الحدث- الأناضول
أن تقود امرأة السيارة في مطلع ثمانينات القرن الماضي، كان أمرا "غريبا" و"مستهجنا" بالنسبة لسكان قطاع غزة، لكن الفلسطينية سميرة صيام في ذلك الوقت كانت تقود "شاحنة" وتملك رخصة لقيادة "الحافلات" أيضا.
وتشعر صيام (55 عاما)، بالفخر لأنها كسرت أكثر من تابو (أمرا محظورا) كما تقول لوكالة الأناضول، فإلى جانب امتلاكها رخصة قيادة "الشاحنة" باتت أول مدربة لقيادة المركبات الثقيلة في قطاع غزة.
وفي الوقت الحالي، من الطبيعي أن تشاهد في غزة رجلا يدرب امرأة على قيادة السيارة، لكن ما هو غير مألوف أن يكون مدرب "الرجال" امرأة كما هو الحال مع صيام.
وتضيف صيام وهي تدرب شابا في العشرينات من عمره على قيادة إحدى الشاحنات، إنها تعلمت من القيادة أن تخطو إلى الأمام غير مكترثة بنظرة المجتمع الرافضة لمهنتها.
وتتابع بثقة: "علمتني سنوات القيادة، عدم التراجع إلى الوراء، أذكر جيدا وأنا أقود لأول مرة في عام 1987 شاحنة، كيف كانت نظرات الناس من حولي ترمقني باستغراب، وربما امتعاض، إلا أنني واصلت طريقي دون أن أكترث".
وفي عام 1992 بدأت صيام، عملها كمدربة لقيادة المركبات الثقيلة، وتقول وهي تمسك في يدها كتابا شارحا لإشارات المرور الخاص بقيادة الشاحنات، إنّها المدربة الوحيدة في قطاع غزة، التي تدرب الرجال والشباب على قيادة المركبات الثقيلة.
وبحسب صيام، فإنها حاصلة على رخصة رقم (7) تجاري، وهي الرخصة الوحيدة التي تملكها امرأة على مستوى الأراضي الفلسطينية، وفق قولها، إضافة إلى امتلاكها رخصة قيادة "إسعاف".
وتقول صيام وهي أم لثلاثة أبناء إنها لا تجد حرجا في تعليم الشباب والرجال قيادة الشاحنات، ودفعهم إلى كسر حاجز "الخوف" من قيادة المركبات الثقيلة.
وما ساهم في اقتحامها للمهنة التي يحتكرها "الرجال"، هو نشأتها في بيت يمتلك الشاحنات، و"الجرارات الزراعية".
وتتابع: "والدي وأشقائي جميعهم كانوا يقودون الشاحنات، كان لدي فضول لتلك الأشياء، والاهتمام بأمور وتفاصيل المركبات، وهو ما دفعني لاقتحام هذا المجال".
ولاقت صيام التي تقطن في مخيم جباليا للاجئين شمالي قطاع غزة، تشجيعا من زوجها الذي يعمل هو الآخر مدربا لقيادة السيارات.
وتطمح صيام إلى امتلاك مدرسة كاملة، تستطيع من خلالها تخريج مدربات ومدربين من الفئتين (الرجال والنساء) لقيادة السيارات والحافلات.
وبعد 23 عاما من عملها كمدربة وسائقة للشاحنات، لا تزل تشعر صيام برغبة في "التحدي"، ومواصلة مشوارها التدريبي، مضيفة إنها "فخورة بنفسها".
وتستدرك بالقول:" جميعنا في قطاع غزة نريد أن نتحدى الحصار بكافة أشكاله الاجتماعي، والاقتصادي، وما فرضته إسرائيل علينا منذ عام 2007، وأن يتطور مجال التدريب، وقيادة الحافلات، وأن تدخل المركبات الحديثة".
ويعاني قطاع غزة الذي يقطنه 1.9 مليون نسمة من نقص حاد في مستلزمات النقل والمواصلات منذ بدء الحصار الذي فرضته إسرائيل عام 2007.