تميم..
يا ابن أخي الكبير ويا اخي الصغير..
من موقع العلاقة التي تجمعني بهذه الأسرة الجميلة اسمح لي أن أخاطبك من على الصفحات الإلكترونية والتواصل الاجتماعية بعد أن أصبحت هذه وسائل التواصل في زمن الترحال والإبعاد وبعد أن تعذر اللقاء، مع ظلم الأخوة وقسوة الوباء..
لم يسبق أن سمعت بالتاريخ المعاصر عن أسرة مكونة من ثلاثة أشخاص حمل كل واحد منهم رسالة شكلت حالة خاصة مميزة في الحياة الأدبية والفكرية والثقافية والوطنية في الساحتين العربية والعالمية..
فكيف وأنت صاحب رسالة تتغذى جذورها من إرث رسالتين مُقدستين مُعَمَدتين بالفكر الحر والثقافة الوطنية والأدبية، فما بين مريد ورضوى ينبوع عز وكبرياء، وتفاؤل وتحدٍ وعشق ووفاء...
لم تكن رضوى إنسانة عادية، ولم يكن رحيلها عادياً، فقد كانت رحلة عذاب وصراع مع المرض امتدت إلى سنوات، من قارة إلى أخرى، وَصَلتَ مع مريد الليل بالنهار.. ولكنها المشيئة الربانية اختارت لكم أقسى الاقدار..
بعد رحيل رضوى التقيت مريد مراتٍ ومرات، وفي كل لقاء كانت الكلمات تصلني مُحملة بالوجع والحسرات، فكيف لهذا الشاعر العاشق وما يحمله قلبه من ذكريات أن يعيش الأمل لولا وجودك في حياته وهو القائل لي دائماً..
أنا ورضوى زرعنا في تميم أجمل الجينات..
لم يَطِل الانتظار.. وكأن قَدر العشاق أن تفرقهم الحياة ويجمعهم الموت بعد أن ضاقت بهم الأوطان، التحق العاشق بمعشوقته ليستعيدوا حلم الشباب ووجع الفراق وآهات الذكريات..
تميم..
يا ابن أخي الكبير وأخي الصغير..
بعد الفاجعتين الكبيرتين برحيل رضوى ومريد في زمن تسارع فيه اشتداد عظمك العلمي والفكري والثقافي، وتدفق فيه ينبوعك الأدبي، زمن أصبحت فيه قدوة وعنوانا لملايين الشباب والشابات من جميع المعتقدات والتيارات والولاءات على مساحة الوطن الافتراضي بعد أن اِختُطِفَت فيها الأوطان والمقدسات على يد ديكتاتوريات عصور الظلام..
أما وقد حملت يا تميم أمانة الرسالات الثلاث وأصبحت قدوة للأجيال، يحفظون شعرك ونثرك بقدسية وإجلال، ويتناقلونه عبر المنصات والشاشات وفي المدارس والمنتديات والساحات والمواجهات..
فاعلم يا تميم أنك اليوم مطالب أكثر من أي وقت مضى أن يستمر شعرك ونثرك قنديل أملٍَ ومبعث فخرٍ بعيداً عن اليأس قريباً لتحقيق الحلم والأمنيات..
يا تميم..
ونحن نحاول استعادة وجه القدس وتاريخها هذه الأيام.. نراك وأنت تجري في أزقتها وتستحضر تاريخها وتستل سيوفها التي طهرت حواريها وأزقتها من كل الغزاة... ألست أنت القائل "القدس من في القدس إلا أنت"؟، وألست أنت الشاهد الحي الأبدي على بطولة المقدسيين وصمودهم، وشموخ وعنفوان وعظمة القدس ومقدساتها..
بشعرك ونثرك عرفنا وجه القدس الحقيقي المُعَفر بتراب النشوة والفخر والإباء، وفي كل مرة نعود إلى كلماتك لتُشعل الأمل الذي نفتقده فتزيدنا كلماتك اشتعالا بصلابة روحك وإصرارك، وتوقظ فينا في كل ملحمة تؤديها مشاعر الوطنية والانتماء..
يا ابن شقيق الروح أنتَ مصب تجليات عملاقين وبحرين من الحرية والحب والانتماء.. بك ومن خلالك نطمئن دائما على هوية فلسطين، بتضاريسها ونهرها وبحرها وحاراتها وأزقتها.. ونراها أقرب ما تكون وأعظم من تكون ...
استمر بنثر عطائك الذي لا ينضب وافتح عينيك كل يوم على تضاريس العنفوان ومحبة الحياة كما أرادها لك منبعك..
واعلم أننا على موعد مع الفجر يا حنظلة مريد ورضوى..
وكما قال الشاعر ناظم حكمت من سجنه..
أجمل الأيام.. تلك التي لم نعشها بعد
أجمل الأطفال.. هم الذين لم يُولَدوا بعد
أجمل الكلمات.. تلك التي لم أقلها لك بعد
أجمل القصائد.. تلك التي لم أكتبها بعد
وأخيراً لنحلم بالأيام الجميلة التى لم نعشها بعد..
دمت بالمحبة والأمل