الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

المنطقة الصناعية في أريحا تعرفة كهرباء مرتفعة.. ومشروع طاقة شمسية قد يؤدي إلى الحل

2021-03-30 11:18:38 AM
المنطقة الصناعية في أريحا تعرفة كهرباء مرتفعة.. ومشروع طاقة شمسية قد يؤدي إلى الحل
مجمع المصانع في أريحا الممول من المبادرة اليابانية

الحدث- ضحى حميدان

خصص قانون التعرفة الكهربائية الساري المفعول منذ عام ٢٠١٥، في المادة السابعة رقم (٣)؛  سعراً خاصاً يتعلق بمصانع الحجر والرخام التي يزيد استهلاكها عن ٦٠ ألف كيلو واط في الساعة شهرياً، وتبلغ قيمتها حسب القانون ٠.٥٤ شيقل، واللافت أن القانون خصص ذلك لتلك المصانع فقط، بالرغم من وجود مصانع وطنية يزيد استهلاكها بالكيلو واط عن الرقم المذكور، كتلك التابعة لهيئة المدن الصناعية في منطقة أريحا، والتي تنتج أصنافاً غير الحجر والرخام، وهي تدفع ما قيمته ١.٢ شيقل شامل للضريبة، ما شكل عبئاً على أصحاب المصانع في تلك المنطقة، وقلل من حجم الإنتاج للمنتج الوطني، الذي أضعف تباعاً قدرته على منافسة البضائع المستوردة، إذ بلغ ما يدفعه أصحاب المصانع في تلك المنطقة ما يزيد عن ٨٠٠ ألف شيقل سنوياً لشركة الكهرباء.

وبناءً على ذلك، أرسلت الهيئة العامة للمدن الصناعية والمناطق الصناعية الحرة كتابين في شهر فبراير وأكتوبر العام الماضي لمجلس قطاع تنظيم الكهرباء، بشأن خفض تكلفة تعرفة الكهرباء على المستثمرين داخل المناطق الصناعية، لأجل جذب المزيد من الاستثمارات وخفض تكلفة المنتجات الوطنية.

واستند الطلب بشكلٍ أساسي إلى توصية مجلس قطاع تنظيم الكهرباء بإعادة النظر بالتعرفة المكلفة على أصحاب المنشآت الصناعية، واقتراح فرض تعرفة مخفضة يحددها المجلس بالتعاون مع الهيئة، لأجل تقليل التكلفة على المستثمرين، ولتعزيز صمود المنتج الوطني أمام تنافسية المنتجات القادمة من الخارج، كما أوصت الهيئة بأن تستثنى المنشآت الصناعية التي يزيد استهلاكها عن 60000كيلو واط/ساعة شهرياً  من قرار التعرفة الصناعية، أسوة بمصانع الحجر والرخام وذلك لأن التكلفة الكبيرة في الكهرباء أصبحت تشكل عبئاً على أصحاب هذه المنشآت.

وقال مدير مصنع FMH في هيئة المدن الصناعية مصطفى مليطات لـ"الحدث"، إن مشكلته كمالك مصنع في تلك المنطقة تكمن بقدرة الكهرباء بشكل رئيسي، وما يترتب عليها من طاقة إنتاجية، موضحاً أن مصنعه تقدم بطلب ٧٠٠ أمبير لشركة الكهرباء، ثم عاد بطلب آخر بقيمة ٥٠٥ أمبير، لكن المصنع الآن لا يعمل إلا على شدة تيار ٢٢٠ أمبير، ما سبب آثاراً سلبية لمصنعه، فبدل أن يقوم بتشغيل خطوط إنتاج المصنع معاً للإنتاج بشكلٍ مُتسق، لجأ مضطراً لتشغيل خطوطه الواحد تلو الآخر، وهذا ساهم في تقليل الإنتاج في مصنعه، وتقليل عدد العاملين وكذلك تخفيض الخطة التشغيلية كاملة، ما دفعه لتغيير خطة الإنتاج بشكل كامل، التي سببت عدم القدرة على الإنتاج للسوق المحلي بشكل كافٍ ما عاد عليه بالأثر السلبي تباعاً.

ويوضح مليطات أن هذه ليست مشكلته وحده، بل مشكلة كل مصانع المدينة الصناعية التي تعاني من ذات التبعات، ويقول: "لا بنية تحتية جيدة في هذا المجال، والأصل أن قامت شركة تطوير أريحا وهيئة المدن بتوفير ٨ وحدات كهربائية للمرحلة الأولى من المشروع، كل وحدة فيها تعطي شدة تيار بقيمة ١٥٠٠ أمبير، والذي حصل أنهم وفروا ٥ وحدات فقط بشدة تيار ٧٠٠ أمبير".

المشكلة الأخرى التي ذكرها مليطات، هي سعر تعرفة الكيلو واط، فهي تبلغ ٧٥ أغورة، ولكنهم يدفعون شيقل واحد و٣٤ أغورة شاملة للضريبة، ويطرح مليطات أن سعر التعرفة في المناطق الصناعية الأخرى في الخليل ونابلس لا يتعدى ٥٤ أغورة.

وتابع مليطات أن هناك لجنة منتخبة من هيئة المستثمرين قد توجهت لرئاسة الوزراء ووزير الاقتصاد، وهيئة المدن الصناعية، ومجلس تنظيم قطاع الطاقة، لأجل حل هذه المشكلات،  لكنها في كل مرة تتلقى وعوداً بالحل في وقتٍ قريب من غير تنفيذ، وكان الرئيس التنفيذي لهيئة المدن الصناعية د.علي شعث ورئيس مجلس إدارتها الوزير خالد العسيلي قد أرسلا كتباً لمجلس قطاع تنظيم الكهرباء يوصيان فيها بتقليل التعرفة الكهربائية، في فبراير وأكتوبر من العام ٢٠٢٠ لتخفيض سعر التعرفة أسوة بالمناطق الصناعية في باقي المدن، ولم يحدث شيء حتى اللحظة حسب قول مليطات.

بهذا الخصوص توجهت الحدث لرئيس مجلس قطاع تنظيم الكهرباء المهندس حمدي طهبوب، الذي قال إن التعرفة الكهربائية هي فقط من اختصاص مجلس تنظيم قطاع الكهرباء، ودائماً ما يقوم المجلس بسماع المشاكل من جميع الأطراف ذات العلاقة بموضوع التعرفة الكهربائية، وبناءً على ذلك فقد أكد طهبوب أن هنالك العديد من المصانع التي تستهلك ما يزيد عن 60 ألف كيلو واط /ساعة شهرياً، لذلك فإن قرار مجلس الوزراء بخصوص التعرفة حسب الوقت الذي تطبقه شركة القدس على أصحاب المنشآت الصناعية ينطبق عليهم.

وأكد طهبوب بقوله: "إن كتاب وزير الاقتصاد الوطني ورئيس هيئة المدن الصناعية خالد العسيلي قد وصل بالفعل لمجلس تنظيم قطاع الكهرباء، وقد طلب أن تكون التعرفة للمناطق الصناعية مميزة، وبناءً عليه تمت مراجعة التعرفة العامة لعام 2021، وأعلمنا شركات توزيع الكهرباء بشكل رسمي نيتنا بتنسيب الحكومة لقرار تعرفة مميز للمناطق الصناعية، بهدف جذب المستثمرين لهذه المناطق ودعمها وطنياً، والقصد أن هذا القرار فقط سيشمل المناطق الصناعية التي تتبع لهيئة المدن الصناعية أي للدولة، على أن تتحمل الحكومة فرق السعر، وبناءً على ذلك نحن الآن في المراحل النهائية من العمل على هذا الموضوع، وبقي أن نرفع توصياتنا للحكومة".

وأضاف طهبوب: "إن أي قرارٍ بتعديل التعرفة الكهربائية له إجراءات معينة، تبدأ هذه الإجراءات بجمع البيانات من شركات التوزيع وعمل الدراسات الأولية، ثم تُرسل الدراسات الأولية للشركات بعد إقرارها من مجلس الإدارة في قطاع تنظيم الكهرباء، ثم تأتي مرحلة إعلام شركات التوزيع بتوصياتنا للحكومة بشأن التعرفة الجديدة، وآخر مرحلة هي التي نحن فيها الآن وهي مأسسة التعرفة الكهربائية ثم رفع التوصيات للحكومة من أجل إقرارها رسمياً".

والجدير بالذكر أن التعرفة الكهربائية الخاصة بالمناطق الصناعية بدأ إصدارها منذ فترة طويلة في عام 2011 بالتحديد، وهذه أول مرة يُطلب فيها من مجلس تنظيم قطاع الكهرباء عمل تعرفة خاصة ومميزة بالمناطق الصناعية منذ إنشائها حسب قول طهبوب، الذي أكد  أن المجلس أخذ الأمر بجدية منذ البداية، وبعد دراسة فعلية لهذا الطلب تبين لدى المجلس منطقيته وضرورة تنفيذه، لأجل مساعدة الاقتصاد الوطني على النهوض، كذلك لتخفيف التكلفة على أصحاب المنشآت الصناعية ولتعزيز المنتج الوطني، وكافة هذه المعطيات جعلت المجلس يبدأ بإجراءات التوصية بتغيير التعرفة والإجراءات في مراحلها النهائية.

في هذا السياق تواصلت الحدث مع مدير عمليات مدينة أريحا الصناعية الزراعية م.آلاء أبو بكر التي أكدت أن مشروع الطاقة الشمسية في المنطقة الصناعية الذي دخل حيز التنفيذ عام ٢٠١٩، يهدف  بشكل أساسي إلى إنشاء محطة طاقة شمسية في مدينة أريحا الصناعية من أجل خفض تعرفة الكهرباء على المستثمرين، وقدرته الإنتاجية  تبلغ 2 ميغا واط.

فيما أكد رئيس اتحاد صناعات الطاقة المتجددة د. حسن أبو لبده أن عطاء مشروع الطاقة الشمسية في المنطقة الصناعية في مدينة أريحا قد طرح في نهاية صيف 2018 حيث تم تسليم الوثائق من المقاولين المتنافسين بتاريخ ٢٠-١٢-٢٠١٨، منوهاً أن مشروعاً للطاقة الشمسية بقدرة ٢ ميجا واط مثل ذاك الذي أقيم على أسطح هناجر المصانع بأريحا، يحتاج لخمسة أشهر على الأكثر من تاريخ توقيع العقد لتنفيذه وتشغيله.

وأكد أبو بكر أنه تم الانتهاء من جميع الأعمال المتعلقة بتركيب توصيل الألواح والكوابل  واللوحات الكهربائية في المشروع، وتبقى فقط الأعمال المتعلقة بالفحص والتشغيل، وهي من اختصاص شركة الكهرباء، وبالتعاون مع المقاول المسؤول، موضحةً أن المشروع في مرحلة إجراءات الشبك من قبل شركة الكهرباء، من أجل استلام المشروع بشكل نهائي بعد انتهاء عملية الفحص والتشغيل.

وأوضح د. أبو لبدة للحدث أن هذا المشروع هو من تمويلٍ ياباني عبر UNDP، وحدثت فيه مجموعة مشاكل منذ بداية القرار بتنفيذه، والسبب في البداية أن UNDP استوردت شركة أجنبية لتمثلها في الإشراف على التنفيذ للمشروع، وهذا كلف مبالغ طائلة وصلت إلى أكثر من ٦٠٠ ألف دولار، والمشكلة الأخرى، أنه عند البدء بتنفيذ المشروع، لم تكن رخصة المشروع قد صدرت عن شركة كهرباء القدس، وعندما أُحيل العطاء، وبدأت إحدى الشركات المحلية بالتنفيذ، استغرق المشروع وقتاً طويلاً لحدوث بعض المشاكل مع المقاول لوجود مقاولين فرعيين فتأخر في تسليم المشروع تباعاً، عندما جاء وقت التسليم وحتى تستطيع شركة كهرباء القدس تشغيل المشروع يجب أن تكون موافقة عليه منذ البداية وقبل إنشائه، حتى تبدأ بإجراءات الفحص والتشغيل، وهنا وقعت كل الجهات ذات العلاقة بالمشروع في مطب مع شركة الكهرباء، التي لم تُستكمل الاتفاقات معها منذ البداية، ووقع المطور بمطب مع هيئة المناطق الصناعية التي اعترضت على أن يكون المطور مسؤولا عن المشروع.

وتابع د. أبو لبدة: "إن شركة الكهرباء لديها مجموعة من المتطلبات، والتي ليست بالضرورة أن تكون محقة ببعضها ولكنها ستطبق على المستثمرين في نهاية المطاف، وقد أخطأت  UNDP  بعدم إنجاز كافة الاتفاقيات والتفاهمات المطلوبة حتى يتم تنفيذ المشروع بسلاسة، وقد اختلط الحابل بالنابل في تنازع الصلاحيات على ملكية وولاية المشروع، فهيئة المناطق الصناعية ترى أنه لها، والمطور يرى أنه المالك، والمصانع الموجودة في تلك المنطقة تقول إن المشروع أُقيم على الهناجر الخاصة بها فهم أصحاب الأحقية به، والذي تضرر من كل هذه التباينات هو نحن كشعب فلسطيني حصلنا على منحة من اليابان ولم نتمكن من استغلالها جيدا،  أما المطور فهو المتضرر الأكبر، فمن المفترض أن يكون جزءا من ريع هذا المشروع للمطور ولكنه لم يحصل على ذلك، إضافة إلى ذلك فمن المفترض أن تكون للمصانع حصة من دخل المشروع لأن تكلفة التشغيل لديهم مرتفعة، ولكنها لم تحصل على شيء حتى الآن نتيجة للفوضى المترتبة على عدم استكمال التنسيقات والموافقات المتعلقة به بين جميع ذوي المصلحة، وهم UNDP والمطور وهيئة المدن الصناعية وشركة الكهرباء  وأصحاب المصانع، وبالتالي تحول المشروع الى استثمار مهدور لتاريخه.

وكان مدير المصنع مصطفى مليطات لفت إلى أن هناك مشكلة جوهرية في المنطقة الصناعية بأريحا، تتعلق بمنحة اليابان لبناء نظام شمسي يُخلص تلك المنطقة من مشكلة الكهرباء، وينتج هذا المشروع ما قدرته ٢ ميجا واط  (3.3 مليون كيلو واط سنويا)،  وبعد إنشائه لم يتم تشغيله لضخ الطاقة حتى اللحظة.

وللتوضيح أكثر فيما يتعلق بقضية أحقية شركة كهرباء القدس بالحصول على نسبة من إنتاج، يقول مهندس الكهرباء في دائرة عمليات أريحا في هيئة المدن الصناعية محمود رضوان: "إن الذي يحدد نسبة شركة الكهرباء هي آلية الربط ونوعها، ويطرح رضوان أمثلة على ذلك كنوع ربط يسمى Feed In، الذي يعني أن جهةً ما تقيم محطة طاقة في مكان ما، من أجل إفادة طرف ثانٍ في نفس مكان امتياز الشركة، وفي هذه الحالة تأخذ شركة الكهرباء نسبة تعادل تقريباً ١٥٪ إلى ٢٥٪ من فائض الإنتاج، وهي نسبة محددة في القانون، ولكن فيما يتعلق بالمشروع الخاص بالطاقة الشمسية في المنطقة الصناعية بأريحا فلهُ وضعه الخاص، وذلك لكونه ممولا من الحكومة اليابانية أي أنه مشروعٌ وطني وليس استثماريا، وقد تم تركيبه على أسطح مجموعة مختلفة من الهناجر لأصحاب خدمات متعددة، ويستفيد من هذا المشروع المستثمرون في تلك المنطقة، ولأن هذه الجزئية المتعلقة بهذا النظام جديدة من نوعها، فلا يوجد نص قانون جاهز يخدمها، كنظام صافي القياس ونظام Feed In التي لها قوانين خاصة، وهناك مجموعة كبيرة من الهناجر، رُكبت أنظمة الطاقة على ١٦ إلى ٢٠ هنجر منها، ولكن المستفيدون في تلك المنطقة عددهم أكثر بكثير من عدد الهناجر التي رُكبت عليها ألواح الطاقة، وهذه الحالة ليس لديها قانون يستقبلها وينظمها بعد". 

ويوضح المهندس رضوان أن التعامل مع هذا الوضع سيكون من خلال نظم اتفاقية خاصة بين الجهات المعنية، والأمر لا يتوقف عند شركة الكهرباء ونصيبها من المشروع، بسبب وجود شركة أخرى التي ستقوم بأمور التشغيل والصيانة، وهي منبثقة عن الشركة المطورة للمشروع، ويؤكد رضوان أن شركة الكهرباء لا تتقاضى فقط مقابل ضخ الطاقة في شبكتها، إنما هناك واجبات أخرى ملقاة على كاهلها، كعمليات المحاسبة والسيطرة وتخصيص قسم كامل لمراقبة المشروع وحساب الهبوط والارتفاع في الإنتاج كذلك السيطرة على المشاكل الممكنة الحدوث، وبسبب هذه المسؤوليات يتطلب أن يكون لهم أجر عليها، والذي يحدد هذا الأجر هو اتفاقية خماسية الأطراف بين كل من مجلس تنظيم قطاع الكهرباء وسلطة الطاقة وشركة كهرباء القدس وهيئة المدن الصناعية والشركة المطورة للمشروع، حيث يسمى كل طرف من هذه الأطراف   stake holder أي أصحاب المصالح في هذا المشروع، حيث لكل طرف مجموعة من المسؤوليات والواجبات وله العديد من الحقوق أيضاً.

 وفي سياق قضية القانون الناظم لمثل هذه الحالات، قال د. أبو لبدة:  "إن كلام مهندسي هيئة المدن الصناعية، بأنه لا وجود لنظام مطبق في القانون على هذا المشروع هو أمر صحيح، وليس معروفاً هل هذا مشروع لبيع الكهرباء، وفي هذه الحالة من أجل أن تباع كهرباء المشروع الذي تبلغ قدرته ٢ ميجاواط فيجب أن تباع لشركة نقل الكهرباء الوطنية حسب القوانين وشركة النقل ستشتري فقط إن كانت شركة كهرباء القدس موافقة أن يتم ضخ الكهرباء على شبكتها، وبالطبع فإنه من المرجح أن تتحفظ شركة الكهرباء على ذلك وتطالب بسعر أرخص لشراء الكهرباء من المشروع، والسعر المعتمد في شركة نقل الكهرباء الوطنية لشراء الطاقة من مشاريع الطاقة الشمسية في حينه كان سعرا يعادل 90% من سعر الكهرباء من إسرائيل، وأصبح اليوم بسقف ٨٥٪ من سعر شراء الكهرباء من الاحتلال، وذلك حسب قرار مجلس الوزراء، بالتالي شركة الكهرباء لن توافق على شراء الكهرباء إلا بالسعر الذي تراه عادلا وهو لا يتجاوز 67% من سعر الشراء من الاحتلال، لكن الإشكال الآخر هو أن هذا المشروع ليس استثمارياً وإنما تنموي، ومن المفترض أن تكون هناك إجراءات وترتيبات خاصة لتنظيم العلاقة مع شركة الكهرباء وشركة النقل الوطنية، فهو تبرع من دولة مانحة، وهو منفذ لغايات غير تجارية، وبسبب التنازع عليه بين كل الأطراف فإن المشروع مهدد بالإنهيار".

وبهذا الخصوص، أوضح مليطات كصاحب مصنع في تلك المنطقة أن شركة كهرباء القدس تقترح أن تمنح المصانع ١٥٪ من قيمة الإنتاج الفعلي، وباقي الإنتاج تستفيد منه الشركة، مبيناً أن أصحاب المصانع اعترضوا بمجموعة فعاليات ومنعوا شركة الكهرباء من ممارسة عملها نتيجة هذا القرار، لأن القانون وهيئة تشجيع الاستثمار تقول إن مشاريع إنتاج الطاقة يجب أن تدفع ١٢.٥٪ من الإنتاج لشركة الكهرباء و ٨٪ بدل صيانة، وذلك بدل ضخ الكهرباء في شبكتها، وبالتالي يتبقى ٨٠٪ من الإنتاج يذهب لصالح المصانع، وهذا يعني لو تفعل هذا النظام بهذا الشكل ستعمل كل المصانع في هيئة المدن الصناعية من خلال الطاقة المنتجة من المشروع، بسلاسة وبدون تكلفة مادية أو بدفع رسوم مخفضة تصل إلى ٢٠٪ أغورة حسب قول مليطات

أما عن الضرائب، فأوضح المهندس محمود رضوان أنه في الحالة الطبيعية تشتري شركات الكهرباء الطاقة من إسرائيل، وتترتب على ذلك جملة عوامل كقضايا المقاصة والضرائب التي يتحملها المستهلك، ولكن بما أن مشاريع الطاقة الشمسية حديثة العهد في فلسطين، وهناك قضايا جديدة تتعلق بكميات الإنتاج الكبيرة من الطاقة وشراء الكهرباء من الاستثمارات الكبيرة والتي لم تُنظم قوانين ضريبية فيها حتى اللحظة حسب قوله.

وفيما يتعلق بمشروع المدينة الصناعية بأريحا، قال رضوان: "سنتجه حسب القانون الذي سيتوصل إليه مجلس تنظيم قطاع الكهرباء وسلطة الطاقة، وإن أقروا الضريبة نحن لن نخالفهم بذلك، فنحن مالكو المشروع لكننا لسنا مخيرين بقبول الضريبة من رفضها، ولكننا في هيئة المدن الصناعية بكل أطرافها ومهندسيها ومحاميها ودوائرها نريد تحقيق أقصى استفادة للمستثمرين من هذا المشروع، ونريد أن يشعر المستثمر بالفرق ويستفيد بشكل داعم له".

ورداً على قضية الضرائب بَيّن مالك المصنع  مليطات أن مشروع الطاقة الشمسية المبني على أسطح "الهناجر" المصانع الموجودة في المنطقة الصناعية، والذي من المفترض أن يضخ في شبكة كهرباء القدس، لا يوجد ضريبة عليه تدفعها شركة الكهرباء، ومع ذلك فإن الشركة تطالب المصانع بدفع ضريبة تبلغ ١٦٪، ومن المفترض أن يكون هناك إعفاء ضريبي لأصحاب المصانع، لأن ذلك يصنع الحافز الاستثماري لصاحب المصنع، ويزيد من إنتاجه وبالتالي يزيد من قدرته على منافسة المنتج المستورد، ولكن حسب المعطيات الراهنة فلا مقومات أو خدمات أو دعم للمناطق الصناعية لتشجيع المستثمر على الاستمرار، حسب وصف مليطات، الذي أكد أن هذه الخدمات الأساسية التي يجب أن توفر لهم بالأصل، يدفع ثمنها أصحاب المصانع وهذا يزيد من الأعباء على كاهلهم، موضحاً أن صورة المنطقة الصناعية لمن يزورها الآن مأساوية، حيث أن معظم المصانع أغلقت أبوابها، والذي يعمل منها لا يتجاوز ١٠٪ من إنتاجه.

وفي السياق ذاته، أكد م.محمود رضوان أن مشروع الطاقة الشمسية لم يتم تركيبه لأجل تغطية نقص في المنطقة الصناعية، مشيرا إلى أن هناك كهرباء في المنطقة تغطي حاجة المصانع، ولكن النظام يتم تركيبه لأجل تسديد فواتير أو تخفيض تكلفة على المستثمرين، وقال: "إن قُطعت الكهرباء من الشركة، ستُقطع أيضاً على المصانع، لأن هذا المشروع لم يتواجد لأجل إنتاج طاقة تغطي أي قطع قد يحصل، ولكنه وجد لتقليل تكلفة التعرفة على المستثمرين".

وأكد رضوان أن المستثمر سيبدأ بالشعور بفرق الفواتير المخفضة فقط عندما تنتهي الاتفاقيات ويتم توقيعها من كل الهيئات المسؤولة، موضحاً أن undp والهيئة وباقي الجهات المسؤولة يسعون الآن للتوصل لشكل نهائي من الاتفاقية التي تصبح سارية المفعول حال توقيع وزير الاقتصاد خالد العسيلي وتوقيع كل رئيس مجلس إدارة من الأطراف الأخرى، وعندها تصبح هذه الاتفاقية بمثابة الشريعة التي ستسير وفقها شركة الكهرباء وتصدر الفواتير بناءً عليها.

ويؤكد أبو د. لبدة أن مشاريع الطاقة الشمسية مجدية جداً للمنشآت الصناعية أو التجارية، وسيكون لها أثر كبير ودور في تخفيض كلفة الإنتاج، لأن الكهرباء تعتبر أحد مدخلات الإنتاج غالية الثمن، لذلك وجود طاقة شمسية لتغذية هذه المصانع بالكهرباء ليس فقط مفيداً لها، بل هو عاملٌ استراتيجي من أجل تخفيض هذه الكلفة، وبالتالي زيادة إمكانية التنافسية لهذه المصانع مع الصناعات الإسرائيلية والإقليمية وغيرها، وحتى يستفيد المصنع ويزيد إنتاجه يجب أن ينشئ بنفسه النظام الشمسي لغايات الاستهلاك الذاتي حتى تصبح إمكانية الإنتاج ممتازة.

وفي هذا الجانب يقول أبو لبدة: "إن كانت شركة تجارية وتستثمر نظام طاقة شمسية لصالحها، ستوفر مبالغ هائلة، لأن سعر كيلو واط الكهرباء قبل الضريبة يبلغ ٦١ أغورة للشركات التجارية، وبالتالي ستسترد هذه الشركات قيمة استثمارها خلال ثلاث أو أربع سنوات، وبعدها سيعمر المشروع مدة ٢٥ سنة بتكلفة كهرباء أقل من ١ أو ٢ سنت على المستثمر، لذلك هناك علاقة مباشرة جداً ما بين استخدام الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء المستهلكة، وتخفيض كلفة الإنتاج وبالتالي زيادة التنافسية".