الحدث - محمد بدر
جاء انتصار المقدسيين المتمثل بإجبار شرطة الاحتلال على إزالة حواجزها التي كانت قد نصبتها في باب العامود، وسط تفاعل عربي وفلسطيني مع الحدث الذي قاده الشبان المقدسيون، والذي ترافق أيضا مع تصعيد صاروخي للمقاومة في قطاع غزة ووقوع مواجهات في الضفة الغربية، وقد شكلت هذه الحلقة من التضامن الفاعل مع الفاعل الحقيقي في القدس إثباتا للنظرية الفلسطينية التي يحاول الاحتلال تلافيها وهي أن "المقدسيين لن يقبلوا بأن تكون القدس بالنسبة لهم جغرافيا تفاصيل الحياة اليومية فقط، بل مكونا مهما ومركزيا في هويتهم".
في اليوم الأول من شهر رمضان المبارك، قامت شرطة الاحتلال بقطع أسلاك الكهرباء في مئذنة باب الأسباط في المسجد الأقصى، كما وأغلقت الطريق المؤدي لباب الأسباط أمام المركبات. وبالتزامن مع موعد الإفطار، منعت شرطة الاحتلال توزيع وجبات الإفطار عند باب الأسباط، أحد أبواب المسجد الأقصى، وأقامت السواتر والحواجز الحديدية في ساحة ودرجات باب العامود لمنع الجلسات الشبابية.
هدف الاحتلال من نصب الحواجز الحديدية في منطقة باب العامود إلى منع المقدسيين من الجلوس في المكان، حيث يجتمع الناس والشبّان هناك وسط تواجد أكشاك وبسطات القهوة والعصائر والذرة والحلويات. لكن الشبان المقدسيين رفضوا مجمل هذه الإجراءات الجديدة، وفي اليوم من رمضان وقعت مناوشات اندلعت بين قوات الاحتلال والشبّان بعد محاولة عناصر شرطة الاحتلال تفريغ المكان، ومنع الشبان من الجلوس على المدرج، والذين بدورهم رفضوا أوامر شرطة الاحتلال، ما أدى لاندلاع المواجهات، فعزّزت شرطة الاحتلال من تواجد قواتها في المكان، واعتدت على المقدسيين بالضرب، واعتقلت خمسة منهم.
وفي الليلة ذاتها، هاجم شبان مقدسيون، كرد فعل على إجراءات الاحتلال، ثلاث حافلات للمستوطنين، وقد تضررت بفعل استهدافها بالحجارة في منطقة باب العامود، كما أعلنت شرطة الاحتلال إصابة أحد عناصرها وثلاثة مستوطنين خلال المواجهات التي اندلعت في المكان.
في اليوم الثاني من شهر رمضان أعلنت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس أن الاحتلال يستمر لليوم الثاني على التوالي في منع إدخال وجبات الصائمين للمسجد الأقصى المبارك، مشيرة إلى أن الوجبات مخصصة لإفطار الصائمين المتواجدين في باحات المسجد الأقصى، وقد اعترضت شرطة الاحتلال المركبات التي تنقل وجبات الإفطار، وأبعدتهم عن المكان بالتزامن مع رفع آذان المغرب في المسجد الأقصى، ما أدى لاندلاع مواجهات في المكان.
وفي اليوم الثاني من رمضان واصلت شرطة الاحتلال الاعتداء على الشبان المقدسيين في باب العامود بالقدس المحتلة، وحاولت منع الشبان من الجلوس عند مدرّجاته، وفتّشت العديد منهم “جسديًا” بشكل استفزازي، وعزّزت من تواجد قوّاتها الخاصة وفرق الخيّالة، كما أطلقت القنابل الصوتية على المتواجدين لتفريقهم وإبعادهم عن المكان، واعتدت بالضرب المُبرح على عدد من الشبان، ما أدى إلى تسجيل العديد من الإصابات في صفوف الشبان، واعتقلت ثلاثة شبان واقتادتهم لأحد مراكز التحقيق في المدينة. ردًّا على تلك الاعتداءات، حطّم الشبان المقدسيون إحدى مركبات الاحتلال (دورية للشرطة) أمام شرطة البريد في المدينة. كان اليوم الثاني من رمضان نقطة تحول في ارتفاع أعداد الإصابات، حيث أصيب 41 مقدسيا بجراح مختلفة خلال اعتداء قوات الاحتلال على المقدسيين في بابي العامود والساهرة بالقدس المحتلة.
وفي اليوم الثالث من رمضان وقعت مواجهات في باب العامود بالقدس المحتلة بين قوات الاحتلال التي ألقت القنابل الصوتية صوب الأهالي والشبان، واعتقلت قوة من المستعربين شابا مقدسيا خلال تواجده في المكان، فيما أصابت عددا من الشبان. وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كثيف مقطع فيديو لأحد الشبان المقدسيين بعد قيامه بركل أحد عناصر شرطة الاحتلال ورميه أرضا، وذلك خلال مواجهات وقعت بين الطرفين في باب الساهرة، اعتدت خلالها عناصر شرطة الاحتلال على عدد من المتواجدين في المكان، فيما هاجم الشبان عددا من مركبات الشرطة.
وضاعفت شرطة الاحتلال الإسرائيلي من مضايقاتها للمقدسيين في اليوم الرابع من شهر رمضان 16 فبراير (الجمعة الأولى من رمضان) وتحولت القدس المحتلة إلى ساحة مواجهة في ساعات ما بعد الإفطار، إذ تزايدت حدة الإجراءات الإسرائيلية، والتي هدفت إلى ردع المقدسيين عن ممارسة شعائرهم واحتفالاتهم وطقوسهم الرمضانية السنوية، ووقعت مواجهات بين الشبان المقدسيين وشرطة الاحتلال عند باب الساهرة، بعد إطلاق شرطة الاحتلال القنابل الصوتية والرصاص المطاطي على المتواجدين في المكان، وقد تزامن ذلك مع استنفار لشرطة الاحتلال ومواجهات مع الشبان في باب العامود أيضا، وأصيب أحد المستوطنين بجراح بعد محاولته الاعتداء الشبان المقدسيين، الذين صدوا اعتداءه.
أُصيب أكثر من 100 فلسطيني جراء المواجهات التي اندلعت مع قوات الاحتلال في الجمعة الأولى من شهر رمضان في مدينة القدس المحتلة، بحسب مصادر طبية، والتي أكدت أن المواجهات التي اندلعت بين المقدسيين وعناصر الاحتلال في بابي العامود والساهرة، أسفرت عن إصابة أكثر من مائة شخص من بينهم نساء وأطفال، إصاباتهم كانت متفاوتة ما بين خفيفة ومتوسطة وخطيرة. وبيّنت أن الاحتلال أصاب نحو 25 شابًا بالرصاص المطاطي، في حين أُصيب نحو 45 شخصًا بقنابل الصوت التي أطلقتها عناصر الاحتلال بشكل مكثّف، أمّا بقية الإصابات توزّعت ما بين إصابات بالهلع والسقوط والاعتداء بالضرب.
وكان الاحتلال قد شدد في الجمعة الأولى من رمضان (16 فبراير) من إجراءاته وضاعف من العراقيل التي يفرضها أمام المصلين الفلسطينيين الذين يحاولون الوصول إلى المسجد الأقصى قادمين من الضفة الغربية. ونصبت شرطة الاحتلال حواجز حديدية في محيط أبواب المسجد الأقصى لعرقلة وصول الأهالي القادمين لأداء صلاة الجمعة في الأقصى. كما وشدد الاحتلال من قيوده بمنطقة شارع صلاح الدين بالقدس ونصب حواجزًا، ووضع سواتر حديدية، وانتشرت شرطته بشكل مكثف في حي الشيخ جراح وأغلقت الطرقات في المنطقة. ورغم كل ما سبق من إجراءات أدى 70 ألف مصلٍ صلاة الجمعة الأولى من شهر رمضان في المسجد الأقصى.
وتجددت المواجهات مساء السبت 17 فبراير، وأُصيب 21 مقدسيا، وكانت أبرز نقاط الاشتباك في المنطقة الواصلة ما بين بابي العامود والساهرة، عقب بدء خروج المصلين من صلاة التراويح، حيث بدأت شرطة الاحتلال بقمع المقدسيين في منطقة باب العامود التي تُحاول تفريغها وفض أي تجمع فلسطيني مقدسي هناك، عبر استخدام القوة، وأطلقت القنابل الصوتية والأعيرة المطاطية بعد تعزيز تواجد قواتها في المكان. مع انتهاء مواجهات يوم السبت وصل عدد الإصابات الكلي منذ اليوم للمواجهات إلى نحو 270 مقدسيا جرّاء الاعتداءات الإسرائيلية، وقد ضاعفت قوات الاحتلال من تواجدها في منطقتي باب العامود وباب الساهرة، ونشرت فرق الخيالة، كما شهدت تلك المناطق تواجدًا لعناصر من مخابرات الاحتلال، وعناصر من الشرطة كانت توثّق عبر كاميرا خاصة الأحداث التي تجري يوميًا، والتي استخدمت قوات الاحتلال القوّة المفرطة في فض أي تجمع مقدسي في هذين المكانين، من خلال رش المياه العادمة، وإطلاق الرصاص المطاطي، والقنابل الصوتية، إلى جانب الاعتداء على الشبان بالضرب وبأعقاب البنادق.
اعتداءات الاحتلال تسبّبت بمئات الإصابات التي كان من بينها أطفال ونساء في الأيام الستة الأولى من رمضان، فالأحداث تزامنت في معظمها مع خروج المصلين من أداء صلاة التراويح في المسجد الأقصى. أمّا عن طبيعة الإصابات، فتوزّعت ما بين اعتداءات بالضرب، كسور في الأطراف أو الفك جرّاء الاعتداء المُباشر أو بعد محاولات الهروب من مناطق المواجهة مع الاحتلال، إصابات بالرصاص المطاطي في الأطراف أو الظهر أو الصدر، وأخرى جراء قنابل الصوت، وحالات هلع.
في 21 أبريل نشر مستوطنون مقاطع فيديو للأحداث والمواجهات الأخيرة بين الشبان المقدسيين وقوات الاحتلال، متوعدين بوقف كل أشكال المقاومة والرفض التي يبديها المقدسيون في القدس. وجاء في مقطع فيديو تم تداوله بكثافة: "الفلسطينيون أحرار في أرضنا! القدس تحولت لساحة مواجهة في الأيام الأخيرة، والمخربون العرب ينشرون صورهم أفعالهم فيها". وتضمن الفيديو أيضا: "اليهود في القدس بدأوا يخشون السير في المدينة، بسبب ما يحدث يوميا فيها، هذا يكفي!". ودعا المستوطنون إلى التواجد بكثافة يوم الخميس 22 أبريل الساعة 11:00 في ما يسمى بدوار "سفرا" للتوجه إلى باب العامود والاعتداء على المقدسيين المتواجدين هناك. مؤكدين أنهم أعدوا أدوات قتالية من أجل مواجهة المقدسيين. وكان المستوطنون قد نظموا في 19 فبراير مسيرة داعمة لما تقوم به شرطة الاحتلال الإسرائيلي في قمع المقدسيين، ودعوا إلى ممارسة مزيد من العنف بحقهم، واشتبكوا مع المقدسيين في باب العامود.
في مقابل ذلك انطلقت دعوات مقدسية للتضامن مع سكان المدينة الذين يتعرضون لعملية اعتداءات ممنهجة تقودها شرطة الاحتلال منذ الأول من شهر رمضان المبارك، كما وانطلقت دعوات مقدسية للتواجد في باب العامود في تمام الساعة 10:00 من يوم الخميس 22 فبراير، وهو اليوم الذي توعد فيه المستوطنون بارتكاب مجازر بحق المقدسيين. .
انخرط الإعلام الإسرائيلي المقرب من جماعات المستوطنين خلال اليوم في الدعوة والحشد للمسيرة التي دعوا إليها في باب العامود بالقدس المحتلة، وقد حملت دعواتهم تهديدات بالاعتداء بكافة أنواع الأسلحة، من أجل وقف ما أسموه "العنف الفلسطيني في القدس".
وفي ليلة الخميس 22 فبراير وقعت مواجهات عنيفة جدا بين شرطة الاحتلال والشبان المقدسيين في باب العامود بالقدس المحتلة، وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني عن إصابة أكثر من 100 شاب مقدسي في تلك المواجهات، وقد تم نقل 30 منهم لمستشفيات القدس لتلقي العلاج. وتركزت مواجهات ليلة الخميس في منطقة باب العامود، والتي شهدت انتشارا مكثفا لشرطة الاحتلال بالإضافة لمحاولة عشرات المستوطنين الوصول للمكان. كما وشهد باب الساهرة والمصرارة وحي الشيخ جراح في القدس مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال، حيث تصدى الشبان المقدسيون لاقتحامات المستوطنين في هذه المناطق. وأفادت مصادر محلية حينها عن اعتقال أكثر من 40 شابا مقدسيا خلال تلك المواجهات وفي مداهمات ليلية تلتها.
في المقابل، أظهرت مقاطع فيديو مواجهة شبان مقدسيين لقوات الاحتلال من مسافة صفر، وهو ما تداولته مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة، خاصة مقطع الفيديو الذي يظهر فيه أحد الشبان يضرب أحد جنود الاحتلال بحجر من مسافة صفر. وبالتزامن دعوات المستوطنين لاستهداف المقدسيين والاعتداء، أظهرت مقاطع فيديو صد الشبان المقدسيين لهجمات المستوطنين وإذلالهم، وتدخل شرطة الاحتلال لحمايتهم. وقال المتحدث باسم شرطة الاحتلال إن عنصرا في فرقة الخيالة المعروفة بقمعها للمقدسيين، قد أصيب في رأسه ونقل إلى أحد المستشفيات الإسرائيلية خلال المواجهات الدائرة في باب العامود.
كان يوم الخميس 22 فبراير فارقا من حيث حجم المواجهة وطبيعتها، وعبرت الرئاسة الفلسطينية عن إدانتها واستنكارها الشديدين لما يقوم به المستوطنون بالتحريض على قتل المقدسيين، وبحماية الجيش وشرطة الاحتلال الإسرائيلي، وما يقومون به من ملاحقات لأبناء شعبنا، الأمر الذي أدى إلى مواجهات في شوارع وأزقة القدس الشريف. وأكدت الرئاسة، في بيان أصدرته، أن القدس الشرقية هي عاصمة دولة فلسطين، وهي خط أحمر، وناشدت المجتمع الدولي لحماية أبناء شعبنا في القدس من بطش المستوطنين واعتداءاتهم الإجرامية، وحملت الحكومة الإسرائيلية المسؤولية كاملة عن هذا التدهور الخطير.
وفي السياق قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية "نتابع باهتمام بالغ ما يجري في مدينة القدس المحتلة من مواجهات عنيفة بين أحرار شعبنا وقوات الاحتلال التي تقوم حاليًا بالاعتداء على المسجد الأقصى المبارك والمعتكفين فيه". وأضاف أن ما يجري في المدينة المقدسة الآن هو تأكيد على عروبة وإسلامية وفلسطينية هذه المدينة، وأنها لا يمكن أن تخضع للاحتلال أو تقبل به وبسياساته الفاشية، فمعركة القدس هي معركة حضارية ومعركة هوية ووجود في هذه المدينة المباركة، وهي معركة إرادة بين شعب تحت الاحتلال وقوة احتلال غاشمة.
وقال "إننا في حركة حماس، ونحن في قلب هذه المواجهة داخل المدينة وخارجها كما أبناء شعبنا المرابطين، مشاركون وداعمون ومساندون في مختلف المستويات والاتجاهات، ونؤكد أن شعبنا في القدس ليس وحيدًا في معركة الهوية والإرادة، وسنبقى ندافع عن أرضها ومقدساتها وأهلها وتجسيد هويتها العربية والإسلامية التي يحاول الاحتلال طمسها وإنهائها، ومستعدون لبذل الغالي والنفيس من أجل حريتها وعزة أهلها المرابطين في جنباتها، كما ندعو جماهير شعبنا في كل مكان إلى الوقوف وإسناد أهلنا في القدس في دفاعهم البطولي عن المدينة والمقدسات".
وقال عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، خالد البطش، إن ما يجري في القدس هو معركة حماية وتثبيت السيادة الوطنية على المدينة وعلى مقدساتها الإسلامية والمسيحية، مشددا على ضرورة توحد الفلسطينيين ضمن استراتيجية وطنية لإسقاط مشاريع الاحتلال ومخططاته. وأوضح البطش في كلمة له خلال مسيرة جماهيرية قرب المسجد العمري الكبير في بلدة جباليا النزلة، نُظمت بعد صلاة اليوم الجمعة، وشارك فيها ممثلون عن حماس والجهاد وممثلون عن القوى الوطنية والإسلامية، إسنادا للمقدسيين المنتفضين في وجه قوات ومستوطني الاحتلال، على بوابات المسجد الأقصى، أن محاولات العدو لتثبيت سيادته على القدس تماشيا مع وعد ترامب ، تفشله سواعد الشباب المقدسي البطل مستندين على سورة الإسراء وحائط البراق.
وحذرت كتائب الشهيد أبو علي مصطفى الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "العدو الصهيوني من استمرار تماديه في الاعتداءات بحق شعبنا ومقدساته، مؤكدة أن صبرها لن يطول، ولن تسمح بأي شكل كان الاستفراد بفرسان القدس الميامين، مشددة: "حتمًا سيدفع الاحتلال ومستوطنيه الثمن".
وأوضحت الكتائب في تصريح صحفي أنها تتابع "باهتمام بالغ ما يجري من تطورات في مدينة القدس منذ عدة أيام، والتي تمثلت باعتداءات همجية منظمة من قبل قوات الاحتلال وقطعان مستوطنيه على شعبنا البطل الصامد الذي واجه بكل قوة وعنفوان هذه الهجمة ولا زال". وأكدت أنّ ممارسات العدو المستمرة وتصاعدها بحق شعبنا في المدينة المقدسة، لن تكسر إرادة المقدسيين، ولن تكون هذه الممارسات الإرهابية إلا الشرارة الأولى لبداية انتفاضة عارمة في وجه الصهاينة الغزاة على طريق زوالهم وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب وعاصمتها القدس. ودعت أهلنا الصامدين في القدس لتصعيد المواجهة والاشتباك مع العدو على كافة خطوط التماس للجم العدوان المتواصل.
يعتبر الكاتب والمحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات أن هناك مجموعة من الرسائل والدلالات التي حملتها هبة القدس والتي أعادت رسم البوصلة والوجهة الصحيحة للأمة، موضحا أن رسائل تلك الهبّة المتنوعة موجهة أولها للاحتلال بأن عروبة وإسلامية القدس ليست محط مساومة وبأن المقدسيين هم أصحاب الأرض والمكان، وسيستمرون في حمل شرف ولواء الدفاع عنها.
أما الرسالة الثانية بحسب عبيدات، ذهبت تجاه حلف الهرولة التطبيعي للنظام الرسمي العربي المنهار والمتعفن بأن عملية استعادة الأرض والحقوق لا تمر عبر بوابات التطبيع والخيانة، بل عبر بوابة المقاومة والكفاح والنضال. وأضاف أن الرسالة الثالثة موجهة للمجتمع الدولي، بأنه لن يكون هناك هدوء واستقرار في ظل استمرار وجود الاحتلال وعدم نيل شعبنا لحقوقه في الحرية والعودة والدولة المستقلة وعاصمتها القدس. أما الرابعة فهي موجهة للقيادة الفلسطينية بكل مكوناتها ومركباتها السياسية بأنه لا يمكن تحويل الهبة الشعبية إلى انتفاضة شعبية شاملة بدون تشكيل قيادة موحدة تمتلك إستراتيجية ورؤية موحدتين، وتمثل فيها كافة طبقات وشرائح المجتمع الفلسطيني، لضمان حماية وتطوير الانتفاضة الشعبية، وأن يكون في رأس قيادتها جزء من الطاقات والقيادات الشبابية الميدانية.
ولفت عبيدات إلى أن الدلالة لهذه الهبة أنها تعيد التأكيد على وحدة الشعب والأرض على طول وعرض جغرافيا فلسطين التاريخية، كما أنها تؤشر إلى أن الشباب المقدسي والفلسطيني والعربي لدية خزان لا ينضب من الطاقات والإمكانيات القادرة على تغيير المعادلات وقلب الطاولة على كل المخططات والمشاريع المعادية، وبيّن أن الرسالة الأخيرة موجهة للشعوب العربية وما تبقى من أحزابها المقاومة بأنه حان وقت التمرد على أنظمة "العهر" -على حد وصفه- التي تمعن في الخنوع والهزائم والانتصارات الوهمية.