تُجار: نأمل أن تُحقق توسعة المعبر تحسناً ملحوظاً ونخشى أن تكون دعاية إعلامية للاحتلال!
محللون اقتصاديون: التوسعة لن تُحقق اختراقاً في عملية إنعاش القطاع اقتصادياً!!
غزة - محاسن أُصرف
بينما ينظر التُجار الفلسطينيون بعين الأمل إلى توسعة معبر كرم أبو سالم الحدودي جنوب قطاع غزة، والتي تُشرف عليها الإدارة العامة للمعابر والحدود في السلطة الفلسطينية ممثلة بنظمي مهنا بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي، ويتمنون أن تظهر نتائجها سريعاً بزيادة كميات المواد والبضائع والسلع المُدخلة إلى القطاع، يرى محللون اقتصاديون أنها لن تُحقق اختراقاً في الاقتصاد الفلسطيني ولا في عملية إعادة الإعمار كونها لا تشمل إدخال مواد البناء وملحقاتها بصورة طبيعية وبلا قيود.
أمل بتحسن ملحوظ
ويقول التاجر خميس السنداوي، من مدينة غزة: "ما يدخل الآن من بضائع يتراوح بين 250 - 300 شاحنة يومياً، لا تفي الاحتياجات المتعاظمة لسكان القطاع"، لافتاً إلى الصعوبة في عمليات النقل نتيجة ضيق المساحة.
ويأمل السنداوي أن يُحقق زيادة مساحة الأرضيات وعددها نوع من المرونة والسهولة في عملية نقل البضائع وخاصة الثقيلة.
ونقلت "الحدث" عن وسائل إعلام عبرية أن عمليات التوسعة التي تجري في المعبر التجاري كرم أبو سالم تتم من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لتحقيق نتائج أفضل في مسألة إدخال البضائع.
مخاوف
ولا يُخفي ميسرة حلس، تاجر مواد بناء ، قلقه من أن يكون أمر التوسعة سياسياً بامتياز خاصة وأن نسبة التحسن في إدخال البضائع إلى القطاع منذ إعلان الاحتلال الإسرائيلي جملة من التسهيلات بعد الحرب الأخيرة بسيطة جداً، ويقول لـ "الحدث": "القطاع بحاجة إلى تسهيلات حقيقية في أمر إدخال مواد البناء إلى القطاع بلا قيود" مؤكداً أن ما يدخل غالباً ما يكون للمشاريع الدولية أو من تضررت بيوتهم جزئياً خلال الحرب الأخيرة، مطالباً بضرورة العمل على إلزام الجانب الإسرائيلي إدخال مواد الإعمار للقطاع بلا شروط من أجل إنعاش الحركة الاقتصادية وتحسين الواقع المعيشي للسكان.
ولا يُعول الرجل كثيراً على الوعود التي يُطلقها المسئولون بقرب انتهاء عمليات التوسعة مؤكداً أن الجدوى ستكون أقوى بإنهاء الحصار كاملاً وليس تخفيفه وفق المزاج الإسرائيلي.
تفاصيل التوسعة
ومن جانبه كشف منير الغلبان، مدير معبر كرم أبو سالم، في تصريحات خاصة لـ"الحدث" عن تفاصيل توسعة المعبر المزمع الانتهاء منها خلال الأسابيع القادمة، وقال: "التوسعة ستُنتج ثلاث ساحات جديدة قريبة من الحدود لإفراغ البضائع الآتية من الجانب الإسرائيلي ونقلها بعد ذلك إلى داخل المعبر من الجانب الفلسطيني".
وحسب الغلبان، فإن مساحة التوسعة الكلية 30 ألف متر مربع بواقع 10 آلاف متر مربع للساحة الواحدة، وأضاف أنها ستكون عبارة عن أرضيات لتنزيل البضائع، مؤكداً أن واحدة ستُخصص للأسمنت السيلو والاثنتين للبضائع والاستيراد والتصدير.
وفي السياق أوضح نظمي مهنا، المدير العام للإدارة العامة للمعابر والحدود في السلطة الفلسطينية أن الجانب الإسرائيلي وافق على تركيب معرش بمساحة 5 آلاف متر مربع من المنتظر أن يتم تنفيذها قبل الانتهاء من التوسعة.
ويتوقع مهنا أن يستوعب المعبر بعد التوسعة لما يُقارب بين 800-900 شاحنة يومياً، كاشفاً عن توسعة أخرى ستُنفذ قريباً في معبري إيرز ومعبر البترول والغاز الطبيعي من أجل ضخ مزيد من كميات الوقود والغاز، وكان محمود الشوا، رئيس جمعية أصحاب البترول والغاز في قطاع غزة قد أكد في تصريحات سابقة لـ"الحدث" أن إدارة المعابر طالبت الجانب الإسرائيلي في إطار التوسعة المُنفذة حالياً تمديد خط جديد للغاز يكون مباشراً من الطرف الإسرائيلي إلى الطرف الفلسطيني بالمعبر بما يُحقق فائضاً في كميات الغاز الداخلة إلى القطاع يُمكن حفظها كمخزون إستراتيجي، متوقعاً أن تزيد كمية الغاز المُدخلة يومياً إلى قطاع غزة عن 350 طن.
لا تُلغي الحصار
وعلى صعيد الآثار المتوقعة للتوسعة التي شارفت على الانتهاء، نفى الغلبان في تصريحاته لـ"الحدث" أن تُحقق التوسعة اختراقاً في إلغاء الحصار والدفع بعملية الإعمار إلى الأمام قائلاً: "رفع الحصار بحاجة إلى قرار سياسي من الجانب الإسرائيلي الذي يُمعن في قيوده على إدخال البضائع إلى القطاع وخاصة مواد البناء وملحقاتها"، وتابع أن إسرائيل لا تزال تُحاصر القطاع اقتصادياً، وتفرض قيوداً على كميات البضائع التي يتم توريدها إلى الضفة الغربية بما لا يُحقق إنعاشاً للاقتصاد الغزي ورزوحه في دائرة الانهيار التدريجي".
وحسب ما أفاد به الغلبان فإن دولة الاحتلال الإسرائيلي تُحاول أن تُظهر للرأي العام العربي والدولي أنها لا تُحاصر القطاع لتتجنب حالة الضغط المتصاعد ضدها لإنهاء حصارها لقطاع غزة وإدخال مواد الإعمار بصورة طبيعية بلا قيود أو شروط وإنها معاناة آلاف المشردين الفلسطينيين ممن هدمت بيوتهم خلال حربها الأخيرة في يوليو/ أغسطس العام الماضي.
فائدة محدودة
وفي ظل الأرقام التي تتحدث عن أن ساحات المعبر التجاري الحدودي جنوب شرق محافظة رفح لا تستوعب أكثر من 250-300 شاحنة بضائع يومياً، يرى الخبير في الشأن الاقتصادي، د. مُحسن أبو رمضان أن التوسعة قد تكون مفيدة إذا ما اقترنت بزيادة إدخال مواد البناء وملحقات الإعمار من أجل تنفيذ العديد من المشاريع الإسكانية والاقتصادية التي من شأنها إنهاء معاناة الناس في القطاع، ويقول أبو رمضان في تصريحات لـ"الحدث" التوسعة ضرورة مُلحة لإعادة بناء البنى التحتية والمرافق الاقتصادية المختلفة التي دمرها الاحتلال على مدار 51 يوماً من حربه الشرسة على القطاع.
بحاجة لقرار سياسي
ونفى أبو رمضان أن تُساهم التوسعة بإنهاء الحصار كاملاً، قائلاً: "إذا تمت التوسعة بصورة كاملة ستُساهم جزئياً بتخفيف حالة الحصار وليس إنهاؤه"، ونبّه إلى أن إنهاء الحصار بحاجة إلى تواصل فعلي دائم وموحد مع الضفة الغربية ومع العالم الخارجي لتحقيق انسياب البضائع والأفراد بصورة سلسة تُنهي آثار ثماني سنوات من الحصار وثلاثة حروب، وأردف بالقول: "إن ذلك لا يتحقق إلا بوجود ضمانات دولية لعدم وجود أية عوائق إسرائيلية تحول دون إدخال مواد البناء اللازمة لعملية إعمار القطاع".
ومن جانبه طالب أستاذ الاقتصاد بالجامعة الإسلامية محمد مقداد، بضرورة أن تتزامن خطة توسعة معبر كرم أبو سالم الحدودي مع قرار سياسي لإنهاء الحصار المفروض على القطاع منذ ثماني سنوات، ناهيك عن رفع القيود الإسرائيلية عن كمية وأنواع اليلع الواردة إلى القطاع أو المُصدرة منه إلى أسواق الضفة الغربية والأسواق العربية، ويخشى مقداد، أن تكون التوسعة مجرد بالون اختبار سياسي يروج له إعلامياً وتستغله دولة الاحتلال الإسرائيلي لتظهر أمام المجتمع الدولي غير مُطبقة في حصارها على القطاع.
ويؤثر منع الاحتلال الإسرائيلي دخول البضائع والسلع لقطاع غزة على مدار سنوات الحصار الثمانية، سلباً على الواقع التجاري والاقتصادي والمعيشي لسكان القطاع، وتفاقم الوضع سوءاً بعد التدمير الشامل للبنية التحتية والاقتصادية خلال الحرب الأخيرة، وحسب تقارير رسمية فإن القطاع يحتاج لإعمار ما تم هدمه ما يُقارب من 1.5 مليون طن أسمنت وحوالي 227.600 طن حديد، و922.000 طن حصمة لم يدخل منها إلا النذر اليسير فقط بسبب إجراءات الاحتلال على المعبر والقيود التي يفرضها على إدخال مواد البناء وملحقاتها سواء للجهات الدولية أو القطاع الخاص.