غزة - خاص بالحدث
أصبح تداول الأخبار المتعاقبة في عن فتح سوق العمل أمام الفلسطينيين في قطر مادة حديث الشباب الغزي المتطلع للخروج من عزلة البطالة المفروضة عليه منذ سنوات، ولعل تناقل وسائل الإعلام المحلية المختلفة خلال الأسابيع الأخيرة الماضية للأخبار والتصريحات الخاصة بعرض التشغيل القطري أثار مزيداً من الاهتمام في أوساط الشباب الذين تابعوا يوماً بيوم هذه التصريحات التي استهلت بحديث بعض المسؤولين عن تشغيل عشرين ألف عامل وانتهت بما صرح به وزير العمل د.أحمد المجدلاني الخميس الماضي حول زيادة هذا الرقم من 20 ألف إلى 40 ألفاً.
لسان حال الشباب المتعطل عن العمل في غزة يقول «التفاصيل لا تعنينا من قريب أو بعيد فكل ما يهمنا هو أن نضع حداً لمعاناة تعطلنا فحياة الشاب بلا عمل لن تكون بأي حال من الأحوال أفضل من حصوله على فرصة عمل غير واضحة المعالم. “أما المهتمون والمتابعون لهذا الأمر فرأوا أنه بالرغم مما يشكله عرض تشغيل آلاف المتعطلين عن العمل في قطر من فرصة مهمة للمتعطلين إلا أن هناك ضرورة تقتضي توضيح الإجراءات والترتيبات الخاصة باستيعاب وتشغيل العمالة الفلسطينية في الخارج وفق ضمانات تكفل الحفاظ على حقوقهم وتمنحهم حياة كريمة. هكذا نظر ذوو العلاقة للعرض الذي قدمته دولة قطر مؤخرا لتشغيل آلاف العمال الفلسطينيين في مشاريع مختلفة قد تكون حسب توقعات البعض مرتبطة باستعداد قطر لاستضافة مباريات كأس العالم عام 2022.
مختصون يطالبون بتوضيح صيغة التشغيل
في أحاديث منفصلة أجرتها الحدث مع المهتمين بمنحة التشغيل القطرية رأى الخبير الاقتصادي د. معين رجب أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر أن طرح مثل هذا العدد من وظائف تشغيل العمالة الفلسطينية المتعطلة يشكل فرصة مهمة للعمالة الفلسطينية ويعد بمثابة دافع لتنشيط وزارة العمل وتكثيف جهودها عبر إيفاد بعثة إلى قطر يراسها وزير العمل للتباحث في هذا الأمر ومعرفة تخصصات العمل المطلوبة ومن ثم يتم الإعلان بشكل واضح عن طبيعة الوظائف والمهن المطلوبة، متوقعاً ارتباط عرض التشغيل القطري باحتياجات حكومة قطر لمشاريع إنشائية ذات علاقة باستضافتها لكأس العالم.
وشدد رجب على ضرورة توضيح طبيعة هذه المهن خاصة بالنسبة للخريجين من التخصصات المختلفة من مهندسين وفنيين، والعمل في ذات الوقت على تعزيز التنسيق بين مختلف الأطراف ذات العلاقة بالتشغيل والعمل النقابي بما يكفل توخي الشفافية في توزيع فرص العمل المتاحة بين شقي الوطن وفقاً لنسب البطالة في المحافظات المختلفة.
ودعا رجب الجهات المسؤولة في السلطة إلى التعامل مع عرض دولة قطر كنموذج للتعامل مع احتياجات التشغيل لدى الدول الأخرى مثل ليبيا.
من جهته وصف رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين شاهر سعد المبادرة القطرية لتشغيل الفلسطينيين بالإيجابية وبأنها تفتح الباب واسعاً أمام العمالة الفلسطينية للعمل في أماكن عمل جديدة مستدركاً بقوله: «لكن يفترض قبل ذلك أن يتم إعداد الترتيبات لدخول العمال لهذه الدولة وفق آليات عمل واضحة تنسجم كلياً مع متطلبات التشغيل القانونية الموثقة بعقود عمل تبرمها الدولة المشغلة مع العمال كمدخل أساس يحفظ حقوقهم ويمنحهم حياة كريمة وعملاً لائقاً».
وأضاف “قطر مقبلة على استقبال كأس العالم على أرضها، وبالتالي تحتاج لأيد عاملة وفنيين مهرة إضافة لما لديها من عمال يشكلون أضعاف العدد المطلوب، ولقد تواصلت مع وزراتي العمل والخارجية لمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذا الأمر، حيث ستتعاون الوزارتان مع الحكومة القطرية لتشغيل هؤلاء العمال وستتم استقبال طلبات التشغيل على موقع وزارة العمل”.
وأضاف قائلاً “حتى الآن لا نعرف صيغة العقود ولا قيمة الأجور وبتقديري توضيح هذه الأمور يحتاج إلى ما لا يقل عن شهر، فحتى الآن ليس هناك تفاصيل للمهن المطلوبة فقطاع البناء على سبيل المثال متنوع ويضم تخصصات مهنية مختلفة وهناك قطاعات تشغيل أخرى ما يعني أن عملية التشغيل تستهدف عشرات المهن المختلفة”.
وبين سعد أن اتحاد نقابات عمال فلسطين سيعمل على متابعة هذا الأمر بما يضمن الحفاظ على حقوق العمال لافتاً إلى أن الاتحاد الدولي لنقابات العمال في العالم أطلق أخيراً حملة للدفاع عن العمال الآسيويين الذين تعرض بعضهم لحوادث عمل في قطر وآخرون توفوا في مواقع العمل هناك «وبالتالي نحن بحاجة لضمان حقوق العمال من مسكن وراتب وحياة كريمة».
وشدد سعد على ما يوليه اتحاد العمال من اهتمام وحرص شديدين على توزيع العمالة حسب نسبة السكان في الضفة وغزة منوها إلى أن لدى الاتحاد مكتباً في غزة يمثله وأنه لن يكون هناك تمييز في اختيار العمال وطبيعة الوظائف ستتضح بمجرد اعلان التسجيل حيث سيطلب من نقابة البناء في الاتحاد على سبيل المثال أن توفر عمالة ماهرة.
واعتبر أن استيعاب قطر لنحو 20 ألف عامل من شأنه أن يساهم الى حد ما في خفض نسب البطالة التي تقدر في الضفة الغربية بنحو %24 وفي قطاع غزة تتجاوز %35 من إجمالي عدد المتعطلين عن العمل البالغ عددهم نحو 235 ألف متعطل.
بارقة أمل للشباب المتعطل عن العمل
ويقول المواطن خالد الفران 24 عاماً «علمت من أحد أصدقائي عن وظائف العمل في قطر وبمجرد ما سمعت بهذا الخبر شعرت بأن هناك بارقة أمل ومن الممكن أن أضع حدا لتعطلي عن العمل منذ أن أنهيت دراسة دبلوم محاسبة، فلقد مضى على تخرجي ثلاث سنوات دون أن ألتحق بأية وظيفة ثابتة، وكل ما أحظى به فرصة عمل ليوم أو ليومين في الاسبوع في أفضل الأحوال».
واعتبر الفران أن الحصول على فرصة عمل بات بمثابة حلم يراود آلاف الشباب المتعطلين عن العمل ويعانون مثلي من الملل والروتين اليومي الذي أعيشه مبيناً أنه يسعى منذ سنتين للهجرة إلى السويد مثل أخيه الذي سبقه بالهجرة إلى هناك منذ خمس سنوات ومنذ أن علم بأمر العمل في قطر عكف على متابعة كل ما ينشر حول هذا الموضوع .
وأكد الفران أن أحداً من أقرانه الشباب لم يبد أدنى اهتمام بتفاصيل العمل فكل ما يعنيهم الالتحاق بوظيفة بدلا من تمضية أوقاتهم في المقاهي (كوفي شوب) لافتأ إلى أن أسرته مكونة من سبعة أفراد أكبرهم 35 عاما وأصغرهم هو.
أما نضال الشوا 23 عاما الذي أنهى دراسة الثانوية العامة ويعمل في مطعم لدى أحد أقاربه بأجرة قدرها 35 شيكلا يومياً ويساهم مع والده في إعالة أسرته المكونة من ستة أفراد فيرى أن فرصته بالعمل في قطر ستكفل له التأسيس لمستقبله مشيراً الى أن الراتب المحدود الذي يتلقاه في غزة في ظل الأسعار المرتفعة والمسؤولية الملقاة عليه لن تمكنه من ادخار أي مبلغ يؤهله للزواج حتى بعد عشر سنوات.
ولم يكن المواطن رزق سكيك، 33 عاماً متزوج ولديه طفلان، أفضل حالا من سابقيه، موضحاً أنه كان يعمل من وقت لآخر في مهنة طلاء المنازل ومنذ أن أغلقت الأنفاق في منتصف العام الماضي وتوقف توريد مواد البناء عبر الانفاق وكذلك عبر معبر كرم أبوسالم لم يحظ سوى ببضعة أيام عمل نتيجة لما ترتب على على هذا الوضع من توقف تام في قطاع الانشاءات والمهن المرتبطة به.
وبين سكيك أنه يعتمد على ما يقدمه له والده المتقاعد من مساعدة مالية لاعالة زوجته وأطفاله معتبراً ان الوضع الطبيعي لرجل في عمره أن يكون هو مصدر الدخل الاساسي لأسرته وأن يتحرر من عبء اعالة والده له ولاسرته .
وأشار سكيك الى أنه منذ أن تناهى الى مسامعه قبل أسبوعين خبر التشغيل في قطر بادر على الفور بتجديد جواز سفره استعداداً للالتحاق بهذه الفرصة بالرغم من أن قناعته بأن عملية تسجيل العمال لن تبدأ قبل الشهر المقبل.
وقال «لدي الاستعداد التام للسفر فليس لدى هنا ما اخسره حتى وأن كان الاجر هناك ضئيلاً فسيكون بأي حال من الاحوال أفضل من اعتمادي على والدي في الانفاق على أطفالي لقد كان عملي على مدار السنوات العشر الماضية متقطعاً ولكنني كنت أحقق الحد الادنى من الدخل اللازم لاعالة أسرتي أما الآن ومنذ ستة أشهر فلا عمل لي سوى الجلوس قبالة المنزل وتمضية الوقت برفقة أصدقائي المتعطلين عن العمل مثلي ولاأعود الى المنزل الا في ساعة متأخرة من الليل فالكل يعاني من حالة الملل وعدم الاستقرار والبطالة والعوز».
وكان وزير العمل د.أحمد مجدلاني أعلن الخميس الماضي أنه تم الاتفاق بين مسؤولين فلسطينيين وقطريين بعد زيارة رئيس الوزراء د.الحمد الله لقطر على مضاعفة عدد العمال الفلسطينيين فيها من 20 ألف إلى 40 ألف عامل مبيناً أن حدود مسؤولية وزارته يقتصر على القيام بعملية الربط الإلكترونية بين وزارتي العمل الفلسطينية ونظيرتها القطرية من أجل تسهيل وتسريع إجراءات التحاق العمال الفلسطينيين بالعمل هناك.
ولفت إلى أن وزارته بدأت باستقبال الطلبات المصنفة إلكترونيًا على صفحة نظام معلومات سوق العمل الفلسطيني على موقع الوزارة، ومن مختلف تجمعات الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة والشتات وأن الوزارة ذاتها بصدد اتخاذ الإجراءات اللاحقة المتعلقة بالترتيبات الفنية التي يقوم بمتابعتها سفير فلسطين في قطر منير غنام.
ونوه إلى أن استيعاب المهن سيكون بحسب احتياجات سوق العمل القطرية سواء للقطاع الخاص أو العام، مع التركيز على أصحاب المهن والكفاءات والعمالة المدربة من مختلف القطاعات أكثر من الكفاءات العالية جدا وأن إجراءات الدخول لقطر وإقامات العمل ستكون وفقاً لآلية تم الاتفاق عليها بين وزير الداخلية الفلسطيني ورئيس الوزراء الفلسطيني ووزير الداخلية القطري ضمن الشروط والمعايير المعمول بها لباقي الجنسيات.
وجاءت تصريحات مجدلاني عقب ما اوضحه وكيل مساعد وزارة العمل ناصر قطامي القائم بأعمال مجدلاني أثناء تواجد الاخير في سوريا خلال الاسبوع الماضي حيث بين قطامي أن وزارته تعمل جاهدة للبدء بتنفيذ المنحة القطرية الأخيرة الخاصة بتشغيل 20 ألف مواطن فلسطيني منوهاً الى أن توزيع العدد المذكور على المناطق المختلفة في غزة والضفة سيتم وفق نتائج جهاز الإحصاء المركزي بما يخص المناطق التي تعاني من البطالة وكذلك بحسب توفر المهن المطلوبة في المناطق المستهدفة.
واشار أن وزارته تواصلت مع الجهات المختصة بقطر وقامت بتزويدها بـ 200 مهنة متوفرة في السوق الفلسطينية وأن السفير الفلسطيني في قطر منير غنام يعمل على اعداد بروتوكول للجوانب التفصيلية كـ “المهنة المطلوبة” و “المدة” وأن البروتوكول سيتم توقيعه قريباً بواسطة وزير العمل مجدلاني متوقعاً أن تستهدف الوظائف المعلن عنها قطاع الإنشاءات من مهندسين ومحاسبين وعمال بناء نظراً لحاجة قطر لتلك التخصصات في المرحلة المقبلة بحيث سيتم تنظيم كأس العالم هناك