الحدث الفلسطيني
انتهى اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ليلة أمس بالتأكيد على أن "لا انتخابات بدون القدس"، وهو شعار أصبح مثيرا للشك في ضوء أن بعض التيارات والقوائم اعتبرته مخرجا تظنه حركة فتح آمنا للخروج من الأزمة التي ساهمت في زيادة انقساماتها، وهو ما قد يضعف حظوظها (فتح الرسمية) أم منافسها الرئيسي حركة حماس.
وحركة فتح ليست وحيدة في طرحها هذا الشعار بما يحمل من حدود نصية مغلقة، بل معها فصائل من منظمة التحرير أظهرت الانتخابات عجزها عن الخروج بقائمة، من بينها جبهة النضال الشعبي. لكن الشعار السابق لا يغني عن بديل حقيقي للانتخابات، وإن كان بعض الأطراف يرى بأن لا بديل عنها.
لم تقدم الفصائل التي تلوح بالتأجيل بذريعة القدس أي مقترح بديل منطقي، وتشير مصادر "الحدث" أن هناك اقتراحا لتشكيل حكومة وحدة وطنية بالتوافق والتنسيق مع حماس كبديل للانتخابات في حال ذهبت الأمور بشكل مؤكد باتجاه تأجيلها.
ولكن هذا الطرح بمثابة خضوع للسيادة الإسرائيلية في القدس، يرى الطرف الآخر، مشددا على أن المدينة يجب أن تتحول إلى ساحة مواجهة من أجل فرض الانتخابات. لكن مصطلحات "اشتباك ومواجهة و..." كيف يمكن لها أن تترجم عمليا في سياق عملية انتخابية؟.. أيضا لا إجابات.
إذن لا فتح ومن معها يبحثون بالفعل عن صيغة مقبولة لإجراء الانتخابات بالقدس، ولا من يعارضها يطرح آليات وصيغة عملية لإجراء الانتخابات وفرضها على الاحتلال.
يقول الطرف المرتبط بالسلطة إنه يضغط على المجتمع الدولي لإلزام إسرائيل بإجراء الانتخابات، لكن ما هي وسائل وأدوات هذا الضغط؟ وهل أثمرت هذه السياقات تاريخيا في فرض أي واقع مهما كان بسيطا على إسرائيل.
في الحقيقة، إن الذين يدعون أنهم يمارسون ضغطا على المجتمع الدولي، هم يريدون للعالم أن يفكر عنهم، وأن يقترح عليهم البدائل، وكأن ليس من مهمة السلطة تقديم مقترحات عملية للعالم من أجل البدء بتمريرها وتطبيقها بالتنسيق والتعاون مع الجهات الدولية الفاعلة، فالمناداة بالقانون الدولي والتذكير بالاتفاقيات ليست وسائل ضغط، وإنما البدء فعليا بالتطبيق من خلال القاعدة التنظيمية والحاضنة الشعبية هو الذي يمكن أن يفرض الانتخابات في القدس.
أما أصحاب شعار المواجهة من أجل الانتخابات، فهم في الحقيقة يكشفون عن قيمة الانتخابات لديهم مقابل قضايا حساسة وخطيرة تجري في القدس لم يرفع أحد من أجلها شعار المواجهة، كما أنهم فشلوا حتى اللحظة في بناء تصور عملياتي لشعاراتهم.
لن يمنح الأوروبيون القدس للسلطة، ولن توافق إسرائيل على إجراء الانتخابات في ضوء المتغيرات التي طرأت على تعريف القدس في المنظور السياسي السيادي الإسرائيلي. أما الحل فهو البدء بإجراءات العملية الانتخابية هناك، فلتكن المساجد والكنائس والبيوت ساحات انتخاب، وليمارس الجميع حقه، سيبدأ الإسرائيليون بحملة اعتقالات ثم ملاحقة الصناديق ثم قد تقع المواجهة وتنكشف عورة إسرائيل.