الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

فوز... وراء الخطوط الحمر / بقلم: نبيل عمرو

2015-03-24 11:21:20 AM
 فوز... وراء الخطوط الحمر / بقلم: نبيل عمرو
صورة ارشيفية
 
 
لم يحدث في التاريخ القديم والحديث، أن سياسياً عمل ما عمله بنيامين نتنياهو من أجل احتفاظه بمنصب رئيس الوزراء لأطول فترة ممكنة. وجوع السلطة وإدمانها، أدى بنتنياهو إلى تجاوز كل الخطوط الحمراء الأخلاقية والسياسية والتحالفية.
 
الأخلاقية... حين خرج عن طوره وضحى بصورته، وصورة منصب رئيس الوزراء في إسرائيل، حين صرخ مذعورا ليلة التوجه إلى الصناديق، مخوفا الإسرائيليين من العرب، طالبا منهم الدخول في حرب تنافسية معهم، لعله من وراء ذلك يحصل على بضعة آلاف الأصوات من القطاع الذي يعتنق فكرة "إلا العرب"، صحيح أن جميع رؤساء الوزارات في إسرائيل لا يكنون حباً للمواطنين العرب، ولم يغدقوا عليهم لا الكثير ولا القليل من المبادرات والتشريعات والقرارات التي تؤدي إلى ردم الهوة بينهم وبين من يعيشون إلى جوارهم، إلا أن أحدا من كل الذين سبقوه لم يجرؤ على قول ما تجرأ عليه نتنياهو، حتى أن الإدارة الأمريكية المتحفظة دوما في لغة الانتقاد لإسرائيل، وصفت أقواله بالعنصرية، ورغم محاولات تفسير مساعدي نتنياهو لما قال، مع محاولات نفي كلامه الصريح إلا أن التهمة علقت به ولن تغادره مهما قال.
 
أما الخط الأحمر السياسي فهو تراجعه الفظ عن خطاب هرتسيليا، الذي يعني تراجعه عن حل الدولتين، ومع أن أحداً لا يصدق خطاب هرتسيليا ولا يأخذ موافقة نتنياهو على حل الدولتين مأخذ الجد، إلا أن إعلانه الجديد أدى إلى زعزعة مصداقيته الشكلية، ما يجعل البناء على أقواله وتعهداته نوعا من البناء على الرمال.
 
الجميع لاحظ أنه وافق على حل الدولتين مجاملة للإدارة الأمريكية، وتماشيا لفظيا مع الاتجاه الدولي الكاسح نحو إقامة دولة فلسطينية، إلا أن كل سلوكه منذ خطاب هرتسيليا حتى اليوم، قطع بأن الرجل عاقد العزم فعلا على تدمير الإمكانيات العملية لحل الدولتين، كان هو والأمريكيون يبيعون العرب بضاعة المرونة والتساهل والتضحية من أجل الحل، فإذا بنتنياهو يضع حداً لهذه اللعبة، ما أزعج الأمريكيين كثيرا، ووضعهم في موقف حرج أمام العالم كله وليس أمام الفلسطينيين والعرب فقط.
 
لقد مزق نتنياهو غشاءً كان قد غطى مرحلة طويلة من مراحل العمل في الشرق الأوسط، وهيهات أن يُخدع ذوو الألباب مرة أخرى حين يقسم نتنياهو بأنه سيعود ثانية إلى الموافقة على حل الدولتين.
 
أما التجاوز التحالفي الذي لم يتردد نتنياهو في الأقدام عليه، وهو تنصيب نفسه زعيما أمريكيا في قلب واشنطن، مخاطبا أوباما من تحت نوافذ البيت الأبيض بلغة صاحب حق الفيتو على أهم صفقة أمريكية يستعد أوباما إبرامها بشأن الملف النووي الإيراني، لقد قال بالسلوك وليس بالكلمات، عليك أن تستخدم حق الفيتو في مجلس الأمن ضد الفلسطينيين، أما أنا بنيامين نتنياهو فأستطيع استخدام حق الفيتو عليك أنت، وليس هذا منطق حلفاء فيما بينهم ولا حتى شركاء، إنه منطق من منح نفسه حق الوصاية على سياسة دولة عظمى، ولديه من فتح له الأبواب لذلك.
 
هذه بنود من فاتورة نجاح نتنياهو في الانتخابات، ربما تكون مؤجلة دفع الثمن، إلا أنها أحدثت شروخا عميقة لو  وجدت من يعرف كيف يستغلها في اللعبة الأساسية بيننا وبين نتنياهو، لكان لوضعنا شأن آخر.