انتشرت في فترة من فترات الحكم الأموي طريقة للتشهير بالأشخاص المسيئين وإهانتهم، طورها عبيد الله بن زياد، تعتمد على أن يُحمل المسيء على حمار يطوف به أرجاء المدينة ومعه أشخاص ينادون بجريمته. ولأن الأزمان تتطور، ولأن لكل عصر مسيؤوه وطرقه المستحدثة لإهانة المسيء، فلم يكن مفاجئاً أن يحمل يعلون كيري على وسائل الإعلام ويهينه شرّ إهانة.
وهذه الحادثة ليست سابقة في تاريخ العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية غير السوية لكن الاستراتيجية؛ فقد عُرف عن الإسرائيليين ازدراؤهم للأمريكيين، سواء أجاء هذا الازدراء على شاكلة قضايا تجسس، أو على شاكلة إهانات لفظية، أو نكث بالوعود، أو إحراج علني أمام المجتمع الدولي. وقد أصبح من الطبيعي أن يزدري الإسرائيلي الأمريكي دون أن تتأثر تلك العلاقة.
وإن كان يعلون قد عبر بطريقة فظة عما يدور في خلد الساسة الإسرائيليين تجاه كيري، فإن هذا الأمر لم يُثن كيري عن الاستمرار في خوض غمار مباحثات اتفاق الإطار مع الجانب الإسرائيلي دون اعتبار فيما يبدو للجانب الفلسطيني.
فكبير المفاوضين «المستقيل»، د. صائب عريقات، قال في مقابلة مع الحدث ننشرها اليوم، إنه لا علم له أن هنالك اتفاق إطار سيوقع قريباً بين الجانبين، وأنه لا علم له بما سيطرحه الأمريكيون عن القدس وعن الأغوار وعن اللاجئين، وأنه لا يعلم إلاّ ما قدمه سيادة الرئيس من مواقف في رسائل رسمية لأوباما وكيري؛ فهو لا يعلم من بعد علم شيئاً!
إن كل هذا الـ «لا علم» يُلخص مسار العملية التفاوضية على مدار سنوات طويلة، وهو حصيلة سنوات عجاف من تاريخ الثقة في راع تفاوضي يضع معروفه في غير موضعه.
فصدق قول زهير بن أبي سلمى شعرا:
ومن يصنع المعروف في غير أهله
يكن حمدهُ ذماً عليه ويندم