الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الرئيس.. خطاب هادئ وصارم وعام حاسم| بقلم: سامي سرحان

2021-09-29 09:49:34 AM
الرئيس.. خطاب هادئ وصارم وعام حاسم| بقلم: سامي سرحان
الرئيس محمود عباس

أجمعت القراءات لخطاب السيد الرئيس محمود عباس أمام الدورة 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة، على تاريخية الخطاب ووضوحه ونفاذ صبر الشعب الفلسطيني وقيادته من تنكر دولة الاحتلال الإسرائيلي للحقوق التاريخية والقانونية والشرعية غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني.  وأول ما بدأ به الرئيس أبو مازن من هذه الحقوق هو حق العودة عندما أبرز أمام الجمعية العامة صك ملكية في صفد التي هجر منها عام 1948 مؤكدا أن سبعة ملايين فلسطيني شردوا من ديارهم ونهبت ممتلكاتهم لهم حق العودة إلى ديارهم  والتعويض عن معاناتهم طوال 73 عاما من عمر النكبة وأن حق هذه الملايين هو حق فردي لا يمكن لأحد أن يصادره أو يتنكر له إضافة إلى حقهم الجماعي في بناء مؤسساتهم واختيار ممثليهم ونظام الحكم الذي يدير شؤونهم. وقد حسم الرئيس أبو مازن أمر حق العودة وحق الشعب الفلسطيني في العيش بحرية ومساواة على أرض فلسطين التاريخية كما حسم التأويلات التي رافقت قرارات القمة العربية التي أسست للمبادرة العربية وثاني ما تناوله الخطاب وضع مدينة القدس، فأكد أن القدس الشرقية هي عاصمة دولة فلسطين وأبرزت الصور المعلقة خلف الرئيس المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وهما إرث إسلامي ومسيحي خاص بالمسلمين والمسيحيين والشعب الفلسطيني وليس لليهود من إرث في القدس ولا حق ولا عاصمة.

وثالث ما أكد عليه الخطاب أن قرار التقسيم رقم 181 لا زال قائما وقد يكون الملجأ لمطالبة الفلسطينيين بحقهم في إقامة دولتهم على 44% من أرض فلسطين التاريخية، ولعل أهم ما ورد في الخطاب هو التجديد الزمني بعام واحد للتعامل مع حقوق الشعب الفلسطيني وصولا إلى إقامة دولته المستقلة في حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية والتجديد الزمني هام للاعتبارات التالية: أولا أن المجتمع الدولي متخاذل يصدر قرارات تتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني ولا يعمل على تنفيذها وقد وصل عدد هذه القرارات إلى أكثر من 800 قرار، ثانيا إن المجتمع الدولي يقر بحل الدولتين ولا يعمل على تطبيقه ولا تعترف بعض الدول التي تقر بحل الدولتين بدولة فلسطين على أرض الواقع وتعترف بدولة الاحتلال الإسرائيلي وتتغاضى عن انتهاكاتها للحقوق الفلسطينية، ثالثا: في ظني أن التحديد الزمني موجه في الأساس إلى الرئيس جو بايدن وإدارته التي لم توطن نفسها على الانخراط في عملية سياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين وتتعامل مع القضية الفلسطينية كقضية إنسانية تتعلق فقط في تحسين ظروف حياة الفلسطينيين كتقديم بعض المساعدات المالية لبعض المشاريع والمنظمات الأهلية والمستشفيات في القدس المحتلة، ولا ترى في حل الدولتين الذي تكرر الاعتراف به مبدأ يمكن التعامل معه في الوقت الراهن بحجة أن الحكومة في إسرائيل ضعيفة ويمكن سقوطها في حال طلبت منها الإدارة الأمريكية الانخراط في مسار التسوية وقد أدرك الرئيس أبو مازن أن حكومة إسرائيل الهشة والضعيفة لا نية لديها في التفاوض مع الفلسطينيين حول حل الدولتين وخاصة في الفترة التي يتولى فيها بينت رئاسة الحكومة والتي تمتد لعامين قادمين تكون فيها ولاية الرئيس بايدن قد شارفت على الانتهاء ودخل في عام الانتخابات الأمريكية، رابعا: ليس من سياسي ممن عرفنا أطول  بالا وأكثر صبرا من الرئيس أبو مازن وتمسكه بالسلام القائم على العدل وحفظ حقوق الشعب الفلسطيني ولكنه أعلن في خطابه التاريخي أن صبره قد نفذ وهو يرى التوسع الاستيطاني يلتهم الأمل بإقامة دولة فلسطين وفق حل الدولتين، ويرى تهويد القدس وهدم أحيائها وبيوتها ومصادره أرض الفلاحين وهدم بيوتهم واعتقالهم وقتلهم صبر الرجل قد نفد ولكنه واضح وهادئ وصارم وأن عاما واحدا من الآن يكفي لترسيم الحدود بين إسرائيل ودولة فلسطين وإنهاء الاحتلال، فمؤسسات دولة فلسطين قائمة وقادرة على إدارة شؤون شعب فلسطين بأفضل السبل والكفاءة. لم يغلق الباب أمام السلام المتفاوض عليه من خلال الرباعية الدولية ولا زال عند موقفه برفض تفرد الإدارة الأمريكية في تسوية الصراع لانحيازها الكامل إلى المحتل الإسرائيلي رغم ما يبدو من تغيير ضئيل في موقف إدارة بايدن من القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني والحديث عن حل الدولتين.

ولعل أهم ما يسند موقف الرئيس أبو مازن ثقته بشعبه واستعداده للتضحية من أجل نيل حقوقه المشروعة التي أقرها واعترف بها المجتمع الدولي وكذلك ثقة الشعب الفلسطيني بقيادته المجربة التاريخية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، عام ينتظره الجميع ما قد يشهده من أحداث على مستوى الوطن وعلى المستوى الدولي فإنما عودة الصراع العربي -  الإسرائيلي والفلسطيني الإسرائيلي إلى نقطة الصفر وسحب الاعتراف بإسرائيل وإما إجبار إسرائيل على الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني التي يقرها المجتمع الدولي وقبلت بها منظمة التحرير الفلسطينية القائم على إقامة دولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وحق عودة اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم.

خياران على العالم أن يتوقف عندهما ويختار أيهما أقرب إلى الإنصاف والعدل وتجنيد العالم والمنظمة، ويلات استمرار صراع صفري بين الفلسطينيين أصحاب الحق والاحتلال الإسرائيلي.