الحدث الصحي
أظهرت إحصائيات علمية، خلال نصف القرن الماضي، أن ما يقارب 60% من الرجال في البلدان المتقدمة يعانون من انخفاض عدد الحيوانات المنوية في السائل المنوي. ودفعت هذه الظاهرة العديد من العلماء الروسيين إلى تقييم الوضع وتحديد الأسباب وراء هذا الانخفاض.
ما علاقة المحيط والعرق والتغذية بخصوبة الرجال؟
وفقًا للدراسات العلمية، خلال نصف القرن الماضي، حاول عدد من العلماء إجراء تجارب ومسح شامل على العديد من الرجال حسب المناطق التي يعيشون فيها والعرق والنظام الغذائي الذي يتبعونه لمعرفة العلاقة بينهم وبين الخصوبة أو العقم عند الرجال.
تقول أوكسانا سيساييفا (اسم مستعار)، (37 سنة)، وهي إحدى النساء اللاتي قمن بالتلقيح الاصطناعي بغرض الإنجاب، إنها وزوجها حاولا خلال ثلاث سنوات أن يتعالجا بالتلقيح الاصطناعي، رغم أن الطبيب أكد لها أنها بخير والسبب وراء عدم قدرتها على الحمل هو انخفاض عامل الذكورة لدى زوجها.
وما يسعى العلماء إلى الكشف عنه، هو تحديد العامل الذي يخفض الخصوبة لدى الرجال في روسيا، ففي الواقع، وحسب إحصائيات علمية، تضاعف الآن في روسيا معدل عقم الذكور تقريبًا على مدار 18 عامًا، وبالتالي معدل الخصوبة عند الرجال يتجه تنازليا.
من جانبه، أوضح البروفيسور الروسي، دميتري يينيكييف، من معهد المسالك البولية والصحة الإنجابية البشرية بجامعة سيتشينوف الروسية، أن "عدد الذين انخفض معدل الخصوبة لديهم تضاعف تبعا للمنطقة التي يقطنون بها، فمثلا، في منطقة القوقاز الفيدرالية نجد 281.4 حالة لكل 100 ألف رجل، وفي المقاطعة الفيدرالية الجنوبية نجد 33.4 حالة لكل 100 ألف رجل، وهذا يعني أن هناك علاقة وطيدة بين المنطقة ومعدل الخصوبة".
وباء العقم عند الذكور
فيما يتعلق بالعقم عند الذكور، فإن روسيا تعمل في صحبة الدول الأكثر تقدمًا. في العقود القليلة الماضية، سجل العلماء الفرنسيون والسويسريون والأمريكيون انخفاضًا في جودة الحيوانات المنوية لدى المواطنين.
وفي عام 2017، اقترح فريق دولي من الباحثين أن هذا الوضع نموذجي بشكل عام لجميع الدول الأوروبية وأستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة. بعد تحليل 185 عملاً حول هذا الموضوع، اكتشف العلماء، على مدار الأربعين عامًا الماضية، انخفاض عدد الحيوانات المنوية في السائل المنوي لسكان هذه الولايات في المتوسط بنسبة 60 بالمئة، والتركيز بنسبة 52 بالمئة. في الوقت نفسه، لم تعاني خصوبة الرجال من أمريكا الجنوبية وآسيا وأفريقيا كثيرًا خلال نفس الفترة، وانخفضت المعدلات بنسبة 21% و14% على التوالي.
الخصوبة في المستقبل
يقول الخبراء إنه ولسوء الحظ قد تتفاقم المشكلة في المستقبل، حيث تشير الاتجاهات العالمية إلى زيادة عدد الرجال المصابين بالعقم في البلدان المتقدمة. وهناك العديد من العوامل التي تؤثر سلبًا على الخصوبة لدى الرجال، وأحد أكثرها وضوحًا هو التدخين.
ووفقا لدراسات علمية، فقد أظهرت نتائج دراسات قامت بها مجموعة من العلماء من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، أن "عدد خلايا الحيوانات المنوية وحركتها، بالإضافة إلى المؤشرات المورفولوجية أسوأ بكثير لدى المدخنين".
وبحسب الطبيب دميتري يينيكييف، فإن "هناك تأثير سلبي مماثل أيضًا مع زيادة استهلاك الكحول، فإذا كنت تشرب أكثر من 50 مل من الكحول الإيثيلي لكل أسبوع، يمكن أن تنخفض جودة الحيوانات المنوية بشكل كبير".
ويضيف الطبيب يينيكييف: "وكذلك من بين الأسباب التي تؤثر على عقم الذكور، هناك علاقة بين ضعف البيئة وانخفاض معدل الخصوبة، حيث أن استخدام المبيدات الحشرية والمواد الكيميائية التي تدمر نظام الغدد الصماء، يمكن أن يؤثر نمط الحياة غير المستقر سلبًا على خصوبة الرجال. فعلى سبيل المثال، يعتبر النشاط البدني غير كاف، إلى جانب التلوث البيئي، فهو من الأسباب الرئيسية لانخفاض الخصوبة في أوروبا وأمريكا الشمالية".
كما يرى الخبراء أن "وباء كورونا، من الممكن أنه سيؤثر على جودة الحيوانات المنوية لدى الرجال المعاصرين. في نهاية العام الماضي، ظهرت العديد من الدراسات العلمية، مما يدل على أن المسار الحاد لانتشار وباء كورونا، يمكن أن يؤدي إلى العقم عند الرجال. ومع ذلك، فإن البيانات ليست كافية للاستنتاجات النهائية".
ويضيف الطبيب الروسي: "من المستحيل أيضًا إنكار تأثير نمط الحياة والعادات السيئة والبيئة على الخصوبة لدى الرجال".