الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الأردن.. لماذا؟| بقلم: نبيل عمرو

2021-04-05 11:27:21 AM
الأردن.. لماذا؟| بقلم: نبيل عمرو
نبيل عمرو

مع أن كل شيء يحدث في منطقتنا له صلة بالمواقف والسياسات والأجندات، فإن ما حدث في الأردن وما وصف على أنه محاولة انقلابية أو لإحداث زعزعة في الكيان الأهم، أثار ردود أفعال واسعة شملت العالم كله، ما أكد مكانة الأردن ودوره المركزي في تثبيت الاستقرار النسبي في منطقة كانت ولا تزال أكثر مناطق العالم اضطرابا وإنتاجا للخطر.

كان رد الفعل الفلسطيني على كل المستويات وخصوصا الشعبي هو الأعمق والأوسع، ذلك أن كل حركة وسكنة تحدث في الأردن تقاس عند الفلسطينيين هنا بأكثر الموازين دقة وحساسية؛ فالأردن ليس مجرد دولة جوار يجري التعامل مع أحداثه بذات مقاييس التعامل مع أي دولة أخرى،  بل إنه مؤثر مصيري في حياة الفلسطينيين من كل النواحي بما في ذلك قضيتهم الأساسية.

علاقة الفلسطينيين بالأردن والتي عبرت بكل كفاءة ونجاح سلسلة عواصف وزلازل، استقرت في وقتنا هذا على أرضية يقين بمنفعة متبادلة لا يمكن استبدالها ولا حتى التقليل من تأثيرها المباشر بدءا من أبسط مقومات الحياة اليومية إلى أكثر الشؤون السياسية تعقيدا وإلحاحا، فإن نظرت إلى القلب ترى القدس التي للأردن له ما له من دور فيها برضى الفلسطينيين جميعا، وإذا ما نظرت إلى الشرق فترى أطول خط تماس بين الضفتين وترى الجسور التي هي البوابة الوحيدة على العالم، وإذا ما نظرت إلى التصاهر واختلاط النسب والدم فسوف تجده الأكبر والأعمق في حياة الشعبين، وإذا ما نظرت إلى توق الفلسطينيين لكيان حر مستقل يتوجون به كفاحهم الوطني فترى الأردن أول من أرسى حجر أساس السفارة الفلسطينية على أراضيه بل إن شعاره لا يزال فاعلا وقويا "لا استقرار في المنطقة دون إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية".

أرى حكايتنا مع الأردن أعمق من صفقة القرن التي قوضناها معا ولم نهب ردود الفعل على ما فعلناه حتى لو جاءت من أقوى قوى العالم.

السياسة متغيرة ومتقلبة ورمالها دائمة الحركة، أما الحياة الأوسع فإن الذي يصنع قوانينها مصالح الناس ووعيهم لها فهي الأكثر ثباتا وعمقا من السياسة، ولعل هذه هي كلمة سر العلاقة الفلسطينية الأردنية التي صمدت وها هي تتعزز وتترسخ في أحرج الظروف أمام أعتى التحديات.

لعل الأردن هو أكثر بلد في الإقليم وربما في العام تعرض لموجات عاتية من محاولات الانقلاب والحصار والعزل وتهميش الدور والعمل على تفتيت نسيجه الاجتماعي الأردني الأردني، والأردني الفلسطيني، والأردني المكتظ بالعرب الذين ضاقت بلدانهم ونظمهم بهم، ولأن حاجة الناس له كانت أقوى بكثير من الانسياق للفتن والتدخلات والأجندات، صمد هذا البلد ونجا شعبه من الحرائق المهلكة التي تحيط به من كل جانب وخصوصا في الزمن الذي أسميناه دون تدقيق بالربيع العربي، وحين ينجو الأردن ينجو الفلسطينيون بأهدافهم وتطلعاتهم ومصالحهم.

بكل الحب والإخلاص والوفاء، أختتم بالقول لنحمي التوأم الخالد الأردن وفلسطين.