اصدارات
صدر حديثا عن دارالتكوين للطباعة والنشر والترجمة «كتاب الغرب» للمفكر والشاعر السوري علي أحمد سعيد إسبر٬ الشهير بــ«أدونيس».
وفي مقدمة الكتاب يقول أدونيس: أنجز الغربُ الأوروبيّ - الأمريكيّ ثلاثَ ثورات علميّة - تقنيّة، تُوَجِّه القرنَ الحادي والعشرين وتخلع عليه طابعها.
1 - الثورة الكمّيّة التي أدّت إلى التحكُّم في المادّة، وإلى نشوء أشكالٍ للحياة نفسِها تُعرَف للمرّة الأولى. وهي ثورةٌ أنْهَتْ على صعيدها الخاصّ المعرفةَ اليونانيّة.
2 - الثورة الإلكترونيّة التي أسّسَت لعالَمٍ معرفيٍّ جديد.
3 - الثورة الحَيَوِيَّة - الجُزَيئيّة (البيو - تقنيّة)، وهي التي أخذت تتحكَّم الآن في الحياة نفسها بأشكالٍ مُتَنوِّعة تستجيب، كثيرًا أو قليلًا لرغبات البشر.
هذه الثورات خلخَلَت اليقينيّات كلّها، وتوَلَّدَت عنها مشكلات «خَلق الإنسان نفسه» وتعميق الفوارق بين الناس (الجينات والكيمياء البيولوجية، تهديد حريات الفرد، والحريات المدنيّة، الثورة الإلكترونيّة) وهي مشكلات تطرح أسئلةً كثيرة على الإنسان نفسه، سواء كان مُلْحِدًا أو مؤمِنًا. خصوصًا أنّها ربطت العلم بمتطلّبات الاقتصاد والسّياسة، وبمنطق السّوق.
ويمضي أدونيس مؤكدا: لم يشارك العرب في أية ثورةٍ من هذه الثورات. الحياة العربيّة - اقتصادًا وثقافةً وسياسةً، هي برمّتها نتاجٌ غربيّ. - وقد بدأ الغربُ الأميركيّ - الأوروبيّ، بإعادة إنتاج الدين نفسه، سياسيًّا و«ثوريًّا».
ويمكن وصف حالةِ الشعوب العربيّة، اليوم، بأنّها لا تزال، منذ أربعة عشرَ قرنًا، حالةَ «أطفالٍ» يعيشون في بلدانٍ ليست إلاّ «دورَ حضانةٍ» تسهرُ عليها السياسةُ الدّينيّة، تربيةً وتعليمًا.
وفي هذا ما يفسّر سُباتَ «الثّباتِ» العربيّ، ويفسِّرُ أنّ ما يتغيّر في «دور الحضانة» هذه هو «المعلِّمُ» وحده. والأفضل في هذا «التغيير» هو أن يكون المعلّم الذي يخلفه «مثله» تمامًا، ويسير على نهجِه تمامًا. وهو ما يفسِّرُ أيضًا أنّ ما يُسَمّى بـ «المعارضة» ليس إلاّ «قفا» الصّفحةِ - الحاكمة. وغالبًا ما يكون هذا القفا، أكثرَ سوءًا بكثير ممّا سبَقَهُ.