الحدث - سجود عاصي
صادق مجلس الوزراء الفلسطيني، في جلسته الأسبوعية رقم 121 يوم 23 آب 2021، على رفع الحد الأدنى للأجور بنحو 30%، من 1450 شيقلا إلى 1880 شيقلا، على أن يبدأ العمل به خلال العام المقبل 2022.
يقول الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين شاهر سعد لـ"صحيفة الحدث"، إن القرار الذي صدر عن الحكومة بشأن الحد الأدنى للأجور، جاء بعد حوار استمر لأكثر من عامين لرفع الحد الأدنى للأجور، حيث كانت هناك طروحات من عدة قطاعات مختلفة. مضيفا: نحن كحركة نقابية كانت لدينا رؤية بأن يكون الحد الأدنى للأجور لا يقل عن 2450 شيقلا.
وبحسب سعد، فإن هناك جدلا كبيرا جدا كان يدور في هذا الشأن، وبعد مفاوضات مضنية تمت الموافقة على 1880 شيقلا، بالتزامن مع الضغط الذي مارسته الحكومة الفلسطينية ووزارة العمل بالخصوص.
وأكد الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين سعد، أن "المهم بالنسبة لنا ليس رقم الحد الأدنى وإنما نريد تنفيذا آمنا وسلسا لهذا الاتفاق، وخاصة النساء العاملات، اللواتي لا يزلن يعانين من عدم تطبيق الحد الأدنى للأجور الذي تم اعتماده نهاية عام 2021 في بعض القطاعات، والذي ينص على أن يكون الحد الأدنى للأجور 1450 شيقلا شهريا بما يشمل جميع القطاعات.
عقوبات رادعة بحق المخالفين
وأوضح سعد: نتطلع لوجود عقوبات ولائحة جزاءات لتنفيذ القانون والالتزام به وتطبيق الحد الأدنى للأجور، وهذا يتطلب جهدا من الجميع وعمل وتوجيه كل القطاعات من أجل تفهم تطبيق الحد الأدنى للأجور على الجميع دون استثناء.
وحول استمرار المباحثات بين الأطراف الثلاثة (الحكومة - العمال - أصحاب العمل)، قال سعد: القطاع الخاص كان متمسكا برأيه بأن يكون الحد الأدنى للأجور 1650 شيقلا، ونحن من طرفنا كنا متمسكين برأينا بأنه يجب أن يكون الحد الأدنى للأجور 2450 شيقلا، وحدثت مفاوضات وضغوطات إلى أن تم الاتفاق على 1880 شيقلا.
وأضاف الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين: نحن نتطلع أيضا إلى أن تتبع هذا القرار الذي صادقت عليه الحكومة، إجراءات قانونية ولائحة خاصة تلزم أصحاب العمل والمشغلين برواتب الحد الأدنى مع بداية العام المقبل 2022.
وشدد، على أن رفع الحد الأدنى للأجور، يعني أنه مع بداية العام المقبل 2022، ممنوع أن يعمل أي شخص وخاصة النساء بأقل من 1880 شيقلا كراتب شهري، وهذا القانون "نأمل أن تتظافر الجهود في وجود تطبيق آمن له وأن يتم التبليغ عن المشغلين وأصحاب العمل المخالفين وغير الملتزمين، ومن جانبنا سنعمل على تثقيف وتوجيه العمال وخاصة النساء العاملات، ونأمل أن يكون هناك تطبيق سلس وأمين".
الرواتب المتدنية وهجرة الأيدي العاملة للسوق الإسرائيلية
وحول ضمانات تطبيق الحد الأدنى للأجور في ظل الأزمات المالية التي تسبب بها فيروس كورونا وفي ظل الوضع الفلسطيني الاستثنائي، قال: الضمانة الوحيدة لتنفيذ الاتفاق هي القانون ومدى الالتزام به، ومن ناحية أخرى نحن قطاع العمال إنتاجي في غالبه ولم يتأثر كثيرا بالجائحة، باستثناء قطاع السياحة الذي لم يتعافى بعد، ومن المفترض أن ننتبه على وجود أيدٍ عاملة تتجه للسوق الإسرائيلي بسبب عدم وجود رواتب جيدة مقارنة بالسوق الفلسطيني، وبالتالي فإن سياسة تحسين الأجور يجب أن تكون سياسة عامة للدولة من أجل أن تكون هناك عدالة اجتماعية، وهذا ما ننظر له، وعندما وافقت الحكومة على هذا الرقم فإنه سيطبق على القطاع الخاص والحكومة، ومن يستفيد من هذا الرفع ليس أقل من 190 ألف عامل وعاملة في القطاع الخاص.
وأكد سعد، أن هناك مساعٍ لصياغة لائحة جزاءات وعقوبات ستكون جاهزة نهاية العام الحالي 2021 للبدء في تنفيذها مطلع العام 2022، بحيث ستكون هناك عقوبات رادعة لمن لم يلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور من المشغلين وأرباب العمل، لأنها ستؤثر على السلم الأهلي، بحسب الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين.
من جانبها، رحبت وزارة العمل، بقرار مجلس الوزراء بالمصادقة على قرار اللجنة الوطنية للأجور والمتعلق برفع الحد الأدنى للأجور ليصبح 1880 شيقلا شهريا، قائلة، إن الاتفاق تم التوصل إليه تتويجا لجولات الحوار المتواصلة والتي توجت في المؤتمر الوطني للحوار الاجتماعي الأول الذي عقد قبل أشهر.
وأكدت وزارة العمل على أنها ستعمل على تطبيق القرار بالتعاون مع أطراف الإنتاج و"نأمل في الوزارة أن يساهم هذا القرار في الحفاظ على أسس العمل اللائق والعدالة الاجتماعية ويعود بالمنفعة على العمال وأصحاب العمل".
وخلال المؤتمر الوطني الأول للحوار الاجتماعي، في مارس 2021، اتفق المشاركون فيه (الحكومة والعمال وأصحاب العمل) على رفع الحد الأدنى للأجور إلى 1880 شيقلا اعتبارا من مطلع العام المقبل. وصرح وزير العمل نصري أبو جيش في حينه، أن الأطراف الثلاثة، بذلوا جهدا كبيرا من أجل إنعاش الاقتصاد، على حد وصفه.
كيف تراقب وزارة العمل تطبيق الحد الأدنى للأجور؟
وحول الآليات التي تتبعها وزارة العمل لمراقبة تطبيق الحد الأدنى للأجور، قال الناطق الإعلامي الرسمي لوزارة العمل رامي مهداوي، إن الوزارة "تراقب تطبيق الحد الأدنى للأجور من خلال عدة وسائل أبرزها: الإدارة العامة للتفتيش والمتابعة مع النقابات العمالية وممثلي القطاع الخاص، وكذلك من خلال التواصل المباشر مع الجمهور، وخط هاتف مخصص ومفتوح مع الوزارة، بالإضافة إلى المتابعات والشكاوى من خلال وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي".
وأضاف لـ"صحيفة الحدث": سيتم اتخاذ إجراءات بحق المخالفين لتطبيق الحد الأدنى للأجور، وسيتم إطلاق حملة توعوية وتثقيفية من أجل متابعة أهمية تطبيق الحد الأدنى للأجور.
وأردف مهداوي: القضاء والقانون هما سيد الموقف في حال وجود مخالفات بالخصوص، وهناك سلسلة من الخطوات فيما يخص النشر والتوعية واللقاءات الميدانية والتواصل مع مختلف القطاعات.
وأوضح مهداوي: بحسب الجهاز المركزي للإحصاء، في عام 2019 قبل بدء جائحة كورونا في فلسطين، وصلت نسبة تطبيق الحد الأدنى للأجور 90%، "وبالتالي نحن نعلم أن هناك قطاعات تعاني من ضعف اقتصادي أو من تبعات جائحة كورونا، وهذه الأمور سيتم أخذها بعين الاعتبار والعمل على تمكين هذه القطاعات".
أبو جيش: خطوة نحو استقرار سوق العمل
وقال وزير العمل نصري أبو جيش، إن قرار الحكومة برفع الحد الأدنى للأجور يعد خطوة كبيرة نحو المساهمة في استقرار سوق العمل، وتعزيز سياسات الحماية الاجتماعية المؤدية إلى مزيد من العدالة، وترسيخ مبادئ وأسس العمل اللائق.
وأكد أبو جيش، أن أطراف الإنتاج الثلاث (الحكومة، والقطاع الخاص، والنقابات العمالية)، يرحبون بالقرار معتبرين أنه إنجاز هام للطبقة العاملة، لتحسين دخلهم وتخفيض نسب الفقر.
ولفت أبو جيش إلى أن القرار جاء منسجمًا مع الجهود الكبيرة المبذولة خلال أكثر من سنتين، وتتويجًا لما تمخض عنه المؤتمر الوطني الأول للحوار الاجتماعي، والذي كان أحد أهم مخرجاته الاتفاق على هذا القرار، مشيرًا الى أن هناك تعاونا مشتركا مع الجهات ذات الاختصاص من أجل تحسين علاقات العمل، وخفض نسب البطالة في فلسطين.
وأكد التزام أطراف الإنتاج الكامل بالقرار والعمل المشترك على تنفيذه، واستمرار الحوار الاجتماعي في إطار اللجان الثلاثية المختصة الهادف والمسؤول نحو تمكين القطاعات والأنشطة الأكثر تضررًا من الجائحة، والقطاعات، والأنشطة الاقتصادية الضعيفة من الالتزام بتطبيق القرار وفق ما يتفق عليه من محددات، إضافة لتفعيل لجان الأجور الفرعية واللجنة الوطنية للأجور وبما يساهم في تنفيذ القرار، ومواصلة العمل على تطوير آليات الرقابة على تطبيق القرار وانفاذه.
وأوضح أن الوزارة ستتخذ كافة الإجراءات الكفيلة بتطبيق القرار وإنفاذه، كون قانون العمل رقم 7 لعام 2000 يعطي الصلاحية للوزارة، وتحديدا الإدارة العامة للتفتيش، لتكون المسؤولة المباشرة عن تنفيذ القرار، والتفتيش، والمراجعة، وزيارة كل المنشآت لتطبيق القرار.
وبين أن الحد الأدنى للأجور حسب إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني كانت مطبقة بنسبة 90% في المحافظات الشمالية بالعام 2019، آملا بالشراكة والتعاون مع كافة الأطراف أن يطبق هذا القرار العام المقبل بنسبة عالية جدًا.
يشار، إلى أن الحكومة الفلسطينية أقرت حدا أدنى للأجور في 2012 عند 1450 شيقلا، ولم يجر تعديله منذ ذلك الحين؛ وهو قرار غير مطبق لغاية الآن في ظل وجود أكثر من مئتي ألف عامل (190 ألفا في القطاع الخاص و25 ألفا في القطاع العام) يتقاضون رواتب دون الحد الأدنى للأجور.
1450 شيقلا لا تكفي لسد الحاجات الضرورية
ووفق أحدث بيانات للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، يبلغ معدل الأجور اليومية في الأراضي الفلسطينية 88 شيقلا، ينخفض في قطاع غزة إلى 43 شيقلا، بينما يرتفع في الضفة الغربية إلى 104 شواقل.
وتشير بيانات جهاز الإحصاء إلى أن ثلث العاملين في القطاع الخاص أكثر من (130 ألف عامل)، يتقاضون أقل من الحد الأدنى للأجور بقيمته الحالية.
وقال وزير العمل الفلسطيني في تصريحات سابقة له، إن الحد الأدنى السابق للأجور، لا يكفي لسد الحاجات الضرورية لأي عامل، أو موظف، و"الوزارة بحثت كيفية رفع الحد الأدنى للأجور، وتم إعداد دراسة قبل بدء جائحة كورونا، من الوزارة، وكذلك منظمة العمل الدولية، والقطاع الخاص، عن الأجور في فلسطين، والمبلغ الذي يجب أن يُرفع إليه من الأجور كحد أدنى".
وأوضح، أنه "بعد حوارات طويلة، تم الاتفاق مع الأطراف الثلاثة السابقة، إلى ضرورة رفع الحد الأدنى للأجور في فلسطين إلى 1950 شيقلا شهريًا، مشيرًا إلى أن المطالب كانت أكبر بكثير من قبل الاتحادات العمالية، إلا أنه تم التوافق مبدئيًا على هذا الرقم" والذي انخفض لاحقا إلى 1880 بموافقة جميع الأطراف.
ولفت أبو جيش، إلى أن نسبة تطبيق الحد الأدنى للأجور السابق 1450 شيقلا، وصل في عام 2019، إلى 89%، مضيفًا أن وزارة العمل تكفلت بوضع آلية محددة حسب القانون، من خلال الإدارة العامة للتفتيش، لتطبيق وتنفيذ القرار الجديد.
وحذر وزير العمل الفلسطيني، من أنه سيتم تحويل أصحاب العمل من كافة القطاعات (خاص، حكومي)، غير الملتزمين بقرار الحد الأدنى للأجور، إلى المحاكم، وأخذ الإجراءات اللازمة، والضرورية بحقهم حسب القانون، بدءًا من العام المقبل.
وعلى مدار السنوات الماضية، طالبت الاتحادات العمالية والنقابية الفلسطينية برفع الحد الأدنى للأجور بما يتناسب على الأقل مع خط الفقر الوطني الفلسطيني، في ظل حوارات ومشاورات مستمرة بالخصوص.