الحدث المحلي
عقد المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" ندوة بعنوان "سياسة نفتالي بينيت تجاه القضية الفلسطينية: مفهوم تقليص الصراع" عبر تقنية زووم، حول رؤية رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديد نفتالي بينيت للقضية الفلسطينية.
وشارك في الندوة، وفق بيان لــ"مدار"، اليوم الخميس، الباحثان المختصّان بالشأن الإسرائيلي مهنّد مصطفى مدير عام مركز مدى الكرمل، ووليد حبّاس الباحث في مركز مدار، وأدارتها مديرة المركز هنيدة غانم.
وأكّد الباحثان خلال الندوة أن رؤية بينيت للقضية الفلسطينية تقترب من مفهوم "تقليص الصراع" الذي برز مؤخرًا في الخطاب الإسرائيلي. ويستند هذا المفهوم، كما أوضح الباحثان ضرورة قيام الحكومة الإسرائيلية بخطوات تسهيلية تجاه الاقتصاد الفلسطيني؛ والحركة داخل الضفة الغربية؛ وسفر الفلسطينيين إلى الخارج وتقليل الاحتكاك ما بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي، الأمر الذي قد يمنح الفلسطينيين شعورًا بالسيادة والحرية الرمزيتين، وتتيح في الوقت نفسه هذه الخطوات لإسرائيل إمكانية التفرّد بالمنطقة المصنّفة "ج" والاستمرار بمشروعها الاستيطاني.
وفي هذا السياق، ذكر مصطفى، أن مشروع بينيت المعروف باسم "خطة التهدئة"، يقوم على قبول النتائج المترتبة على اتفاق "أوسلو"، لكن مع عدم وجود رغبة في التقدّم في أي عملية سياسية، حيث يسعى من خلال ذلك إلى الإبقاء على الواقع القائم، ورفض قيام دولة فلسطينية مستقلة والاعتراف بحقّ العودة.
وأضاف: "بينيت جاء بمحاولة لتجديد الخطاب أو المشروع السياسي اليميني، ليس بالعودة إلى ما قبل اتفاق "أوسلو"، بل عبر قبول نتائجه كما هي الآن، أي القبول بما أنتجه الاتفاق على الأرض، لكن دون التقدّم بهذه النتائج إلى الأمام".
وأردف مصطفى: "عندما دخل بينيت الحياة السياسية لأول مرة في انتخابات العام 2013، طرح مشروعه، وأطلق عليه "خطة التهدئة"، وهي خطوط عملية لإدارة الصراع الفلسطيني– الإسرائيلي. وتطرّق إلى أن أهم بند في خطّة بينيت هو ضم مناطق (ج) للسيادة الإسرائيلية بشكل أحادي الجانب بمعزل عن أي تسوية أو مفاوضات مع الفلسطينيين.
وأوضح أن بينيت يرى أن ضم مناطق (ج)، التي تُشكّل 60% من مساحة الضفة، تُقدّم حلا لمشكلتين بالنسبة لإسرائيل؛ وتتمثّل الأولى في المستوطنات إذ سيُساهم "الضم" في إضفاء شرعية على مكانتها حيث سيتحول المستوطنين إلى جزء من دولة إسرائيل، أما المشكلة الثانية، فهي "أخلاقية" وتتمثل في مسألة الفصل العنصري "الأبرتهايد"، لذا طرح منح الفلسطينيين الذين سيتم ضمهم إلى اسرائيل مواطنة إسرائيلية كاملة.
من ناحيته، أكّد حباس، أن مفهوم "تقليص الصراع" ربما يكون جديدًا كمصطلح، لكن مضمونه في العديد من الجوانب قيد التطبيق على أرض الواقع، ويشكّل عاملاً مشتركًا لدى معظم أحزاب اليمين.
وأوضح حباس أن بينيت تلفّظ لأول مرة بهذا المصطلح، بعد أيام قليلة من تولّيه رئاسة الحكومة، وكان ذلك في إحدى المقابلات الصحفية عندما سُئل عن موقفه من القضية الفلسطينية. بيد أن أول من صاغ هذا المفهوم كان المؤرّخ الإسرائيلي ميخا غودمان، وتحديدًا في مقال له نُشر في العام 2019، حدّد من خلاله ثماني خطوات لتحقيق نظرية "تقليص الصراع".
ونوّه حباس إلى أن "تقليص الصراع" مُصطلح يختلف عن مصطلحات أخرى مستخدمة في الخطاب السياسي الاسرائيلي مثل تسوية أو حسم أو حلّ الصراع، أو السلام الاقتصادي. حيث إن مفهوم "تقليص الصراع" يقوم على عدّة فرضيات، من ضمنها أن الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين صراع أزلي ولا يوجد له حل، وانه لم يبدأ بفعل سياسي عسكري، أي احتلال 1967، إضافة إلى أن "أوسلو" انتهى، بمعنى أن الوضع القائم هو أقصى ما يُمكن تقديمه سياسيًا للفلسطينيين.
وذكر حباس أن رؤية "غودمان" لـ"تقليص الصراع" تقوم على إزالة المفاعيل التي تولّد توترات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بمعنى ألّا يكون هناك أي نوع من الاحتكاك بين الجانبين، وأن يستمر عزل الفلسطينيين في الضفة بشكل تكنولوجي وذكي من خلال تغييب المظاهر العسكرية الإسرائيلية.
وذكر حباس أن بينيت، وقبل أن يتولّى منصب رئيس الحكومة كان قد أُعجب على ما يبدو بمقال غودمان، وخرج بتغريدات ومقابلات يُشيد فيها بمضمونه. موضّحًا أنه تم إنشاء "مبادرة إسرائيلية لتقليص الصراع" مقرّها في القدس، ولديها رقم في سجل الجمعيات الإسرائيلية، وتعكف على الترويج لخطوات "تقليص الصراع".
وكانت مديرة المركز هنيدة غانم، التي أدارت هذه الندوة، قد أشارت في البداية إلى أن الاهتمام برؤية بينيت للصراع الفلسطيني– الإسرائيلي وآلية التعاطي معه، هو أحد الأسباب التي حدت بالمركز إلى تنظيم الندوة، خاصّة في ظلّ طرح بينيت ذاته لمفهوم "تقليص الصراع".
وقالت "كما يعلم الجميع فإن بينيت ينتمي إلى ما يُعرف بـ"الصهيونية الدينية"، بيد أن الحكومة الإسرائيلية تجمع في أطيافها كافة التناقضات القائمة في الحلبة السياسية، من هنا فقد ارتأينا التركيز على هذا القضية".