الحدث:غزة- محمد مصطفى
ما زال عشرات النشطاء يستذكرون جيداً بطولات ومواقف المتضامنة الأميركية راشيل كوري، التي عاشت بينهم أشهر طويلة، وهي تدافع عن المدنين العزل، وتعرض حياتها للخطر من أجل منع هدم وتدمير منازلهم.
فكوري التي دفعت حياتها ثمناً لمبادئ سامية كانت تؤمن بها، تركت ذكرى في نفوس وعقول سكان مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، اللذين أنشأوا المراكز باسمها، ويحيون في كل عام ذكرى رحيلها، ويطالبون بضرورة محاسبة قتلتها.
جريمة مركبة
واستذكر الناشط إياد أبو لولي، مدير مركز راشيل كوري الثقافي، المخصص للأطفال واليافعين، فترة إقامة كوري في مدينة رفح، وصداقاتها مع الفلسطينيين، وانخراطها في النضال السلمي ضد الاحتلال واعتداءاته.
وأكد أبو لولي لـ"الحدث" أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب بحق الناشطة كوري جريمة مزدوجة، حين قتلها جندي إسرائيلي تحت جنازير جرافته العسكرية، رغم أنه كان يراها وهي تلوح بكلتا يديها، طالبة منه التوقف عن هدم منزل لمواطن من عائلة نصر الله.
وأشار أبو لولي وقد عايش كوري أسابيع عدة، إلى أن فصول الجريمة تواصلت بعد ذلك، حين تملص جيش الاحتلال من جريمته، عبر ما يسمى بالقضاء الإسرائيلي، فمحكمة الاحتلال برأت جيشها من دماء كوري، تحت بند ما يسمى "قانون زمن الحرب".
وانتقد أبو لولي وبشدة الحكومة الأميركية، التي لم تحرك ساكناً لمقتل مواطنة أميركية، وناشطة سلام، كان من المفترض أن تتمتع بحصانة، داعياً لتفعيل قضية كوري على أعلى المستويات، والعمل من أجل ملاحقة قتلتها أمام المحاكم الدولية، لمعاقبتهم على جريمتهم النكراء.
ناشطة شجاعة
أما الناشط إياد عوض الله، فأكد أن مدينة رفح، لم تعرف في تاريخها ناشطة سلام تؤمن بعدالة القضية الفلسطينية مثل كوري، التي كانت تتمتع بشجاعة منقطعة النظير، وتقف في وجه الجرافات والدبابات المصفحة، رغم علمها بخطورة ذلك.
وأوضح عوض الله أنه عايش لحظات هامة في حياة كوري، خاصة في الأسابيع الأخيرة التي سبقت مقتلها، بحيث كانت تسارع للتوجه إلى أي منطقة تشهد عمليات لجيش الاحتلال، من أجل مساعدة محاصرين أبرياء أو إخلاء مصابين، أو حتى إيصال الغذاء والدواء لعائلات قررت البقاء في منازلها لحمايتها من الهدم.
ولم يستبعد عوض الله في حوار مع"الحدث" أن تكون جريمة قتل كوري مدبرة ومتعمدة من قبل قادة جيش الاحتلال، من أجل إخافة باقي النشطاء الأجانب، ودفعهم لمغادرة قطاع غزة والأراضي الفلسطينية، في محاولة لطمس الجرائم ومنع نقلها للعالم.
وشدد عوض الله أن كوري هي مناضلة أممية، كان تؤمن بعالة قضية، وقتلها وصمة عار على جبين العالم المتحضر، الذي لم يحرك ساكناً، مؤكداً أن القانون الدولي لا يسقط الجرائم بالتقادم، لذلك فإن قتلة كوري سينالون عقابهم آجلاً أم عاجلاً.
ذكرى خالدة
وكان مواطنون من حي السلام، الذي قتلت فيه كوري، أكدوا في روايات منفصلة، أن الناشطة الأميركية كانت تزعج الجيش الإسرائيلي بشجاعتها الكبيرة، ووقوفها دائما في وجه الجرافات والدبابات الإسرائيلية، وقد نجحت في أكثر من مرة في منع هدم منازل.
ويحيى نشطاء ذكرى كوري في كل عام، بوضع أكاليل من الزهور في المكان الذي قتلت فيه، أو تنظيم فعاليات متنوعة.
وكانت كوري لقيت حتفها في شهر آذار من العام 2002، بعد أن داستها جرافة إسرائيلية، كانت تقوم بهدم وتجريف منازل للمواطنين في حي السلام الواقع جنوب شرق مدينة رفح.