نفى رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "أن يكون قد تخلى عن التزامه بإقامة دولة فلسطينية في نهاية مطاف أي عملية سياسية بين إسرائيل والفلسطينيين". جاء نفي نتنياهو في سياق مقابلة أجرتها معه شبكة التلفزة الأميركية "إن. بي. سي" قبل أيام في ظل نتائج الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية التي خرجت منها كافة القوى الكبرى في إسرائيل دون غالب أو مغلوب، وإنما بتوظيف كل الأوراق السياسية المشروعة وغير المشروعة، وأهمها الورقة الفلسطينية. ليقفز أمامنا السؤال المشروع، هل التزام الدولة الفلسطينية هو التزام إسرائيلي خالص؟ أو لنسأل بصيغة أدق، هل هو نتاج موافقة إسرائيلية لا تعير أي أهمية للموقف الدولي الداعم لإنهاء الصراع وإقامة الدولة؟
جواب الوهلة الأولى لهكذا سؤال، لربما يأتي بالنفي القاطع، على قاعدة أن المجتمع الدولي، الصديق منه والعدو، يريد أن ينهي المسألة الفلسطينية بصرف النظر عن أسلوب أو أداة هذا الإنهاء، وفي الوقت ذاته لا يحرك ساكناً ضد ممارسات هذا الكيان المحتل الغاصب ليس فقط للأرض الفلسطينية، وإنما أيضاً لمقدرات وحقوق الشعب الفلسطيني، ومنها سطوه على العائدات الفلسطينية وحجزها بغية تركيعه إلى أقصى حد ممكن.
قد يقول قائل، إن الأسرة الدولية ترى في استمرار السلطة الفلسطينية ضرورة سياسية لا يمكن التفريط بها بأي شكل من الأشكال، ولكن هذه الأسرة الدولية نست أو تناست رأي الشارع الفلسطيني الذي لم يقل كلمته بشكل حازم حتى اللحظة، رغم محاولته التكيف مع كافة الوقائع والمتغيرات التي تمر عليه يوماً بعد يوم، إلا أن ذلك لن يطيل من غياب الإجابات التي باتت بشكل أو بآخر شاخصة للعيان، ليصبح السؤال الأكثر مشروعية، هل وجود السلطة ضرورة وطنية أم لا؟
إنْ وصل الشعب الفلسطيني لنتيجة مفادها تساوي الحالة بين وجود السلطة من عدمه، فإنه لربما يختار عدم وجودها، ليس لأنه كارهٌ لها أو غير مستفيد منها، وإنما لكون حضورها واستمرارها، يعني حضور واستمرار ما عليها من واجبات والتزامات يحترمها الإنسان الفلسطيني ويغتصبها المحتل الغاصب.
والأمر لا يتوقف عند هذا الحد، ولكنه يتحرك في اتجاهات عدة، منها وأهمها صراعات التيارات المتناحرة على استلام زمام الأمور في فلسطين التي لم تنل ربع ما وقع ساستها من أجله اتفاقيات ظالمة بكل ما فيها من جور بالحق الفلسطيني المشروع، النتيجة التي قد تعقّد المشهد الفلسطيني أكثر مما هو معقد، ليخرج الجميع سواء في الكيان الإسرائيلي الغاصب، أو في الدولة الفلسطينية الوليدة، ليراوح الجميع مكانه، وكأنه لا يعلم ملامح حالته بالتحديد، هل تصنف في خانة انتصار المهزوم، أم هزيمة المنتصر؟