الحدث الفلسطيني
نشرت منظمة أطباء بلا حدود، تقريرا موجزا، حول تداعيات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة على الواقع النفسي للمواطنين، بعدما رأوا بيوتهم ومصادر رزقهم تتهاوى أمام أعينهم، وعجزهم عن الوصول إلى الرعاية الطبية، بسبب انخفاض مخزون الأدوية، والإمدادات الطبية في القطاع.
وتطرّق التقرير إلى 3 حالات تضرروا جسديا ونفسيا جراء العدوان، خاصة فقدانهم لأفراد عائلتهم، ما قلب حياتهم رأسا على عقب.
يتذكر هاني البالغ من العمر (26 عاما) ما حصل بعد عودته من التسوق، تحضيرا لاحتفالات العيد، "كان أول يوم من أيام العيد. وبينما كنت على وشك أن أفتح باب منزلي، أصاب صاروخ المبنى المجاور"، وتعرّض هو وجاره لإصابات بالغة من جراء القصف، وقُتل اثنان من جيرانه على الفور.
وأصابت ساق هاني شظية، ما أدى إلى كسر العظم أسفل ساقه، وفقد بذلك قدرته على الحركة، فعمد إلى تغطية رأسه، وانتظر حتى ينتهي القصف. بعد أربع غارات جوية، توقف القصف ووصل المسعفون لنقله إلى المستشفى. وبعد مرور عشرة أيام على الحادث، ما زال تقبل طبيعة إصاباته أمرًا في غاية الصعوبة، إصابة قلبت حياته رأسًا على عقب. يتعين عليه الخضوع لجراحات تقويمية وتجميلية متعددة حتى يتمكّن من المشي من جديد.
حالة أخرى تعود للمواطن محمد البالغ من العمر (31 عاما)، الذي عاد إلى المستشفى نتيجة الشح في الإمدادات، فبعد إصابته برصاصة في ساقه خلال احتجاجات "مسيرة العودة الكبرى" في العام 2018، وخضع لأكثر من 30 عملية جراحية خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
وفي مايو/ أيار، أنتهى من معالجة التهاب في عظامه، لكن ما لبث أن خرج من المستشفى حتى بدأت الهجمات الجديدة.
وفي هذا الإطار، يفيد محمد، "لقد زادت الصيدليات جميع الأسعار منذ بداية القصف، لم أعد أستطيع تحمل تكاليف الأدوية والتضميد"، فالتهبت جروحه من جديد الآن، ما أدى إلى عودته إلى المستشفى، واصفا ما جرى خلال العدوان "بالمجزرة".
ويقول مواطن ثالث ويدعى محمد، حيث أصيبت ذراعه وساقه بعد انفجار قنبلة قربه أثناء عودته من مزرعته، "لا أبلغ من العمر إلا 23 عاما. أرغب في التفكير في مستقبل مشرق، لكن لا يدور في ذهني إلا الحرب".
وقالت رئيسة بعثة أطباء بلا حدود في قطاع غزة هيلين أوتينز- باترسون، "من شأن العنف الأخير الذي شهده سكان غزة أن يؤدي إلى معاناة مجموعة ضخمة منهم من العجز، ويلزمهم بالخضوع إلى جراحات كثيرة خلال الأشهر أو حتى السنوات المقبلة".
وأضافت، "يرزح قطاع غزة تحت أزمة إنسانية دائمة جراء الحصار الاقتصادي الطويل الأمد. وقد زاد تصعيد العنف في الأسابيع الماضية الأخيرة من تفاقم الوضع الكارثي. توقف إطلاق النار في الأيام القليلة الماضية، إلا أن القلق يساورنا حول تعايش الناس مع ما حصل وإعادة بنائهم كل ما دُمّر".
وأشارت إلى أنه طوال فترة الهجوم، عملت فرق المنظّمة في ظروف بالغة الخطورة، حتى أنّها عجزت عن تقديم بعض الخدمات المعتادة في بعض الأحيان، كما تضررت إحدى عيادات المنظّمة في قطاع غزة متأثرة بغارة جوية إسرائيلية، ما أدى إلى توقفها عن العمل لبعض الأيام، لكن استؤنفت الاستشارات الخارجية في العيادة في 20 مايو/ أيار. منذ إعلان وقف إطلاق النار، وقد تم توسيع نطاق جميع خدماتها المعتادة.
وتابعت: بالنسبة لمستشفى العودة حيث تدير أطباء بلا حدود وحدة جراحة، فتضررت بعد أن دمّرت ثلاث غارات جوية ثلاثة مبانٍ مجاورة في منطقة جباليا في غزة، وتضرر مكتب الشؤون اللوجستية للمنظّمة في المستشفى، بالإضافة إلى النوافذ والبنى التحتية الأخرى في الأجنحة.
وأشارت إلى أن المنظمة قد قدمت الدعم لغرفة الطوارئ، وغرف العمليات في مستشفى العودة، خلال الهجوم، إذ أجرت أكثر من 100 عملية جراحية للمرضى المصابين جراء القصف، والهجمات الصاروخية، وتبرعت بإمدادات طبية لوزارة الصحة، في سبيل دعم مرافق صحية أخرى تعالج الجرحى.
من جهتها، أفادت مسؤولة الفريق الطبي تاتيانا كياريلا، "ما من رؤية واضحة حول وضع (كوفيد- 19) في القطاع، إذ إن المركز الوحيد لإجراء الفحوصات قد دُمّر، تساورنا مخاوف شديدة من موجة انتشار جديدة للفيروس في غزة".