الحدث- القدس عبد الرؤوف أرناؤوط (الأناضول)
يعمل المحلل السياسي الإسرائيلي آفي لسخاروف في مدينة تل أبيب، وسط إسرائيل، في حين يعمل مدير مركز الاستشارات الدولي، وديع أبو نصار في مركز مدينة حيفا، (شمال)، ولكن لكل منهما روايته بشأن تأثير الصواريخ الفلسطينية على الشارع الإسرائيلي.
وفي حديثه مع وكالة الأناضول، قال لسخاروف "أعمل في الطابق الرابع في بناية في وسط تل أبيب، ويمكنني القول أن الناس ما زالوا في الشوارع، وبالأمس (الإثنين) مساءً تابع الكثيرون مباراة كرة القدم (المونديال) في المقاهي، ولكن أيضاً هناك عروض موسيقية تم إلغاؤها وتم إلغاء مؤتمرات كبيرة".
غير أن لسخاروف، الذي يعمل محللاً سياسياً في موقع (واللا) الإخباري الإسرائيلي المستقل، يرى أن ثمة سبب لذلك بقوله "الناس هنا يعتقدون أن منظومة القبة الحديدية المضادة للصواريخ هي بمثابة حاجز يمنع صواريخ غزة من الوصول إليهم، أنا الآن في عملي وقد جرت عدة محاولات لإطلاق صواريخ على المدينة ليس فقط اليوم وإنما منذ 3 أيام ولكنها فشلت جميعها بفضل القبة الحديدية".
وأضاف" هذا لا يعني أن الناس لا تأبه لسقوط الصواريخ، إطلاقاً لا، فالناس عند سماع صافرات الإنذار تتوجه إلى الملاجئ وتحاول أن تحمي نفسها، ولكن هناك شعور بأن القبة الحديدية تقوم بالعمل المطلوب".
ويعتقد لسخاروف أن الأمور ستتغير حتما في حال أدى سقوط صاروخ مثلاً إلى قتل أشخاص، وقال" الوضع لن يكون كذلك مثلاً في حال سقوط صاروخ يؤدي إلى قتل أشخاص ".
ويشير لسخاروف إلى أن الوضع هو أصعب بالنسبة للبلدات الإسرائيلية في جنوبي إسرائيل، بقوله "في الجنوب أصعب، ولكن أيضاً هناك محاولة للتعايش مع الوضع الذي أصبح نوع من الروتين، فمنذ العام 2001 والصواريخ تطلق على هذه البلدات وبالتالي فإن ما يجري ليس بالمفاجأة ولا بالأمر الغريب".
ورأى المحلل الإسرائيلي أن "الأمر كان بمثابة مفاجأة لسكان بلدة زخرون يعقوف ، جنوبي حيفا، فالناس هناك لم تتوقع إمكانية سقوط صواريخ عليها، وبالتالي فالأمر غريب".
إلا أن المحلل السياسي ومحاضر العلوم السياسية السابق ومدير مركز الاستشارات الدولي، وديع أبو نصار، لا يرى الأمر بهذه الصورة ، وقال لوكالة الأناضول "هناك تأثير نفسي ومعنوي واقتصادي وسياسي لهذه الصواريخ على إسرائيل ، فمن الناحية الاقتصادية فيمكنك أن تلاحظ أن الحركة الاقتصادية تخف بشكل ملحوظ في المناطق التي تصلها الصواريخ، وهذا يتسبب بخسائر اقتصادية كبيرة".
وأضاف "إلى جانب ذلك فالتطورات الأمنية هي بمثابة ضربة للموسم السياحي، حيث نسمع الكثير من الأحاديث من العاملين في القطاع السياحي بأن أجانب قرروا عدم القدوم إلى هنا بسبب التطورات الأمنية، وبالتالي نحن نتحدث عن خسائر كبيرة تقدر بعشرات الملايين، وكلما ازدادت فترةالعملية كلما ازدادت الخسائر".
وتابع أبو نصار "يجب أن لا نغفل في هذا المجال الخسائر الاقتصادية المترتبة على تنفيذ العملية في غزة سواء ما يتعلق بالأسلحة التي يتم استخدامها والطائرات التي يتم تشغيلها، والجنود المشاركين في العملية، واستخدام القبة الحديدية، والإجراءات الأمنية وهو ما يتطلب ميزانيات تقدر بعشرات الملايين، وبالتالي فإن الخسائر واضحة".
البعد النفسي لما يجري تطرق إليه أبو نصار بقوله "الناس متوترة وهناك حالة من الخوف يمكنك أن تلمسها بوضوح كما تم التعبير عنها من خلال فتح الملاجئ في جميع مدن الوسط والجنوب "
لكنه يشير إلى أنه "سياسياً هناك حالة من الاصطفاف خلف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو وإن كان واضحاً أن هناك نوعاً من الخلافات في المستويات السياسية العليا الإسرائيلية حول العملية، وهناك 3 أراء ، الأول الذي يتبناه نتنياهو هو أن تكون العملية متدحرجة وتتطور تدريجياً، أما الثاني فهو اليسار الإسرائيلي الذي يدعو لوقف العملية بأسرع وقت، أما الثالث فهو ما يطرحه اليمين بوجوب توجيه ضربة قاسية إلى غزة، وفرض عقوبات على الفلسطينيين ككل".
ويتفق المحلل الفلسطيني هاني المصري مع أبو نصار، والذي قال في حديث مع الأناضول "بدون شك فإن لهذه الصواريخ تأثيراً اقتصادياً كبيراً على إسرائيل ، فضلاً عن أن الإسرائيليين غير متعودين على التضحيات ولذلك فإنك تجد أن الكثير من المدن هي نصف مشلولة، ونسمع ونقرأ في وسائل الإعلام الإسرائيلية أن المئات إن لم يكن الآلاف غادروا جنوب إسرائيل إلى شمالها خوفاً من الصواريخ".
وأضاف " بالتالي فإن هناك خسائر اقتصادية كبيرة، وهناك تأثير واضح لهذه الصواريخ على نمط حياة الكثير من الإسرائيليين".
وتتواصل في غزة لليوم الرابع على التوالي عملية "الجرف الصامد" الذي أطلقها الجيش الإسرائيلي، مساء الإثنين الماضي، لوقف ما قال "إطلاق صواريخ من قطاع غزة على جنوبي إسرائيل"، حيث أسفرت هذه العملية حتى الساعة 11.45 تغ من اليوم الخميس عن مقتل 81 فلسطينياً وإصابة أكثر من 500 آخرين في أكثر من 700 غارة جوية استهدفت مناطق متفرقة في القطاع، بحسب مصادر طبية فلسطينية وشهود عيان.
ومنذ بدء هذه العملية، أعلنت حركتا الجهاد الإسلامي وحماس مسؤوليتهما عن إطلاق العشرات من الصواريخ على مدن وبلدات إسرائيلية.
وحتى التوقيت ذاته، لم يصدر عن السلطات الإسرائيلية أية أرقام أو بيانات فيما يتعلق بتأثيرات هذه العملية وإطلاق الصواريخ، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي أو الأمني.
غير أن توقيت هذه العملية يأتي في وقت يعاني فيه الجيش الإسرائيلي من أزمة مالية، حيث قال وزير الدفاع موشيه يعلون في اجتماع للجنة الخارجية والأمن البرلمانية، مطلع مايو/أيار الماضي، "بدأنا نلمس الضرر الناتج عن الصعوبات في الميزانية خاصة في مجالات الاستعداد والتدريب".
يذكر أن ميزانية وزارة الدفاع الإسرائيلية بلغت 51 مليار شيكل (14.5 مليار دولار أمريكي) للعام الجاري، ولكن موقع تايمز أوف إسرائيل الإخباري الإسرائيلي المستقل، قال في وقت سابق، إن "الجيش اقتطع 3 مليارات دولار من ميزانيته للعام 2014، ولكنه يشير إلى أنه في الواقع فإن الاقتطاع يصل إلى 7.4 مليار شيكل (2.1 مليار دولار) آخذاً بعين الاعتبار عوامل خارج سيطرة الجيش ومنها ارتفاع فواتير الكهرباء، والضرائب، والدفعات للجنود الجرحى".
وبلغت ميزانية إسرائيل للعام الجاري 405 مليار شيكل (113 مليارات دولار)