السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الأسرى ونزهة النفق الموتية| بقلم: د. محمد عيد

2021-09-14 06:19:23 PM
الأسرى ونزهة النفق الموتية| بقلم: د. محمد عيد
د. محمد عيد

 

لطالما كان الأسير يمثل الإنسان في صيغته المقتدرة الرافضة لأسباب الانصياع والخضوع لإرادة الاحتلال بصفته شكلا هلاميا متعدد الأوجه، أدرك الأسير هشاشة بنيات الاحتلال كقوة غاشمة رغم امتلاكه لكل أسباب الفتك بنا، وقد تبوأ الأسير من بداية الثورة الفلسطينية موقع الدفاع عن كل أشكال الصيغ التي يسوقها علينا الاحتلال، فما كان له سوى أن يذكي دوما نار المقاومة متسلحا بشجاعة التفكير والرفض والتساؤل والتأمل والاحتجاج والتصادم والاشتباك!

قاده ذلك دوما نحو تجاوز الحدود والأسوار والجدران والتمرد على صيغ التعليمات والنصوص النماذج والمستويات، بل ومواجهتها أيمانا راسخا منه بأنه لم تكن لتكون سوى لتحقيق ما عجزت عنه قوة المحتل الغاشمة الطائشة، عبر قواه وأدواته الناعمة الماكرة الموجهة نحو سلب الفلسطيني أرضه وإرادته ومشروعه التحرري.

وعي الأسير اليقظ جعله يرقى بذاته بالاختيار الإرادي الحر للترحال في مدارج البطولة والفداء كي يحصن نفسه من الوقوع في شرك شباك المهانة والذل والمساومة بالعيش القسري في واقع الحال المتردي والرضى به.

على هذا النحو، انطلق الأسرى الستة في ما انطلقوا به وعليه لإعادة بناء وضبط مؤشر الكينونة الفلسطينية للتنزه في نقاهة موتية بشق نفق تحت الأرض وانتصروا نصرا مبينا.

الأسرى الأحرار كغيرهم من القابعين في معتقلات الاحتلال لم تفلح معهم كل تمارين قوة الاحتلال الجبان في تطويعهم، بل إنهم برهنوا له بالمحاججة النفقية الميدانية أن الحركة الأسيرة تملك من القوة اليقظة ما لا تملكه كل تحصينات العدو حتى لو امتلكت كل أدوات ووسائل العالم كله مجتمعة.

الأسرى الأبرار استطاعوا تعرية رعونة المحتل وبطشه وقبح وجهه المسلوب من الإنسانية للعالم كله، كما أن مجموعة أسرى الحرية تمكنت من فضح تقاليد المحتل وهشاشتها وغياب أسباب ديمومتها واعتمادها على المرتزقة في تمرير مشروعها الاحتلالي.

نجح الأسرى كعادتهم في رفع منسوب البهجة واليقين وحتمية الانتصار لأبعد مدى ممكن، في حين لم يجن المحتل خلال مطاردة الهوجاء سوى الخيبة والهزيمة والعار المؤبد.

أسس الأسرى بالقول والفعل لمرحلة جديدة ومتجددة من صيغ الرفض للاحتلال والتحقير لكل أدواته ووسائله ومناهجه الدونية.

الأهم من كل هذا وذاك، هو أن مجموعة نفق الحرية كانت ستة، وباتت تتناسل أكثر وأكثر وأكثر.

الحرية للأسرى الابطال والنصر قريب.