إبراهيم جوهر
- هل توصلت إلى شيء يا أستاذ؟ سألت (خولة) متلهفة .
- ليس بعد يا (خولة)! الأمور ليست بالبساطة التي ظننتها في بداية طريقي. أشعر أن الأمور تتداخل وتزداد تعقيداً، وتبرز أمامي في كل مسعى أسئلة تسلمني إلى مزيد من الأسئلة. الأمر يحتاج مزيداً من الوقت والجهد لفكّ رموز تقوم في الظاهرة.
- نحن معك. لا تتوان عن طلب أي معونة تحتاجها. موضوعك هو موضوعنا نحن أيضاً.
تحدثت (خولة) باسم المجموعة من الأصدقاء. كنت واثقاً من قولها، لأنها تمثل الطيبة والصدق غير المجاملين في إنسان الجبل.
- أشكرك بعمق يا صديقتي. أنت خير مثال لابنة الجبل الأصيلة، أنا فخور بك وبمعرفتي لك. فخور بصداقتنا.
اكتفت بالابتسام. استأذنت بالانصراف لمتابعة إعداد النشرة الإخبارية قريبة الموعد. سألتها مداعباً:
- هل سيكون نبأ انشغالي بالبحث عن أصالة أبناء الجبل وبناته حاضراً في نشرتك الليلة!!
- سأحجز مساحة زمنية وافية لنتائج بحثك، ما عليك إلا الاهتمام بالوصول إلى نتائجك التي ننتظرها جميعنا.
- اتفقنا...إلى اللقاء. سأستعين بك في وقت لاحق. كوني على استعداد دائم...
رمقتني بطرف عينها وكأنها تقول:
- هذا الكلام لا يقال ل(خولة)!
فاستصغرت تعقيبي.
*** *** *** ***
لماذا كانت الوجوه سوداء في سيارة الخليل-رام الله يوم التقيتها مصادفة عند حاجز (الكونتينر)؟
كيف لم يشغلني الأمر يومها؟
لماذا حضرت الوجوه السوداء الآن، وقد مرّ على لقاء المصادفة العابر أيام؟
كانت السيارة تقلّ عدداً من المسافرين إلى الشمال، إلى رام الله هرباً من قسوة الجبل، وفقره، وضيق أفق التقدم الوظيفي.
صدفة كانت خيراً من ميعاد. وأنا مغادر بحثاً عن أسئلتي إلى الجبل كان اللقاء غير المرتّب سلفاً. يومها رأيت وجوهاً سوداء بلون الفحم!
هل هيّئ لي؟
هل كانت الوجوه حقاً كما رأيتها؟
لم تشغلني أسئلة الوجوه ولونها الفاحم يومها، لكنها الآن تحضر بقوة.