أثارت واقعة نزار بنات العديد من الأسئلة دون أن نحصل على إجابة شافية تزيل أو تخفف القلق الجماعي الذي يشعر به الفلسطينيون على حاضرهم ومستقبلهم كبشر يستحقون العيش بأمن وأمان داخل بيتهم، إذ يكفيهم ما يقلقون بشأنه بفعل الاحتلال وسياساته وممارساته.
لقد أجمع الفلسطينيون على مختلف انتماءاتهم الفكرية والسياسية والاجتماعية على إدانة ما حدث لنزار بنات، فالرجل وإن كان حاداً في استخدامه اللغة إلا أنه لم يصل لا في أقواله ولا في سلوكه حد تهديد السلم الأهلي بما يستحق أن يعتقل أو أن يعذب حتى الموت.
من الأسئلة الكثيرة سؤال يتردد على ألسنة كل الفلسطينيين؛ إلى متى تظل حياتنا موزعة بين كارثة والكارثة التي تليها، وبين لجنة تحقيق تذوب بفعل الإهمال وقلة المسؤولية ولجنة أخرى قد يُعلن عنها دون أن تتشكل وإن تشكلت فلا نتيجة لها.
وسؤال آخر؛ إلى متى يظل نظامنا السياسي المفترض أن يحمينا وإن ينظم حياتنا سواء كنا في واقع حكم ذاتي أو دولة أو أصحاب مشروع وطني تحرري على هذه الشاكلة من التفكك والفوضوية؟
وسؤال آخر.. إلى متى تدار شؤون الملايين الفلسطينية من كل نواحي الحياة بهذا القدر من الارتجال وردود الأفعال ودون رقيب أو حسيب؟
هل نحن مشروع دولة مستقلة نطالب العالم بمساعدتنا على تحقيقها أم أننا أشبه بمليشيات تتصارع على النفوذ والسلطة عند شعب يتوق لرؤية من يخلّص وليس من يحكم؟
وإلى متى يظل الشارع الفلسطيني على هذا القدر من الفوضى وانعدام المرجعيات وضعف المؤسسات الرئيسية إن لم أقل غيابها المطلق التشريعية والقضائية، فمنذ أن دخلنا تجربة حكم أنفسنا بأنفسنا ولو ضمن إطار سيطرة محدودة، هل سألنا كم مرة انتفض الجمهور على قرارات مرتجلة تمكن من إسقاط بعضها ولم يتمكن من إسقاط البعض الآخر إلا أنه وإن هدأ حيال أزمة القضاء مثلا فهو أبدا لم يقبل خلاصاتها.
إن شعبا يعد بالملايين يعيش على أرض الوطن وملايين كذلك تعيش في المنافي ويعتنق الجميع قضية الحرية والاستقلال، لا يجوز أن يظل على ما هو عليه الآن، فمن هم على أرض الوطن يواصلون التذمر والشكوى ومن هم في الشتات متروكون للفراغ، بعد أن كانت منظمة التحرير القوية والفعالة حاضنتهم وملاذ آمالهم وتطلعاتهم.
إن الحالة الفلسطينية التي قوامها الناس في الوطن والشتات، فمثلما هي غزة بحاجة إلى إعادة إعمار، فإن هؤلاء الملايين بأمس الحاجة لإعادة إعمار نظامهم السياسي الذي يقود صمودهم والتزامهم وكفاحهم من أجل الحرية والاستقلال، فهل نرى خطوات فعالة في هذا الاتجاه أم نظل نتنقل من مصيبة إلى أخرى ومن لجنة تحقيق إلى أخرى فما هكذا تدار الكيانات والشعوب.