية ودخل في معمعان التنويعات المختلفة للأتوقراطية. وذلك بالطبع هو الموقف ذاته الذي أخذته وتأخذه القيادة السياسية التي أسست المشروع سواء في زمن الراحل ياسر عرفات أو في زمن خلفائه وعلى رأسهم محمود عباس. إن التحليل هنا يسعفنا بأن موضوع الديمقراطية إنما جاء استجابة لمتطلبات وضغوط داخلية وخارجية معاً. ولكن من البين بذاته أن أحداً من الفريقين الكبيرين الممثلين في فتح وحماس لم يوطد النفس على الالتزام به. وهو ما لا نظنه ممكناً بالنظر إلى أن الالتزام ببرنامج الخصم الانتخابي -في حال فوزه- قد يعني التقويض النهائي لمشروع الجهة الأخرى الذي يقف على مسافة كبيرة منه أو أنه يقع منه في موقع التناقض، وهو ما يعني انتحار الفريق الخاسر سياسياً. وذلك بالطبع يحيلنا إلى فكرة جوهرية في الديمقراطية الليبرالية ألا وهي أن يكون التعدد السياسي الانتخابي في إطار متقارب من حيث المبدأ: مثلاً أن يكون التعدد مرتبطاً بتحديد تقنيات المفاوضات داخل وجهة نظر رئيسة تنظر إلى المفاوضات بوصفها الطريق الأصلح لحل النزاع، أو أن يتبنى الفرقاء جميعاً النظر إلى المقاومة العنفية بوصفها الطريق للاستقلال مع اختلافات في كيفية تطبيق خطة المقاومة. أما والطيف السياسي يمتد من رفض المقاومة إلى رفض المفاوضات، فهذا يعني أن الفائز سوف يدمر الهدف الاستراتيجي للخاسر بما يعني فقدانه مسوغات وجوده السياسي. ومن هنا عقم التفكير في الخيار الديمقراطي خصوصا أن فكرة رفض المفاوضات يمكن أن تنسف الأساس الذي تقوم عليه السلطة الفلسطينية بالذات بوصفها سلطة ناجمة عن التعاقد بين اسرائيل وبين منظمة التحرير بغض النظر عن رغبة السياسي الفلسطيني في القول بأنه يستند إلى السيادة الشعبية الفلسطينية. وهكذا فإن الديمقراطية الفلسطينية قد تعني في الواقع تقويض الأسس التي تقوم عليها اللعبة كلها وصولاً إلى حل السلطة الفلسطينية ذاتها. طبعاً لو كان الطرف المعارض هو الخاسر وظل الحال على ما هو عليه لكان الإشكال قابلاً للتأجيل ما دام يجلس على مقاعد المعارضة. أما أن يخسر المهيمن هيمنته فلا بد له من أن يتراجع عن التزامه بالانتخابات، وهذا تقريباً ما حصل في الحالة الفلسطينية. لذلك نستطيع القول إن الموقف من الديمقراطية موقف تكتيكي أساساً،  بمعنى أن كل طرف يلجأ إليها بوصفها وسيلة أخرى من وسائل الصراع قد تفيده في توسيع قاعدته الجماهيرية أو إحكام الحصار على الخصم وإجباره على الاعتراف بالنقاط التي ربحها. فإذا ما دقت الساعة معلنة عن وصول لحظة الحقيقة، وغدا لزاماً على الخاسر أن يتخلى عن المواقع التي يحتلها، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالطرف الذي يمسك بالأمور فعلاً، وهو في هذه الحالة القيادة التي ورثت الراحل ياسر عرفات فإنه سوف يتراجع عن الديمقراطية ذات الكثافة المنخفضة ويقترح شيئاً آخر أقل كثافة منها. ومن أطرف هذه الاقتراحات ما تمخض عن رؤوس بعض الساسة والمثقفين الفلسطينيين من اقتراح فحواه أن تذهب حماس إلى المعارضة –طوعاً- وتترك لفتح أو للقيادة الرسمية لمعسكر فتح أن تقوم بإنشاء حكومة يرضى بها المجتمع الغربي  (المسمى عادة بالمجتمع الدولي) واسرائيل. غني عن القول إنه سواء أكان المقصود إزاحة حماس ابتغاء لمرضاة اسرائيل أم ابتغاء لمصالح بعض الفلسطينيين فإن الناتج الفعلي في المحصلة هو تجريدها من "السلطة" والحكم الذي استحقته بفوزها في الانتخابات. وهو ما يعني فعلياً إلغاء هذه الانتخابات والعودة إلى الأوضاع التي سادت قبلها. وإذا كان ذلك كذلك فلم كان موضوع الانتخابات في البدء والمنطلق؟

وإذا كان ما سبق صحيحاً على وجه الإجمال، فما الذي تبتغيه القوى الفلسطينية المعارضة كلها من الانتخابات التي يتنادون لها في هذه اللحظة؟

يجب أن نبحث عن إجابة لا علاقة لها بفكرة الديمقراطية أو ممارساتها. يجب أن نفكر في دوافع ما تخص الأزمات التي تعاني منها فصائل وأحزاب العمل السياسي الفلسطيني المختلفة، وتقودها إلى البحث عن مخارج عن طريق الألعاب الديمقراطية التي تدرك بالبراهين الملموسة عبثها وافتقارها إلى الجدية.