الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

صندوق الاقتراع : بين صرخة الضحية و الحاجة للتغيير/ بقلم: جمال زقوت

2021-03-19 09:25:27 AM
صندوق الاقتراع : بين صرخة الضحية و الحاجة للتغيير/ بقلم: جمال زقوت
جمال زقوت

 

منذ اعلان مراسيم الدعوة للانتخابات وفلسطين تتقلب على صفيح ساخن. فبعد خمسة عشر عاماً من ادارة الظهر للقانون والحق الدستوري للمواطنين بدورية الانتخابات، و ترك الاطراف المهيمنة على المشهد تمارس شهواتها المكبوتة بفعل عقمها المزمن في التعامل مع متطلبات الصراع و احتياجات المواطنين، و التشدق بشعارات الصمود و عمل كل ما هو ممكن لشيطنة كل من يعملون بمثابرة لتعزيز صمود الناس المهمشين، متغافلين أن تربية الأمل وممارسة المسؤولية في عدالة أنظمة الحكم والعلاقة المحترمة مع الناس هي بوابة هذا الصمود.

فجأة دبت الحياة في أزقة الاحياء و المناطق و الفئات المهمشة رغم حالة عدم اليقين ازاء جدية و حتمية مواجهة الصندوق في الثاني و العشرين من مايو القادم، إلا أن شعوراً بدأ يتسلل أن هذا الجنين قد يأتي مشوهاً و يفتقر ليس فقط للقدرة على الحياة و النمو بالاستجابة لطموحات الناس و هي كثيرة ومتراكمة الاستحقاقات، وعلت عليها طبقات سميكة من غبار الاهمال، فما بالنا بعقم السنوات الماضية التي دفعت الحالة و جينات الجنين بين حالة مرض التوحد أو التشوه الخلقي الاصطناعي و أحيانا كليهما .
 

بالاضافة لرغبة المواطن باستعادة حقه في المحاسبة على سنوات التهميش و الاهمال، وما ولدتها من شعور بالاحباط و اليتم عند الاغلبية الساحقة من أبناء و بنات الشعب الفلسطيني في الداخل و الخارج، يتضح يومياً أن المهيمنين على المشهد المتفكك حد التعفن لا يأبهون سوى باستمرار صلاحية الحكم حتى لو تعفنت الحالة العامة و معها الوطن و المواطن حد التسمم . إن ما تمخض عن لقاءات الفصائل و التي باتت تظهر حقيقة طابعها لتحليل كل أشكال السفاح التي مورست بحق الشعب و أن دور المتواجدين معهما من بقايا الفلول ليس أكثر من الاستمرار في الحاجة لهم كشهود زور على هذا الزواج الذي يحتاج لتعريف جديد في علم المجتمع و الأسرة، فقد تجاوز زواج المتعة حد ممارسة السادية .

هل يمكن لحفل زواج يريد له الطرفين المهيمنين على مقدرات الناس أن يكون بمثابة مجرد ممارسة طقوس هي الأقرب للمثلية السادية، و أن تقتصر وظيفتها الوحيدة بالنسبة لهم على استمرار هذه السادية في ادعاء أو استرداد شرعية العلاقة مع ضحايا السفاح من بسطاء الناس الذين يسموا "مواطنين"مع ادراك كل منهما أنه عاقر و لا يعنيه سوى ما تتيحه نزوات السلطة لهما من شذوذ .

لم يعد بالامكان اخماد صوت القهر الذي تسببت به سنوات الانقسام الطويلة والعجاف، و لا أظن أن استدعاء تجارب الحكم البوليسي و قوانيين و محاكم قراقوش و آخرها جلب الشعب كله لبيت الطاعة المنقسم و ترسيمه في محاولة اقتسام تعبر عن مدى الانفصال ليس بين جناحي البلد بل بين مقتسميه و بين الشعب الضحية الذي لم يعد يحتمل سادية النشوة المريضة.

صراخ الضحية لوحده لن يجلب لها العدالة، بقدر ما هي حاجة هذه الضحية أن تدرك بأن لحظة الخلاص ممكنة، وأن امكانية جلب من تسببوا بكل معاناة و ضياع سنوات عمرهم و معها طاقة الامل، للعدالة هي أمر ممكن، بل وحقيقة لا فكاك منها أمام محكمة الحياة وفي صندوق الاقتراع و لكنها في الوقت نفسه تحتاج لمحامين و هيئة محلفين قادرة و مجربة و أن لا تخدع مرة ثانية بجزرة الترغيب أو سوط الترهيب ؛ سواء كان ذلك عاجلاً في موعده أو آجلاً ظناً بأن تلك التهم الكبيرة قد تسقط بالتقادم بعد أن تبين لها فشل الاقصاء أو الاستئصال !