الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

هل قتل الفلسطينيين حلال Kosher؟

2021-08-01 09:54:53 AM
هل قتل الفلسطينيين حلال Kosher؟
حاخام إسرائيلي

ترجمة الحدث- عبد الله أبو حسان

نشرت صحيفة ديلي تايمز Daily Times، مقالا للدكتور سولات ناجي* Saulat Nagi، يستندُ فيه نظرياً إلى أطروحة ثيودور أدورنو في علاقة الصهيونية بمعاداة السامية بقتل الفلسطينيين اليوم.

وفيما يلي نص المقال مترجماً:

"لا يوجد تاريخ عالمي يقود من الوحشية إلى الإنسانية، ولكن هناك تاريخ يقود من المقلاع إلى قنبلة ميجاتون [القنبلة الهيدروجينية]. وينتهي بالتهديد الكلي، الذي يفرضه البشر المنظمون بغية تنظيم البشر، في صورة مصغرة عن عدم الاستمرارية".

عندما كتب أدورنو هذه السطور، كان ملايين الفلسطينيين يخضعون لتطهير عرقي من قبل الإرغون وليحي. وتم طرد نصف السكان الفلسطينيين من دون حق في العودة إلى أرضهم الأصلية. حتى أولئك الذين أرادوا الاندماج لقوا المصير المروع المماثل للذي كان ينتظر اندماج اليهود في ألمانيا النازية.

قال أدورنو: "يطلق العنان لمعاداة السامية في موقف، يسمح للعميان، المحرومين من الذاتية، ليكونوا ذواتاً. وتكون أفعالهم - بالنسبة للمعنيين- هي ردود أفعال قاتلة لكنه لا معنى لها. وتؤكد التسلية العشوائية لضرب الناس حتى الموت الوجود الكئيب الذي يتوافق المرء معه فقط".

بالنسبة لأدورنو، ينقسم مفهوم العدو إلى "ثنائيات جامدة مثل الخير والشر، نحن والآخرون، أنا والعالم، والانتماء إلى مرحلة النمو الأولى للبشرية"

يرتبط الوجود الكئيب بالفطرة بالرأسمالية، لكن يمكن للتسلية المتمثلة في الضرب العشوائي حتى الموت وإطلاق النار على الأطفال في مهدهم أن يكون له دوافع حقيقية. أولئك الذين يرتكبون هذه الجرائم الفظيعة قد لا يقومون بالعمل البغيض من أجل العمى أو الافتقار إلى الذاتية، ولكن لتلبية الاحتياجات الزمنية المكانية التي تتطلب التوسع وحاجة الرأسمالية للتراكم من خلال نزع الملكية. وكان الشعار النازي لبلوت Blut، وبودن Boden، وليبنسراوم Lebensraum المتمثل في أن الموسيقى هي للصهيونية، في تماهيه مع مشكلة: ففي الأرض المسروقة، كان الشعب المختار أقلية. ولقلب الميزان لصالحهم، لجأوا إلى التطهير العرقي للسكان الأصلانيين.

بالنسبة لأدورنو، ينقسم مفهوم العدو إلى "ثنائيات جامدة مثل الخير والشر، نحن والآخرون، أنا والعالم، والانتماء إلى مرحلة النمو الأولى للبشرية". وأوضح أن مثل هذه الصور النمطية كانت نتاج تجربة التقزيم والقلق مشيرا "إلى الطبيعة الفوضوية للواقع وتصادمها مع الأوهام المطلقة للطفولة المبكرة".

قال: "صورتنا النمطية هي أدوات وندوب في نفس الوقت:" الرجل السيئ "هو الصورة النمطية بامتياز".

هناك دائمًا غموض متأصل في استخدام الصور النمطية، "فالطفل الذي يخاف من الرجل السيئ يميل في نفس الوقت إلى أن يدعو كل غريب بـ "عم [ي] "،" للتخفيف من [حدة] تهديد الغريب. وهذا بمثابة تناقض: فمبدأ الواقعي لا يمكن أن يتطابق معه، لكنه الوسيلة الوحيدة للتكيف مع مجتمع واقعه السياسي والاقتصادي خاطئ ويخفيه الحكم الطبقي.

وصرح [أدورنو] إن ثمن الصورة النمطية يُدفع من خلال التخصيص، وهو عكس ذلك تمامًا. نظرًا لأن القوالب النمطية هي نتيجة للواقع البارد للنظام - بما في ذلك التكنولوجيا، والبنية الاقتصادية الفوضوية، وتوترات الحياة اليومية - لذا فإن البشر العاجزين يتطلعون إلى الشخص الذي يمكنه حل مشاكلهم بطريقة سحرية. ويضيف: "كل من القوالب النمطية والتخصيص غير كافيين للواقع"، لكن يمكنهما المساعدة في فهم "عقدة التفكير الذهاني الذي يبدو أنه من الخصائص الحاسمة للشخصية الفاشية."

يمكن تطبيق تحليل أدورنو على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي حيث تورط الفلسطينيون، على حد تعبير تيري إيغلتون، في كارثة دون أن يرتكبوا أخطاء

إن الفشل في فهم الواقع ليس نتيجة الضعف النفسي حصريًا ولكن لغموض الواقع، مما يساعد على ارتداد الأشخاص العاديين "إلى المستوى الطفولي من الصور النمطية والتخصيص".

نظرًا لمفاهيمه المسبقة والأفكار المعممة بشكل مفرط، فإن التنميط يخطئ الواقع من خلال إسناده إلى نوع من القدرة السحرية المطلقة. وعلى العكس من ذلك، فإن التخصيص يتنكر  للسبب الموضوعي لعجزه المختبئ في علاقات الملكية.

ويقول إن: "القوالب النمطية والتخصيص هما جزءان متباينان من عالم غير متمرس بالفعل، وهما جزءان لا يمكن التوفيق بينهما فحسب، ولكنهما أيضًا لا يسمحان بأية إضافة من شأنها تكوين صورة للواقع".

يمكن تطبيق تحليل أدورنو على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي حيث تورط الفلسطينيون، على حد تعبير تيري إيغلتون، في كارثة دون أن يرتكبوا أخطاء. يتم تصويرهم على أنهم أجانب وإرهابيون وجرح مقيّد في السياسات الجسدية لإسرائيل في أرضهم. يكشف هذا التصوير النمطي عن "تجربة التقزيم وقلق الصهاينة، مشيرين إلى الطبيعة الفوضوية للواقع"، والتي يمكن أن تكون نتيجة مذبحة مذنب بريء من خلال الاستعمار الاستيطاني. "تصادمها مع الأوهام المطلقة للطفولة المبكرة"، وأصلها موجود داخل معاداة السامية الأوروبية التي بلغت ذروتها في الهولوكوست. إن القوالب النمطية والشخصنة التي تنطوي على الفلسطينيين لها نفس الشخصية الفاشية التي ألمح إليها أدورنو.

هل الصهيونية أو المجتمع الدولي بحاجة إلى لحظة يوريكا لمعرفة من ارتكب الجرائم ضد اليهود؟ بالنسبة للبعض، كان ذنب الأوروبيين. اختاروا فلسطين وحولوا أهوالهم من اليهود باتجاه السكان الأصلانيين. لكن الذنب يتعلق بعلم النفس البشري وليس بالإمبريالية التي تتعامل مع الأهوال. "الرعب" بالنسبة لأدورنو "بعيد عن متناول علم النفس." بحيث أن كلاً من أوروبا والولاياتالمتحدة، بصفتهما إمبرياليتين، تكونان بريئتان من الذنب. إنهم يضطهدون، و "اضطهاد اليهود، مثل أي اضطهاد، لا يمكن فصله عن بنية النظام. ومهما تم النجاح في إخفائها في بعض الأحيان، فإن القوة هي الطبيعة الأساسية لهذا النظام".

وإذا كانت الرأسمالية، وهي نظام غير إنساني بطبيعته، مسؤولة عن الجرائم الفظيعة التي ارتكبت ضد اليهود، فمن المفارقات أن الصهيونية - في البداية، والتي كانت عبارة عن مجموعة برجوازية صغيرة في ألمانيا - بقيت ولا تزال متماشية بشكل وثيق مع النظام. تعاونت مع النازيين، وأبرمت ميثاق هافارا وتاجرت بالنيابة عنهم. تم تبرير الاتفاقية من قبل المنظمة الصهيونية العالمية. وحصلت على دعم من فون ميلدنشتاين Von Mildenstein ورينهارد هايدريش Reinhard Heydrich، الذين ترأسا قوات الأمن الخاصة. بل إن الهاغاناه عرضت التجسس لصالح النازيين.

بالنسبة لإيلان بابيه Ilan Pappé، المؤرخ الإسرائيلي البارز،  فإن "الصهيونية هي مشروع استيطاني استعماري هدفه الوحيد هو التطهير العرقي للفلسطينيين الأصلانيين، والاستعمار الاستيطاني لا يتعلق بإزالة المواطن الأصلاني…. أو اتخاذ موقف متفوق جدًا تجاهه كما حدث في جنوب إفريقيا، لأنه أيضًا جزء من نزع الصفة الإنسانية عن السكان المحليين".

يعتبر الصهاينة والشعب الإسرائيليي الفلسطينيين مجرد حيوانات. ويشاركهم هذا الرأي كل من إيلان ليفي  Ilan Levy  وجدعون ليفي Gideon Levy، الصحفيان الحائزان على جائزة صحيفة "هآرتس". قال أدورنو: "يبدأ الأوشفيتز عندما ينظر شخص ما إلى المسلخ ويقول إنهم حيوانات".

بالنسبة للطبقة الصهيونية الحاكمة في إسرائيل، أصبحت معاداة السامية سلعة ساخنة. سلاح ليس فقط لإخفاء عملية التطهير العرقي ولكن أيضًا لضرب خصومه

إن تجريد السكان الأصلانيين من إنسانيتهم ​​والحط من قدرهم يجعل قيام المستوطنين بعملية التطهير العرقي للسكان الأصلانيين مسألة سهلة.

قال أدورنو: "لقد أثبتت معاداة السامية أنها محصنة ضد تهمة عدم كفاية الربحية".

بالنسبة للطبقة الصهيونية الحاكمة في إسرائيل، أصبحت معاداة السامية سلعة ساخنة. سلاح ليس فقط لإخفاء عملية التطهير العرقي ولكن أيضًا لضرب خصومه، بما في ذلك اليهود غير الملتزمين. لا يمكن للصهيونية أن تصف العدد المتزايد باستمرار من اليهود غير الملتزمين بأنهم معادون للسامية، ولكن يتم إدانتهم وتشويه سمعتهم باعتبارهم يهودًا يكرهون أنفسهم، على الرغم من أنه بالنسبة إلى حاييم جرينبرغ Hayim Greenberg، "من أجل أن يكون المرء صهيونيًا جيدًا فيجب أن يكون معاديًا للسامية إلى حد ما. "

في الآونة الأخيرة، من بين الشخصيات السياسية ذات الثقل الكبير، أصبح جيمس كوربين James Corbyn ضحية معاداة السامية. قال أدورنو: "فائدتها للحكام واضحة. إنها بمثابة إلهاء، وسيلة رخيصة للفساد، تحذير إرهابي. المضاربون المحترمون يتغاضون عن ذلك والمضارب السيئ السمعة ينقذونه ".

لم تعد معاداة السامية شائعة عن اليهود، إنها سلاح قوي لقتل كل الأصوات المعارضة.

كشف إيلان بابيه أن الصهيونية، وهي حركة رجعية بطبيعتها، معادية للشيوعية، ونازية، ومعادية لليهود، تم دعمها من قبل اليسار قبل أن يتبناها اليمين. لقد كرهت النضال الجماهيري، وكما يعتقد هرتزل، "فإن التاريخ السياسي للبشرية يصنعه عدد قليل من الناس ... وما يرتبونه فيما بينهم يصبح مضمونًا بالنسبة للتاريخ السياسي". (ليني برنر Lenni Bernner)

ومن ثم، فهي [الصهيوينية] لم تفتعل أي عملية واحدة ضد النازية، وضحت باليهود المسنين من أجل الشباب، ونسقت مع بيتليورا Petliura المعادي للسامية، وبلفور Balfour، وإيخمان Eichmann، وبمساعدتهم، تم الاستيلاء على 78 في المائة من الأراضي الفلسطينية، وطرد خمسة ملايين مواطن خارج ديارهم  دون حق في العودة، ولم تتم إدانة ذلك من قبل أولئك الذين علموا العالم التفكير النقدي واللامثالية. فإذا كان الشعر بعد أوشفيتز بربريًا، فلا يمكن أن يصبح كوشير/حلالا بعد الإدمان على ذبح الفلسطينيين.

 

 

*سولات ناجي Saulat Nagi: كاتب أسترالي باكستاني. له عدة كتب عن الاشتراكية (مدارس غرامشي وفرانكفورت) والتاريخ. وهو كاتب عمود منتظم في إحدى الصحف اليومية الرائدة باللغة الإنجليزية في باكستان، وهي الديلي تايمز.