الحدث- سوار عبد ربه
يصادف اليوم، ذكرى اعتقال المطران المناضل هيلاريون كابوتشي، ابن مدينة حلب السورية، الذي أفنى نفسه خدمة للقضية الفلسطينية، إذ اعتقل يوم 18 آب عام 1974، أثناء محاولته تهريب أسلحة في سيارته للمقاومين.
وفي تفاصيل اعتقاله، قام جهاز الأمن العام التابع للاحتلال بتتبع حركته واتضح أن سيارته المحملة بالمتفجرات تسير بظروف "مثيرة للشبهة" باتجاه القدس، وتقرر إيقاف السيارة فورا، ونقلت ومن فيها إلى مركز الشرطة في حاكورة المسكوبية - القدس، وفككت السيارة وفتشت ما أدى إلى اكتشاف "غنائم" كثيرة منها 4 رشاشات كلاشينكوف ومسدسات وعدة طرود تحتوي على متفجرات بلاستيكية وصواعق كهربائية وقنابل يدوية وما إلى ذلك، وعند التحقيق معه أنكر كابوتشي بداية، ضلوعه في عملية التهريب مدعيا بأنه تم نقل الوسائل القتالية إلى سيارته دون علمه.
غير أن العثور على مغلف في أمتعته كُتب عليه بخطه رقم المسؤول الفتحاوي أبو فراس في لبنان، أثبت ضلوعه في هذا المخطط وبالتالي اعترف كابوتشي بأنه تلقى في نيسان سنة 1974 من أبو فراس حقيبتين ونقلهما بسيارته إلى الضفة الغربية.
وأثناء فترة اعتقاله، أضرب كابوتشي عن الطعام، احتجاجا على اعتقاله في ظروف غير إنسانية، حيث وضع في زنزانة منفردة لا مكتب فيها ولا سرير، وكان يعامل معاملة بشعة وتقدم له أسوأ أنواع الطعام، وبعد أيام من اعتقاله يرد خبرا للمطران أن الصحف الصهيونية تكتب عن حياة مرفهة يعيشها داخل السجن، بهدف تلميع صورتهم وتشويه صورة المطران، فيقرر خوض إضراب مفتوح عن الطعام بغية خضوعهم لمطالبه، فينتقل إلى زنزانة أخرى فيها سرير ومكتب، لتعود بعدها المعاملة السيئة ما يدفعه لخوض إضراب جديد ينتهي بإجباره على الأكل بالطريقة التي تعرف بالتغذية القسرية.
وحكم عليه بالسجن لـ 12 عاما، وأفرج عنه بعد أربعة أعوام بوساطة من الفاتيكان، ليطرد بعدها من القدس ويكمل حياته في روما، ويصبح من دعاة القضية الفلسطينية في أنحاء العالم.
وكابوتشي، مولود في سوريا في مدينة حلب عام 1922، وأصبح مطرانا لكنيسة الروم الكاثوليك في القدس عام 1965، وعُرف المطران بمواقفه الوطنية المعارضة للاحتلال، وعمل بشكل سري على دعم المقاومة.
وفي العام 2020، أنتجت المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي السورية ضمن مشروع خبز الحياة، عملا يندرج ضمن إطار السيرة الذاتية، ويتناول سيرة حياة المطران السوري هيلاريون كابوتشي، في ثلاثين حلقة تلفزيونية مدة كل منها 40 دقيقة وهو من إخراج الفلسطيني السوري باسل الخطيب وسيناريو الكاتب حسن م. يوسف.
وأبطال هذا العمل هم الفنان رشيد عساف في دور المطران كابوتشي في مرحلة الشيخوخة، والفنان الشاب إيهاب شعبان في دور المطران في مرحلة الشباب والفنانة صباح الجزائري بدور منتهى وهي مرافقة المطران لآخر ثلاثين سنة من حياته، والفنانة سامية الجزائرية بدور والدة كابوتشي في مرحلة الشيخوخة إلى جانب عدد من النجوم الشباب السوريين.
ويتمحور العمل حول الأسبوع الأخير من حياة المطران الراحل هيلاريون كابوتشي والذي عاشه في المنفى في روما، ويعود بنا إلى طفولته التي عاشها في حلب، والقدس حيث ذهب إلى هناك والتحق في كنيسة وأكمل تعليمه ليعين بعدها مطرانا للقدس، إضافة إلى مشاهد في لبنان، وأمريكا اللاتينية.
بدأت كتابة قصة العمل عقب وفاة المطران عام 2017، حيث هاتفت المدير العام للإنتاج التلفزيوني والإذاعي ديانا جبور الكاتب حسن م. يوسف واقترحت عليه أن ينتج عملا دراميا يحكي سيرة حياة كابوتشي وحينها اختير مخرج العمل باسل الخطيب لما له من ذكريات مع الشخصية، وفقا لما قاله الخطيب في مقابلة تلفزيونية.
وبحسب الكاتب حسن م. يوسف استند العمل إلى عدد من المصادر وهي: كتاب للكاتب والروائي السوري حيدر حيدر، كتبه عام 1979، بعد تحرير المطران كبوتشي من سجون الاحتلال ونفيه إلى روما، وكتاب آخر صدر عن دار طلاس عن المطران كبوجي، فيه مادة كثيرة كتبها المطران بنفسه، وكتاب ذكرياتي في السجن للصحفيين اللبنانيين سركيس أبو زيد وأنطوان فرنسيس، حيث سافرا إلى روما عام 1979 وعملا مع المطران كتابا مؤلفا من حوالي 500 صفحة فيه تفاصيل غنية جدا.
ويوم وفاته، نعت دولة فلسطين والرئيس محمود عباس، والقوى الوطنية، المطران، وأكدوا على مواقفه الوطنية ودفاعه عن حقوق الشعب الفلسطيني.
وكان عباس قد قلد المطران الراحل وسام نجمة القدس عام 2013 في روما.