الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

زيارة بينيت لواشنطن بمذاق كابول| بقلم: سامي سرحان

2021-08-31 08:21:09 AM
زيارة بينيت لواشنطن بمذاق كابول| بقلم: سامي سرحان
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت والرئيس الأمريكي جو بايدن

 

زيارة باهتة قام بها رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بنيت للولايات المتحدة رغم أنها الزيارة الأولى له للقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي اختط نهجا ربما يكون مغايراً لنهج سلفه دونالد ترامب الذي تماهى عهده مع السياسة اليمينية الإسرائيلية في الشأن الفلسطيني والإيراني وفرض إسرائيل على معظم الدول العربية.

بينيت استقبل بحفاوة في البيت الأبيض من الرئيس بايدن، لكن عقل بايدن لم يكن مع بينيت وإنما في مكان آخر من العالم؛ في أفغانستان والانسحاب الأميريكي منها وصدمة الفوضى التي عمت مطار كابول ومنظر الطائرة الأمريكية يحيط بها آلاف المتعاونين يريدون الفرار من أفغانستان خشية من مصير مجهول ينتظرهم بعد الانسحاب الأميريكي المذل وانهيار النظام الذي سعى الأمريكيون إلى تسليمة السلطة بعد انسحابهم في فترة قياسية لم تتوقعها الإدارة الأمريكية وخاصة (CIA) والبنتاغون، وفرار رئيس أفغانستان الدمية، وباتت القوات الأمريكية وعملاؤها تحت رحمة طالبان التي دخلت العاصمة كابول وأحاطت بمطارها (مطار حامد كرزاي).

وفي الوقت المحدد للقاء بايدن-بينيت حدثت انفجارات عند إحدى بوابات مطار كابول أودت بحياة مئات القتلى والجرحى بينهم جنود أمريكيون عديدون ومقاتلون من طالبان مما دفع الرئيس بايدن إلى تأجيل اجتماعه مع نفتالي بينيت. وبات مجرد اللقاء بين بايدن وبينيت إنجازا في تلك الظروف ولكنه إنجاز بطعم أو مذاق كابول وليس واشنطن.

لم يتوقع أي من المراقبين نتائج استثنائية من لقاء بينيت -بايدن سواء في الملف النووي الإيراني أو ملف الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني.

ففي الملف النووي الذي طغى على الاجتماع كما خطط لذلك بينيت لم يستطع بينيت والوفد المرافق له تغيير الموقف الأمريكي الذي أكد اعتماد الدبلوماسية للوصول إلى اتفاق أو العودة إلى الاتفاق النووي السابق الذي انسحبت منه إدارة بايدن، وتحت إلحاح بينيت بالسؤال عما سيكون عليه الموقف الأمريكي في حال فشل الخيار الدبلوماسي قال بايدن: إذا فشلت الدبلوماسية سندرس خيارات أخرى. وقد اعتبر بينيت هذه التصريح إنجازاً هاماً في محادثاته مع بايدن رغم أن ما كان مخططا له هو دفع الإدارة الأمريكية إلى الخروج من الاتفاق النووي مع إيران أو شطب بعض البنود الرئيسية منه خاصة المتعلقة بأجهزة الطرد المركزي ونسبة تخصيب اليورانيوم. وما يتفق عليه الأمريكيون والإسرائيليون ودول العالم وحتى إيران هو أن لا تمتلك إيران أو تطور سلاحاً نوويا، غير أن فشل بينيت تمثل وفق بعض المصادر الدبلوماسية في رفض أمريكا إطلاق يد إسرائيل بالقيام بعمليات عسكرية ضد مواقفع إيران النووية وتأمين الحماية لها من رد فعل إيراني خشية تدحرج المنطقة إلى حرب تجد أمريكا نفسها متورطة فيها وهي غير مستعدة لها.

وما أقلق رئيس الحكومة الإسرائيلية والوفد المرافق له هو الانسحاب الأمريكي من أفغانستان بهذا الشكل وهل ستقدم أمريكا على انسحاب مماثل دون التشاور مع حلفاء أو أتباع أمريكا من سوريا والعراق. ويبدو أن الإدارة الأمريكية طمأنت إسرائيل وأصدقاءها القدامى والجدد من العرب أن انسحابها من أفغانستان سيتيح لها توفير الموارد المالية لتعزيز تواجدها ومقدراتها العسكرية في سوريا والعراق والخليج.

في الشأن الفلسطيني، لم تتوقع القيادة الفلسطينية أي تطور جديد يرافق اجتماع بينت-بايدن خاصة في ظل حكومة بينيت الضعيفة والمشكلة من خليط من أقصى اليمين الذي يمثله بينيت وساعر وليبرمان الذي يرفض حل الدولتين ووقف الاستيطان ويسعى إلى تهويد القدس ويرفض حق العودة. وتضم الحكومة في الجانب الآخر حزب ميرتس الذي يؤيد حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة في حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وحزب العمل الذي وقع اتفاق أوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية والقائمة العربية الموحدة ذات الاتجاه الإسلامي.

التصريحات التي سبقت الزيارة التي صدرت عن بينيت رفضت حل الدولتين وتمسكت بالاستيطان وتماشى لبيد مع هذه التصريحات عندما أعلن أن حل الدولتين لا يمكن طرحه خلال فترة رئاسة نفتالي بينيت للحكومة الإسرائيلية، ويمكن طرح هذا الخيار عندما يتولى هو (لبيد) رئاسة الحكومة بعد نحو سنتين. غير أن شاكيد وزيرة الداخلية وأكثر عناصر الحكومة تطرفا والتي تنتمي إلى حزب بينيت قالت إذا طرح لبيد حل الدولتين فسنقوم بحل الحكومة والانسحاب منها.

في ضوء المواقف الأمريكية والإسرائيلية، لا يمكن توقع انطلاق عملية سياسية خاصة بالصراع الفلسطيني – الإسرائيلي ويقتصر الموقف الأمريكي على ما أعلنه الرئيس بايدن أثناء حملته الانتخابية وما أطلقه من وعود للجالية الفلسطينية ويسار الحزب الديمقراطي حول الفلسطينيين من تحسين ظروف معيشتهم والعيش بكرامة ومساواة وبعض التصريحات الضبابية حول القدس الشرقية أو عدم الاعتراف بضمها من خلال السعي لإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية لتقديم الخدمات للشعب الفلسطيني والتي لم توفق إدارة بايدن حتى الآن في إعادة فتح القنصلية التي أغلقها ترامب باعترافه بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل متنكرا لحقوق الشعب الفلسطيني الشرعية والتاريخية في وطنه وفي القدس.

وأمام ضعف الحكومة في الكيان الإسرائيلي، والضعف الذي يشهده وضع الرئيس بايدن والحزب الديمقراطي الأمريكي نتيجة للانسحاب المرتبك للقوات الأمريكية من أفغانستان والضحايا الذين سقطوا من الجيش الأمريكي في انفجار مطار كابول في آخر مراحل الانسحاب الأمريكي فلا أمل خلال السنوات الثلاث القادمة من انطلاق عملية سياسية تقود إلى بعض حقوق الشعب الفلسطيني.

والانتظار ما بعد هذه السنوات الثلاث سيكون من قبيل الجري وراء السراب؛ وبالتالي لا بد للقيادة الفلسطينية لمنظمة التحرير الفلسطينية ولحركة فتح والمنظمات الأخرى أن تحسم أمرها أولا في اتجاه تحقيق وحدة وطنية فلسطينية حقيقية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الفاعلة. وثانيا الاتفاق على برنامج كفاحي يزاوج بين كل خيارات المقاومة التي كفلها القانون الدولي للشعوب الواقعة تحت الاحتلال الأجنبي، وثالثاً الابتعاد عن المناكفات التي تشهدها الساحة الفلسطينية والتي لا تفيد في المحصلة الأخيرة إلا الاحتلال الذي ينهب الأرض ويهجر الشعب ويهدم بيوته ويقتل ويجرح ويصيب 33 مواطناً في جبل صبيح في بيتا تزامناً مع لقاء بينيت-بايدن.