الحدث - سجود عاصي
منذ إصدار الرئيس محمود عباس، ثلاثة قرارات بقوانين تتعلق بالشأن القضائي في 11 يناير | كانون الثاني 2021؛ أعلنت نقابة المحامين خطوات تصعيدية احتجاجا على القرارات بقوانين التي اعتبرتها مقوضة للسلطة القضائية، كان من أبرزها مقاطعة المحاكم المشكلة بموجب القرارات بقوانين وتنظيم اعتصامات أسبوعية والامتناع عن المثول أمام المحاكم، وهي ما رد عليها مجلس القضاء الأعلى الذي اعتبرته النقابة أداة بيد السلطة التنفيذية؛ بتعليق العمل بالتعاميم المتعلقة برسوم السندات العدلية، والتي تراجع عنها بعد أربعة أيام من إصدار قراره بالخصوص.
أكدت نقابة المحامين في أكثر من مناسبة، أنها لا تقبل الانكسار ر أمام تقويض الحريات العامة وانتهاك المثل والمبادئ الدستورية اللازمة لأي كيان مدني يحترم الديمقراطية وحقوق الإنسان، مشيرة إلى أنها ستبقى في الخندق الأول للدفاع عن كرامة المواطن الفلسطيني والنضال من أجل المواطنة المتساوية المحتكمة لسيادة القانون، وأن الشعب هو وحده مصدر السلطات ولا سلطان عليه إلا بالقانون والمبادئ الدستورية.
كما وأشارت النقابة، إلى أن الإجراءات العقابية التي اتخذت بحقها من مجلس القضاء الأعلى "غير الشرعي" غير قانونية، جاءت لمحاربة المحامين في أرزاقهم ومنها المتعلقة بوقف السندات العدلية استباقا لقرار المحكمة الدستورية بشأن الطلب التفسيري الخاص بأنظمة نقابة المحامين وتأطيره في سياق معادٍ لمهنة المحاماة وقوانينها. ما دفع النقابة إلى تعليق العمل الشامل أمام كافة المحاكم بكافة أشكالها ودون استثناءات لغاية 4 أبريل | نيسان 2021.
وقال عضو مجلس نقابة المحامين داوود درعاوي لـ"صحيفة الحدث"، إن تعميم السندات العدلية صدر سابقا عن مجلس القضاء الأعلى ويستند إلى مواد في قانون تنظيم مهنة المحاماة والذي فرض على كتّاب العدل أن كل عقد أو معاملة يحتاج إلى أن ينظمه محامٍ مزاول، لأنه جزء من تنظيم مهنة المحاماة.
وأضاف درعاوي: حدثت إشكالية مع الحكومة بسبب هذا الموضوع على خلفية تقرير صحفي استقصائي بالخصوص، لكن كانت لنا بعض الملاحظات وكنا جاهزين في النقابة لتوضيح كل المسائل، وتوجهت الحكومة إلى المحكمة الدستورية بطلب تفسير بما يتعلق بالسندات العدلية، ونقابة المحامين قدمت ردها على طلب التفسير، وبالتالي من المفترض أن تعالج المحكمة الدستورية طلب التفسير وتقرر النتيجة هل هذه السندات قانونية أم أنها تخالف القانون، وفي النهاية أي قرار يصدر عن المحكمة الدستورية ملزم للنقابة.
وأوضح عضو مجلس نقابة المحامين، أن "ما حصل من مجلس القضاء الأعلى بوقف العمل بالسندات استباقا لقرار المحكمة الدستورية؛ هو محاولة لتاطير القرار باتجاه معادٍ للنقابة، خاصة تجاه مواقفها من القرارات بقانون المقوضة لاستقلال القضاء والتي أنتجت مجلس القضاء الحالي ورئيسه الذي تجاوز كافة النصوص القانونية من حيث العمر والعمل وأصبح يشغل منصبه بشكل تمييزي عن باقي القضاة وهو ما كرس نهجا انتقاميا القصد منه إخضاع النقابة وابتزازها للتراجع عن حراكها في مواجهة القرارات المقوضة لاستقلال القضاء".
واعتبر درعاوي، أن "قضية تعليق العمل بالتعاميم المتعلقة برسوم السندات العدلية بالنسبة لنا هي قضية ثانوية، ونحن مستمرون بإجراءاتها وخطواتنا ضد القرارات بقانون، ومستمرون بحراكنا السابق الذي أعلنا عنه، والذي لاقى التفافا من مؤسسات المجتمع المدني والفصائل تجاهه للضغط بوقف آثار هذه القرارات بقوانين وإحالة الموضوع برمته إلى المجلس التشريعي صاحب الاختصاص، باعتبار أن قانون السلطة القضائية هو قانون مكمل للقانون الأساسي وبالتالي لا يجوز للسلطة التنفيذية إجراء تعديلات عليه بموجب المادة 43 من القانون الأساسي".
وتنص المادة 43 من القانون الأساسي الفلسطيني، على أنه "لرئيس السلطة الوطنية في حالات الضرورة التي لا تحتمل التأخير في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي، إصدار قرارات لها قوة القانون، ويجب عرضها على المجلس التشريعي في أول جلسة يعقدها بعد صدور هذه القرارات وإلا زال ما كان لها من قوة القانون، أما إذا عرضت على المجلس التشريعي على النحو السابق ولم يقرها زال ما يكون لها من قوة القانون".
وبحسب عضو مجلس نقابة المحامين درعاوي، فإنه "من الواضح أن الأبعاد السياسية لهذه القرارات بقانون بدأت تتكشف، وهي محاولة لتوسيع نطاق النفوذ والسيطرة وإحكامها على مفاصل الحكم في فلسطين، وإدارة الظهر بشكل كامل للقانون الأساسي".
وهددت النقابة، قبل التراجع عن قرار وقف العمل بالسندات العدلية، أنها تدرس ملف مقاطعة محكمة الانتخابات وعدم تمثيل لجنة الانتخابات المركزية أمام القضاء. مضيفا: "وفق القانون يجب أن يمثل لجنة الانتخابات المركزية في الطعون الانتخابية محامٍ مزاول، وهذا الموضوع قيد الدراسة خلال الاجتماع القادم، ولم يتخذ القرار بشكل مباشر بالخصوص، لإعطاء فرصة أخيرة حتى لا نتهم بأننا عطلنا العملية الديمقراطية".
وأكد درعاوي، أنه في حال "استمرار هذا التغول والتجبر من النظام السياسي والسلطة التنفيذية؛ بالتأكيد سنذهب لهذه الخيارات، خاصة وأنه سبق للمجتمع المدني مقاطعة الإشراف على العملية الانتخابية ردا على القرار بقانون رقم 7 لسنة 2021 بتعديل قانون رقم 1 لسنة 2000 بشأن الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية وتعديلاته".
وحول الدوافع التي أدت إلى إصدار القرارات بقانون في الشأن القضائي، أضاف: الدوافع مرتبطة بتوسيع النفوذ السياسي وأدوات السيطرة والتحكم بالحالة المستقبلية التي قد تنتج عن العملية الانتخابية، وبالتالي "إفراد السيطرة على المؤسسة القضائية وجعلها بدون محتوى وتابعة للسلطة التنفيذية؛ سيؤدي بشكل أو بآخر إلى إعادة إنتاج الأسباب التي أدت إلى الانقسام الفلسطيني الداخلي".
وأوضح درعاوي، أن النقابة حذرت سابقا، من أن التوافق السياسي لا يجب أن يكون على أنقاض المبادئ الدستورية وحكم القانون، لأنها في النهاية ستسقط وسنعود إلى عنق الزجاجة من جديد باتجاه انقسامات أخرى لها علاقة باستمرار تطبيق الأمر الواقع وإدارة هذا الأمر الواقع من خلال حكم الاستثناء وليس من خلال الإطار القانوني الناظم والمبادئ الدستورية.
"وهذه القرارات مرتبطة بشخص الرئيس أولا، لأنه عمليا كافة الصلاحيات التي أعطيت في قانون السلطة القضائية للرئيس بتعيين وعزل رؤساء محاكم الإدارية وتعيين رئيس مجلس القضاء وإحكام السيطرة عليه وتوسيع أدوات معاقبة القضاة الهدف منها كان توسيع الرقعة التي يقف عليها الرئيس وبالتالي هذا ما دفعنا للاعتقاد بأننا لا نتوقع منه التراجع عن هذه القرارات في هذه المرحلة" بحسب درعاوي.
وقال: الأمل يبقى معقودا على انعقاد المجلس التشريعي وأن تسقط هذه القرارات برفضها من المجلس التشريعي إذا ما عرضت عليه في أول جلسة تنعقد له، وسنستمر في خطواتنا إلى حين انعقاد المجلس القادم.
وخلال الأشهر الماضية، أصدر الرئيس محمود عباس، جملة من القرارات بقوانين، تضمنت: القرار بقانون رقم (6) لسنة 2021م، بتعديل قرار بقانون رقم (9) لسنة 2010م بشأن المصارف، والقرار بقانون رقم (7) لسنة 2021م، بتعديل قانون رقم (1) لسنة 2000م بشأن الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية وتعديلاته.
واعتبرت نقابة المحامين أن القرارات بقانون تنطوي على "حالة تغول وانتهاك لاستقلال القضاء وإعادة صياغة مصالح المتناحرين على تبوء قيادة دفة القضاء خارج إطار القواعد الدستورية التي أرساها القانون الأساسي الفلسطيني"، ومنها الفقرة (هـ) من المادة 5 من القرار بقانون رقم 40 لسنة 2020، التي وصفتها بأنها جاءت بـ "صياغة تمييزية تنتهك مبدأ المساواة أمام القانون وعدم التمييز بسبب الإعاقة التي وضعت لحرمان المحامين وغيرهم من رجال القانون من ذوي الإعاقة من تولي المناصب القضائية".
وطالبت النقابة الرئيس عباس بالتراجع ووقف العمل بالقرارات بقانون 39 و40 و41 بشأن تشكيل المحاكم النظامية وبشأن تعديل قانون السلطة القضائية وبشأن المحاكم الإدارية لسنة 2020.
وأعلنت نقابة المحامين الفلسطينيين، مساء الأحد 28-3-2020، وقف الفعاليات المعلن عنها من مجلس النقابة بتاريخ 24-3-2021، باستثناء مقاطعة الهيئات المستحدثة بموجب القرارات بقانون الأخيرة التي تمس بالشأن القضائي.
جاء ذلك بعد تراجع مجلس القضاء الأعلى عن قراره بتعليق العمل بالتعاميم المتعلقة بالسندات العدلية لدى كتاب العدل، الذي أصدرته الأربعاء الماضي.
وأكدت نقابة المحامين، أن فعاليات النقابة احتجاجا على القرارات بقانون المتعلقة بالشأن القضائي لا تزال مستمرة.