الأحد  17 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

بعد سبعة أشهر على ارتكابها.. مجزرة رفح ذاكرة حبلى بالمآسي وعائلات يتمت

2015-03-30 01:37:31 PM
بعد سبعة أشهر على ارتكابها.. مجزرة رفح ذاكرة حبلى بالمآسي وعائلات يتمت
صورة ارشيفية

الحدث- محمد مصطفى
لم يحتمل الفتى فارس الشمالي (13 عاما)، حديث والده وجده عن ذكريات قاسية عاشوها صبيحة الأول من آب "الجمعة الأسود"، وكيف نجوا من الموت بأعجوبة، بعد أن سقطت القذائف على منزلهم، وأحرقته.
 
الشمالي بدا غاضباً، وطلب من جده التوقف عن استعادة ذكريات يكابد من أجل نسيانها، ويدعو الله عدم تكرار فصولها، خاصة بعد أن نجح والده في محو آثار الحريق والدمار الذي أصاب المنزل.
 
الفتى يقطن في منطقة ريفية بسيطة تقع شمال شرق مدينة رفح، تسمى بلدة "خربة العدس"، كانت عرضة لسيل من القذائف في اليوم المذكور، وقد سقط اثنين من جيرانه شهداء، وهما أبوين لسبعة أبناء أصغرهم لم يتجاوز الثالثة من عمره.
 
أيتام في مقتبل أعمارهم
الشمالي ورغم ما أصاب منزله من دمار، بدا أفضل حالاً من رفيقه محمد أبو جزر (17 عاما)، فالأخير جاء إلى حارته التي تركها عنوة ليزور جيرانه، ويطمئن على حال بيته المدمر.
 
وجلس أبو جزر على الأرض، وقد غلب الصمت عليه، وأخذ يجمع التراب بيده ثم يشمه بعمق، ويقول ..: " لازلت اشتم رائحة دماء أبي وأمي الزكية..".
 
وقال أبو جزر لـ"الحدث": " لقد خدعنا بما سمي الهدنة الزائفة، وغادرا مركز الإيواء التابع لوكالة الغوث، ليطمئنا على المنزل الذي تركاه منذ بداية العدوان، فباغتتهم قذيفة غادرة قتلتهما على الفور، ودمرت أجزاء من المنزل".
 
وأوضح أبو جزر أن حال العائلة بعد فقد الوالدين أضحى صعباً، فالمعيل لم يعد موجوداً، والمنزل بحاجة إلى معجزات كي يعاد إصلاحه، بينما الأشقاء الصغار يحتاجون للرعاية والاهتمام.
 
وليس ببعيد عن أبو جزر، تكافح عائلة الزاملي من أجل استمرار الحياة، فالعائلة المكونة من تسعة أشخاص، فقدت كلا الوالدين في اليوم المشئوم، لدى محاولتهما الفرار من جحيم القذائف، التي كانت تتساقط كالمطر على بلدة الشوكة شرق رفح.
 
ورغم صغر سنه كان يعقوب "24 عام"، الشقيق الأكبر في العائلة، يحاول لملمة جراح أشقائه، وتحفيزهم من أجل استكمال مشوارهم التعليمي لبناء مستقبلهم.
 
يعقوب الزاملي، لم يخف رغبته الجامحة بأن يقدم قتلة والديه وكل الأبرياء للمحاكم الدولية، فلا يعقل أن يبقى مجرمون أحرار طلقاء دون حساب!!.
 
ذاكرة حزينة
أما الحاج محمد عرفات، من سكان حي التنور شرق مدينة رفح، فأكد أنه لازال يسمع في أذنيه آخر صرخات لحفيده الرضيع محمد، وهو بين أحضان والدته، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد إصابته بشظايا قذائف إسرائيلية.
 
عرفات صمت قليلاً حين طلب منه استعادة ذكريات اللحظات القاسية التي عاشها وعائلته، ثم واصل يقول لـ"الحدث": كان يوماً عنيفاً ودموياً، لم أشهد له مثيل طوال حياتي، خدعنا بما أسموه هدنة، وأعادونا إلى منازلنا التي كنا تركناها، ليوقعونا في فخ الموت.
 
وقال عرفات: " اضطررنا للخروج من المنزل بعد سقوط القذائف في محيطه، وخلال الجري للابتعاد، كانت زوجة ابني تحمل حفيدي وتجري مسرعة، فسقطت بالقرب منهما قذيفة، قتلت الرضيع الذي لم يتجاوز عمره أشهر من عمره، وأصابت والدته بجروح بالغة الخطورة، أرقدتها في المستشفيات لأسابيع طويلة، ولازالت تعاني آثارها.
 
وتساءل عرفات: بأي ذنب يقتل طفل رضيع قبل أن يخطو أولى خطواته في الدنيا..؟ وعن أي عدل يتحدثون والجاني حر طليق، وربما يحضر لجرائم أبشع؟
 
يذكر أن محرزة رفح أو ما سمي وفق التصنيف العسكري "خطة هنيبعل"، بدأت صباح الجمعة الأول من آب، واستمرت نحو 24 ساعة متواصلة، وقد أطلق جيش الاحتلال خلالها مئات القذائف من الجو والبر، واستهدف منازل ومركبات ودراجات نارية وأحياء مكتظة بالمدنيين، وقد أسفر ذلك عن سقوط ما يربو على 200 شهيد، ومئات الجرحى، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال.