الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الأرض والثوابت / بقلم: نبيل عبد الرؤوف البطراوي

2015-03-29 11:23:17 AM
الأرض والثوابت / بقلم: نبيل عبد الرؤوف البطراوي
صورة ارشيفية

 
عضو الأمانة العامة لشبكة كتاب الرأي
 
في هذا التاريخ من كل عام 30/3/1976م يتذكر شعبنا العربي الفلسطيني الدماء الزكية والطاهرة التي خضبت أرض فلسطين دفاعا عنها من الهجمات المتكررة للعصابات الصهيونية بهدف اقتلاع شعبنا من أرضه ,وقد كان هذا اليوم عبارة عن بطاقة حمراء أمام دولة الاحتلال بأن شعبنا لن يخضعه الجبروت والقوة الصهيونية ولن يبقى يتكئ على أحد لكي يعيد صياغة تاريخ وجوده الحقيقي والفعلي على هذه الأرض, كما أنه لن يترك قوة الاحتلال تحدد له مكان بقاءه فوق أرضه على الرغم من تجريده من كل مقومات المواجهة ألا من تلك السواعد الفتية المؤمنة بحتمية الانتصار وتحقيق الحلم الوطني مهما طال أو قصر الزمان ,فجسد هذا اليوم بالنسبة للإنسان الفلسطيني مجموعة مفاهيم كانت بمثابة الزاد النضالي لعموم أبناء شعبنا في كل أماكن تواجده فكان يوم الأرض
• يوم الهوية الوطنية الفلسطينية وكان هذا التجسيد عمليا على أرض الواقع من خلال المعركة ما بين الحق والباطل
• يوم الإجماع الفلسطيني على قضية واحدة ويوم واحد على الرغم من حالة الشتات التي عاشها شعبنا نتيجة (النكبة والنكسة )
• اليوم التاريخي الذي جاء استجابة وبتوافق مع التواجد الفلسطيني في كل الساحات على سطح المعمورة
• يوم فلسطين والجليل والمثلث والنقب وعرابة وكفر كنا وسخنين والطيبة ونور شمس ودير حنا
 • يوم الستة الخالدون في قلب فلسطين والجليل
• يوم شهداء الأرض :خديجة شواهنة ,وخير قاسم ورجاء أبو ريا وخضر خلايلة ومحسن طه ورأفت زهير
• يوم الانتفاضة الوطنية العارمة والتي تفجرت على شكل إضراب شامل ومظاهرات شعبية في جميع المدن والقرى والتجمعات الشعبية الفلسطينية في الوطن المحتل ,احتجاجا على القمع والظلم والتمييز العنصري ومصادرة الأرض بهدف قطع وشائج الصلة بين الإنسان وأرضه ,فكان إقدام سلطات الاحتلال الصهيوني يوم 29/3/1976م مصادرة 21ألف دونم من أراضي عدد من القرى الفلسطينية في الجليل الأوسط منها دير حنا وسخنين وعرابة وعرب السواعد وغيرها لتخصيصها لإقامة المزيد من المستعمرات الصهيونية من اجل تهويد الجليل وتفريغه من سكانه الفلسطينيين ,محاولة منها لتفريغ مفهوم ارتباط الإنسان الفلسطيني بأرضه من عدة جوانب تاريخية وثقافية ووطنية ,على أمل تحقيق مقولة وزير الحرب الصهيوني (موشي ديان)- بأن الكبار سيموتون وينسى الصغار – حقا مات الكبار فهذه صيرورة الحياة البشرية لكن الصغار رضعوا من صدور أمهاتهم المناعة الوطنية التي جذرتهم بالهوية الوطنية والأرض والتي ثبت من خلال هذا التحدي الذي بات يكبر في عيون وقلوب ونفوس أبناء فلسطيني الذين عايشوا القهر والقمع والمجازر لكن كل هذا لم يدفعهم ألا على البقاء والتحدي والصمود ,هذا العنفوان الوطني الذي مازال يراود كل أبناء فلسطين حتى من ولودوا في أي مكان من أصقاع الأرض فنحن اليوم نعيش الذكرى 37 لهذا اليوم ومازالت الأرض هي لب الصراع ما بين شعبنا الفلسطيني والحركة الصهيونية ,فكلما اشتدت الهجمة الصهيونية كلما زاد تجذر وتمسك الإنسان الفلسطيني بأرضه ,فلم تنسي السنوات الطوال ولا رغد العيش او قسوتها ولا البعد المكاني عن فلسطين أي من أبناء فلسطيني حقه التاريخي في هذه الأرض والتي يعتبر بمثابة أمانة كلن يسلمها إلى الأخر ,ولا يجوز لأحد أن يراوده فكر التلاعب بهذا الحق مهما كانت المبررات والدوافع ومهما كانت الظروف سواء كانت الظروف العربية أو الدولية فكل هذا يزول ولكن تبقى الأرض ويبقى التاريخ ويبقى من سوف يعملون على إعادة الحقوق إلى أصحابها .
إننا اليوم كصحاب الأرض الحقيقيون ونحن نمر بهذه الذكرى في ظل تكالب كل قوى الشر الكوني على أمتنا العربية والإسلامية من أجل أضعافها وتشتيتها وتقسيم المقسم فيها وبعثرة المبعثر منها طمعا في فرض واقع جديد على منطقتنا العربية بهدف أضعاف منهجنا الوطني الفلسطيني ونحن نعتبر الرقم الذي يجب إخضاعه للإرادة الاستعمارية الأجنبية بشتى السبل والوسائل سواء كان بالعصي أو بالجزرة أحوج ما نكون إلى رص الصفوف من اجل القدرة على تجسيد الصمود القائم على تمكين الإنسان الفلسطيني على الصمود كون هذا الإنسان هو الوقود المطلوب على الدوام من أجل ابقاء شعلة الأرض ملتهب فآلاف الأسرى الإبطال القابعين في سجون الجلاد الصهيوني هم عنوان تمسك الإنسان الفلسطيني بأرضه كما أن آلاف الشهداء الذين رووا أرض فلسطين عبر مراحل كفاحية متواصلة هم من يبقي مركبة الثورة مشتعلة إلى أن يتحقق الهدف لكل أبناء شعبنا .
وقد أعطى شعبنا الفلسطيني وقيادته نماذج حية على التمسك بالثوابت الوطنية والتمسك بالأرض فكان استشهاد القادة العظام أمثال الرئيس ياسر عرفات فجر الثورة الفلسطينية المعاصرة والشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة المقاومة الإسلامية وفتحي الشقاقي مؤسس حركة الجهاد الإسلامي والأمين العام للجبهة الشعبية أبو على مصطفى وكوكبة كبيرة من القادة العظام وكل شهداء شعبنا الفلسطيني منذ الوهلة الأولى لبزوغ المشروع الصهيوني والتي واكبها ظهور المقاومة الفلسطينية والتي مرت بعدة مراحل منذ 1929م إلى الانتفاضة الثانية والتي كانت عبارة عن انتفاضة التمسك بالثوابت الوطنية والتي استشهد الرئيس ياسر عرفات وهو متمسك بها على الرغم من التهديد والوعيد الذي تلقاه بشكل مباشر من الرئيس الأمريكي في حينه (بل كلينتون ) ولكن الإرادة الوطنية التي تسكن هؤلاء القادة تكون على الدوام أقوى من كل التهديد والوعيد ,فهل نعيد اليوم قضيتنا مكانتها إلى أرواح وعهد الشهداء العظام ونقوى على كل الطموحات الفردية والحزبية للبعض المسكون بأيمان زائف بأنه يمتلك الصواب لوحده دون غيره ,
أن حالة التشتت اليوم والانقسام والبعثرة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني لا تخدم ألا هدف واحد وهو أضعاف الإنسان الفلسطيني من أجل تمرير مشاريع تصوفيه انهزاميه على أمل الوصول إلى السلطة التي على ما يبدوا بأنها أصبحت الهدف عند البعض بدل فلسطين ,فإذا كان تهويد القدس ,وحياة الأسرى في سجون الاحتلال وحالة إضعاف شعبنا والاستيطان ومصادرة الأرض لا تدفعنا إلى العودة إلى الوحدة والاتفاق حول الهدف آليات وأدوات الوصول إلى الهدف ,ماذا يعني هذا التمترس خلف المكتسبات الضبابية ؟ماذا يعني أن نضع أوراق قضيتنا الوطنية ليتلاعب بها سماسرة أمركة وصهينة المنطقة العربية بشكل عام ؟ماذا يعني القبول بأن تكون قضيتنا ودماء شعبنا أحدى أدوات العلاقات العامة لبعض الأنظمة التي أشبعتنا شعارات وهي في مقاعد معارضة النظام ؟فهل نصحو ونعود إلى سيرة العظماء من أبناء شعبنا ,لكي نجسد ونحقق الهدف الذي استشهد من أجله هؤلاء الإبطال ,ليكون بمثابة الطريق نحو التحرير والعودة التي لن تجدي كل السبل في ثني شعبنا عن تجسيدها واقع العودة فوق الأرض الفلسطينية وتحت العلم الوطني لأن في فلسطين ما يستحق العودة له .....