خاص الحدث
كثُر الحديث عن خلافات حركة فتح الداخلية في الأيام الأخيرة في ما يتعلق باختيار مرشحيها لانتخابات المجلس التشريعي، فبينما كانت مركزية فتح تدفع باتجاه اختيار أسماء تمتلك رصيدا اجتماعيا بغض النظر عن دورها التنظيمي الفاعل، كانت اللجان التنظيمية المحلية والأقاليم ترى بضرورة أن يكون الاختيار تنظيميا خالصا ومن خلالها، وفق ما تؤكد مصادر مطلعة لصحيفة الحدث.
لكن إعلان الأسير مروان البرغوثي عن نيته تشكيل قائمة انتخابية، وفق تأكيد عائلته والمقربين منه، أحدث نوعا من الصدمة داخل فتح التي تعاني أصلا من خلافات في ملف التشريعي، ووضع مركزيتها أمام خيارات صعبة. ففي حال تم فصل البرغوثي من الحركة فإن هذا من الممكن أن يفاقم حالة التشرذم ويمنحها إطارا منظما، وهو أقصى ما تخشاه مركزية فتح كما توضح المصادر لـ"الحدث".
أما عن الأسباب التي دفعت البرغوثي لهذا القرار، تقول المصادر إنه لمس حالة عدم التزام بما تم الاتفاق عليه خلال زيارة عضو اللجنة المركزية لفتح حسين الشيخ له في معتقل هداريم الاحتلالي، خاصة بعد المعلومات التي تحدثت عن اختلاف معايير اختيار مرشحي القائمة في اجتماع المركزية الذي عقد ليلة الإثنين إلى الثلاثاء، وهو ما يهدد استبعاد بعض مقربي البرغوثي من القائمة، من بينهم قدورة فارس، الذي أعلن عنه نيته عدم خوض غمار انتخابات التشريعي، لكنه عاد وتراجع عن قراره كما نشرت الحدث في مطلع الأسبوع الجاري نقلا عن مصادر خاصة.
لكن السبب الأهم في قرار البرغوثي الأخير، وفق ما تشير المصادر، هو التعديل الذي جاء تحت عنوان "سقط سهوا" في ما يخص استثناء المستقلين من الترشح للانتخابات الرئاسية، فبناء على توصية قانونيين للبرغوثي، يمكن لأي شخص أن يطعن في ترشحه للرئاسة لأن التعديل جاء في سياق غير قانوني وبالتالي فإن القرار بقانون الذي يستثني المرشحين المستقلين هو الأساس القانوني للترشح، وهنا اعتبر البرغوثي أن هناك حاجة ملحة لقائمة أو حزب لكي يرشحه، وبما أن الأخير لن يتوفر فقد سعى للخيار الأول بهذه السرعة.
ولا تبدو رحلة البرغوثي ميسرة إلى التشريعي، فأبرز مقربوه غاضبون من سلوكه في إطار العملية الانتخابية، نظرا لأنهم كانوا يدفعون باتجاه تشكيل قائمة انتخابية في وقت مبكر لكنه احتكر القرار بالخصوص لنفسه بانتظار ما تُفضي إليه المفاوضات الثنائية بينه وبين مركزية فتح، وهو ما خلق حالة من العزوف لدى عدد من القائمين على الفكرة، وقد اتضح ذلك أكثر خلال تواصل عائلته مع عدد من هؤلاء من بينهم الوزير السابق عيسى قراقع الذي لم يعطي قرارا نهائيا بالمشاركة في القائمة كما أكدت مصادر خاصة لـ الحدث.
ومع ذلك ترى المصادر أن خطوة البرغوثي مكلفة جدا لمركزية فتح وقائمتها الرسمية، فحجم عدم الرضى عن اختياراتها كان بمثابة هدية مجانية للبرغوثي، الذي سيحاول الاستفادة من حالة عدم الرضى لاستقطاب أصوات فتحاوية ستجد نفسها ممثلة في قائمته أو ستتعامل بمنطق الانتقام من القائمة الرسمية، وبالنسبة للبرغوثي فإن هذه الخطوة خطوة سليمة لمنع خروج قيادات وكوادر لتيارات أخرى، فقائمته ستعمل على احتواء هذه الحالة، كما أكد عدد من مقربيه لـ الحدث.
أما بخصوص البيان الصادر عن السجون والذي حمل اتهاما للبرغوثي بابتزاز مركزية فتح وإسنادا لموقفها في اختيار أسماء قائمة التشريعي، تشير المصادر إلى أنه كان جاهزا منذ فترة طويلة، وتعاملت المركزية معه كأحد وسائل الضغط على البرغوثي لثنيه عن مشاريعه الخاصة بالعملية الانتخابية، وهو ما يفسر سرعة انتشاره بعد وقت قصير من إعلان عائلته عن نية تشكيل قائمة انتخابية.
اليوم الأربعاء حاسم بالنسبة لحركة فتح التي من المفترض أن تسلم قائمتها حيث من المقرر أن ينتهي موعد التسجيل للقوائم، في ضوء تأكيد لجنة الانتخابات المركزية أنه لن يكون أي إمكانية لتمديد فترة التسجيل، وعدم وجود بوادر لتراجع البرغوثي حتى كتابة هذا التقرير، وفق ما تؤكد مصادر الحدث، وبالتالي فإن الخيارات المتاحات أمام مركزية فتح تتلخص في تقديم قائمتها ومن ثم التفاوض مع البرغوثي لسحب قائمته أو فصله كما جرى في حالة القدوة، والخيار الأخير قد يعرقل العملية الانتخابية برمتها.