الخميس  21 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

49 عاما على استشهاد اللواء الفكري المسلح غسان كنفاني

2021-07-08 09:10:28 AM
49 عاما على استشهاد اللواء الفكري المسلح غسان كنفاني
جنازة الشهيد غسان كنفاني

الحدث- سوار عبد ربه

تسعة وأربعون عاما مضوا على رحيل الروائي والصحفي والمناضل الفلسطيني غسان كنفاني، الذي عاش حياته يقاتل بحروفه وكلماته الوجود الصهيوني، وحرص دوما على أن تحمل في طياتها روح الثورة.

غسان الذي قال إن "الكلمة عندنا وسيلة، وإنها إن لم تستطع أن تتحول إلى حجر في يد الأعزل، إلى جواد تحت رجل طريد، إلى رمح في يد فارس، إلى ضوء في عيني أعمى، فلتسقط إلى النسيان والغبار والصدأ" إلا أن كلماته عصية على النسيان، حتى قال عنه الصهاينة عند اغتياله: "اليوم تخلّصنا من لواءٍ فكريٍّ مُسلحٍ".

غسان الذي عاش حياته مسخرا قلمه للقضية الفلسطينية، استطاعت كلماته أن تحكي ما لم تتفوه به البندقية.

 ولد كنفاني في مدينة عكا في التاسع من نيسان 1936 وعاش في يافا حتى عام 1948حين أجبر وعائلته أسوة بكل العائلات الفلسطينية على مغادرة الوطن الأم واللجوء في بادئ الأمر إلى مخيمات لبنان ثم إلى سوريا، وهناك حصل على شهادة الثانوية من مدارس دمشق.

والده كان محامٍ، وعملت شقيقته في التدريس ما لم يكن كافيا لتغطية تكاليف المعيشة، فعمل غسان مع شقيقه في صناعة أكياس الورق وبعدها في كتابة الاستدعاءات أمام المحاكم. حتى أحس غسان ببراعة في الكتابة الأدبية فأقدم على العمل في الصحف والإذاعات السورية وكتابة الشعر والمسرحيات.

تفوقه في المرحلة الثانوية أتاح له فرصة التدريس في مدارس الغوث للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وبعدها التحق بجامعة دمشق ودرس الأدب العربي لكنه لم يستمر لأكثر من عامين لالتحاقه بحركة القوميين العرب بطلب من مؤسسها الحكيم جورج حبش.

ثم سافر إلى الكويت، وعمل في سلك التدريس، إلى جانب الصحافة، ونظرا لكونه كثير القراءة والمطالعة، تمكن من العمل كمحرر في إحدى الصحف الكويتية، وكان يوقع مقالاته التي اعتبرت محط أنظار لكثيرين باسم "أبو العز".

وكان عضوا في أسرة تحرير مجلة "الرأى" في دمشق، وعضوا في أسرة تحرير مجلة "الحرية" في بيروت، ورئيس تحرير جريدة "المحرر" في بيروت، ورئيس تحرير "فلسطين" في جريدة المحرر، ورئيس تحرير ملحق "الأنوار" في بيروت، وصاحب ورئيس تحرير "الهدف" في بيروت.

كما كتب هناك أولى قصصه القصيرة "القميص المسروق" ونال عنها، الجائزة الأولى في إحدى المسابقات الأدبية.

لم تخل حياة غسان من العقبات التي كادت أن توقفه عن عطائه للأدب الفلسطيني، فكان يمكث في المستشفى أياما نتيجة مرض السكري والنقرس اللذان نزلا به في عمر مبكر، لكنه أبى إلا أن يخرج منها بتجربة أدبية وكتب رواية "موت سرير رقم 12" عام 1963.

وبعد عام 1969 ازداد نشاطه السياسي فأصبح عضوا في المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، لكنه لم يحمل بندقية كما غيره من الفدائيين، وكان كثير التغيب عن الاجتماعات التنظيمية، واكتفى بالقلم والتحريض المستمر، وساهم في وضع الاستراتيجية السياسية والبيان التأسيسي للجبهة الذي أكد على أهمية العمل الفدائي والكفاح المسلح.

تزوج غسان من الدانماركية آني وهي معلمة تأثرت بالقضية الفلسطينية، التقاها في مؤتمر طلابي في يوغوسلافيا، وأجرت معه مقابلة في بيروت، ليطلب يدها بعد عشر لقاءات وأنجبا طفلين هما فايز وليلى.

وبالرغم من قصر الفترة التي عاشها، إلا أنه أصدر أكثر من 18 كتابًا، وعدد لا يحصى من المقالات. وبعد اغتياله تمّ إعادة نشر جميع مؤلفاته بالعربية، في عدة طبعات. وجمعت رواياته وقصصه القصيرة ومسرحياته ومقالاته ونشرت في أربعة مجلدات. وتُرجمت معظم أعماله الأدبية الى سبع عشرة لغة، واثنتان من رواياته تحولتا إلى فيلمين سينمائيين. وما زالت أعماله الأدبية التي كتبها بين عامي 1956 و1972 تحظى اليوم بأهمية متزايدة.

استشهد كنفاني يوم 8 تموز عام 1972، بانفجار سيارته المركونة تحت منزله، التي فخخها عملاء إسرائيليون في بيروت، وكانت بصحبته ابنة أخته لميس.

وبعد استشهاده، كتب الحكيم جورج حبش إلى زوجته آني كنفاني: "لقد كان غسان بالنسبة لي شخصيا وبالنسبة لجبهتنا جمعاء، عزيزا جدا، غاليا جدا، أساسيا جدا، عليّ أن أقر بأننا قد تلقينا ضربة موجعة".

وأضاف الحكيم في رسالته: "الآن، يا آني، نواجه جميعنا وأنت بصورة خاصة السؤال التالي: ما ترانا نفعل لرجل، لرفيق، بهذا الإخلاص وهذه القيمة؟ ثمة جواب واحد فحسب: أن نعاني بشجاعة كل الألم الذي لا يمكن لأحد منا أن يتجنبه، ومن ثم، أن نعمل أكثر، ونعمل بطريقة أفضل، وأن نقاتل أكثر، ونقاتل بطريقة أفضل".

وقال: "غسان كان يقاتل في سبيل قضية عادلة؛ وتعلمين أن شعبنا الفلسطيني قد خاض حرباً عادلة على امتداد عقود من الزمن. ولقد وقف مؤخرا الثوريون الحقيقيون في العالم أجمع إلى جانب قضيتنا العادلة. وهذا يعني أن دم غسان الذي انضاف إلى نهر الدماء العظيم الذي قدمه شعبنا طوال العقود الماضية هو الثمن الذي ينبغي علينا أن ندفعه لنفوز بالحرية والعدالة والسلام".